- مرَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأبي بكرٍ وهو يلعنُ بعضَ رقيقِه وقال لعَّانين وصِدِّيقين كلَّا وربِّ الكعبةِ فعتق أبو بكرٍ رضِي اللهُ عنه يومئذٍ بعضَ رقيقِه قال ثمَّ جاء إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال لا أعودُ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب
الصفحة أو الرقم: 3/397 | خلاصة حكم المحدث : [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما]
وفي هذا الَحديثِ تقولُ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "مَرَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأبي بَكرٍ وهو يَلعَنُ بعضَ رَقيقِه"، أي: يَدْعو عليهم باللَّعْنِ، وهو الطَّرْدُ من رَحْمةِ اللهِ، "فالتَفَتَ إليه"، أي: تَوجَّهَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليه بالكَلامِ، "فقال: لعَّانينَ وصِدِّيقينَ؟!"، أي: هل رَأيتَ صِدِّيقًا يكونُ لعَّانًا؟ "كَلَّا وربِّ الكَعْبةِ"، أي: كَلَّا واللهِ لا تَجتَمِعُ الصِّفتانِ في شَخصٍ واحدٍ، وفي الكَلامِ مَعْنى التَّعجُّبِ، "فأعتَقَ أبو بَكرٍ يَومَئذٍ بعضَ رَقيقِه"، أي: حرَّرَهم كَفَّارةً لمَا صَدَرَ عنه، ودَليلًا على تَقبُّلِه تَوجيهَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ له، "ثُمَّ جاء النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ"، أي: للاعتِذارِ، "فقال: لا أعودُ"، أي: لا أعودُ في لَعنِ أحَدٍ. وهذا من التَّربيةِ النَّبويةِ، والأخْذِ على يَدِ المُخطِئِ أيًّا كانت مَكانَتُه، فلا تَأخُذْه في اللهِ لَوْمةُ لائِمٍ، فعَلَّمَه وأرْشَدَه إلى أنَّه لا يَنبَغي له أنْ يكونَ صِدِّيقًا ومُؤمِنًا حَقًّا، ثُمَّ يَسُبُّ ويَلعَنُ، بل إنَّ الصِّدِّيقيَّةَ تَقتَضي عُلُوَّ الهِمَّةِ، وتَرْكَ سَفاسِفِ الأُمورِ.
وفي الحَديثِ: احتِرامُ الإسْلامِ لحُقوقِ العَبيدِ فَضْلًا عن أنَّ عِتقَهم سِمَتُه الأبرَزُ فيه .