الموسوعة الحديثية


- جلَسْتُ مجلسًا فيه عبدُ الرَّحمنِ بنُ سَمُرةَ ولا أعرِفُه فقال: حدَّثَنا معاذُ بنُ جبلٍ قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ما على الأرضِ نفسٌ تموتُ لا تُشركُ باللهِ شيئًا وتشهَدُ أنِّي رسولُ اللهِ يرجِعُ ذلك إلى قلبٍ موقنٍ إلَّا غُفِر لها ) قُلْتُ: أنتَ سمِعْتَه مِن مُعاذٍ ؟ قال: فعنَّفني القومُ فقال دعوه فإنَّه لم يُسئِ القولَ، نَعم سمِعْتُه مِن مُعاذٍ زعَم أنَّه سمِعه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
الراوي : معاذ بن جبل | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 203 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه

ما مِن نَفسٍ تَموتُ تشهَدُ أن لا إلَه إلَّا اللَّهُ وأنِّي رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يرجِعُ ذلِك إلى قلبِ موقنٍ إلَّا غفَرَ اللَّهُ لَها
الراوي : معاذ بن جبل | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه
الصفحة أو الرقم: 3078 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح

التخريج : أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (10975)، وابن ماجه (3796) واللفظ له، وأحمد (21998)


الشَّهادةُ للهِ تعالى بالتَّوحيدِ، ولِنَبِيِّه محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم بالرِّسالةِ، هي أعظمُ كلمةٍ، ولها فضْلٌ عظيمٌ؛ فبها ينْجُو قائِلُها بصِدقٍ المُستيقِنُ بها مِن النَّارِ والعَذابِ، وبها يغفِرُ اللهُ له ذَنْبَه ويُدخِلُه الجنَّةَ.
وفي هذا الحديثِ بيانٌ لبعضِ فضْلِ هذه الشَّهادةِ العظيمةِ، حيثُ يقولُ مُعاذِ بنِ جبَلٍ رضِيَ اللهُ عنه: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ما مِن نفْسٍ تموتُ"، أي: تَسْتَوْفِي أجَلَها وعُمُرَها في الدُّنيا، ثمَّ تموتُ على الإسلامِ، "تشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ"، أي: أنَّه لا معبودَ بحقٍّ إلَّا اللهُ، ولا إلهَ معه شريكٌ في مُلْكِه وخَلقِه، "وأنِّي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: ويشهَدُ أنَّ محمَّدًا هو رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأنَّه المُبَلِّغُ الحقُّ عن ربِّه، "يرجِعُ ذلك إلى قلْبٍ مُوقِنٍ، إلَّا غفَرَ اللهُ لها"، أي: يكونُ ذلك الإيمانُ ناشئًا عن قلْبٍ مُوقِنٍ؛ فيكونُ جزاءُ ذلك أنْ يمحُوَ اللهُ عنه ذُنُوبَه، وهذا يعني: إذا قالها عن يَقينٍ وصِدقٍ وإخلاصٍ؛ لأنَّ مَن قالها عن يَقينٍ فلا بُدَّ مِن أنْ يعمَلَ، فإذا لم يعمَلْ دلَّ ذلك على أنَّه ضعيفُ اليقينِ.
وفي لفظٍ: "مَن قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ، مُخْلِصًا مِن قلْبِه"، وفي لفظٍ: "مَن قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ صادقًا"، وفي لفظٍ: "مَن قالها صدقًا، دخَلَ الجنَّةَ"، وفي لفظٍ: "مَن قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ، وهو يعلَمُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، دخَلَ الجنَّةَ"، وفي لفظٍ: "مَن قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ، وكفَرَ بما يُعبَدُ مِن دونِ اللهِ، دخَلَ الجنَّةَ"؛ فبضمِّ هذه النُّصوصِ بعضِها إلى بعضٍ، يَتبيَّنُ شروطُ شَهادةِ التَّوحيدِ، وفَضْلُها وعظِمُ الجزاءِ عليها.
ولا يَخلُصُ إلى الجنَّةِ دونَ أنْ يمَسَّه عذابُ النَّارِ إلَّا مَن عَمِلَ بحقِّ لا إلهَ إلَّا اللهُ؛ فالتزَمَ بما أمَرَ اللهُ به، وامتَنعَ عمَّا نهى اللهُ عنه، وإذا وقَعَ في مَعصيةٍ تابَ واستغفَرَ، أمَّا مَن لم يَعمَلْ بحقِّها؛ فإنَّه مُتوعَّدٌ بالعِقابِ مِن النَّارِ بما يَستحِقُّ مِن فعْلِه للمعاصي إلَّا أنْ يشمَلَه اللهُ عزَّ وجلَّ برحَمَتِه، ولا يُخَلَّدَ في النَّارِ إلَّا الكافِرُ والمُشرِكُ.
وفي الحديثِ: بيانُ فضْلِ الشَّهادةِ للهِ بالتَّوحيدِ، وللنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالرِّسالةِ.
وفيه: أنَّه لا بُدَّ مِن اليقينِ والإخلاصِ مع الشَّهادتينِ.