الموسوعة الحديثية


- كنا نسيرُ معَ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالدُّفِّ من جَمَدَانَ فقال: يا مُعاذُ ! أين السابقون ؟ فقلت: مَضَوْا وتخلَّفَ ناسٌ ، فقال: إن السابقينَ الذين يَهْتُرُونَ بذكرِ اللهِ عزَّ وجَلَّ ، فمن أحبَّ أن يرتَعَ في رياضِ الجنةِ فليُكْثِرْ من ذكرِ اللهِ
الراوي : معاذ بن جبل | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : نتائج الأفكار | الصفحة أو الرقم : 1/36 | خلاصة حكم المحدث : [فيه] موسى ضعيف، لكن يقوى بحديث أبي هريرة

كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَسِيرُ في طَرِيقِ مَكَّةَ، فَمَرَّ علَى جَبَلٍ يُقَالُ له: جُمْدَانُ، فَقالَ: سِيرُوا، هذا جُمْدَانُ، سَبَقَ المُفَرِّدُونَ، قالوا: وَما المُفَرِّدُونَ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2676 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه مسلم (2676)


حَثَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلى كَثرةِ ذِكرِ اللهِ تَعالى، وبيَّن فَضيلَة الَّذين يَذكُرون اللهَ كَثيرًا.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَسيرُ في طَريقِ مَكَّةَ، فمَرَّ على جَبلٍ يُقالُ لَه: جُمْدانُ، وَهو جَبلٌ يمتَدُّ مِن الجنوبِ إِلى الشَّمالِ في الحدِّ الغَربيِّ مِن مُحافظةِ خُلَيصَ التَّابعةِ لمَنطِقَةِ مَكَّةَ المكرَّمة، وبينَ هذا الجبلِ وبَين مكَّةَ نحو 100 كم، فأمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصحابَه رَضيَ اللهُ عنهم بالسَّيرِ -وهو الاجتهادُ في المشْيِ- قائلًا: «هذا جُمْدانُ»، أراد التَّنبيهَ عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، «سَبَقَ المفرِّدون»، أيِ: المُفَرِّدونَ أَنفُسَهم عن أَقرانِهم، المُميِّزونَ أَحوالَهم عن إِخوانِهم بنَيلِ الزُّلفَى والعُروجِ إِلى الدَّرجاتِ العُلى؛ لأنَّهم أُفرِدُوا بذِكرِ اللهِ عمَّن لم يَذكُرِ اللهَ، أو جَعَلوا رَبَّهم فَردًا بالذِّكرِ، وتَركوا ذِكرَ ما سِواه.
فسَألَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «وَما المُفرِّدون يا رَسولَ اللهِ؟» فأَجابَ بأنَّ التَّفريدَ الحقيقيَّ المُعتدَّ به هُو تَفريدُ النَّفْسِ بذِكرِ اللهِ تعالَى في أَكثرِ الأَوقاتِ، فكأنَّهم قالوا: ما صِفةُ المُفرِّدين حتَّى نَتأسَّى بِهم فنَسبِقَ إِلى ما سَبقوا إِليهِ ونَطَّلعَ على ما اطَّلعوا عَليه؟ «قال: الذَّاكرونَ اللهَ كَثيرًا» أَي: ذِكرًا كَثيرًا في أكثرِ أَحوالِهم، وهذا المساقُ يدُلُّ على أهمِّيَّةِ الذِّكرِ الكثيرِ، وهو ما أمَرَ اللهُ به في قولِه تعالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب: 41، 42]، ويَقَعُ ذِكرُ اللهِ باللِّسانِ فقطْ، أو بالقلبِ فقطْ، أو باللِّسانِ والقلْبِ معًا، وهو أعْلاهم مَرتَبةً، ويكونُ ذِكرُ اللهِ سُبحانه بكلِّ ما ورَدَ في كِتابِه تعالَى، وسُنَّةِ نَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قيل: وإنَّما ذَكَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذا القولَ عَقِيبَ قولِه: «هذا جُمْدانُ»؛ لأنَّ جُمْدانَ جَبلٌ مُنفرِدٌ بنَفسِه في مَكانِه وليْس بحِذائِه جَبلٌ مِثلُه، فكأنَّه تَفرَّدَ هناك، فذَكَّرَه بهؤلاء المُفرِّدينَ.