الموسوعة الحديثية


- ما قرَأ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الجِنِّ وما رآهم، انطلَق رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وطائفةٌ مِن أصحابِه عامِدينَ سوقَ عُكاظٍ وقد حِيلَ بيْنَ الشَّياطينَ وبيْنَ خبَرِ السَّماءِ وأُرسِلَتْ عليهم الشُّهُبُ فرجَعَتِ الشَّياطينُ إلى قومِهم فقالوا : ما لكم ؟ قالوا : حِيل بيْنَنا وبيْنَ خبَرِ السَّماءِ وأُرسِلَتْ علينا الشُّهُبُ قالوا : ما ذاك إلَّا شيءٌ حدَث فاضرِبوا مَشارِقَ الأرضِ ومغارِبَها فانظُروا ما هذا الَّذي حال بيْنَنا وبيْنَ خبَرِ السَّماءِ فانطلَقوا يضرِبونَ مَشارقَ الأرضِ ومَغارِبَها فمرَّ النَّفرُ الَّذين أخَذوا نحوَ تِهامةَ وهو بنَخْلةَ وهم عامِدونَ إلى سوقِ عُكاظٍ وهو يُصَلِّي بأصحابِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاةَ الفجرِ فلمَّا سمِعوا القرآنَ قالوا : هذا الَّذي حال بيْنَنا وبيْنَ خبَرِ السَّماءِ فرجَعوا إلى قومِهم {فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [الجن: 1، 2] فأوحى اللهُ إلى نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 1]
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 6526 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه | التخريج : أخرجه البخاري (4921) بلفظ مقارب، ومسلم (449) باختلاف يسير

انْطَلَقَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في طَائِفَةٍ مِن أصْحَابِهِ عَامِدِينَ إلى سُوقِ عُكَاظٍ، وقدْ حِيلَ بيْنَ الشَّيَاطِينِ وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وأُرْسِلَتْ عليهمُ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إلى قَوْمِهِمْ، فَقالوا: ما لَكُمْ؟ فَقالوا: حِيلَ بيْنَنَا وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ، قالوا: ما حَالَ بيْنَكُمْ وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إلَّا شيءٌ حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأرْضِ ومَغَارِبَهَا، فَانْظُرُوا ما هذا الذي حَالَ بيْنَكُمْ وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو بنَخْلَةَ عَامِدِينَ إلى سُوقِ عُكَاظٍ، وهو يُصَلِّي بأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا القُرْآنَ اسْتَمَعُوا له، فَقالوا: هذا واللَّهِ الذي حَالَ بيْنَكُمْ وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إلى قَوْمِهِمْ، وقالوا: يا قَوْمَنَا: {إنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا، يَهْدِي إلى الرُّشْدِ، فَآمَنَّا به ولَنْ نُشْرِكَ برَبِّنَا أحَدًا} [الجن: 2]، فأنْزَلَ اللَّهُ علَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {قُلْ أُوحِيَ إلَيَّ أنَّه اسْتَمع نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ} [الجن: 1] وإنَّما أُوحِيَ إلَيْهِ قَوْلُ الجِنِّ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 773 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

التخريج : أخرجه البخاري (773)، ومسلم (449)


بُعِثَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للثَّقَلينِ الإنسِ والجِنِّ، وختَمَ اللهُ ببَعثتِه الرِّسالاتِ، فلا يُصدَّقُ أحدٌ في غَيبٍ، ولا في نقْلٍ عن اللهِ عزَّ وجلَّ لم يُخبِرْ به رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ الشَّياطينَ كانوا يَتسمَّعون إلى السَّماءِ خُفيةً قبْلَ بَعثةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلمَّا بعَثَ اللهُ نَبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أرسَلَ عليهم الشُّهُبَ، وهُو شُعلةُ نَارٍ ساطعةٌ كأَنَّها كَوْكبٌ مُنقَضٍّ، وصاروا لا يَستطيعون فِعلَ ما كانوا يَفعَلون مِن جُلوسِهم لسَماعِ الخبرِ مِن السَّماءِ، وهذا ما أخبَرَ عنه تعالى بقولِه: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} [الجن: 8، 9]، فلمَّا رأتِ الشَّياطينُ ما حدَثَ، ومَنْعَهم مِن الاستِماعِ إلى خَبرِ السَّماءِ؛ قالوا: إنَّ هذا سَببُه شَيءٌ حدَثَ، فقال لهم قَومُهم مِن الجِنِّ -ولعلَّ المرادَ بهم: زُعماؤهم ورُؤساؤُهم-: انْطلِقوا في كلِّ مكانٍ؛ لتَعلَموا ما الحدَثُ الَّذي منَعَكم مِن الاستِماعِ إلى خبَرِ السَّماءِ كما كان يَحدُثُ، وقد كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مع طائفةٍ مِن أصحابِه في سُوقِ عُكَاظٍ، وكان بناحيةٍ مِن نَواحي مكَّةَ، وهو سُوقٌ كان يَجتمِعُ فيه العرَبُ، فكانت فيه مَتاجِرُهم ويُلْقون فيه قَصائدَهم، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخرُجُ إليهم، فيَدْعوهم إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، فلمَّا انطلَقَ الجِنُّ نحوَ تِهامةَ، وهي مَكانٌ بمكَّةَ، كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بنَخْلَةَ، وهي مَكانٌ بمكَّةَ أيضًا، وكان يُصلِّي بأصحابِه صَلاةَ الفجرِ، فلمَّا سَمِعوا القُرآنَ عَلِموا أنَّ هذا هو السَّببُ في رَمْيِهم بالشُّهبِ، ومَنْعِهم مِن التَّجسُّسِ على أخبارِ السَّماءِ، فعادُوا إلى قَومِهم وأخبَرَوهم بما سَمِعوا مِن القُرآنِ، فنزلَتْ سُورةُ الجِنِّ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تُخبِرُه بما حدَثَ وحَديثَهم الذي تَحدَّثوا به فيما بيْنهم.وفي الحديثِ: دَلالةٌ على وُجودِ الجِنِّ، وعدَمِ مَعرفتِهم بالغَيبِ، ولا شَيءٍ مِن أمرِ السَّماءِ إلَّا بما أخبَرَ به النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وفيه: الجَهرُ بالقِراءةِ في صَلاةِ الفجْرِ. وفيه: حِرصُ الداعيةِ على الذَّهابِ للناسِ في مَحافِلِهم وتَجمُّعاتِهم؛ لدَعوتِهم وتَعليمِهم أُمورَ دِينِهم.