الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّاني: الاستِمتاعُ بغيرِ الوَطءِ قَبلَ الكفَّارةِ


اختلف العُلَماءُ في استِمتاعِ المُظاهِرِ بزَوجتِه بغَيرِ الوَطءِ قبلَ الكفَّارةِ؛ على قَولَينِ:القول الأول: يَحرُمُ على المُظاهِرِ الاستِمتاعُ بالزَّوجةِ التي ظاهَرَ منها بغيرِ الوَطءِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [596]     ((الهداية)) للمرغيناني (4/374)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/3). ، والمالِكيَّةِ -في قَولِ الأكثَرِ- [597]     ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (2/445)، ((منح الجليل)) لعليش (4/238). ، والحَنابِلةِ [598]     ((الإنصاف)) للمرداوي (9/148)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (5/374). ، وهو قَولٌ للشَّافعيَّةِ [599]     ((روضة الطالبين)) للنووي (8/269).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُه تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا المجادلة: 3، 4.
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ أخَفَّ ما يقَعُ عليه اسمُ المَسِّ هو اللَّمسُ باليَدِ؛ إذ هو حقيقةٌ لهما جميعًا -يعني: الجِماعَ، واللَّمسَ باليَدِ-؛ لوُجودِ معنى المسِّ باليَدِ فيهما [600]     ((بدائع الصنائع)) للكاساني (3/234). ويُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/3).
ثانيًا: لأنَّ الاستِمتاعَ داعٍ إلى الجِماعِ، فإذا حَرُمَ الجِماعُ حَرُمَ الدَّاعي إليه [601]     ((بدائع الصنائع)) للكاساني (3/234). ؛ إذ الأصلُ أنَّ سَبَبَ الحَرامِ حَرامٌ [602]     ((الهداية)) للمرغيناني (4/374). القول الثاني: يجوزُ استِمتاعُ المُظاهِرِ بالزَّوجةِ التي ظاهَرَ منها بغيرِ الوَطءِ، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّة -في الأظهَرِ- [603]     ((روضة الطالبين)) للنووي (8/269)، ((منهاج الطالبين)) للنووي (ص: 246). ، وهو قَولٌ للمالِكيَّةِ [604]     ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير)) (2/445)، ((منح الجليل)) لعليش (4/238). ، ورِوايةٌ عن أحمدَ [605]     ((المبدع)) لابن مفلح (8/37)، ((الإنصاف)) للمرداوي (9/148). ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ [606]     قال ابنُ المنذر: (كان سفيانُ الثوري يقولُ في المُظاهِرِ: لا بأسَ أن يُقَبِّلَ ويباشِرَ ويأتيَها في غيرِ الفَرجِ ما لم يُكَفِّرْ؛ إنَّما نُهِيَ عن الجِماعِ. وقال أحمد، وإسحاق في القُبلةِ والمُباشَرةِ: نرجو ألَّا يكونَ به بأسٌ. ورخَّص في القُبلةِ والمباشَرةِ: الوليدُ بن مسلم). ((الأوسط)) (9/339). ويُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (8/12). ، واختاره ابنُ عُثيمين [607]     قال ابنُ عثيمين: (قال بعضُ أهلِ العِلمِ: إنَّ دواعيَ الجِماعِ لا تَحرُمُ؛ لأنَّ الله تعالى قال: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا، وعلى هذا فيَجوزُ له أن يُقَبِّلَها، ويَضُمَّها، ويخلوَ بها، ويكَرِّرَ نظَرَه إليها، إلَّا إذا كان لا يأمَنُ على نفسِه، فحينئذٍ تكونُ له فتوى خاصَّةٌ بالمنعِ، وإلَّا فالأصلُ الجوازُ، وهذا القَولُ أصَحُّ). ((الشرح الممتع)) (13/249).
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قَولُه تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا المجادلة: 3، 4.
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ التَّمَاسَّ مَحمولٌ على الجِماعِ، كقَولِه تعالى: وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ البقرة: 237 [608]     ((روضة الطالبين)) للنووي (8/269).
ثانيًا: أنَّ اللهَ تعالى حَرَّم التَّماسَّ -وهو الجِماعُ- فأباح ما سِواه بالمفهومِ [609]     ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (13/249).




انظر أيضا: