أمَرَ اللهُ عزَّ وجَلَّ بزَكاةِ المالِ، وهي فَرضٌ مِن فَرائضِ الإسلامِ، وهي واجبةٌ في كلِّ مالٍ بلَغَ النِّصابَ الشَّرعيَّ، ومرَّ عليه عامٌ هِجْريٌّ، قالَ اللهُ تَعالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}
[التوبة: 103] .
وفي هذا الأثَرِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ سَعيدُ بنُ المُسيِّبِ أنَّ الخَليفةَ عُمرَ بنَ الخَطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه كان يَأمُرُ الأَوْصياءَ المَسؤولينَ عن مالِ اليَتامَى-وهو مَن ماتَ أبوهُ صَغيرًا ولم يَبلُغْ سِنَّ التَّكليفِ- بأنْ يُتاجِروا بهذا المالِ بقَصْدِ إنمائِه وزِيادتِه؛ حتَّى لا تَنقُصَه الزَّكاةُ، فإنِ استطاعَ الوَلِيُّ أوِ الوَصِيُّ أنْ يَعمَلَ فيه لليَتيمِ على وَجْهٍ يَأمَنُ فيه مَخاطرَ التِّجارةِ مِن خَسارةٍ وضَياعِ أصْلِ المالِ؛ فلْيَفعَلْ؛ وإلَّا فإنَّه يَدفَعُه إلى ثِقَةٍ يَعمَلُ فيه على وَجْهِ القِراضِ والمضارَبةِ؛ حتَّى يَأمَنَ له تلكَ المخاوفَ والمخاطرَ.
وقولُه: «لا تَأْكُلْها الصَّدَقةُ»، معْناهُ: أنَّه لو لمْ يَتَّجِرْ في مالِهِ؛ حتَّى يُحصِّلَ الرِّبحَ، ويُؤدِّيَ الزَّكاةَ منه، يَنقُصُ كلَّ سَنةٍ مِن أصْلِ مالِهِ بقَدْرِ الزَّكاةِ، فيَفنَى مالُهُ إلى قدْرٍ أقَلَّ مِنَ النِّصابِ الَّذي لا يَجِبُ فيه الزَّكاةُ،وفي ذلكَ خَسارةٌ لليَتيمِ، وتَضْييعٌ لمالِه.
وفي الأثَرِ: مَشروعيَّةُ الزَّكاةِ في مالِ الصَّغيرِ الَّذي لم يَبلُغْ حدَّ التَّكْليفِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ المُتاجَرةِ بمالِ اليَتيمِ.
وفيه: حثُّ الشَّرعِ على العمَلِ بالتِّجارةِ، وإِنْماءِ رُؤوسِ الأموالِ.