الموسوعة الفقهية

فَرعٌ: الحَلِفُ بالأمانةِ


يَحرُمُ الحَلِفُ بالأمانةِ، وهو قَولُ بَعضِ الحَنابِلةِ [198] ((الإنصاف)) للمَرْداوي (11/7)، ((الإقناع)) للحَجَّاوي (4/331). ، واختاره ابنُ تيميَّةَ [199] استثنى ابنُ تيميَّةَ إذا نوى بها صفةً لله عزَّ وجَلَّ، فقال: (ليس لأحدٍ أن يَحلِفَ لا بمَلَكٍ ولا نبيٍّ ولا غيرِ ذلك من المخلوقاتِ، ولا يحلِف إلَّا باسمٍ مِن أسماءِ اللهِ، أو صفةٍ مِن صِفاتِه، وقد رُوِيَ: «مَن حَلَف بالأمانةِ فليس مِنَّا»، فمَن حَلَف بالأمانةِ لا يَدري ما حَلَف به أو عَنَى به مخلوقًا، فقد أساءَ، وإن أراد بها صِفةً مِن صِفاتِ اللهِ نحوُ: وأمانةِ اللهِ، أو عِصمتِه؛ جاز ذلك). ((مختصر الفتاوى المصرية لابن تيميَّةَ)) للبَعْلي (ص: 548). ويُنظر: ((المستدرك على مجموع فتاوى شيخ الإسلام)) (1/28). ، والشَّوكانيُّ [200] قال الشوكاني: (وأمَّا قَولُه: «كالعهدِ والأمانةِ والذِّمَّةِ» فهذه لا بدَّ مِن ورود الإذنِ بها، ولا سيمَّا ورَدَ النَّهيُ عن بعضِها، كما في حديثِ بُريدةَ عندَ أبي داودَ، بإسنادٍ رِجالُه ثِقاتٌ؛ قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «ليس مِنَّا مَن حَلَف بالأمانةِ»). ((السيل الجرار)) (ص: 684). ، وابنُ باز [201] قال ابنُ باز: (فإذا قال: وحياةِ فُلانٍ، أو وحياةِ الرَّسولِ، أو وحياةِ موسى، أو وحياةِ عيسى، أو وقبرِ أبي، أو حَلَف بالأمانةِ وبالكَعبةِ أو ما أشبَهَ ذلك، فكُلُّ ذلك حَلِفٌ بغير الله، وكُلُّ ذلك لا يجوزُ، وكُلُّ ذلك مُنكَرٌ). ((فتاوى نور على الدرب)) (ص: 236). ، وابنُ عُثَيمين [202] قال ابنُ عُثَيمين: (الحَلِفُ بالأمانةِ كذلك لا يجوزُ؛ لأنَّه حَلِفٌ بغير الله... لكِنْ أحيانًا يقولُ الإنسان: بأمانتي، ويقصِدُ بذلك العَهدَ والذِّمَّةَ، ولا يقصدُ اليمينَ، فيقولُ: بأمانتي لأُوفينَّ لك، أو: بذِمَّتي لأُوفينَّ لك، والمقصودُ بذلك الالتزامُ لا تعظيمُ الأمانةِ، ولا تعظيمُ الذِّمَّةِ، فهذا لا يُنهى عنه إلَّا احتياطًا؛ خوفًا من أن يقتديَ به من يحلِفُ بالأمانةِ أو الذِّمَّةِ، والذي أعرِفُ مِن أصلِ العوامِّ في قَولِهم: بذمَّتي لأفعلَنَّ كذا: أنَّهم يريدونَ بذلك العَهدَ لا الحَلِفَ بالذِّمَّةِ). ((فتاوى نور على الدرب)) (1/458). ، واللَّجنةُ الدَّائِمةُ [203] جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: (إذا لم يكُنْ أحدُهما قَصَد بقَولِه بالأمانةِ الحَلِفَ بغير الله، وإنما أراد بذلك ائتِمانَ أخيه في أن يخبِرَه بالحقيقةِ: فلا شيءَ في ذلك مُطلقًا، لكِنْ ينبغي ألَّا يعبِّرَ بهذا اللَّفظِ الذي ظاهِرُه الحَلِفُ بالأمانة، أمَّا إذا كان القَصدُ بذلك الحَلِفَ بالأمانةِ فهو حَلِفٌ بغير الله، والحَلِفُ بغير الله شِركٌ أصغَرُ، ومن أكبرِ الكبائرِ). ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (1/342).
الأدِلَّةُ مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن ابنِ بُريدَةَ، عن أبيه رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن حَلَف بالأمانةِ فليس مِنَّا )) [204] أخرجه أبو داودَ (3253) واللَّفظُ له، وأحمدُ (22980) مُطوَّلًا. صحَّح إسنادَه الحاكِمُ في ((المستدرك)) (4/331)، والمنذري في ((الترغيب والترهيب)) (3/124)، والنووي في ((الأذكار)) (456)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (4/335): رجالُه رجالُ الصَّحيحِ خلا الوليدِ بنِ ثعلبةَ، وهو ثِقةٌ. ووثَّق رجالَه الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (9/126)، وصَحَّحه ابنُ باز في ((مجموع الفتاوى)) (3/144)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3253)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (184).
2- قال ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: إنِّي سَمِعتُ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((مَن حَلَفَ بغَيرِ اللهِ فقد أشرَكَ )) [205] أخرجه أبو داود (3251) واللَّفظُ له، والترمذي (1535)، وأحمد (6072). صحَّحه ابنُ حِبَّان في ((الصحيح)) (4358)، وذكَرَ ثُبوتَه الصنعاني في ((الإنصاف)) (97)، والشوكاني في ((الفتح الرباني)) (1/371)، وصحَّح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (8/222)، وصحَّحه ابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (3/144)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3251)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (734)، وقال: على شرطِ مُسلمٍ.
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ مَن حَلَف بالأمانةِ فقد حَلَف بغيرِ اللهِ [206] ((فتاوى نور على الدرب)) لابن عُثَيمين (1/458).

انظر أيضا: