- سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ وهو على درَجِ الكَعْبةِ: الحمدُ للهِ الذي أنجَزَ وَعْدَه، ونصَرَ عَبْدَه، وهزَمَ الأحزابَ وحدَه، ألَا إنَّ كلَّ مَأْثُرةٍ كانتْ في الجاهليَّةِ فإنَّها تحتَ قدمي اليَومَ، إلَّا ما كان مِن سِدانةِ البَيتِ، وسِقايةِ الحاجِّ، ألَا وإنَّ ما بينَ العَمدِ والخطأِ والقتلِ بالسَّوطِ والحجَرِ فيها مئةُ بَعيرٍ، منها أربعونَ في بُطونِها أولادُها.
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : مسند أحمد
الصفحة أو الرقم: 7/62 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
ثُمَّ قال: (ألَا إنَّ كُلَّ مَأْثُرَةٍ كانتْ في الجَاهلِيَّة تُذْكَر وتُدْعَى مِن دمٍ، أو مالٍ) أي: كُلَّ مَا يُؤْثَرُ ويُذْكَرُ مِن مَفَاخِر أَهْلِ الجَاهِليَّةِ ومَكارِمهم ومآثرِهم، من دمٍ أو مالٍ على سبيلِ المثالِ، (تحْتَ قَدَمَيَّ)، وهذا كنايةٌ عن بُطلانِه وسُقوطِه (إلَّا ما كانَ مِن سِقايَةِ الحَاجِّ، وسِدَانَةِ البَيْتِ) أي: إلَّا ما كان مِن خدْمَة البيتِ والقِيامِ بأمْرِه؛ فهما باقيانِ كما هما و"سِدَانَةِ البيتِ" أي: حِجابتِه، وكانتْ في بني عبدِ الدَّار، والسِّقَايةُ كانتْ في بنِي هاشِمٍ، فأقرَّهُما النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على ما كانا عليه.
ولمَّا كان القتْلُ في النَّاسِ واقعًا لا مَحالَة، فصَّلَت الشريعةُ أمْرَ الدِّيَاتِ في القتْلِ بأنواعِه؛ حِفاظًا على الحقوقِ، وقد بَيَّن النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ذلك في خُطبتِه أيضًا، فقال: (ألَا إنَّ دِيَةَ الخطَأ شِبْهِ العَمْدِ ما كان بالسَّوْطِ والعَصَا)، أيْ: دِيَةَ القَتْلِ الخطَأِ شِبْهِ العَمْدِ، وهو مِثْلُ ما كان سبَبُ الموتِ فيه الضربَ بالسَّوْطِ أو العصَا، كمن يضْرِبُ غيْرَه لا بقَصْدِ القَتْلِ بعصًا خَفِيفَةٍ فيموتُ، ومِقْدَارُ الدِّيَةِ هي: (مئةٌ مِن الإبِلِ منها أربعونَ)، أيْ: يُؤخَذ ويُؤدَّى مِن الإبلِ المئةِ أربعون ناقةً (في بطونِها أولادُها) أي: إنَّها حَوَامِلُ.
وقد جاء تفصيلُ هذه المئةِ مِن الإبلِ في أثَرٍ آخَرَ عن عُثمانَ بنِ عفَّانَ وزيدِ بن ثابتٍ رضِيَ اللهُ عنهما، وفيه قالا: (في المغلَّظَة) أي: فِي القَتلِ شِبْه العمْدِ، (أربعونَ جَذَعَةً خَلِفَةً)، و"الجَذَعَة" ما أَتَى عليها أربعُ سِنينَ، ودَخلتْ في الخامِسَة، والخَلِفَةُ هي الحَامِلُ، (وثلاثون حِقَّةً)، والحِقَّةُ هي ما أتتْ عليها ثلاثُ سنينَ، ودخلتْ في الرَّابِعَةِ، وتحمَّلَتِ الفَحْلَ، (وثلاثون بناتِ لَبُونٍ)، وهي الَّتي دخلَتْ في السَّنَة الثَّالِثَة، (وفِي الخطأِ) أي: القَتْلِ الخَطأ، دِيَةٌ مِقْدارُها: ثلاثون حِقَّةً، وثلاثون بَنَاتِ لَبُونٍ، وعِشرون بنُو لَبُونٍ ذُكُورٍ، وعِشرون بناتِ مَخاضٍ. و"المَخاضُ" الحامِلُ، وبنتُها: هي الَّتي أتتْ عليها سَنةٌ، ودخلت عليها الثَّانيةُ، وحمَلَت أمُّها.
وفي الحديثِ: إثباتُ قتْل شِبْهِ العمْدِ، وأنَّ دِيتَه مُغَلَّظَةٌ على العَاقِلةِ. .