موسوعة اللغة العربية

الفَصْلُ الرَّابعُ: فَصاحةُ المُتكلِّمِ


وهي مَلَكةٌ يَقتدِرُ بِها المُتكلِّمُ على التَّعبيرِ عنِ المَقصودِ بلفْظٍ فَصيحٍ دونَ تَلعْثُمٍ أو تَلَكُّؤٍ، فكما تُوصَفُ الألْفاظُ والكلامُ بالفَصاحةِ يُوصَفُ المُتكلِّمُ بِها أيضًا.
قال المَرَاغيُّ: (هي صِفةٌ راسخةٌ في نفْسِ المُتكلِّمِ، يَقتدِرُ بِها على التَّعبيرِ عمَّا يَجُولُ في خاطرِه مِنَ الأغْراضِ والمَقاصدِ. وبِتلك الصِّفةِ يتمكَّنُ مِن صِياغةِ ضُروبِ الكَلامِ؛ مِن مَديحٍ وهِجاءٍ، وتَهانٍ ومَرَاثٍ، وخُطَبٍ مُحَبَّرةٍ، ورسائلَ منمَّقةٍ في الوَعظِ والإرشادِ، والمُفاخَراتِ والمُنافَراتِ.
ولن يبلُغَ شاعرٌ أو ناثرٌ هذه المَنْزِلةَ إلَّا إذا كان مُلمًّا باللُّغةِ، كثيرَ الاطِّلاعِ على كُتبِ الأدَبِ، مُحيطًا بأسرارِ أساليبِ العَربِ، حافِظًا لعُيونِ كلامِهم مِن شِعرٍ جيِّدٍ ونثْرٍ مُختارٍ، عَالِمًا بِأحْوالِ الشُّعَراءِ والخُطَباءِ، ومَجالِسِ المُلوكِ والأُمراءِ، مُحيطًا بعاداتِ العَربِ وأخْبارِ أيَّامِهم) [29] ((علوم البلاغة)) للمراغي (ص: 34، 35). .
فاكتسابُ هذه المَلَكةِ يكونُ بكثْرةِ الاطِّلاعِ على النُّصوصِ البَليغةِ وحِفْظِها وفَهْمِها، وتدْريبِ النَّفْسِ على استخدامِ ألْفاظِها وجُمَلِها في السِّياقاتِ المُناسبةِ لَها، وفي أيِّ وقتٍ يقولُ شِعرًا أو نثْرًا، وفي أيِّ وقتٍ يُطيلُ الكَلامَ ويُسهِبُ، أو يُوجِزُه ويُشيرُ إلى المَعنى المُرادِ إشارةً.

انظر أيضا: