الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ الثَّاني: توكيلُ الوكيلِ غَيرَه إذا أذِنَ له المُوَكِّلُ


يجوزُ توكيلُ الوكيلِ غَيرَه إذا أذِنَ له المُوَكِّلُ في التَّوكيلِ، وذلك باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنَفيَّةِ ، والمالِكيَّةِ ، والشَّافِعيَّةِ ، والحَنابِلةِ ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: من الآثارِ
عن حُصَينِ بنِ المُنذِرِ قال: (شَهِدتُ عُثمانَ بنَ عَفَّانَ أُتِيَ بالوليدِ قد صلَّى الصُّبحَ ركعتينِ، ثُمَّ قال: أزيدُكم؟! فشَهِد عليه رجُلانِ أحَدُهما حُمرانُ أنَّه شَرِب الخَمرَ، وشَهِدَ آخرُ أنَّه رآه يتقيَّأُ، فقال عُثمانُ: إنَّه لم يتقيَّأْ حتَّى شَرِبَها، فقال: يا عَلِيُّ، قُمْ فاجْلِدْه، فقال عليٌّ: قُمْ يا حَسَنُ فاجلِدْه، فقال الحَسَنُ: وَلِّ حارَّها مَن توَلَّى قارَّها، فكأنَّه وَجَد عليه! فقال: يا عبدَ اللَّهِ بنَ جَعفَرٍ قُمْ فاجلِدْه، فجَلَده وعليٌّ يَعُدُّ حتَّى بَلَغ أربعينَ، فقال: أمسِكْ) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ عُثمانَ رَضِيَ اللَّهُ عنه وَكَّلَ عليًّا رَضِيَ اللَّهُ عنه، وعليٌّ وَكَّلَ الحَسَنَ رَضِيَ اللَّهُ عنه في حَضرةِ عُثمانَ، فكان إذنًا منه ضِمنًا .
ثانيًا: لأنَّ النَّاسَ يتفاوتون في الخُصومةِ، والمُوَكِّلُ إنَّما رَضِيَ بوَكالتِه، ولم يَرْضَ بوَكالةِ غيرِه، فلا يكونُ له أن يُوكِّلَ غيرَه بدونِ رِضاه .
ثالثًا: لأنَّه عَقدٌ أُذِنَ له فيه، فكان له فِعلُه، كالتَّصَرُّفِ المأذونِ فيه .

انظر أيضا:

  1. (1) ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (4/276)، ((البحر الرائق)) لابن نُجَيم (7/175).
  2. (2) ((الكافي)) لابن عبد البر (2/786)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (7/192).
  3. (3) ((فتح العزيز بشرح الوجيز)) للرافعي (11/43)، ((روضة الطالبين)) للنووي (4/298). ويُنظَر: ((الحاوي الكبير)) للماوَرْدي (6/519).
  4. (4) ((شرح منتهى الإرادات)) للبُهوتي (2/189)، ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيباني (3/447، 448).
  5. (5) قال ابنُ قُدامةَ: (... الثَّاني: أذِنَ له في التَّوكيلِ، فيجوزُ له ذلك؛ لأنَّه عَقدٌ أُذِن له فيه، فكان له فِعلُه، كالتَّصرُّفِ المأذونِ فيه. ولا نعلَمُ في هذينِ خِلافًا). ((المغني)) (5/70).
  6. (6) أخرجه مسلم (1707).
  7. (7) يُنظَر: ((نيل الأوطار)) للشوكاني (7/ 166).                 
  8. (8) يُنظَر: ((الأم)) للشافعي (3/ 237)، ((المبسوط)) للسَّرَخْسي (19/20).                  
  9. (9) يُنظَر: ((المغني)) لابن قُدامةَ (5/70)، ((مطالب أولي النهى)) للرُّحَيباني (3/448).