الموسوعة الحديثية


- أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ نَهَى عنِ الحجامةِ والمواصلةِ ولم يحرِّمْهما إبقاءً علَى أصحابِهِ فقيلَ لَه يا رسولَ اللَّهِ إنَّكَ تواصلُ إلى السَّحرِ فقالَ إنِّي أواصلُ إلى السَّحرِ وربِّي يُطعمُني ويَسقيني
الراوي : رجل من الصحابة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 2374 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَترفَّق بأصحابِه رضِيَ اللهُ عنهم، وفي هذا الحَديثِ أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "نَهَى عن الحِجامَةِ والمُوَاصلةِ"، أي: في أثناءِ الصَّومِ؛ وذلك لِمَا لهما مِن أَثَرٍ في إضعافِ الصَّائِمِ، والحِجامَةُ: إخراجُ بَعضِ الدَّمِ بتَشريطِ موضِعِ الوجعِ وسَحْبِ الدَّمِ الخارجِ بآلةٍ تُشبِهُ الكأسَ أو القُمعَ. والمُواصَلَةُ: هي مُواصَلَةُ صِيامِ اللَّيلِ بصيامِ النَّهارِ، ويكون الإفطارُ قبلَ طُلوعِ الفَجرِ، "ولم يحرِّمْهُما؛ إبقاءً على أصحابِه"، أي: أنَّ النَّهيَ عنهما كان مِن أَجلِ الرَّحمةِ والشَّفقةِ بهم، ولم يَكُنِ النَّهيُ نَهْيَ تحريمٍ.
فقِيلَ للنَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "يا رسولَ الله، إنَّك تُوَاصِلُ إلى السَّحَرِ"، أي: تُواصِل صيامَ اللَّيلِ بالنَّهارِ، والسَّحَرُ: وقتٌ قُبَيْلَ طُلوعِ الفَجرِ، فقال النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنِّي أُواصِلُ إلى السَّحَرِ، وربِّي يُطعِمُني ويَسقِيني"، أي: أنَّ مُواصَلَتِي لِلصِّيامِ مَبنِيَّةٌ على قُوَّتِي وقُدرتِي الَّتِي يَمنحُنِي اللهُ إيَّاها، أو المرادُ به: ما يُغذِّيه اللهُ تعالى به مِن مَعارفِه، وما يُفيضُ على قَلبِه من لذَّةِ مُناجاتِه، وقُرَّةِ عَينِه بقُربِه، وتَنعُّمِه بحبِّه، والشَّوقِ إليه، وما يَتْبعُ ذلك من الأحوالِ التي هي غِذاءُ القلوبِ، ونعيمُ الأرواحِ، وبهجةُ النُّفوسِ والرُّوحِ والقلبِ؛ فغِذاءُ الأَرواحِ قد يَقْوَى حتَّى يُغنِي عن غِذاءِ الأجسامِ مُدَّةً من الزمنِ. وقِيلَ: إنَّ معنَى طَعامِه وشرابِه عندَ ربِّه هو على حَقيقتِه وأنَّه طعامٌ وشرابٌ حِسِّيٌّ للفمِ، وأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يُؤتَى بطعامٍ وشَرابٍ مِن عِندِ الله؛ كَرَامَةً له في ليالي صيامِه.
وفي الحديثِ: بيانُ اختصاصِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بخصائِصَ وسِمَاتٍ لا تُؤتَى لأيِّ مُسلِمٍ.