الموسوعة الحديثية


- قامَ رجلٌ إلى ابنِ عبَّاسٍ فقالَ : الصَّلاةَ ، فسَكَتَ عنهُ ، ثمَّ قالَ : الصَّلاةَ ، فسَكَتَ عنهُ ، ثمَّ قالَ : الصَّلاةَ ، فقالَ : أنتَ تُعلِمُنا بالصَّلاةِ ؟ قد كنَّا نَجمعُ بينَ الصَّلاتينِ معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، أو على عَهْدِ رسولِ اللَّهِ قالَ معاذٌ : علَى عَهْدِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ
الراوي : عبدالله بن شقيق | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : تخريج المسند لشاكر | الصفحة أو الرقم : 5/100 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

 قالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: الصَّلَاةَ، فَسَكَتَ، ثُمَّ قالَ: الصَّلَاةَ، فَسَكَتَ، ثُمَّ قالَ: الصَّلَاةَ، فَسَكَتَ، ثُمَّ قالَ: لا أُمَّ لكَ! أَتُعَلِّمُنَا بالصَّلَاةِ وَكُنَّا نَجْمَعُ بيْنَ الصَّلَاتَيْنِ علَى عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ؟!
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 705 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : من أفراد مسلم على البخاري


كان الصَّحابةُ رِضوانُ اللهِ عليهم حَرِيصين أشدَّ الحِرصِ على تَطبيقِ سُنَّةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وتَعليمِها لِمَن بَعدَهُم.
وهذا الحديثُ له سَببٌ -كما جاء في رِوايةٍ أُخرى لمُسلمٍ- فعنِ التَّابعيِّ عبْدِ اللهِ بنِ شَقيقٍ أنَّ عبْدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما خَطَبَ النَّاسَ يوْمًا بعْدَ العصرِ حتَّى غَرَبَتِ الشَّمسُ، وبَدَتِ النُّجومُ، فجَعَلَ رجُلٌ يقولُ لابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما: «الصَّلاةَ»، أي: يُذَكِّرُه بصَّلاةِ المَغربِ خَشيةَ أنْ يَخرُجَ وقْتُها، وابنُ عبَّاسٍ ساكتٌ لم يَرُدَّ عليه، حتَّى كرَّر الرَّجلُ تَذكيرَه ثَلاثَ مرَّاتٍ، وكلُّها لم يَرُدَّ عليه، حتَّى قال له ابنُ عبَّاسٍ: «لا أُمَّ لك»، وهي كَلمةٌ تَقولُها العربُ عندَ الزَّجْرِ والذَّمِّ، وقدْ ذمَّه ابنُ عبَّاسٍ لجَهلِهِ بالسُّنَّةِ، وكثرةِ تَكرارِه، وقال: «أَتُعلِّمُنا بالصَّلاةِ؟!»، مُعِيبًا عليه تَذكيرَه له وهو لم يَنْسَها، بلْ تَعمَّدَ تَأخيرَها، تَعليمًا لهم، ثمَّ بَيَّنَ ابنُ عبَّاسٍ سَببَ تَأخيرِه للصَّلاةِ، وهو أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كان يَجمَعُ بأصحابِه الصَّلاتينِ، فيُصلِّيهما معًا، والظَّاهرُ أنَّ هذا كان عندَ الحاجةِ، ولعلَّ ابنَ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عنهما كان يَخطُبُ في أمرٍ مُهمٍّ للمُسلِمين لو قَطَعَهُ وصلَّى، لَفاتَتْ مَصْلحةُ هذا الأمرِ، فتَأخيرُه للصَّلاةِ لحاجةٍ يَراها مُهمَّةٍ، وقدْ جاء في رِوايةٍ لمسلمٍ أنَّه جمَعَ بيْن الصَّلاتينِ في غيرِ خَوْفٍ، ولَا سَفَرٍ، ولما سُئِل عن ذلك، قال: «أراد ألَّا يُحْرِجَ أحدًا مِن أُمَّتِه»، أي: إنَّما فعَل ذلك؛ لئلَّا يَشُقَّ على أحدٍ مِن أُمَّتِه، تخفيفًا عنهم، وتَيسيرًا عليهم عندَ الحاجةِ، وقدْ حُمِلَ الحديثُ على عُذرِ المرَضِ، فإذا حصَلَ أمرٌ اقْتَضى واستَدْعى ذلك في نادرِ الأحوالِ، فإنَّه لا بأسَ به؛ لهذا الحديثِ، وأمَّا كونُه يَصيرُ مَألوفًا ومُعتادًا فليس ذلك سائغًا؛ لأنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ما عُرِف عنه أنَّه فعَلَ ذلك مُواظِبًا عليه.
وللجَمعِ بيْنَ كلِّ صَلاتَينِ طَريقتانِ حسَبَ ما يَتيسَّرُ؛ الأُولى: جمْعُ تَقديمٍ، وهو أنْ يُصلِّيَ العَصْرَ معَ الظُّهرِ في وقْتِ الظُّهرِ، والعِشاءَ مع المَغرِبِ في وَقتِ المَغرِبِ، والثَّانيةُ: جَمعُ تَأخيرٍ، وهو أنْ يُصلِّيَ الظُّهرَ مع العَصْرِ في وقْتِ العَصْرِ، ويُصلِّي المغرِبَ مع العِشاءِ في وقْتِ العِشاءِ.