موسوعة الفرق

الفرعُ الرَّابعُ: مَصادِرُ المُعتَقَداتِ اليَزيديَّةِ


مُعتَقَداتُ هذه الطَّائِفةِ لم تَكُنْ ذاتَ نَبعٍ واحِدٍ، ولم يُنَظِّمْها رَسولٌ ذو مَشرَبٍ واحِدٍ، بل هي أفكارٌ مُستَقاةٌ من مَصادِرَ عَديدةٍ، بَعضُها سَماويٌّ، وبَعضُها مُتَوارَثٌ. ومن أهَمِّ تلك المَصادِرِ:
1- أصولٌ مَجوسيَّةٌ ومُعتَقَداتٌ إيرانيَّةٌ قديمةٌ، كتَقديسِ الأفلاكِ والقَولِ بالتَّناسُخِ والاعتِقادِ بالثَّنَويَّةِ، وغَيرِ ذلك.
2- طُقوسٌ وتَعاليمُ يهوديَّةٌ، كالخِتانِ وغَيرِه.
3- شَعائِرُ إسلاميَّةٌ: أخَذوا منها أسماءَ الشَّعائِرِ الدِّينيَّةِ، كالحَجِّ والزَّكاةِ، والصَّدَقةِ والصَّومِ والأعيادِ.
وممَّا أخَذوه عنِ الفِرَقِ:
* أخَذوا عنِ الشِّيعةِ (البَراءةَ)، وهي كُرةٌ مَصنوعةٌ من تُرابٍ مَأخوذةٌ من زاويةِ الشَّيخِ عَديٍّ يَحمِلُها كُلُّ يَزيديٍّ في جَيبِه للتَّبَرُّكِ بها، وذلك على غِرارِ التُّربةِ التي يَحمِلُها أفرادُ الشِّيعةِ الجَعفريَّةِ. وإذا ماتَ اليَزيديُّ توضَعُ في فمِه هذه التُّربةُ.
* بَعضُ الأفكارِ الصُّوفيَّةِ كوَحدةِ الوُجودِ.
4- الدِّيانةُ النَّصرانيَّةُ: أثَّرَتِ النَّصرانيَّةُ فيهم كَثيرًا وأحَبُّوها كَثيرًا أيضًا. فهم يَعتَقِدونَ أنَّ أمَّ يَزيدَ من أصلٍ نَصرانيٍّ اسمُها (شلخة) وكذلك زَوجتُه. ويَعمُرونَ الكَنائِسَ والأديِرةَ، ويهتَمُّونَ بها، وفيهم مَن يَلثِمُ عَتَباتِها إجلالًا للقِدِّيسِ المُؤَسَّسةِ على اسمِه إذا كان مُشتَهِرًا، لكِنَّهم لا يَدخُلونَ مَساجِدَ المُسلمينَ أبَدًا.
 وهم يُكرِمونَ القِدِّيسينَ الذينَ أسِّسَت على أسمائِهمُ الأديِرةُ والكَنائِسُ؛ لاعتِقادِهم أنَّهم بلغوا مَرحَلةً عاليةً من سُموِّ النَّفسِ وطَهارَتِها، حتَّى حَلَّ المَلَكُ طاووسٌ في أنفُسِهم. وهم يَزعُمونَ أنَّ هذا الطَّاووسَ سَكَنَ في نَفسِ موسى عليه السَّلامُ حينًا، لكِنَّه سَكَنَ حينًا أطولَ في نَفسِ المَسيحِ عليه السَّلامُ؛ ولهذا يَعُدُّونَه أعظَمَ الأنبياءِ على الأرضِ، وازدادَ تَأثُّرُهم بالنَّصرانيَّةِ بَعدَ اتِّصالِهمُ الواسِعِ بالأرمَنِ.
وأخَذوا عنِ النَّصارى (التَّعميدَ)؛ حَيثُ يُؤخَذُ الطِّفلُ إلى عَينِ ماءٍ تُسَمَّى (عَينَ البَيضاءِ) ليُعَمَّدَ فيها، وبَعدَ أن يَبلُغَ أسبوعًا يُؤتى به إلى مَرقَدِ الشَّيخِ عَديٍّ حَيثُ زَمزَمُ، فيُوضَعُ في الماءِ، ويَنطِقونَ اسمَه عاليًا طالِبينَ منه أن يَكونَ يزيديًّا ومُؤمِنًا (بطاووس مَلَك) [1793] يُنظر: ((اليزيديون واقعهم تاريخهم معتقداتهم)) للتوبخي (ص: 46)، ((الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة)) بإشراف الجهني (1/ 375). .

انظر أيضا: