- كُنْتُ وافدَ بني المُنتفِقِ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقدِمْنا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فلَمْ نُصادِفْه في منزِلِه وصادَفْنا عائشةَ فأمَرَتْ لنا بخَزيرةٍ فصُنِعت وأتَتْنا بقِناعٍ - والقِناعُ : الطَّبقُ فيه التَّمرُ - فأكَلْنا فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : ( هل أصَبْتُم شيئًا ؟ أو آمُرُ لكم بشيءٍ ؟ ) قُلْنا : نَعم يا رسولَ اللهِ فبَيْنما نحنُ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جُلوسٌ إذ رفَع الرَّاعي غَنَمَه إلى المُراحِ ومعه سَخْلةٌ تَيْعَرُ فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( ما ولَّدْتَ ؟ ) قال : بَهْمةً قال : ( اذبَحْ مكانَها شاةً ) ثمَّ أقبَل علَيَّ فقال : ( لا تحسِبَنَّ - ولَمْ يقُلْ لا تحسَبَنَّ - أنَّا مِن أجلِكَ ذبَحْناها إنَّ لنا غَنَمًا مِئةً لا تَزيدُ فما ولَدَتْ بَهمةً ذبَحْنا مكانَها شاةً ) قال : قُلْتُ : يا رسولَ اللهِ إنَّ لي امرأةً في لسانِها شيءٌ قال : ( فطلِّقْها إذًا ) قال : قُلْتُ : يا رسولَ اللهِ إنَّ لي منها ولَدًا ولها صُحبةً قال : ( عِظْها فإنْ يَكُ فيها خيرٌ فستقبَلُ ولا تضرِبْ ظَعينتَك ضَرْبَك أمَتَك ) قال : قُلْتُ : يا رسولَ اللهِ أخبِرْني عن الوُضوءِ قال : ( أسبِغِ الوُضوءَ وخَلِّلْ بيْنَ أصابعِك وبالِغْ في الاستنشاقِ إلَّا أنْ تكونَ صائمًا )
الراوي :
لقيط بن صبرة
| المحدث :
ابن حبان
| المصدر :
صحيح ابن حبان
| الصفحة أو الرقم :
1054
خلاصة حكم المحدث :
أخرجه في صحيحه
| التخريج :
أخرجه أبو داود (142) باختلاف يسير، وأحمد (16384) بنحوه. وقوله: "أخبرني عن الوضوء قال: إذا توضأت ... إلا أن تكون صائما" أخرجه الترمذي (788)، والنسائي (87، 114) مفرقاً
كنتُ وافدَ بنى المنتَفِقِ أو فى وفدِ بنى المنتَفِقِ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ فلمَّا قدِمنا علَى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فلَم نصادِفْهُ فى منزلِهِ وصادَفْنا عائشةَ أمَّ المؤمنينَ قالَ فأمَرَت لَنا بخزيرةٍ فصُنِعَت لَنا قالَ وأُتِينا بقِناعٍ ولم يقل قُتَيْبةُ القِناعَ والقِناعُ الطَّبقُ فيهِ تمرٌ ثمَّ جاءَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ هل أصبتُمْ شيئًا أو أُمِرَ لَكُم بشَىءٍ قالَ قُلنا نعَم يا رسولَ اللَّهِ قالَ فبَينا نحنُ معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ جلوسٌ إذ دفعَ الرَّاعى غَنمَهُ إلى المِراحِ ومعَهُ سَخلةٌ تيعَرُ فقالَ ما ولَّدتَ يا فُلانُ قالَ بَهْمةً قالَ فاذبَح لَنا مَكانَها شاةً ثمَّ قالَ لا تَحسِبنَّ ولم يقل لا تَحسَبنَّ أنَّا من أجلِكَ ذبَحناها لَنا غنمٌ مِائةٌ لا نريدُ أن تَزيدَ فإذا ولَّدَ الرَّاعى بَهْمةً ذبَحنا مَكانَها شاةً قالَ قلتُ يا رسولَ اللَّهِ إنَّ لى امرأةً وإنَّ فى لسانِها شيئًا يعنى البَذاءَ قالَ فطلِّقها إذًا قالَ قلتُ يا رسولَ اللَّهِ إنَّ لَها صُحبةً ولى مِنها ولَدٌ قالَ فمُرها يقولُ عِظها فإن يَكُ فيها خيرٌ فستَفعلُ ولا تضرِبْ ظعينتَكَ كضَربِكَ أُميَّتَكَ فقلتُ يا رسولَ اللَّهِ أخبِرنى عنِ الوُضوءِ قالَ أسبغِ الوضوءَ وخلِّل بينَ الأصابعِ وبالِغْ فى الاستنشاقِ إلَّا أن تَكونَ صائمًا
الراوي :
لقيط بن صبرة | المحدث :
الألباني
|
المصدر :
صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 142 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
التخريج :
أخرجه أبو داود (142) واللفظ له، والترمذي (788)، والنسائي (114) مختصراً، وابن ماجه (407، 448) مفرقاً مختصراً، وأحمد (17846) باختلاف يسير
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم يَستقبِل وُفودَه ويُكرِمُهم ويترفَّق بهم، وفي ذَلِكَ يُخبِر لَقِيطُ بنُ صَبِرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه أَنَّهُ كَانَ وافِدَ بني المُنْتَفِقِ، أو فِي وَفْدِ بني المُنتَفِقِ، والمُرادُ بالوَافِدِ: رَسُولُ القَوْم، والجمعُ: وَفْدٌ، والأوَّلُ يدُلُّ على انفرادِه، أو كَونِه زعيمَ الوفدِ، والثَّانِي: يدُلُّ على أَنَّهُ أحدُ أفرادِ الوَفدِ دونَ زَعامةٍ، و"المُنتَفِقُ": جَدُّ صَبِرَةَ، وصَبِرَةُ هذا والِدُ لَقِيطٍ رَاوِي الحَدِيثِ وصَاحِبِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم، يَقُولُ لَقِيطٌ: "فَلَمَّا قَدِمْنا على رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم"، أي: وَصَلنا إِلَى مَنزِله؛ "فلم نُصادِفْه فِي مَنزِلِه، وصادَفْنا عَائِشَةَ أمَّ المُؤمِنِينَ"، أي: لم نَجِدْه، ووَجَدْنا عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها، "فأَمَرَتْ لَنَا بِخَزِيرَةٍ" وهي لَحمٌ يقطَّع صِغارًا ويُصَبُّ عَلَيْهِ الماءُ الكثيرُ، فإذا نَضِج ذُرَّ عَلَيْهِ الدَّقِيقُ، وقيل: هي حَساءٌ مِن دقيقٍ ودَسَمٍ، "وأُتِينَا بقِنَاعٍ"، أي: وبعدَ أن انتهَيْنا مِن الطَّعامِ أُتِي إِلَيْنا بطَبَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، ثُمَّ جاءَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم فَقَالَ للوَفدِ: "هل أَصَبْتُم شيئًا أو أُمِر لَكُمْ بشيءٍ؟" يَسألُهم صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم: هل أُطعِمْتم أو أُمِر لَكُم بطعام؟ فأجابه الوفدُ بقولِهم: "نَعَمْ يا رَسُولَ الله"، ثُمَّ يُكمِلُ لَقِيطٌ كلامَه: "فبَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم جُلُوسٌ، إذْ دَفَع الرَّاعِي غنَمَه إِلَى المُرَاحِ"، أي: ساق الرَّاعِي غَنَمَ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم إِلَى المُراحِ، وهو ما تأوِي إلَيْهِ الإبِلُ والغنَمُ باللَّيلِ، "ومعَه سَخْلَةٌ تَيْعِرُ"، أي: مَعَ الرَّاعِي، و"السَّخْلَةُ": وَلَدُ الشَّاةِ مِن المَعْزِ والضَّأْنِ حِينَ يُولَدُ ذَكَرًا كَانَ أو أُنثَى، و"اليُعَارُ": صوتُ الغَنَمِ أو المَعْزِ، أو الشَّدِيدُ مِن أصواتِ الشَّاءِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم للرَّاعِي: "مَا وَلَّدْتَ يا فُلان؟"، أي: ما وَلَّدْتَ الشاةَ؟ و"فُلان" كِنايةٌ عن اسمِ الرَّاعِي، قَالَ الرَّاعِي: "بَهْمَة" وهِيَ الصَّغِيرُ مِن وَلَدِ الغَنَمِ ذَكَرًا كَانَ أو أُنثَى، وهِيَ هُنا أُنثَى، بِدَليلِ قولِه صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم للرَّاعِي: "فاذْبَحْ لَنَا مكانَها شاةً"، ثُمَّ قَالَ: "لَا تَحسِبَنَّ"، (ولم يَقُل: لَا تَحسَبَنَّ) الأَخِيرُ مِن كلامِ أحدِ الرُّوَاةِ، يُرِيدُ أنَّها تُروَى بالكَسرِ لَا بالفَتحِ، والظاهِرُ: أنَّ الوفدَ فَهِموا أنَّ الذَّبحَ لَهُم فتحرَّجوا مِن ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم: "لَا تَحسِبَنَّ أنَّا مِنْ أَجْلِكَ ذَبَحْناها"، أي: أنَّ سببَ الذَّبحِ لَيْسَ مِنْ أَجْلِكم، ثُمَّ يفسِّر النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم سببَ ذَبْحِه للشَّاةِ بقولِه: "لَنَا غَنَمٌ مِائَة، لَا نُرِيدُ أن تَزِيدَ فإذا وَلَّدَ الراعِي بَهْمَةً ذَبَحْنَا مكانَها شاةً"، أي: أنَّ عددَ الغَنَمِ مِائَةٌ، ومِن عادَتِنا إِذَا ما وَلَّدَ الرَّاعِي غنَمَه وزاد بِهَا عن هذا العددِ ذَبَحْنا مِن الكِبارِ بَدَلَ ما ولَّد مِن الصِّغارِ. ثُمَّ اسْتَنْصَحَ لَقِيطٌ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم فِي امرأةٍ لَهُ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم: "إنَّ لِي امرأةً، وإنَّ فِي لسانِها شيئًا -يَعْنِي البَذَاءَ-"، أي: أنَّ زوجتَه ذاتُ لسانٍ فاحِشٍ، و"البَذَاءُ": الفُحشُ فِي القولِ؛ فنَصَحَه النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم بِتَطلِيقِها، فذَكَر أنَّ لَهُ مِنْهَا وَلَدًا، وأنَّ لها مَعَهُ صُحبةً، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم: "فمُرْها- يَقُول: عِظْهَا- فإن يَكُ خيرٌ، فسَتَفْعَلْ"، أي: انْصَحْها أن تُطِيعَكَ ولا تَعصِيَكَ فِي معروفٍ؛ فرُبَّما لانَ قلبُها فتَسْمَعُ لك وتَقبَلُ مِنكَ إِذَا كَانَ بِهَا خيرٌ، ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم ناصحًا ومُرشِدًا ومُرَبِّيًا: "ولا تَضرِبْ ظَعِينَتَكَ كضَربِكَ أُمَيَّتَكَ"، أي: لَا تَضرِبِ امرأتَك مِثْلَ ضربِكَ الأَمَةَ.
ثُمَّ قَالَ لَقِيطٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم: يا رَسُولَ الله، أخبِرْنِي عن الوُضُوءِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم: أَسبِغِ الوُضُوءَ، أي: أَعْطِ كلَّ عُضوٍ حقَّه مِن الماء، و"الإسباغُ": الإكمالُ والإتمامُ، "وخلِّلْ بينَ الأصابِعِ"، أي: فرِّق بينَ أصابعِ اليدَيْن والرِّجلَيْن ليتخلَّلَها الماءُ فيما بينَها، وفي روايةٍ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم قَالَ لَهُ: "إِذَا توضَّأتَ فمَضمِضْ"، و"المَضمَضَةُ": تحريكُ الماءِ فِي الفَمِ وإدارتُه فِيهِ ثُمَّ إلقاؤُه، "وبالِغْ فِي الاستِنشاقِ إِلَّا أن تكونَ صائمًا"، أي: وبالِغ فِي إيصالِ الماء إِلَى أعلَى الأنفِ والخَياشِيمِ، إِلَّا أن تكونَ صائمًا، خوفًا مِن أن يَصِلَ الماءُ إِلَى الجَوفِ فيتسبَّبُ فِي الفِطرِ، وقيل: إنَّما أجابَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم عن بعضِ سُنَنِ الوُضُوءِ لأنَّ السائِلَ كَانَ عارِفًا بأصلِ الوُضُوءِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ إكرامِ الضَّيفِ، وأنَّ على مَن في البيتِ مِن زَوجةٍ وأولادٍ القيامَ بواجبِ الضيافةِ عندَ غِيابِ صاحبِ البَيتِ.
وفيه: مِن مَحاسنِ شَمائلِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم اهتمامُه بمشاعرِ الآخَرِينَ ومُراعاةُ نفسيَّاتِهم.