الموسوعة الحديثية


- أنَّ أعرابيًّا دخل المسجدَ ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جالسٌ فصلَّى قال ابنُ عبدةَ ركعتَيْن ثمَّ قال اللَّهمَّ ارحَمْني ومحمَّدًا ولا ترحَمْ معنا أحدًا فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لقد تحجَّرتَ واسعًا ثمَّ لم يلبَثْ أن بال في ناحيةِ المسجدِ فأسرع النَّاسُ إليه فنهاهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقال إنَّما بُعِثتم مُيَسِّرين ولم تُبْعَثوا مُعَسِّرين صُبُّوا عليه سِجِلًّا من ماءٍ أو قال ذَنوبًا من ماءٍ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 380 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

دخلَ أعرابِيٌّ المسجِدَ ، والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جالِسٌ ، فصلَّى ، فلما فرغَ قال : اللهمَّ ارحمني ومحمدًا ، ولَا ترحمْ معنا أحدًا ، فالتفَتَ إليهِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال : لقدْ تَحَجَّرْتَ واسعًا ، فلم يلبثْ أنْ بالَ فِي المسجدِ ، فأسرعَ إليه الناسُ ، فقال النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : أهْريقوا عليْهِ سَجْلًا مِنْ ماءٍ ، أوْ دلْوًا مِنْ ماءٍ ، ثُمَّ قال : إِنَّما بُعِثْتُم مُيَسِّرينَ ولَمْ تُبْعَثوا مُعَسِّريْنَ
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الترمذي | المصدر : سنن الترمذي
الصفحة أو الرقم: 147 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح

التَّيسيرُ ورَفْعُ الحرَجِ مِن مَحاسنِ شَريعةِ الإسلامِ، وقدْ ظهَر جليًّا في حياةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أبو هُريرةَ رَضِي اللهُ عنه أنَّه "دخَل أعرابيٌّ المسجِدَ"، أي: مسجِدَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والأعرابيُّ هو الَّذي يَسكُنُ الصَّحراءَ مِن العرَبِ، "والنَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّمَ جالِسٌ"، أي: بالمسجدِ، "فصلَّى"، أي: الأعرابيُّ، "فلَمَّا فرَغ"، أي: انتَهى مِن صَلاتِه، "قال: اللَّهمَّ ارحَمْني ومحمَّدًا، ولا تَرْحَمْ معَنا أحدًا"، أي: يَطلُبُ في دعائِه الرَّحمةَ لنَفسِه وللنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ويَمنَعُها عن باقي المسلِمين، "فالْتفَتَ إليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، وذلك لِتَعجُّبِه مِن دُعاءِ الأعرابيِّ، فقال صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لقد تَحجَّرتَ واسِعًا"، أي: منَعتَ وضيَّقتَ أمرًا جعَل اللهُ فيه السَّعةَ، ألَا وهو رحمةُ اللهِ عزَّ وجلَّ الَّتي تشمَلُ كلَّ عبادِه الموحِّدين، والحَجْرُ: المنعُ، قال أبو هُريرةَ رَضِي اللهُ عنه: "فلم يَلبَثْ"، أي: فلم يَمكُثِ الرَّجلُ قليلًا، "أنْ بال في المسجِدِ، فأسرَع إليه النَّاسُ"، أي: لِيَمنَعوه ويَزجُروه عمَّا فعَل، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أَهْريقوا عليه"، أي: صُبُّوا على بولِه، "سَجْلًا من ماءٍ- أو دَلْوًا مِن ماءٍ-"، والسَّجْلُ بمعنى الدَّلوِ، وهو وِعاءٌ كَبيرٌ للماءِ، ثمَّ قال لهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنَّما بُعِثتُم مُيسِّرين ولم تُبعَثوا مُعسِّرين"، أي: يَحثُّهم ويُرشِدُهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم إلى أَصلٍ عَظيمٍ في دَعوتِهم وهو التَّيسيرُ بما رخَّص فيه الشَّارِعُ لا التَّساهلُ الَّذي تُنتهَكُ فيه حُرماتُ اللهِ عزَّ وجلَّ على وجهِ القَصدِ لا الخطَأِ، وأنَّهم لا يَدْعون إلى التَّشديدِ على النَّاسِ فيما رَخَّص اللهُ فيه وفيما له حُلولٌ شرعيَّةٌ.