- لَمَّا نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] ورَهْطَكَ منهمُ المُخْلَصِينَ، خَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ حتَّى صَعِدَ الصَّفا، فَهَتَفَ: يا صَباحاهْ، فقالوا: مَن هذا الذي يَهْتِفُ؟ قالوا: مُحَمَّدٌ، فاجْتَمَعُوا إلَيْهِ، فقالَ: يا بَنِي فُلانٍ، يا بَنِي فُلانٍ، يا بَنِي فُلانٍ، يا بَنِي عبدِ مَنافٍ، يا بَنِي عبدِ المُطَّلِبِ، فاجْتَمَعُوا إلَيْهِ، فقالَ: أرَأَيْتَكُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلًا تَخْرُجُ بسَفْحِ هذا الجَبَلِ، أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قالوا: ما جَرَّبْنا عَلَيْكَ كَذِبًا، قالَ: فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ، قالَ: فقالَ أبو لَهَبٍ: تَبًّا لكَ أما جَمَعْتَنا إلَّا لِهذا، ثُمَّ قامَ فَنَزَلَتْ هذِه السُّورَةُ: (تَبَّتْ يَدا أبِي لَهَبٍ وقدْ تَبَّ).
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 208 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
ومِن جَهْرِه بالدعوةِ وتبليغِه إيَّاها: أنَّه لَمَّا نَزَل قولُه تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} صَعِد النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على جَبَلِ الصَّفَا، ونَادَى: يا بَنِي فِهْرٍ، يا بَنِي عَدِيٍّ، لِبُطُونِ قُرَيْشٍ، والبَطْنُ: أَقَلُّ مِن القَبِيلة، فاجْتَمَعوا عندَه، ومَنْ لم يَستطِعِ المَجِيءَ أَرْسَلَ رسولًا لِيَرَى: ما الأَمْرُ، وما الذي يُرِيد أنْ يُخبِرَ به النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فلمَّا اجتَمَعوا وجاء أبو لَهَبٍ وقُرَيْشٌ، قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَرَأَيْتَكُم لو أخبرتُكم أنَّ خيلًا بالوادِي تُرِيدُ أن تُغِيرَ عليكم، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟» يعني: لو أخبرتُكم أنَّ جَيْشًا يُريد أن يَهجُمَ عليكم؛ فهل كنتُم تُصدِّقونني؟ فقالوا: نَعَمْ، وأَقرُّوا بصِدْقِه صلَّى الله عليه وسلَّم، وقالوا: ما جَرَّبْنا عليك إلَّا صدقًا، فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «فإنِّي نَذِيرٌ لكم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شديدٍ»، فقال أبو لَهَبٍ: تَبًّا لك سَائِرَ اليومِ! أي: خَسِرْتَ بقيَّةَ اليومِ؛ أَلِهَذَا جَمَعْتَنا؟! فأنزَل الله تعالى فيه: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ...}، أي: خَسِرَتْ يداه وخابَتْ، وخَسِرَ هو، وقيل: (تبَّ) الأوَّل دُعَاءٌ، وَالثَّانِي خبَر، مِثل: أهْلَكَه الله وَقد هَلَك.