موسوعة الفرق

المَطلَبُ الأوَّلُ: عَقيدَتُهم في صِفاتِ اللهِ تعالى


تَبَنَّتِ الطَّريقةُ الرِّفاعيَّةُ مَذهَبَ التَّفويضِ في الأسماءِ والصِّفاتِ زاعِمةً أنَّه مَذهَبُ السَّلفِ، فجاءَ في كِتابِ (البُرهانُ المُؤَيِّدُ) المَنسوبِ للشَّيخِ أحمَدَ الرِّفاعيِّ: (فسَبيلُ المُتَّقينَ منَ السَّلفِ تَنزيهُ اللهِ تعالى عَمَّا دَلَّ عليه ظاهِرُه يعني ظاهِرَ القُرآنِ الكَريمِ وتَفويضُ مَعناه المُرادِ منه إلى الحَقِّ تعالى وتَقدَّسَ، وبهذا سَلامةُ الدِّينِ. نَزِّهوا اللهَ عن سِماتِ المُحدَثينَ وصِفاتِ المَخلوقينَ، وطَهِّروا عَقائِدَكم من تَفسيرِ مَعنى الاستِواءِ في حَقِّه تعالى بالاستِقرارِ، كاستِواءِ الأجسامِ على الأجسامِ، المُستَلزِمِ للحُلولِ، تعالى اللهُ عن ذلك، وإيَّاكم والقَولَ بالفوقيَّةِ والسُّفليَّةِ والمَكانِ واليَدِ والعَينِ بالجارِحةِ، والنُّزولِ بالإتيانِ والانتِقال؛ فإنَّ كُلَّ ما جاءَ في الكِتابِ والسُّنَّةِ ممَّا يَدُلُّ ظاهرُه على ما ذُكرَ فقد جاءَ في الكِتابِ والسُّنَّةِ مِثُله ممَّا يُؤَيِّدُ المَقصودَ، فما بَقيَ إلَّا ما قاله صُلَحاءُ السَّلَفِ، وهو الإيمانُ بظاهِرِ كُلِّ ذلك ورَدُّ عِلمِ المُرادِ إلى اللهِ ورَسولِه مَعَ تَنزيهِ الباري تعالى عنِ الكَيفِ وسِماتِ الحُدوثِ، وعلى ذلك دَرَجَ الأئِمَّةُ) [565] ((البرهان المؤيد)) (ص: 17-19). .
ولا شَكَّ أنَّ هذا الكَلامَ باطِلٌ، سَواءٌ ثَبَتَت نِسبةُ الكِتابِ إلى الرِّفاعيِّ أم لم تُثبُتْ؛ فكُلُّ أحَدٍ يُؤخَذُ من قَولِه ويُترَكُ، فما وافقَ الحَقَّ قُبِل وما لا فلا. والسَّلفُ بَريئونَ من منهَجِ التَّفويضِ الذي نُسِبَ إليهم، فليست تلك طَريقَتُهم أبَدًا في إثباتِ الأسماءِ والصِّفاتِ الإلهيَّةِ [566] يُنظر مبحث (موقف أهل السنة والجماعة من التفويض) من الموسوعةِ العَقَديةِ على موقع الدُّرَر السَّنيَّة. .
وقال أبو الهدى الصَّيَّاديُّ: (قد سُئِل الإمامُ الأكبَرُ مَولانا السَّيِّدُ أحمَدُ الرِّفاعيُّ الحُسَينيُّ رَضِيَ اللهُ عنه عنِ التَّوحيدِ، فقال: «وِجدانُ تَعظيمٍ في القَلبِ يَمنَعُ عنِ التَّعطيلِ والتَّشبيهِ. ومن هذا المَقامِ تَقديسُ صِفاتِه سُبحانَه عنِ التَّرتيبِ؛ فإنَّ ذلك يَقتَضي التَّعاقُبَ. وفي ذلك مَزلَقةُ القَولِ ببدايةٍ للصِّفاتِ. وما طَرَأ عليه البدايةُ لا بُدَّ وأن تَطرَأ عليه النِّهايةُ. وكُلُّ ذلك من سِماتِ الحُدوثِ، واللهُ سُبحانَه مُنَزَّهٌ عن كُلِّ ذلك في ذاتِه وصِفاتِه، بل هو القديمُ الأزَليُّ الأبَديُّ السَّرمَديُّ. قامَت به صِفاتُه، فلا هي عَينُه ولا هي غَيرُه، وكُلُّ بارِزٍ عن سُلطانِ صِفةٍ من صِفاتِه فهو حادِثٌ، والتَّرتيبُ يَجري عليه. والصِّفةُ المُقدَّسةُ في مَرتَبةِ القِدَمِ ومنَصَّةِ التَّقديسِ») [567] ((الطريقة الرفاعية)) (ص ١٢). ويُنظر: ((بهموت الغيوب)) للرواس (ص: ٤٨(. .

انظر أيضا: