- سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا يقولُ: يا أيُّها النَّاسُ، اسْمَعُوا مِنِّي ما أقُولُ لَكُمْ، وأَسْمِعُونِي ما تَقُولونَ، ولَا تَذْهَبُوا فَتَقُولوا: قالَ ابنُ عَبَّاسٍ، قالَ ابنُ عَبَّاسٍ، مَن طَافَ بالبَيْتِ فَلْيَطُفْ مِن ورَاءِ الحِجْرِ، ولَا تَقُولوا: الحَطِيمُ؛ فإنَّ الرَّجُلَ في الجَاهِلِيَّةِ كانَ يَحْلِفُ فيُلْقِي سَوْطَهُ، أوْ نَعْلَهُ، أوْ قَوْسَهُ.
الراوي :
سعيد بن يحمد الهمداني أبو السفر
| المحدث :
البخاري
| المصدر :
صحيح البخاري
| الصفحة أو الرقم :
3848
خلاصة حكم المحدث :
[صحيح]
| التخريج :
أخرجه البيهقي (9802) واللفظ له.
مُخالَفةُ المُشرِكينَ مَطلَبٌ شَرْعيٌّ، وقدْ كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَحرِصُ عليه، وسارَ على نَهْجِه في ذلك أصْحابُه رَضيَ اللهُ عنهم أجْمَعينَ.
وفي هذا الحَديثِ يَحْكي التَّابِعيُّ أبو السَّفَرِ سَعيدُ بنُ يُحمِدَ الهَمْدانيُّ، أنَّه سَمِع عبدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما يَقولُ: «يا أيُّها النَّاسُ، اسمَعوا منِّي ما أقولُ لكم»، يَعني: سَماعَ ضَبطٍ وإتْقانٍ، «وأسْمِعوني»، أي: أعيدوا عَلَيَّ، ما تَقولونَ: إنَّكم حَفِظْتُموه منِّي، كأنَّه خَشيَ ألَّا يَفهَموا مُرادَه، قال: ولا تَذْهَبوا فتَقولوا: قال ابنُ عبَّاسٍ كذا، قال ابنُ عبَّاسٍ كذا، يَعني: مِن قبْلِ أنْ تَضْبِطوا ما أقولُ لكم، وكذلك خَشيةَ أنْ يَنقُلوا عنه على خِلافِ مَقصِدِه وقَولِه.
ثمَّ أمَرَ مَن طافَ بالبَيتِ أنْ يَطُفْ مِن وَراءِ الحِجْرِ، وهو المَوضِعُ المُحاطُ بجِدارٍ مُقوَّسٍ تحتَ مِيزابِ الكَعْبةِ في الجِهةِ الشَّماليَّةِ مِن الكَعْبةِ، والحِجْرُ جُزءٌ منَ البَيتِ، ترَكَتْه قُرَيشٌ لضِيقِ النَّفَقةِ، وأحاطَتْه بالجِدارِ، وذلك عندَ تَجْديدِهم لبِناءِ الكَعْبةِ قبلَ مَبعَثِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقيلَ: الَّذي منها ستَّةُ أذرُعٍ أو سَبعةُ أذرُعٍ.
قال: «ولا تَقولوا: الحَطيمُ»، أي: لا تُسمُّوه بالحَطيمِ، وبيَّن السَّببَ في ذلك؛ فإنَّ الرَّجُلَ في الجاهليَّةِ كان يَحلِفُ عندَه، فيُلْقي سَوْطَه، أو نَعْلَه، أو قَوسَه بعْدَ أنْ يَحلِفَ، عَلامةً لعَقدِ حَلِفِه، فسَمَّوْه بالحَطيمِ لذلك؛ لكَونِه يَحطِمُ أمتِعَتَهم، وقد قيلَ: إنَّما سُمِّيَ بالحَطيمِ لمَا حُطِّمَ مِن جِدارِه فلم يُسَوَّ ببِناءِ البَيتِ، وتُرِكَ خارجًا منه، وقيلَ: سُمِّيَ الحَطيمَ؛ لأنَّ بعضَهم كان إذا دَعا على مَن ظلَمَه في ذلك المَوضِعِ هلَكَ.
وفي الحَديثِ: أنَّ العالِمَ يَنبَغي أنْ يُفصِحَ فيما يَذكُرُه، ولا يَخفِضَ الصَّوتَ إلَّا لحالٍ يَقتَضي ذلك.