موسوعة الفرق

المَطلبُ الأوَّلُ: اعتِقادُ أنَّ اللهَ تعالى ليس له مَكانٌ


منَ العَقائِدِ التي تَضَمَّنَتها (الغوثيَّةُ [981] الغَوثيَّةُ عبارةٌ عن كُشوفاتٍ مَعنويَّةٍ وإلهاماتٍ قَلبيَّةٍ في صورةِ خِطاباتٍ ربَّانيَّةٍ منسوبةٍ لعبدِ القادِرِ الجيلانيِّ. وقد جعلها إسماعيلُ القادريُّ مُقدِّمةً لكتابِه (الفُيوضاتُ الرَّبَّانيَّةُ). والتي زَعَموا أنَّ اللهَ تعالى أوحاها إلى عَبدِ القادِرِ الجيلانيِّ ما جاءَ في قَولِه: (سَألتُ: يا رَبِّ، هَل لك مَكانٌ؟ قال لي: يا غَوثُ الأعظَمُ، أنا مُكَوِّنُ المَكانِ وليس لي مَكانٌ) [982] يُنظر: ((الفيوضات الربانية)) للقادري (ص: 4). .
وقال القادِريُّ: (هذه عَقيدةُ الغَوثِ الأعظَمِ قدَّسَ اللهُ تعالى سِرَّه: الحَمدُ للَّهِ الذي كَيَّف الكَيفَ وتَنَزَّهَ عنِ الكَيفيَّةِ، وأيَّنَ الأينَ وتَعَزَّز عنِ الأينيَّةِ، ووُجِدَ في كُلِّ شَيءٍ وتَقدَّسَ عنِ الظَّرفيَّةِ، وحَضَرَ عِند كُلِّ شَيءٍ وتعالى عنِ العِنديَّةِ) [983] ((الفيوضات الربانية)) (ص: 32). .
وهذا خِلافُ الوارِدِ عنِ الشَّيخِ عَبدِ القادِرِ نَفسِه في بَعضِ كُتُبه.
قال الجيلانيُّ في بَيانِ اعتِقادِه في صِفاتِ اللهِ تعالى: (وهو بايِنٌ مِن خَلقِه، ولا يَخلو مِن عِلمِه مَكانٌ، ولا يَجوزُ وصفُه بأنَّه في كُلِّ مَكانٍ، بل يُقالُ: إنَّه في السَّماءِ على العَرشِ، كما قال جَلَّ ثَناؤُه: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5] ، وقَولِه: ثمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ [الفرقان: 59] ، وقال تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [فاطر: 10] ) [984] ((الغنية لطالبي طريق الحق)) (1/124). .
قال ابنُ تيميَّةَ في سياقِ عَرضِه لكَلامِ عُلماءِ أهلِ السُّنَّةِ حَولَ صِفاتِ اللهِ تعالى: (ومن مُتَأخِّريهم: الإمامُ أبو مُحَمَّدٍ عَبدُ القادِرِ بنُ أبي صالحٍ الجيليُّ، قال في كِتابِ الغُنيةِ: «أمَّا مَعرِفةُ الصَّانِعِ بالآياتِ والدَّلالاتِ على وَجهِ الاختِصارِ فهو أن يَعرِفَ ويَتَيَقَّنَ أنَّ اللهَ واحِدٌ أحَدٌ». إلى أن قال: «وهو بجِهةِ العُلوِّ، مُستَوٍ على العَرشِ، مُحتَوٍ على المُلكِ، مُحيطٌ عِلمُه بالأشياءِ... ولا يَجوزُ وصفُه بأنَّه في كُلِّ مَكانٍ، بل يُقالُ: إنَّه في السَّماءِ على العَرشِ، كما قال: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5] ». وذَكَرَ آياتٍ وأحاديثَ، إلى أن قال: «ويَنبَغي إطلاقُ صِفةِ الاستِواءِ من غَيرِ تَأويلٍ، وأنَّه استِواءُ الذَّاتِ على العَرشِ». قال: «وكَونُه على العَرشِ مَذكورٌ في كُلِّ كِتابٍ أنزِلَ على كُلِّ نَبيٍّ أرسِلَ بلا كَيفٍ». وذَكَرَ كَلامًا طَويلًا لا يَحتَمِلُه هذا المَوضِعُ، وذَكَر في سائِرِ الصِّفاتِ نَحوَ هذا) [985] يُنظر: ((الفتوى الحموية الكبرى)) (ص: 477). .

انظر أيضا: