- عن مُسلِمِ بنِ يَسارٍ الجُهَنيِّ أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رضي اللهُ عنه سُئِل عن هذه الآيةِ { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } فقال : سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سُئِل عنها ؟ فقال : إنَّ اللهَ تعالى خلَق آدَمَ ثم مسَح ظهرَه بيمينِه , فاستخرَج منه ذُرِّيَّةً , فقال : خلَقتُ هؤلاءِ للجنةِ وبعمَلِ أهلِ الجنةِ يَعمَلونَ , ثم مسَح ظهرَه فاستخرَج منه ذُرِّيِّةً فقال : خلَقتُ هؤلاءِ للنارِ وبعمَلِ أهلِ النارِ يَعمَلونَ فقال رجلٌ : يا رسولَ اللهِ ففِيمَ العمَلُ ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : إنَّ اللهَ إذا خلَق العبدَ للجنةِ استعمَله بعمَلِ أهلِ الجنةِ حتى يموتَ على عملٍ من عمَلِ أهلِ الجنةِ فيَدخُلُ به الجنةَ , وإذا خلَق العبدَ للنارِ استعمَله بعمَلِ أهلِ النارِ حتى يموتَ على عمَلٍ من أعمالِ أهلِ النارِ, فيَدخُلُ به النارَ
الراوي :
عمر بن الخطاب
| المحدث :
ابن القيم
| المصدر :
أحكام أهل الذمة
| الصفحة أو الرقم :
971/2
خلاصة حكم المحدث :
علة الحديث , أن مسلم بن يسار لم يسمعه من عمر
أنَّ عمرَ بن الخطَّاب سأل عن هذهِ الآيةِ : { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ } قال : قرأ القعنبيُّ الآيةَ، فقال عمرُ : سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سُئل عنها فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : إنَّ اللهَ عز وجل خلق آدمَ، ثم مسح ظهرَه بيمينِه، فاستخرج منه ذريةً، فقال : خلقتُ هؤلاءِ للجنةِ وبعمل أهلِ الجنةِ يعملون، ثم مسح ظهرَه فاستخرج منه ذريةً، فقال : خلقتُ هؤلاءِ للنارِ وبعمل أهل ِالنارِ يعملون . فقال رجلٌ : يا رسولَ اللهِ، ففيمَ العملُ ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إنَّ اللهَ عز وجل إذا خلق العبدَ للجنةِ استعمله بعملِ أهلِ الجنةِ حتى يموت على عملٍ من أعمالِ أهلِ الجنةِ فيدخله به الجنةَ، وإذا خُلق العبدُ للنارِ استعمله بعملِ أهلِ النارِ حتى يموتُ على عملٍ من أعمالِ أهلِ النارِ فيدخلُه به النارَ
الراوي :
مسلم بن يسار الجهني | المحدث :
الألباني
|
المصدر :
صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 4703 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
خَلَقَ اللهُ سُبْحانَه وتعالى الخَلْقَ والأكوانَ، وقَدَّرَ مَقاديرَ كُلِّ شيءٍ، وبعِلْمِه عَلِم أهلَ الجَنَّةِ وأَهْلَ النَّارِ، وكلٌّ مُيسَّرٌ لِما خُلِق لَه، والإيمانُ بالقَدَرِ مِنْ تَمامِ الإيمانِ، ولا بُدَّ مِنَ التَّسليمِ المُطْلَقِ بِه.
وفي هذا الحديثِ يَحكي مُسلِمُ بنُ يَسارٍ الجُهَنيُّ: أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ سُئلَ عن هذه الآيةِ: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 172]- قال أبو داودَ: "قرَأ القَعْنَبيُّ- وهو عبدُ اللهِ بنُ مَسلَمةَ- الآيةَ"، أي: أَتَمَّ تِلاوَتَها عِندَ رِوايتِه للحَديثِ.
فقال عُمَرُ: "سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سُئلَ عَنْها"، أي: عن تلك الآيةِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ خَلَق آدمَ، ثُمَّ مَسَح ظَهْرَه بيَمينِه"، أي: أَجْرى اللهُ يَمِينَه- وكِلْتا يَدَيه يَمينٌ سُبحانَه- على ظَهْرِ آدمَ وصُلْبِه، "فاسْتَخرَج مِنْه ذُرِّيَّةً، فقال: خَلَقْتُ هؤلاءِ للجَنَّةِ، وبعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ يَعْمَلون"، أي: فأَخْرَج بعِلْمِه ما كان مِنْ ذُرِّيَّتِه مِنْ أهلِ الجَنَّةِ الَّذين عَلِمَ اللهُ سُبحانَه أنَّهم سيَعْمَلونَ بعَمَلِها، فقال: هؤلاء لِلجَنَّةِ وسيَعْمَلونَ بعَمَلِها فيَدْخُلونها، "ثُمَّ مَسَح ظَهْرَه"، أي: مَرَّةً أُخْرى، "فاسْتَخْرَج مِنْه ذُرِّيَّةً، فقال: خَلَقْتُ هؤلاءِ للنَّارِ، وبعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلون"، أي: بعِلْمِه سُبحانَه خَلَقَهم وعَلِم أنَّهم سيَعْمَلونَ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ.
فقال رَجُلٌ: "يا رسولَ اللهِ، ففيمَ العَمَلُ؟"، أي: فماذا يَعْمَلُ النَّاسُ وقد قَدَّرَ اللهُ مَصيرَهم سَلَفًا؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ إذا خَلَق العَبْدَ للجَنَّةِ اسْتَعمَلَه بعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ حتَّى يَموتَ على عَمَلٍ مِنْ أعمالِ أهْلِ الجَنَّةِ، فيُدْخِلَه بِه الجَنَّةَ، وإذا خَلَقَ العَبْدَ للنَّارِ اسْتَعمَلَه بعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حتَّى يَموتَ على عَمَلٍ مِنْ أَعْمالِ أَهْلِ النَّارِ، فيُدْخِلَه بِه النَّارَ"؛ وذلك لأنَّ الخيرَ والشَّرَّ أوضَحَه اللهُ للجَميعِ، فكُلٌّ يَعمَلُ على بَصيرةٍ ويَخْتارُ ما يُريدُ، فمَنِ اخْتارَ عمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ وفَّقَه اللهُ لذلك، ثُمَّ أَدْخَلَه الجَنَّةَ، وهو يَعْلَمُ أزَلًا أنَّه مِنْ أَهْلِها، وكذلك مَنِ اخْتارَ لنَفْسِه عمَلَ أَهْلِ النَّارِ تَرَكَه اللهُ حتَّى يُدْخِلَه النَّارَ يومَ القيامةِ، وهو سُبْحانَه يَعْلَمُ أزَلًا أنَّه سيَعْمَلُ بعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ.
وفي الحديثِ: أنَّ الإيمانَ بالقَدرِ لا يُنافِي العَملَ، والردُّ على من يُعلِّقُ تَقْصيرَه عليه؛ لأنَّ اللهَ خَلَق الإنسانَ وهَداه إلى مَعرفةِ الخيرِ والشَّرِّ.
وفيه: إثباتُ أنَّ للهِ تعالى يَمينًا، وهي تَليقُ بذاتِه وكمالِه سُبحانَه؛ ليس كمِثلِه شيءٌ وهو السَّميعُ البَصيرُ( ).