الموسوعة الحديثية


- أتيتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وأنا أريدُ لا أدعُ شيئًا منَ البرِّ والإثمِ إلَّا سألتُه عنهُ فجعلتُ أتخطَّى فقالوا إليكَ يا وابصةُ عن رسولِ اللَّهِ فقلتُ دعوني أدنو منهُ فإنَّهُ مِن أحبِّ النَّاسِ إليَّ أن أدنوَ منهُ فقال ادنُ يا وابصةُ فدنوتُ حتَّى مسَّت رُكبتي رُكبتِه فقال يا وابصةُ أخبرُك عن ما جئتَ تسألُني عنهُ فقلتُ أخبِرني يا رسولَ اللَّهِ قال جئتَ تسألني عنِ البرِّ والإثمِ قلتُ نعم قال فجمعَ أصابعَه فجعلَ ينكتُ بِها في صدري ويقولُ يا وابصةُ استفتِ قلبَك استفتِ نفسَك البرُّ ما اطمأنَّ إليهِ القلبُ واطمأنَّت إليهِ النَّفسُ والإثمُ ما حاكَ في النَّفسِ وتردَّدَ في الصَّدرِ وإن أفتاكَ النَّاسُ وأفتَوكَ
الراوي : وابصة بن معبد الأسدي | المحدث : أبو نعيم | المصدر : حلية الأولياء | الصفحة أو الرقم : 6/275 | خلاصة حكم المحدث : غريب من حديث الزبير أبي عبد السلام

جئتَ تسألُ عن البرِّ والإثمِ ؟ قال : نعم ، فقال : استَفْتِ قلبَك : البِرُّ ما اطمأنَّتْ إليه النَّفسُ ، واطمأنَّ إليه القلبُ ، والإثمُ ما حاك في النَّفسِ وتردَّدَ في الصَّدرِ ، وإن أفتاك الناسُ وأَفْتَوْك
الراوي : وابصة بن معبد الأسدي | المحدث : النووي | المصدر : المجموع للنووي
الصفحة أو الرقم: 9/150 | خلاصة حكم المحدث : إسناده إسناد البخاري

التخريج : أخرجه أحمد (18028)، والدارمي (2533)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (2139) باختلاف يسير.


كان الصَّحابةُ الكِرامُ يَفرَحونَ بِسُؤالِ النَّاسِ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وخاصَّةً الغُرباءَ الطَّارئِينَ مِنَ الأعرابِ؛ لأَنَّهم يُحتَملونَ في السُّؤالِ ويُعذَرونَ، ويَستفيدُون هم مِن الجوابِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ وابِصةُ بنُ مَعبَدٍ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: يا وابِصةُ، جِئْتَ تسأَلُ عن البِرِّ"، أي: الطَّاعةِ، والبِرُّ: اسمٌ جامعٌ للخيرِ كلِّه، "والإثمِ؟" أي: المعصيةِ، "قال: نعمْ، فقال: استفْتِ قلْبَك"، أي: اسأَلْ قلْبَك المليءَ بالإيمانِ، وهذا راجعٌ إلى شُعورِ النَّفْسِ والقلْبِ بما يُحمَدُ أو يُذَمُّ.
ثم أجابَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقولِه: "البِرُّ: ما اطْمأنَّتْ إليه النَّفْسُ واطمأَنَّ إليه القلْبُ"، أي: نفْسُ المُسلمِ وقلْبُه إنْ كان مِن أهْلِ الاجتهادِ، وإلَّا فلْيسأَلِ المُجتهِدَ، فيَأخُذ ما اطمأنَّت إليه نفْسُه وسكَنَ إليه قلْبُه، فإنْ لم يُوجَدْ شَيءٌ مِن ذلك، فلْيَتْرُكْ ما الْتبَسَ عليه مِن مَطلوبِه ولم يَدْرِ حِلَّه أو حُرْمَتَه، "والإثمُ: ما حاك في النَّفسِ وتردَّدَ في الصَّدرِ"، أي: تَردَّدَ وتحرَّكَ وأثَّرَ في نفْسِكَ؛ بأنْ لم تَنشرِحْ له، وحلَّ في القلْبِ منه الشَّكُّ والخوفُ مِن كَونِه ذَنْبًا، وأَقْلَقَك ولمْ تَطمئِنَّ إليه؛ لأنَّه مَحَلُّ ذَمٍّ وعَيْبٍ، فَتجِدُك مُتردِّدًا فيه، وتَكرَهُ أنْ يطَّلِعَ النَّاسُ عليك، وهذه الجُملةُ إنَّما هي لِمَن كانَ قَلْبُه صافيًا سَليمًا؛ فهذا هو الَّذي يَحِيكُ في نَفْسِه ما كان إثمًا ويَكرهُ أنْ يَطَّلعَ عليه النَّاسُ، "وإنْ أفتاكَ النَّاسُ وأفتَوكَ" أي: وإنْ قالوا لك: إنَّهُ حقٌّ، فلا تأْخُذْ بقَوْلِهم؛ فإنَّهُ قدْ يُوقِعُ في الغَلطِ والشُّبْهةِ، كأنْ تَرى مَن له مالٌ حَلالٌ وحَرامٌ، فلَا تأْخُذْ منه شيئًا، وإنْ أفْتاكَ المُفْتي؛ مَخافَةَ أنْ تأْكُلَ الحَرامَ؛ لأنَّ الفَتْوَى غيرُ التَّقْوى.
وفي الحديثِ: التَّورُّعُ عن الوُقوعِ في الشُّبهاتِ والتَّحرُّزُ للنَّفسِ.