موسوعة الفرق

تَمهيدٌ: ظُهورُ المَنهَجِ التَّربَويِّ الصُّوفيِّ


بَدَأ وضعُ مَلامِحِ هذا المَنهَجِ مُنذُ بَدَأ الفِكرُ الصُّوفيُّ في الظُّهورِ في أواخِرِ القَرنِ الثَّاني الهِجريِّ، وبَلَغَ هذا المَنهَجُ الغايةَ تقريبًا مَعَ نِهايةِ القَرنِ الرَّابِعِ الهِجريِّ؛ حَيثُ أُسِّسَتِ الخاناتُ والأماكِنُ الخاصَّةُ التي يَتَجَمَّعُ فيها الصُّوفيَّةُ، وكانوا يُسَمَّونَ بالفُقَراءِ.
وكانت لهم في ذلك الوَقتِ طُقوسٌ خاصَّةٌ، كالسَّماعِ والذِّكرِ الخاصِّ، ورُسومٌ وإشاراتٌ ومَلابِسُ خاصَّةٌ، ولَم يَكُنْ لهؤلاء الفُقَراءِ أوِ المُتَصَوِّفةِ في القَرنِ الثَّالِثِ وأوائِلِ القَرنِ الرَّابِعِ شَيخٌ خاصٌّ بكُلِّ فريقٍ، وإنَّما كانوا يَتَرَبَّونَ على ما يَسمَعونَه ويَتَناقَلونَه مِن كَلامِ مَشايِخِهم بوَجهٍ عامٍّ.
ولَكِن مُنذُ أواسِطِ القَرنِ الرَّابِعِ بَدَأ التَّرَبّي على الشَّيخِ الخاصِّ، وأن يَكونَ لكُلِّ جَماعةٍ شَيخٌ مَعلومٌ لا يَتَجاوَزونَه إلى غَيرِه، ثُمَّ يَرِثُه بَعدَ ذلك شَيخٌ على مَنهَجِه وطَريقَتِه. وهكذا، ومُنذُ ذلك الوَقتِ عُرِفَ ما يُسَمَّى بالطَّريقةِ الخاصَّةِ، ثُمَّ تَدرَّج الأمرُ وتَحَوَّلَت وِراثةُ الطَّريقِ إلى وِراثةِ النَّسَبِ، وخاصَّةً بَعدَ القَرنِ العاشِرِ الهِجريِّ، يَرِثُ فيها الأبناءُ جُمهورَ الطَّريقِ والرَّعيَّةَ التي كانَت لآبائِهم مِن قَبلُ.
وعلى مَرِّ تلك العُصورِ وَضَع المُتَصَوِّفةُ لهم آدابًا خاصَّةً في التَّربيةِ وشروطًا خاصَّةً في المُريدِ [248] يُنظر لهذا المبحث: ((الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة)) لعبد الخالق (ص: 313- 347). وللاستزادة يُنظر: ((آراء ابن عجيبة العقدية عرضًا ونقدًا)) للعمري (ص: 671- 700). .

انظر أيضا: