موسوعة الفرق

المَطلَبُ الثَّاني: مُؤَلَّفاتُ أحمَدَ الرِّفاعيِّ


نُسِبَت إلى الرِّفاعيِّ كُتُبٌ ورَسائِلُ عَديدةٌ، منها كِتابُ (البُرهانُ المُؤَيِّدُ) وكِتابُ (حالةُ أهلِ الحَقيقةِ مَعَ اللهِ)، وهذان الكِتابانِ يُعتَبَرانِ عِندَ الرِّفاعيَّةِ من أوثَقِ ما نُسِبَ إلى الشَّيخِ؛ فإنَّهم يَقولونَ عن (البُرهان المُؤَيِّد): (هذا الكِتابُ الذي عَزَّ شَأنُ سَبكِه عنِ المَثيلِ، الذي جَمَعَه من مَجالِسِ وَعظِه شَرَفُ الدِّينِ بنُ عَبدِ السَّميعِ الهاشِميُّ الواسِطيُّ، وقال شَيخُنا القوصيُّ: ما قُرِئَ هذا الكِتابُ على أهلِ مَجلِسٍ إلَّا وظَهَرَت لهم نَفحاتُ العِرفانِ والإخلاصِ والتَّمَكُّنِ) [477] يُنظر: ((المعارف المحمدية في الوظائف الأحمدية)) لعز الدين الصياد (ص: 65). ويُنظر أيضًا: ((خزانة الأمداد)) لأبي الهدى الصيادي (ص: 64)، ((سواد العينين في مناقب الغوث أبي العلمين)) لعبد الكريم الرافعي، ((أبو العلمين القطب الكبير السيد أحمد الرفاعي وأصول الطريقة الرفاعية)) للمزيدي (ص: 201). .
أمَّا كِتابُ (حالةُ أهلِ الحَقيقةِ مَعَ اللهِ) فإنَّه ليس له مُستَنَدٌ يُصَحِّحُ نِسبَتَه إلى أحمَدَ الرِّفاعيِّ، وإنَّما أكَّدَ أتباعُه صِحَّةَ نِسبَتِه إليه، كَما قال المزيديُّ: (وهو أربَعونَ حديثًا بالإسنادِ المُتَّصِلِ ألقاها السَّيِّدُ أحمَدُ الرِّفاعيُّ في أربَعينَ مجلِسًا، جَمَعَها الفقيهُ الشَّافِعيُّ أبو شُجاعٍ الشَّافِعيُّ) [478] ((أبو العلمين القطب الكبير السيد أحمد الرفاعي وأصول الطريقة الرفاعية)) (ص: 201). ويُنظر أيضًا: ((المداوي لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي)) للغُماري (1/249). .
وهذا الكِتابُ عِبارةٌ عن تَعليقاتٍ على الأحاديثِ التي يَأتي لها بأسانيدَ خاصَّةٍ بأهلِ البَيتِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، لم تُذكَرْ في كُتُبِ الحَديثِ، كالبُخاريِّ ومُسلمٍ.
ويَظهَرُ منه عَدَمُ التَّضَلُّعِ في عِلمِ الحَديثِ؛ ففيه ذِكرُ كَثيرٍ منَ الأحاديثِ التي لم تَصِحَّ، مِثلُ حَديثِ ((مَن وُلِد له وَلَدٌ فسَمَّاه مُحَمَّدًا، كان هو ومَولودُه في الجَنَّةِ)) [479] أخرجه قاضي المارستان في ((مشيخته)) (453)،وابن الجوزي في ((الموضوعات)) (1/157) باختلاف يسير من حديثِ أبي أمامةَ رَضِيَ اللهُ عنه. قال ابنُ الجوزي: في إسنادِه من تُكُلِّم فيه، وقال الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (1/447)، وابن القيم في ((المنار المنيف)) (52)، والألباني في ((سلسلة الأحاديث الضعيفة)) (171): موضوعٌ. ، وحَديثُ: ((نَظَرُ الولدِ إلى والدَيه عِبادةٌ)) [480] أخرجه ابنُ أبي الفراتي في ((جزئه)) كما في ((اللآلئ المصنوعة)) للسيوطي (1/317) مطولًا باختلافٍ يسيرٍ من حديثِ جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما. قال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الضعيفة)) (356): موضوعٌ. ، بل ويَكثُرُ فيه قَولُ: (قال اللهُ في بَعضِ كُتُبِه) [481] يُنظر: ((حالة أهل الحقيقة مع الله)) (ص: 139،153،131). ، ثمَّ يُعَوِّلُ على غَرائِبِ الإسرائيليَّاتِ.
وفي هَذَين الكِتابَينِ مَيلٌ إلى نَقلِ حِكَمِ الصُّوفيَّةِ وأقوالِهم، ومنها أمورٌ لا يَليقُ بالمُسلمِ اعتِقادُها، مِثلُ دَعوةِ المُحِبِّينَ إلى الرِّضا بالنَّارِ، وحَمدِ اللهِ على الدُّخولِ فيها يَومَ القيامةِ؛ لأنَّها من قَضاءِ اللَّهِ! مِثلُ قَولِه: (إنَّ اللهَ أمر جِبريلَ أن يُخبرَ أحَدَ العابدينَ أنَّه من أهلِ النَّارِ، فلمَّا أخبَرَه خَرَّ ساجدًا يَشكُرُ اللَّهَ ويَقولُ: لك الحَمدُ يا مَولايَ على قَضائِك وقدَرِك حَمدًا يَعلو حَمدَ الحامِدينَ) [482] يُنظر: ((حالة أهل الحقيقة مع الله)) (ص: 114، 115). .
وكَذلك يَنقُلُ عنهمُ الاستِهانةَ بها، مِثلُ قَولِ أحَدِهم: (إلهي لا تُدخِلْني في النَّارِ؛ فإنَّها تَصيرُ عَليَّ بَردًا من حُبِّي لك) [483] يُنظر: ((حالة أهل الحقيقة مع الله)) (ص: 72). !
غَيرَ أنَّه ليس ثَمَّةَ ما يُؤَكِّدُ صِحَّةَ نِسبةِ الكِتابَينِ السَّابقَينِ إلى الرِّفاعيِّ، واللهُ تعالى أعلَمُ.
وهناكَ كُتُبٌ أخرى جَمَعَها المُنتَسِبونَ إليه من بَعدِه، ككتابِ (المَجالسُ الرِّفاعيَّةُ)، وكِتاب (رَحيقُ الكَوثَرِ) وكِتابُ (حِكَمُ الرِّفاعيِّ).
وذَكَرَ الزِّرِكليُّ بَعضًا من أبياتِ الشِّعرِ التي نُسِبَت إليه، وقال: إنَّ الصَّحيحَ أنَّها ليست له [484] يُنظر: ((الأعلام)) (1/ 174). .
ومَهما يَكُنْ من أمرٍ فإنَّ هذه الكُتُبَ إن ثَبَتَت صِحَّتُها فإنَّ فيها ما يُضادُّ كَثيرًا منِ اعتِقاداتِ مَنِ انتَسَبوا إليه من بَعدِه مِمَّن يَستَغيثونَ بغَيرِ اللهِ، فإنَّنا نَجِدُ في كِتابِه (حالةُ أهلِ الحَقيقةِ مَعَ اللهِ) النَّهيَ عنِ الاستِغاثةِ بغَيرِ اللهِ مَرَّاتٍ عَديدةً، فيَذكُرُ فيه مَثَلًا أنَّ اللهَ غَضِبَ من أحَدِ الزُّهَّادِ لمَّا أرادَ أن يَستَغيثَ بغَيرِه، وقال له: (أتَستَغيثُ بغَيري وأنا غِياثُ المُستَغيثينَ؟) [485] يُنظر: ((حالة أهل الحقيقة مع الله)) (ص: 121،122). .
وكذلك كان مَوقِفُه منَ البدَعِ أشَدَّ بكَثيرٍ ممَّا هو حالُ المُنتَسِبينَ إليه اليَومَ، وكان يَقولُ: (مَن لم يَزِنْ أقوالَه وأفعالَه وأحوالَه في كُلِّ وقتٍ بالكِتابِ والسُّنَّةِ، ولم يَتَّهِمْ خَواطِرَه لم يَثبُتْ في ديوانِ الرِّجالِ) [486] يُنظر: ((قلادة الجواهر)) (ص: 174)، ((الكليات الأحمدية)) (ص: 120، 121) كلاهما لأبي الهدى الصيادي، ((الحكم الرفاعية)) المنسوب للرفاعي (ص: 21)، ((الأنوار القدسية)) للشعراني (2/ 26). .
فهل يَتَّفِقُ حالُه هذا مَعَ ما عليه المُنتَسِبونَ إليه من بَعدِه؟!

انظر أيضا: