موسوعة الفرق

المَطلَبُ الأوَّلُ: تَرجَمةُ أحمَدَ الرِّفاعيِّ في بَعضِ كُتُبِ المُؤَرِّخينَ


قال الذَّهَبيُّ في تَرجَمةِ الرِّفاعيِّ: (الإمامُ القُدوةُ العابدُ الزَّاهِدُ شَيخُ العارِفينَ: أبو العَبَّاسِ أحمَدُ بنُ أبي الحَسَنِ عَلي بنِ أحمَدَ بنِ يَحيى بنِ حازِمِ بنِ عَليِّ بنِ رِفاعةَ الرِّفاعيُّ المَغرِبيُّ ثمَّ البطائحيُّ، وكان قدِمَ أبَوه من بلادِ المَغرِب وسَكَنَ البَطائِحَ في قَريةِ أمِّ عُبَيدةَ، وهي قَريةٌ من قُرى واسِطٍ بالعِراقِ. ثمَّ توفِّيَ وأمُّ أحمَدَ حَملٌ به) [472] ((سير أعلام النبلاء)) (21/ 77). .
ونَشَأ في كَنَفِ خاله الشَّيخِ مَنصورٍ الزَّاهدِ الذي اعتَنى به، وكان شافِعيًّا تَفقَّه قليلًا على مَذهَبِ الشَّافِعيِّ [473] يُنظر: ((العبر في خبر من غبر)) للذهبي (3/75). .
قال ابنُ كَثيرٍ في البدايةِ والنِّهايةِ: (ويُقالُ: إنَّه حَفِظَ التَّنبيهَ في الفِقهِ على مَذهَبِ الشَّافِعيِّ) [474] ((البداية والنهاية)) (12/ 312). .
وقال الذَّهَبيُّ: (كان كَثيرَ الاستِغفارِ عاليَ المِقدارِ، رَقيقَ القَلبِ، غَزيرَ الإخلاصِ، وكان مُتَواضِعًا يَجمَعُ الحَطَبَ ويَجيءُ به إلى بُيوتِ الأرامِلِ. وكان يَقولُ: أقرَبُ الطَّريقِ الانكِسارُ والذُّلُّ والافتِقارُ، تُعظِّمُ أمرَ اللهِ، وتُشفِقُ على خَلقِ اللهِ وتَقتَدي بسُنَّةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. وكان لا يَجمَعُ بَينَ لُبسِ قَميصَينِ، ولا يَأكُلُ إلَّا بَعدَ يَومَينِ أو ثَلاثةٍ أكلًا، وإذا غَسَل ثَوبَه يَنزِلُ في الشَّطِّ كَما هو قائِمٌ يَفرُكُه، ثمَّ يَقِفُ في الشَّمسِ حتَّى يَنشفَ، وإذا ورَدَ ضَيفٌ يَدورُ على بَيتِ أصحابِه يَجمَعُ الطَّعامَ في مِئزَرٍ.
وقيل: أُحضِرَ بَينَ يَدَيه طَبَقُ تَمرٍ، فبَقيَ يُنَقِّي لنَفسِه الحَشَفَ يَأكُلُه، ويَقولُ: أنا أحَقُّ بالدُّونِ؛ فإنِّي مِثلُه دونٌ!
وكان لا يَقومُ للرُّؤَساءِ، ويَقولُ: النَّظَرُ إلى وُجوهِهم يُقسِّي القَلبَ. توفِّي سنةَ ثَمانٍ وسَبعينَ وخَمسِمِائةٍ في جُمادى الأولى، رَحِمَه اللهُ) [475] ((سير أعلام النبلاء)) (21/ 79،80). .
ثمَّ إنَّ الذَّهَبيَّ قال أيضًا: (كان إليه المُنتَهى في التَّواضُعِ والقَناعةِ ولِينِ الكَلِمةِ والذُّلِّ والانكِسارِ والإزراءِ على نَفسِه وسَلامةِ الباطِنِ، ولكِنَّ أصحابَه فيهمُ الجَيِّدُ والرَّديءُ، وقد كَثُرَ الزَّغلُ فيهم، وتَجَدَّدَت لهم أحوالٌ شَيطانيَّةٌ مُنذُ أخَذَتِ التَّتارُ العِراقَ؛ من دُخول النِّيرانِ ورُكوبِ السِّباعِ واللَّعِبِ بالحَيَّاتِ، وهذا ما عَرفه الشَّيخُ ولا صُلَحاءُ أصحابِه، فنعوذُ باللهِ منَ الشَّيطانِ) [476] ((العبر)) (3/ 75). .

انظر أيضا: