الموسوعة الحديثية


- أنَّ أمَّ حبيبةَ سألَت رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عنِ الدَّمِ ؟ قالت عائشةُ رضيَ اللَّهُ عنها رأيتُ مِركنَها ملآنَ دمًا. فقالَ لَها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ امكُثي قدرَ ما كانت تحبسُكِ حَيضتُكِ ، ثمَّ اغتسِلي
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي | الصفحة أو الرقم : 207 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه النسائي (207) واللفظ له، وأخرجه البخاري (327) مختصراً بنحوه، ومسلم (334) باختلاف يسير
علَّمَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أُمَّتَه رِجالًا ونساءً أحكامَ الطَّهارةِ، ومن ذلك الحَيضُ والنِّفاسُ والاستحاضةُ فيما يخُصُّ النِّساءَ، وقد نقَلَها للأُمَّةِ أصحابُه وخاصَّةً أزواجَه رضِيَ اللهُ عنهم جميعًا.
وفي هذا الحَديثِ تُخبِرُ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "أنَّ أُمَّ حَبيبةَ" بنتَ جَحْشٍ، أختَ زينبَ بنتِ جَحشٍ زوجِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "سألَتْ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الدَّمِ؟"، أي: دَمِ الاستحاضةِ، وهو جَريانُ الدَّمِ مِن فَرْجِ المرأةِ في غيرِ أوانِه مع طولِ مُدَّتِه أكثرَ من المُعتادِ، ويُعرَّفُ دمُ الاستحاضةِ بأنَّه: سَيلانُ دمِ عِرقٍ في أدنى الرَّحمِ يُسمَّى العاذلَ، لونُه أحمرُ، رقيقٌ، غيرُ مُنتِنٍ، يَتجمَّدُ إذا خرَجَ منَ الرَّحمِ، بخِلافِ دمِ الحيضِ؛ فإنَّه على العكسِ من ذلك. قالت عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "رأيتُ مِرْكنَها مَلآنَ دمًا" والمِرْكنُ: وِعاءٌ كبيرٌ. فقال لها رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "امْكُثي قدْرَ ما كانت تحبِسُك حيضَتُك، ثمَّ اغتَسِلي"، أي: لا تُصلِّي في مُدَّةِ الحيضِ المعروفةِ لكِ أو لأمثالِك، فإذا انقضَتْ مُدَّتُه وصاحَبَ ذلك دَمُ الاستحاضةِ، فإنَّها تغتسِلُ وتُباشِرُ صَلاتَها، وفي حديثٍ أخرَجَه أصحابُ السُّننِ عدا التِّرمذيِّ عن فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيشٍ: "فقال لها رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ دَمَ الحيضِ دمٌ أسودُ يُعرَفُ"، أي: تَعرِفُه النِّساءُ باعتِبار لَونِه وثَخانتِه، كما تَعرِفُه باعتبارِ عادتِه، وقيل: هو (يُعرِفُ) مِن الإعرافِ، أي: له عَرْفٌ ورائحةٌ، والمرادُ بها هنا: الرائحةُ الكَريهةُ، وهذا بَيانٌ من النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لوقْتِ إقبالِ الحيضةِ وإدبارِها، فالمُستحاضةُ إذا ميَّزَتْ أيَّامَ حيضِها؛ إمَّا بصفةِ الدَّمِ، أو بإتيانِه في وقْتِ عادتِها إنْ كانت مُعتادةً، وعلِمَتْ بعادتِها أيَّامَ حيضِها، فإذا وقعَتِ الاستحاضةُ وهي بنُزولِ الدَّمِ الَّذي ليس بتلك الصِّفَةِ المذكورةِ سابقًا، فتَتوضَّأُ المرأةُ وتُصلِّي، وقد بيَّنتِ السُّنَّةُ أنَّ المُستحاضةَ تُؤْمَرُ بالاحتياطِ، فتغسِلُ فَرْجَها قبْلَ الوُضوءِ، وتَحْشو فَرْجَها بقُطْنةٍ أو خِرْقةٍ؛ دَفعًا للنَّجاسةِ وتقليلًا لها، فإنْ لم يندفِعِ الدَّمُ بذلك شَدَّتْ مع ذلك على فَرْجِها ما يُلجِمُه ويُغلِقُه، ثمَّ تتوضَّأُ بعد ذلك لكلِّ صَلاةٍ.