الموسوعة الحديثية


- كانتِ المُؤْمِناتُ إذا هاجرنَ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يُمتَحَنَّ بقَولِ اللَّهِ ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ ) إلى آخرِ الآيةِ ، قالَت عائشةُ : فمَن أقرَّ بها منَ المُؤْمِناتِ ، فقد أقرَّ بالمِحنةِ ، فَكانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إذا أقررنَ بذلِكَ مِن قَولِهِنَّ ، قالَ لَهُنَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : انطلَقنَ ، فقد بايعتُكُنَّ لا واللَّهِ ما مسَّتْ يدُ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يدَ امرأةٍ قطُّ ، غَيرَ أنَّهُ يبايعُهُنَّ بالكلامِ قالَت عائشةُ : واللَّهِ ، ما أخذَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ علَى النِّساءِ إلَّا ما أمرَهُ اللَّهُ ولا مسَّتْ كفُّ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ كفَّ امرأةٍ قطُّ ، وَكانَ يقولُ لَهُنَّ إذا أخذَ علَيهنَّ : قد بايعتُكُ كلامًا
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه | الصفحة أو الرقم : 2342 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه ابن ماجه (2875) واللفظ له، وأخرجه البخاري (5288)، ومسلم (1866) باختلاف يسير

 أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يَمْتَحِنُ مَن هَاجَرَ إلَيْهِ مِنَ المُؤْمِنَاتِ بهذِه الآيَةِ؛ بقَوْلِ اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} إلى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة: 12]. قالَ عُرْوَةُ: قالَتْ عَائِشَةُ: فمَن أقَرَّ بهذا الشَّرْطِ مِنَ المُؤْمِنَاتِ، قالَ لَهَا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: قدْ بَايَعْتُكِ، كَلَامًا، ولَا واللَّهِ ما مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ في المُبَايَعَةِ، ما يُبَايِعُهُنَّ إلَّا بقَوْلِهِ: قدْ بَايَعْتُكِ علَى ذَلِكِ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 4891 | خلاصة حكم المحدث : [أورده في صحيحه] وقال : تابعه يونس ومعمر وعبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري. وقال إسحاق بن راشد: عن الزهري عن عروة وعمرة.

أمَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ نبِيَّهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يَمتحِنَ المُؤمِناتِ المُهاجِراتِ؛ ليَعلَمَ صِدقَ إيمانِهنَّ ويَقينَ إسلامِهنَّ، فإذا تَبيَّنَ لهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صِدقَهُنَّ بايَعَهنَّ على الإسلامِ وآوَاهُنَّ ولم يَرْجِعْهُنَّ إلى الكُفَّارِ ثانيةً.
وفي هذا الحديثِ تُخبر أمُّ المُؤمِنينَ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يَختبِرُ مَن هاجَرَ إليهِ مِن المؤمناتِ اللَّاتي جِئْنَ يُشهِرنَ إسلامَهنَّ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. واختِبارُهُنَّ يكونُ بالحَلِفِ والنَّظَرِ في العَلاماتِ؛ لِيَغْلِبَ على الظَّنِّ صِدْقُ إيمانِهِنَّ. وقِيل: معْنى امتِحانِهِنَّ: أنْ يُسْتَحلَفْنَ ما خَرَجْنَ مِن بُغضِ زَوْجٍ، وما خَرَجْنَ عن أرضٍ إلى أرضٍ، وما خَرَجْنَ الْتِماسًا لِدُنيا، وما خرَجْنَ إلَّا حُبًّا للهِ عزَّ وجلَّ ولرَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وأَخبَرَتْ أُمُّ المُؤمِنين عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَمتَحِنُهنَّ بِقولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة: 12]؛ والمُبايَعةُ هي المُعاقَدةُ والمُعاهَدةُ، وسُمِّيتْ بذلك تَشبيهًا بالمُعاوَضةِ الماليَّةِ؛ كأنَّ كُلَّ واحِدٍ منهما يَبيعُ ما عِندَه مِن صاحِبِه؛ فمِن طَرَفِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وَعْدٌ بالثَّوابِ، ومِن طَرَفِهم الْتزامٌ بالشُّروطِ الواردةِ في الآيةِ، وشُروطُ المبايَعةِ في الآيةِ هي: عدَمُ الإشراكِ باللهِ سُبحانه وتعالَى، وعدَمُ السَّرِقَةِ والزِّنَا، وألَّا يَأتِينَ بِبُهتانٍ يَفتَرِينَه بيْن أيدِيهِنَّ وأرجُلِهِنَّ، أي: لا يَأتِينَ بوَلَدٍ ليس مِن أزواجِهِنَّ فيَنسُبْنَه إليهم، وقِيل: {بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ}: أَلْسِنتِهِنَّ، {وَأَرْجُلِهِنَّ}: فُرُوجِهِنَّ. وألَّا يَعصِينَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مَعروفٍ؛ قِيلَ: هذا في النَّوْحِ، وقِيلَ: لا يَخْلُونَ بغَيرِ ذي مَحْرَمٍ، وقِيلَ: في كلِّ حَقٍّ مَعروفٍ للهِ تعالَى.
ثُمَّ تُخبِرُ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ مَن أقرَّتْ بهذه الشُّروطِ، بايَعَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بقولِه: «قدْ بايَعتُكِ» كلامًا يقولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بلِسانِه؛ وذلك لأنَّ المبايَعةَ باليدِ تَختَصُّ بالرِّجالِ.
وتُقسِمُ أُمُّ المُؤمِنين أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما مسَّتْ يَدُه يَدَ امرأةٍ ليستْ مَحْرَمًا له في المُبايَعَةِ ولا غيرِها، إنَّما كانَ لا يَزيدُ على قولِهِ لإحداهُنَّ: «قَدْ بايعْتُكِ على ذَلكِ»، أي: بايعتُكِ على ما في الآيةِ.
وفي الحَديثِ: بَيانُ كَيفيَّةِ مُبايعةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للنِّساءِ وأنَّه لم يَمسَّ أَيديَهنَّ، وهذا هدْيٌ نبويٌّ يَنبغي اتِّباعُه في كلِّ الأمورِ المهمَّة التي يَكونُ فيها للنساءِ رأْيٌ أو اختيارٌ.
وفيه: إرشادُ الرِّجالِ إلى عدَمِ مَسِّ النِّساءِ الأجنبيَّاتِ.