الموسوعة الحديثية


- لا أدري أَتُبَّعٌ كان لعينًا أم لا ولا أدري الحدودَ كفاراتٌ لأهلها أم لا ولا أدري ذو القرنيْنِ كان نبيًّا أم لا
الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن كثير | المصدر : البداية والنهاية | الصفحة أو الرقم : 2/95 | خلاصة حكم المحدث : غريب من هذا الوجه | التخريج : أخرجه أبو داود (4674) أوله في أثناء حديث، والبزار (8541)، والحاكم (2174) باختلاف يسير.

ما أدْرِي أَتُبَّعُ كانَ لَعِينًا أمْ لا وما أدرِي ذُو القَرْنَينِ أَنَبِيًّا كانَ أمْ لا وما أدرِي الحدودُ كفاراتٌ لأهلِهَا أمْ لا ؟
الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن حزم | المصدر : المحلى
الصفحة أو الرقم: 11/125 | خلاصة حكم المحدث : صحيح السند وما نعلم له في وقتنا هذا علة

التخريج : أخرجه أبو داود (4674) مختصراً، والبزار (8541) باختلاف يسير، وابن حزم في ((المحلى)) (11/125) واللفظ له.


العِلمُ بالأُمورِ التَّاريخِيَّةِ المُوغِلةِ في القِدَمِ يَنبغي ألَّا يُؤخَذَ إلَّا عَن يَقينٍ مِن الأخبارِ؛ بما أخبَرَ بهِ نَبيٌّ عن رَبِّه، أو في كِتابٍ مُنزَّلٍ مَحفوظٍ مِن التَّحريفِ والتَّبديلِ.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "ما أَدْري أَتُبَّعٌ"، أي: المذكورُ في قولِه تعالى: {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [الدخان: 37]، "كان لَعِينًا أمْ لا"، أي: مَطْرودًا مِن رَحمةِ اللهِ ومَغضوبًا عليهِ، أو ليسَ مَطرودًا؛ قيلَ: وهذا القولُ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرجِّحُ أنَّه كانَ قبْلَ أنْ يُوحَى إليه شَيءٌ في أمْرِه؛ لأنَّه قدْ وَردَ عَن سَهلِ بنِ سَعدٍ السَّاعديِّ وابنِ عبَّاسٍ رضِيَ الله عَنهما قالَا: قالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "لا تَسبُّوا تُبَّعًا؛ فإنَّه كانَ قدْ أسلَمَ"، أي: كانَ قدْ أسلَمَ الوَجهَ للهِ بالتَّوحيدِ، و(تُبَّعٌ) قِيل: إنَّه كانَ مِن مُلوكِ اليَمنِ في الجاهِليَّةِ، وكانَ يَعبُدُ النَّارَ، فأسلَمَ ودَعا قَومَه- وهُم حِمْيرٌ- إلى الإسْلامِ، وفي رِوايةٍ للحاكمِ: "ما أدْري تُبَّعٌ أنَبيًّا كان أمْ لا"، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: "وما أدْري ذو القُرنينِ أنَبِيًّا كان أمْ لا" وذو القَرنينِ هو ملِكٌ آتاهُ اللهُ مُلْكَ المشرقِ والمغربِ، وآتاهُ مِن العلْمِ ما جعَلَه يَبْني سَدًّا حَصينًا يَحبِسُ خلْفَه يأْجوجَ ومأْجوجَ، وقد وردَتْ قِصَّتُه في سُورةِ الكهْفِ، "وما أدْري الحُدودُ" وهي العُقوباتُ الَّتي حدَّدَها اللهُ على الذُّنوبِ الكبيرةِ؛ كحَدِّ الزِّنا، وحَدِّ السَّرقةِ، "كفَّاراتٌ لِأهْلِها أمْ لا"، أي: تَمْحو عنهم ذنْبَهم الَّذي أُقِيمَ عليهم الحدُّ فيه أم لا، وقد ورَدَ في صَحيحِ مُسلمٍ عَن عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ، قال: "كُنَّا مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مَجْلسٍ، فقال: تُبايعُوني على ألَّا تُشرِكُوا باللهِ شيئًا، ولا تَزْنُوا، ولا تَسرِقُوا، ولا تَقتُلوا النَّفْسَ الَّتى حرَّمَ اللهُ إلَّا بالحقِّ. فمَنْ وَفَى مِنكُم فأَجْرُه على اللهِ، ومَن أصابَ شيئًا مِن ذلك؛ فعُوقِبَ بهِ، فهو كفَّارةٌ لهُ، ومَنْ أصابَ شيئًا مِن ذلك، فسَتَرَهُ اللهُ عليهِ، فأَمْرُه إلى اللهِ؛ إِنْ شاءَ عَفَا عنْه، وإنْ شاءَ عذَّبَهُ"، فذكَرَ الكبائرَ، ثمَّ ذكَرَ أنَّ مَن عُوقِبَ عليها وتابَ، فإنَّ الكبيرةَ تُكفَّرُ؛ فيَحتمِلُ قولُه: "وما أدْري الحُدودُ كفَّاراتٌ لِأَهْلِها أمْ لا" أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان لا يَدْري، ثمَّ بُيِّنَ له أنَّها كفَّاراتٌ، وإنَّما سمَّاها كفَّارةً؛ لأنَّها تُكفِّرُ الذُّنوبَ وتُغطِّيها.
وفي الحديثِ: التَّنبيهُ إلى عَدمِ القَولِ في أيِّ أمْرٍ بغيرِ عِلمٍ.
وفيه: أنَّه يَنْبغي التَّوقُّفُ عمَّا ليس للمرْءِ به عِلْمٌ مُحقَّقٌ.