موسوعة الأخلاق والسلوك

ثاني عَشَرَ: التَّواصي بالخَيرِ في واحةِ الأدَبِ


1- قال الحارِثُ بنُ عَبَّاسِ بنِ مِرْداسٍ السُّلَميُّ يوصي ابنَه:
احفَظْ بُنَيَّ وصيَّةً أوصيكَها
إنْ كُنتَ تُؤمِنُ بالكتابِ المُنْزَلِ
أكرِمْ خليلَ أبيك حيثُ لَقِيتَه
ولقد عقَقْتَ أباك إنْ لم تفعَلِ
والجارَ أكرِمْ جارَ بَيتِك ما دَنا
حتَّى يَبِينَ ثَواؤُكم في المَنزِلِ
والضَّيفَ إنَّ له عليك وسيلةً
لا يترُكَنَّك ضُحْكةً للنُّزَّلِ
ورَفيقَ رَحْلِك لا تُجَهِّلْ إنَّما
جَهْلُ الرَّفيقِ على الرَّفيقِ النَّيْطَلِ
واشغَبْ بخَصْمِك إنَّ خَصْمَك مِشْغَبٌ
وإذا عَلوتَ على الخُصومِ فأجمِلِ
واستَوصِ خَيرًا بالعَشيرةِ كُلِّها
ما حمَّلوك من المثاقِلِ فاحمِلِ
يَصِلوا جَناحَك يا بُنَيَّ وإنَّما
يعلو الشَّواهِقَ ذو الجَناحِ الأجدَلِ
إنَّ امرأً لا يستعِدُّ رِجالُه
لرجالِ آخَرَ غَيرِه كالأعزَلِ
وإذا أتَتك عِصابةٌ في شُبهةٍ
يتحاكَمونَ إليك يومًا فاعدِلِ
واصدُقْ إذا حدَّثْتَ يومًا مَعشَرًا
وإذا عَيِيتَ بأصلِ عِلمٍ فاسأَلِ
وذَرِ المجاهِلَ إنَّها مشؤومةٌ
وإنِ امْرُؤٌ أهدى النَّصيحةَ فاقْبَلِ
2- وقال عَبدةُ بنُ الطَّبيبِ لبَنيه:
أبَنِيَّ إنِّي قد كَبِرْتُ ورابني
بَصَري وفِيَّ لمُصلِحٍ مُستَمتَعُ
فلَئِنْ هلَكْتُ لقد بَنَيتُ مساعيًا
تبقى لكم منها مآثِرُ أربَعُ
ذِكْرٌ إذا ذُكِرَ الكِرامُ يَزينُكم
ووِراثةُ الحَسَبِ المُقَدَّمِ تَنفَعُ
ومَقامُ أيَّامٍ لهنَّ فضيلةٌ
عِندَ الحَفيظةِ والمجامِعُ تَجمَعُ
ولُهًى من الكَسْبِ الذي يُغنيكم
يومًا إذا احتَضَر النُّفوسَ المَطْمَعُ
ونصيحةٌ في الصَّدرِ صادِرةٌ لكم
ما دُمْتُ أُبصِرُ في الرِّجالِ وأسمَعُ
أوصيكُمُ بتُقى الإلهِ فإنَّه
يُعطي الرَّغائِبَ مَن يشاءُ ويَمنَعُ
وببِرِّ والِدِكم وطاعةِ أمرِه
إنَّ الأبَرَّ من البَنينَ الأطوَعُ
إنَّ الكبيرَ إذا عصاه أهلُهُ
ضاقَت يداهُ بأمْرِهِ ما يَصنَعُ
ودَعُوا الضَّغينةَ لا تكُنْ مِن شأنِكم
إنَّ الضَّغائِنَ للقَرابةِ تُوضَعُ
واعصُوا الذي يُزجي النَّمائِمَ بَينَكم
مُتنَصِّحًا ذاك السِّمامُ المُنقَعُ
3- وقال تَقيُّ الدِّينِ السُّبكيُّ موصِيًا ولَدَه:
أبُنَيَّ لا تُهمِلْ نصيحتيَ التي
أوصيك واسمَعْ من مقاليَ تَرشُدِ
احفَظْ كِتابَ اللهِ والسُّنَنَ التي
صَحَّت وفِقهَ الشَّافِعيِّ محمَّدِ
واعلَمْ أصولَ الفِقهِ عِلمًا مُحكَمًا
يهديك للبَحثِ الصَّحيحِ الأيِّدِ .
4- وقال مُضَرِّسُ بنُ رِبعيٍّ:
فلا تُهلِكَنَّ النَّفسَ لَومًا وحَسرةً
على الشَّيءِ أسداه لغَيرِك قادِرُه
ولا تيأسَنْ من صالحٍ أن تنالَه
وإن كان بُؤسًا بَينَ أيَدٍ تُبادِرُه
وما فات فاترُكْه إذا عَزَّ واصطَبِرْ
عن الدَّهرِ إن دارَتْ عليك دوائِرُه
فإنَّك لا تُعطي امرَأً حقَّ غيرِه
ولا تَعرِفُ الشِّقَّ الذي الغَيثُ ماطِرُه .



انظر أيضا:

  1. (1) النَّيطَل: الدَّاهية. يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (11/ 667).
  2. (2) ((ذيل الأمالي والنوادر)) لأبي علي القالي (ص: 213، 214).
  3. (3) ((المفضليات)) للمفضل الضبي (ص: 145، 146).
  4. (4) ((طبقات الشافعية)) للسبكي (10/177).
  5. (5) ((شرح ديوان الحماسة)) للتبريري (2/41).