الموسوعة الحديثية


- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رأى رجلًا عظيمَ البطنِ فقال بأصبعِه في بطنِه لو كان هذا في غيرِ هذا لكان خيرًا لك وفي روايةٍ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رأى له رجلٌ رؤيا فبعث إليه فجاء فقصَّها عليه وكان عظيمَ البطنِ فقال بأصبعِه في بطنِه لو كان هذا في غيرِ هذا المكانِ لكان خيرًا لك [ وروي ] أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو الذي رأى الرؤيا للرجلِ
الراوي : جعدة بن خالد | المحدث : الهيثمي | المصدر : مجمع الزوائد | الصفحة أو الرقم : 5/34 خلاصة حكم المحدث : رجال الجميع رجال الصحيح غير أبي إسرائيل الجشمي وهو ثقة | التخريج : أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (2/ 284) (2185) واللفظ له، والحاكم (7141) باختلاف يسير، وأحمد (15868) باختلاف يسير مطولًا.
الإسْلامُ والإيمانُ باللهِ يُؤثِّرانِ في سُلوكِ أصْحابِهما، بعَكسِ الكافِرِ الَّذي لا هَمَّ له إلَّا تَلبيةُ رَغَباتِ نفْسِه، والانْسياقُ وَراءَها، والعاقلُ مَن يُنظِّمُ أُمورَ حَياتِه بحسَبِ أهمِّيَّتِها، ولا يَنشَغِلُ بالمُباحاتِ عنِ الضَّروريَّاتِ والعِباداتِ.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي جَعْدةُ بنُ خالدٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَأى رَجلًا عَظيمَ البَطنِ؛ أي: بَطنُه كَبيرٌ، وهو إشارةٌ لكَثرةِ طَعامِه، فأشارَ بإصْبَعِه في بَطنِه، وقال: «لوْ كان هذا في غَيرِ هذا، لَكان خَيرًا لكَ»، يُريدُ أنَّه لوْ كان هذا العِظَمُ والكِبَرُ في غَيرِ البَطنِ مِن أعْضائِه، كالسَّاعِدَينِ والرَّأسِ ونَحوِ ذلك، أوِ الذَّكاءِ والعَقلِ ونَحوِه؛ كان خَيرًا له؛ لأنَّ عِظَمَ البَطنِ يُثقِلُ الرَّجلَ ويَضُرُّه، ولا يُفيدُه؛ لأنَّه يَنْشأُ عن كَثرةِ الأكْلِ، وهي مَذْمومةٌ؛ فكأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يحُثُّه على التَّقْليلِ منَ الأكْلِ؛ لأنَّه أصحُّ للبَدَنِ، واللهُ أعلَمُ.
وفي رِوايةٍ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَأى له رَجلٌ رُؤيا في النَّومِ، فأرسَلَ إليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيأتيَ فجاء، فقَصَّ الرُّؤيا عليه؛ وذلك لأنَّ النَّبيَّ كان يُحِبُّ أنْ يُفسِّرَ الرُّؤى؛ لأنَّها إمَّا مُبشِّراتٌ أو مُنذِراتٌ، وكان الرَّجلُ الَّذي رَأى الرُّؤيا كَبيرَ البَطنِ، فأشارَ بإصْبَعِه إلى بَطنِ الرَّجلِ وضرَبه فيها وقال: لوْ كان هذا في غيرِ هذا المَكانِ، لَكان خَيرًا لكَ، ورُويَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو الَّذي رَأى الرُّؤيا للرَّجلِ، فاسْتَدْعاه ليُخبِرَه بها، ويُعلِمَه ما هو خَيرٌ له.
وهذا مِن تَعْليمِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للنَّاسِ وإرْشادِهم إلى ما فيه خَيرٌ لهم؛ فقدْ يُخْشى على المُنهَمِكينَ في الطَّيِّباتِ المُباحةِ الوُقوعُ في المُحرَّماتِ، أوِ الكَسلُ عنِ الطَّاعاتِ؛ لأنَّ مَن تَعوَّدَ الطَّيِّباتِ، وانهَمَكَ فيها؛ مالت نفْسُه إلى الدُّنْيا، فلمْ يأمَنْ أنْ يَرتكِبَ الشَّهواتِ والمَلذَّاتِ، كلَّما أجاب نفْسَه إلى واحِدةٍ منها دعَتْه إلى غَيرِها، فيَعسُرُ عليه عِصيانُ نفْسِه، ويَكسَلُ عن إتْيانِ العِبادةِ، فلا يَنبَغي أنْ يُعوِّدَ النَّفْسَ بما تَميلُ به إلى الشَّرَهِ، ثمَّ يَصعُبُ تَدارُكُها، ولكنْ يُروِّضُها مِن أوَّلِ الأمرِ على السَّدادِ؛ فإنَّ ذلك أهوَنُ مِن أنْ تُدرَّبَ على الفَسادِ، ثمَّ يَجتَهِدَ في إعادَتِها إلى الصَّلاحِ، واللهُ أعلَمُ.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها