الموسوعة الحديثية


- أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَجُلٌ فسَأَلَه عن وَقتِ الصَّلاةِ، فقال: صَلِّ معنا هذَينِ اليومَينِ، قال: فأمَرَ بِلالًا حينَ زالتِ الشَّمسُ فأذَّنَ ثُمَّ أمَرَه فأقامَ، فصَلَّى الظُّهرَ، ثُمَّ أمَرَه فأقامَ العَصرَ والشَّمسُ مُرتفِعةٌ بَيضاءُ نَقيَّةٌ، ثُمَّ أمَرَه فأقامَ المَغربَ حينَ غابتِ الشَّمسُ، ثُمَّ أمَرَه فأقامَ العِشاءَ حينَ غاب الشَّفَقُ، ثُمَّ أمَرَه فأقامَ الفَجرَ حينَ طَلَعَ الفَجرُ، ثُمَّ لمَّا كان اليومُ الثَّاني أمَرَه فأبرَدَ بالظُّهرِ فأنعَمَ أنْ يُبرِدَ بها، ثُم أمَرَه فأقامَ العَصرَ والشَّمسُ مُرتفِعةٌ أخَّرَها فوقَ ذلك الذي كان، ثُم أمَرَه فأقامَ المَغربَ قبلَ أنْ يَغيبَ الشَّفقُ، ثُم أمَرَه فأقامَ العِشاءَ حينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيلِ، ثُم أمَرَه فأقامَ الفَجرَ فأسفَرَ بها، ثُم قال: أين السَّائلُ عن وَقتِ الصَّلاةِ؟ فقام إليه الرَّجُلُ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وَقتُ صَلاتِكم ما بيْنَ ما رَأَيتُم.
الراوي : بريدة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن الدارقطني | الصفحة أو الرقم : 1033 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، أنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عن وَقْتِ الصَّلَاةِ، فَقالَ له: صَلِّ معنَا هَذَيْنِ، يَعْنِي اليَومَيْنِ، فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بلَالًا فأذَّنَ، ثُمَّ أَمَرَهُ، فأقَامَ الظُّهْرَ، ثُمَّ أَمَرَهُ، فأقَامَ العَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ فأقَامَ المَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فأقَامَ العِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فأقَامَ الفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الفَجْرَ، فَلَمَّا أَنْ كانَ اليَوْمُ الثَّانِي أَمَرَهُ فأبْرَدَ بالظُّهْرِ، فأبْرَدَ بهَا، فأنْعَمَ أَنْ يُبْرِدَ بهَا، وَصَلَّى العَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ أَخَّرَهَا فَوْقَ الذي كَانَ، وَصَلَّى المَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى العِشَاءَ بَعْدَ ما ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَصَلَّى الفَجْرَ فأسْفَرَ بهَا، ثُمَّ قالَ: أَيْنَ السَّائِلُ عن وَقْتِ الصَّلَاةِ؟ فَقالَ الرَّجُلُ: أَنَا، يا رَسولَ اللهِ، قالَ: وَقْتُ صَلَاتِكُمْ بيْنَ ما رَأَيْتُمْ.
الراوي : بريدة بن الحصيب الأسلمي | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 613 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

البيانُ بالفِعلِ أبلغُ في الإيضاحِ مِنَ القولِ، والفعلُ تعمُّ فائدتُه السائلَ وغيرَه، وكانَ هذا مَنهجًا للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم في تعليمِ أصحابِه؛ مِنْ ذلكَ: أنَّ رجلًا سألَه عنْ وقتِ الصَّلاةِ، أي مواقيتِ الصَّلواتِ الخمسِ، فقالَ له: صلِّ معَنا هذينِ- يَعني اليومينِ- أي لكَيْ تتعلَّمَ وقتَ الصَّلاةِ، أولَهَا وآخرَها؛ لأنَّ المشاهدةَ أقوَى منَ السَّمعِ، فلمَّا زالتِ الشَّمسُ، أي تنحَّتْ وتحرَّكتْ عنْ وسَطِ السَّماءِ، أمَرَ بلالًا فأذَّنَ، ثُمَّ أمرَه، فأقامَ الظُّهرَ، وهذا أوَّلُ وقتِ الظُّهرِ، ثمَّ أمرَه فأقامَ العصرَ والشَّمسُ مرتفِعةٌ بيضاءُ نقيَّةٌ، أي: لمْ تخالطْها صُفرةٌ، وهو أوَّلُ وقتِ العصرِ، ثمَّ أمرَه فأقامَ المغربَ حينَ غابَتِ الشَّمسُ، وهو أوَّلُ وقتِ المغربِ، ثمَّ أمرَه فأقامَ العِشاءَ حينَ غابَ الشَّفقُ، وهذا أوَّلُ وقتِ العِشاءِ، ثمَّ أمرَه فأقامَ الفجرَ حينَ طلَعَ الفجرُ، وهذا هو فجرُ اليومِ الأوَّلِ في أوَّلِ وقتِهِ، فلمَّا أنْ كانَ اليومُ الثَّاني أمرَه فأبردَ بالظُّهرِ، فأبردَ بِها، أي: أمرَه بالإبرادِ فأبردَ بها والإبرادٌ هو الدُّخولُ في البردِ، حينَ تنكسِرُ شدَّةُ الحرِّ، فأنعمَ أنْ يبردَ بها، أي: بالغَ في الإبرادِ بها، وصلَّاها في آخرِ وقتِها وكذلِكَ العصرُ، صلَّى العصرَ والشَّمسُ مرتفِعةٌ أخَّرَها فوقَ الذي كانَ، وصلَّى المغربَ قبلَ أنْ يَغيبَ الشَّفقُ، أي: في آخرِ وقتِها، وهنا إشارةٌ إلى أنَّ المغربَ ممتدٌّ.
وصلَّى العشاءَ بعدَما ذهبَ ثلُثُ اللَّيلِ، أي: في آخرِ وقتِها، وصلَّى الفجرَ فأسفرَ بها، فجرُ اليومِ الثَّاني أدخلَه في وقتِ إسفارِ الصُّبحِ، أي: انكشافِه وإضاءتِه، ثمَّ قالَ: أينَ السَّائلُ عنْ وقتِ الصَّلاةِ؟ فقالَ الرَّجلُ: أنا يا رسولَ اللهِ، قالَ: وقتُ صلاتِكُم بينَ ما رأيْتُم، أي: إنَّ الوقتَ المختارَ للصلاةِ بينَ الوقتِ في اليومِ الأوَّلِ والوقتِ في اليومِ الثَّاني، فخاطبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم السَّائلَ وغيرَه بهذا، وهنا إشارةٌ إلى بيانِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالفِعلِ والقولِ معًا.
وفي الحديثِ: أهميةُ تعلُّمِ أحكامِ الدِّينِ، وعدمُ تركِ أفضيلةِ الصَّلاةِ في أوَّلِ وقتِها إلَّا لمصلحةٍ راجحةٍ، وأنَّ الصَّلاةَ لها وقتُ فضيلةٍ ووقتُ اختيارٍ.