موسوعة الفرق

الفَرعُ الأوَّلُ: أبرَزُ المعتَقَداتِ البَهائيَّةِ


1- عقيدتُهم في اللهِ
ادَّعى البَهاءُ وأتباعُه أنَّه مَظهَرٌ للتَّجَلِّياتِ الإلهيَّةِ المُتَجَسِّدةِ على وَجهِها الأتَمِّ الأبهى في شَخصِه، وهذا المَعنى مِن حَيثُ إنَّ الإنسانَ خَلقٌ مِن خَلقِ اللَّهِ تعالى، تَتَجَلَّى فيه قُدرةُ اللَّهِ وعَظَمَتُه وغَيرُ ذلك مِن صِفاتِه، إذا تَفكَّرَ المَرءُ في عَجيبِ صُنعِ اللَّهِ وما إلى ذلك؛ هذا المَعنى وإن كان صَحيحًا في نَفسِه إلَّا أنَّه حَقٌّ أُريدَ به باطِلٌ في البَهائيَّةِ وغَيرِها؛ إذ يُمكِنُ بسُهولةٍ عَبرَ هذا المَفهومِ صَرفُ العِبادةِ والتَّعظيمِ للمَخلوقِ نَفسِه على اعتِبارِ أنَّه في نَفسِ الوقتِ تَعظيمٌ للَّهِ تعالى، وهذا عَينُ ما وقَعَت فيه الصُّوفيَّةُ والشِّيعةُ، فغَلَوا في بَعضِ أوليائِهم وأئِمَّتِهم حتَّى أظَهَروهم في مَقامِ الرُّبوبيَّةِ والأُلوهيَّةِ، إنَّه لو قُلْنا: إنَّ انعِكاسَ صِفاتِ اللَّهِ تعالى على خَلقِه وخُصوصًا الإنسانَ الذي كرَّمَه اللَّهُ تعالى كانعِكاسِ الصُّورةِ في المِرآةِ، فلا يُمكِنُ لعاقِلٍ إذًا أن يُخاطِبَ المِرآةَ وينشَغِلَ بالصُّورةِ المُنعَكِسةِ فيها، ويترُكَ صاحِبَ الصُّورةِ. فأصلُ هذا المَعنى حَقٌّ، لَكِنَّه أدَّى لباطِلٍ عَظيمٍ أوقَعَهم في فِتنةٍ كبيرةٍ، وشِركٍ باللَّهِ تعالى عَظيمٍ، وسوءِ أدَبٍ شَنيعٍ، سَواءٌ قَصَدوا أم لم يقصِدوا، ثُمَّ هذا المَعنى ينطَبقُ على كُلِّ إنسانٍ وخُصوصًا أولياءَ اللَّهِ الصَّالحينَ مِن عِبادِه، فلِمَ يُخَصُّ البَهاءُ دونَ غَيرِه بأنَّه مَظهَرٌ للتَّجَلِّياتِ الإلهيَّةِ، حتَّى يكونَ سَمعَه الذي يسمَعُ به، وبَصَره الذي يُبصِرُ به، ويَدَه التي يبطِشُ بها؟! وما هي الأدِلَّةُ والبَراهينُ على أحَقِّيَّةِ البَهاءِ أو غَيرِه لهذا المَقامِ سِوى الدَّعوى المُجَرَّدةِ العاريةِ تَمامًا عنِ الحَقِّ؟ ثُمَّ إنَّ المُتَتَبِّعَ لبَعضِ ألفاظِ البَهائيَّةِ يجِدُ شَيئًا مِنَ التَّلاعُبِ بالألفاظِ؛ فهم يُصَرِّحونَ باللَّهِ تعالى رَبًّا، وبوحدانيَّتِه إلهًا مُطلَقًا، ثُمَّ هم في نَفسِ الوقتِ يوهِمونَ بأنَّ للبَهاءِ هذا المَقامَ؛ لأنَّه صارَ عَينَ اللَّهِ وهو هو، لا فرقَ بَينَهما! مَعَ أنَّه قد جاءَ في الحَديثِ القُدسيِّ عن رَبِّ العِزَّةِ المُتَفرِّدِ بالكِبرياءِ والجَلالِ سُبحانَه وتعالى: ((الكِبرياءُ رِدائي، والعِزُّ إزاري، فمَن نازَعني في شَيءٍ مِنهما عَذَّبتُه)) [3848] أخرجه مسلم (2620) من حديثِ أبي سعيدٍ الخُدريِّ وأبي هريرةَ، قالا: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((العِزُّ إزارُه، والكِبرياءُ رداؤه، فمَن ينازِعُني عَذَّبتُه)). ، فلا ينبَغي لبَشَرٍ أن يتَجاوزَ مَقامَ العُبوديَّةِ للَّهِ رَبِّ العالَمينَ، وهو مَقامُ الذُّلِّ والخُضوعِ للَّهِ، وهو أشرَفُ مَقامٍ، لا مَقامَ فوقَه لإنسانٍ مَهما بَلَغَت مَنزِلَتُه عِندَ اللَّهِ سُبحانه، وقد وصَف اللَّهُ تعالى أفضَل عِبادِه، وهو مُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعُبوديَّتِه في مَنازِلَ شَريفةٍ مِثلِ مَقامِ إنزالِ الكتابِ عليه، فقال سُبحانَه: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ [الكهف: 1] . وجاء وصفُه كذلك في مقامِ الإسراءِ به، فقال تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ [الإسراء: 1] .
قال الشِّنقيطيُّ: (التَّعبيرُ بلَفظِ العَبدِ في هذا المَقامِ العَظيمِ يدُلُّ دَلالةً واضِحةً على أنَّ مَقامَ العُبوديَّةِ هو أشرَفُ صِفاتِ المَخلوقينَ وأعظَمُها وأجَلُّها؛ إذ لو كان هناك وصفٌ أعظَمُ مِنه لَعَبَّرَ به في هذا المَقامِ العَظيمِ، الذي اختَرَقَ العَبدُ فيه السَّبعَ الطِّباقَ، ورَأى مِن آياتِ رَبِّه الكُبرى. وقد قال الشَّاعِرُ في مَحبوبٍ مَخلوقٍ، وللَّهِ المَثَلُ الأعلى:
يا قَومِ قَلبي عِندَ زَهراءِ
يعرِفُه السَّامِعُ والرَّائي
لا تَدعُني إلَّا بَيَا عَبدَها
فإنَّه أشرَفُ أسمائِي) [3849] ((أضواء البيان)) (3/ 8). .
وعَبَّاس أفندي بنُ البَهاءِ وخَليفتُه مِن بَعدِه هو نَفسُه مُلَقَّبٌ بعبدِ البهاءِ، فلمَ لا يكونُ هو البَهاءَ نَفسَه وعَينَه، وحالُه هو حالُه؟! فأشرَفُ مَقاماتِ الإنسانِ عُبوديَّةُ اللَّهِ تعالى لا يُمكِنُه تَجاوُزُها. لَكِن لَمَّا قَلَّ العِلمُ وكثُرَ الجَهلُ ودَخَلَ الهَوى والكِبرُ في النُّفوسِ، لم يَقنَعوا أن يكونوا بَشَرًا كغَيرِهم، حتَّى يقولَ بَعضُهم: أنا رَبُّكمُ الأعلى.
وعن أنَسٍ رَضي اللَّه عنه أنَّ رَجُلًا قال: يا مُحَمَّدُ، يا سَيِّدَنا وابنَ سَيِّدنا، وخَيرَنا وابنَ خَيرِنا، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يا أيُّها النَّاسُ، عليكم بتَقواكم، لا يستَهوينَّكمُ الشَّيطانُ، أنا مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللَّهِ، عَبدُ اللَّهِ ورَسولُه، واللَّهِ ما أحِبُّ أن تَرفعوني فوقَ مَنزِلَتي التي أنزَلَني اللَّهُ)) [3850] أخرجه أحمد (12551) واللفظ له، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (10077)، والبيهقي في ((المدخل إلى السنن الكبرى)) (536) باختلافٍ يسيرٍ. صحَّحه الألباني في ((غاية المرام)) (127)، والوادعي على شرط مسلم في ((الصَّحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (132)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (12551)، وصحَّح إسنادَه محمد بن عبد الهادي في ((الصارم المنكي)) (459) وقال: على شرط مسلم، وأحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (1/611). .
وفي رِوايةٍ عن عبدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيرِ قال: ((انطَلَقتُ في وفدِ بني عامِرٍ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقُلْنا: أنتَ سَيِّدُنا. قال: السَّيِّدُ اللَّهُ تَبارَك وتعالى. قُلنا: وأفضَلُنا وأعظَمُنا طَولًا. قال: قولوا بقَولِكم، أو بَعضَ قَولِكم، ولا يَستجرينَّكم الشَّيطانُ -وفي رِوايةٍ: لا يستَهوينَّكمُ الشَّيطانُ- أنا مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللَّهِ، عَبدُ اللَّهِ ورَسولُه، ما أحِبُّ أن تَرفعوني فوقَ مَنزِلَتي التي أنزَلَني اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ)) [3851] أخرجه أبو داود (4806)، وأحمد (16307) مختصرًا، والبيهقي في ((الآداب)) (310) باختلاف يسير. صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4806)، والوادعي على شرط مسلم في ((الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (578)، وصحَّح إسنادَه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4806)، وجوَّده الشَّوكانيُّ في ((الفتح الرباني)) (5646). .
لقد صارَ ثَمَّةَ تَشابُهٌ بَينَ عَقيدةِ البَهائيَّةِ والنَّصرانيَّةِ مِن حَيثُ وجودُ الإلهِ المَعبودِ في جَسَدٍ بَشَريٍّ! وهذا ما يُعَبِّرونَ عنه في النَّصرانيَّةِ باجتِماعِ اللَّاهوتِ والنَّاسوتِ، فيزعُمونَ أنَّ اللَّهَ يَظهَرُ لخَلقِه مِن خِلالِ رُسُلِه، وأنَّ جَسَد البَهاءِ أكمَلُ هَيكَلٍ ظَهَرَ فيه اللَّهُ!
وثَمَّةَ تَشابُهٌ بَينَهم وبَينَ اليهودِ الذين غالَوا في أشخاصِهم، حتَّى قالوا: نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُه [المائدة: 18] فقال اللهُ: قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ[المائدة: 18] .
ومِن كلامِ بَهاءِ اللَّهِ: (مَن عَرَفني قد عَرَف المَقصودَ، مَن توجَّه إليَّ قد تَوجَّهَ إلى المَعبودِ) [3852] ((الإيقان)) (ص: 81). .
وقال أيضًا: (يا إلهي، إذا أنظُرُ إلى نِسبَتي إليك أحِبُّ بأن أقولَ في كُلِّ شَيءٍ بأنِّي أنا اللَّهُ) [3853] رسالة الشرح ملحقة بـ ((الأقدس)) (ص: 257). .
وقال: (يا مَلَأَ الإنشاءِ، اسمَعوا نِداءَ مالِكِ الأسماءِ، إنَّه يُناديكم مِن شَطرِ سِجنِه الأعظَمِ أنَّه لا إلهَ إلَّا أنا المُقتَدِرُ المُتَكبِّرُ المُتَسَخِّرُ المُتَعالي العَليمُ الحَكيمُ...) [3854] ((الأقدس)) (ص: 76). .
وقال أيضًا: (قُلْ تاللَّهِ الحَقِّ، لا يُغنيكمُ اليومَ كُتُبُ العالَمِ، ولا ما فيه مِنَ الصُّحُفِ إلَّا بهذا الكِتابِ الذي ينطِقُ في قُطبِ الإبداعِ أنَّه لا إلهَ إلَّا أنا العَليمُ الحَكيمُ) [3855] ((الأقدس)) للبهاء (ص: 45). .
وقال أيضًا: (يا قَومِ، طَهِّروا قُلوبَكم ثُمَّ أبصارَكم لَعَلَّكم تَعرِفونَ بارِئَكم في هذا القَميصِ المُقدَّسِ اللَّميعِ) [3856] يُنظر: ((مبين)) للمازندراني (ص: 30)، نقلًا عن ((البهائية نقد وتحليل)) لظهير (ص: 71). .
وقال مخاطبًا البابيِّينَ وغاضبًا عليهم حينَ لم ينضَمَّ بَعضُهم تَحتَ لوائِه: (يا أهلَ النِّفاقِ، قد ظَهَرَ مَن لا يعزُبُ عن عِلمِه شَيءٌ) [3857] يُنظر: ((إشراقات)) للمازندراني (ص: 144)، نقلًا عن ((البهائية تاريخها وعقيدتها)) للوكيل (ص: 235، 236). .
وقال البَهائيُّ أبو الفضلِ الكلبايكانيُّ: (إنَّ عامَّةَ النَّاسِ يظُنُّونَ أنَّه في استِطاعَتِهم هَزيمةُ البَهائيِّينَ؛ حَيثُ يسألونَ ماذا كان دَعواه "أيِ البَهاءِ"؟ فإن قيلَ: النُّبوَّةُ. يقولونَ: ورَدَ في حَديثٍ: "لا نبيَّ بَعدي"، فإن قيلَ: المَهديَّةُ. يرُدُّونَ عليهم بذِكرِ الأوصافِ التي ورَدَت في الرِّواياتِ، ولَكِنَّهم لا يعرِفونَ أنَّ قائِمَنا "أيِ البَهاءَ" يملِكُ مَنصِبَ الرُّبوبيَّةِ) [3858] ((الفرائد)) (ص: 15- 16). .
وقال أحَدُ البَهائيِّينَ الهنودِ: (إنَّ البَهائيِّينَ يعتَقِدونَ أنَّ دَورَ النُّبوَّة قدِ انتَهى، وعلى ذلك ما قالوا يومًا: إنَّه نَبيٌّ أو رَسولٌ. بل هم يعتَقِدونَ أنَّ ظُهورَه هو عَينُ ظُهورِ اللَّهِ) [3859] يُنظر: مجلة ((كوكب الهند)) (العدد الصادر في 24 يونيو 1927م). .
وقال البهائيُّ حَيدَر عَلي: (قد أذعنَّا وأيقَنَّا بأُلوهيَّةِ البَهاءِ الذي لا يزالُ بلا مِثالٍ، وقديمٌ قِدَمَ الجَمالِ) [3860] ((بهجة الصدور)) (ص: 367). .
وقال البَهائيُّ نِقابة أحمَد آل مُحَمَّد: (رَأى الرَّسولُ الرَّبَّ سُبحانَه مُتَجَلِّيًا في حَضرةِ عَلي مُحَمَّد البابِ) [3861] ((الدليل والإرشاد في لقاء رب العباد)) (ص: 124). .
وقال أيضًا: (فاللَّهُ جَلَّ جَلالُه يتَجَلَّى لعِبادِه مَرَّتَينِ في هذه الدَّورةِ؛ فأوَّلًا بحَضرةِ مَظهَرِ الرُّبوبيَّةِ المُبَشِّرِ الأعظَمِ بحَضرةِ بهاءِ اللَّهِ السَّيِّدِ عَلي مُحَمَّد البابِ، ثُمَّ بجَمالِ القدَمِ حَضرةِ بَهاءِ اللَّهِ الذي هو المَقصودُ الأوَّلُ) [3862] ((الدليل والإرشاد في لقاء رب العباد)) (ص: 122). .
والبَهائيُّونَ يقولونَ عن زَعيمِهم بَهاءِ اللَّهِ: (إنَّه اليومُ استَوى على عَرشِ الرُّبوبيَّةِ الكُبرى، جَمالُ الأقدَسِ الأبهى (البَهاءُ)، ويتَجَلَّى على أهلِ الأرضِ بكُلِّ أسمائِه الحُسنى وصِفاتِه العُليا) [3863] يُنظر: ((تنوير الألباب لإبطال دعوة البهاء والباب)) لجلال الدين أحمدي (ص: 27). .
فشَريعةُ البَهائيِّينَ تَدعو إلى تَقديسِ البَهاءِ؛ ولذا ورَدَ في كِتابِهم (دُروسُ الدِّيانةِ) ما نَصُّه: (إنَّه لا بُدَّ مِن تَوجُّهِ القَلبِ عِندَ الذِّكرِ والدُّعاءِ إلى بَهاءِ اللَّهِ؛ لأنَّ جَميعَ أدعيتِنا وكُلَّ أسرارِنا مَعَه، ولا يوجَدُ سَميعٌ للدَّعَواتِ ومُجيبٌ لها غَيرُه) [3864] يُنظر: ((تنوير الألباب لإبطال دعوة البهاء والباب)) لجلال الدين أحمدي (ص: 27). .
قال جَلالُ الدِّينِ أحمَدي: (لا يَخجَلُ البَهائيُّونَ مِنَ ادِّعائِهم أنَّهم يعتَقِدونَ بكِتابِ اللَّهِ، القُرآنِ الكريمِ، مَعَ أنَّهم في نَفسِ الوقتِ يُكذِّبونَه في جَميعِ أعمالِه، وأفعالِهم، وينقُضونَ شَريعةَ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثُمَّ يدَّعونَ أُلوهيَّةَ البَهاءِ) [3865] ((تنوير الألباب لإبطال دعوة البهاء والباب)) (ص: 27). .
لقد قال اللهُ سُبحانَه: وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا[النساء: 131-133] .
وقال اللهُ تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ [فاطر: 15-17] .
وقَلَّدَ البَهائيَّةُ الفلاسِفةَ فيما يدَّعونَه مِن قِدَمِ العالمِ؛ ففي كِتابِ (بهاءُ اللَّهِ والعَصرُ الجَديدُ): (عَلِم بَهاءُ اللَّهِ أنَّ الكونَ بلا مَبدَأٍ زَمَنيٍّ فهو صادِرٌ أبَديٌّ مِنَ العِلَّةِ الأولى، وكان الخَلقُ دائِمًا مَعَ خالقِه، وهو دائِمًا مَعَهم) [3866] عن ((موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين)) (9/ 3/ 81). .
2- عَقيدَتُهم في النُّبوَّةِ والمُعجِزاتِ
يدَّعي البَهاءُ والبَهائيُّونَ أنَّ عَقيدةَ خَتمِ النُّبوَّةِ بمُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَقيدةٌ غَيرُ صَحيحةٍ، ومَبدَأٌ لا أساسَ له، وأنَّ هذه العَقيدةَ إحدى البَلايا التي يختَبرُ بها اللَّهُ تعالى عِبادَه ليَميزَ الذَّكيَّ مِنهم ومَن هو قَليلُ الإدراكِ لمَعنى خَتمِ النُّبوَّةِ!
وأمَّا قَولُ اللَّهِ تعالى: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [الأحزاب: 40] . فيُفسِّرُه البَهاءُ بأنَّه مَعنًى مَجازيٌّ، فليس مُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خاتَمَ الأنبياءِ على الحَقيقةِ، ومَعنى (ولَكِنْ رَسولَ اللَّهِ وخاتَمَ النَّبيِّينَ) عِندَه: أنَّ ذلك لَونٌ مِن ألوانِ الاختيارِ الإلهيِّ للنَّاسِ في تَأويلِهم لمَعنى ختمِ النُّبوَّةِ، فمَن قال بأنَّ مَعناها أنَّ مُحَمَّدًا هو النَّبيُّ الخاتَمُ على الحَقيقةِ سَقَطَ في الامتِحانِ، ولم يحُزْ أسبابَ القَبولِ والرُّجحانِ [3867] يُنظر: ((الإيقان)) للبهاء (ص: 148). !
وهذا فهمٌ خاطِئٌ للنَّصِّ القُرآنيِّ؛ فهو واضِحٌ وصَريحٌ ولا يحتاجُ إلى تَأويلٍ على الإطلاقِ.
واعتَبَرَ البَهاءُ أنَّ القَولَ بخَتمِ النُّبوَّةِ حَجرٌ على فيضِ اللَّهِ وجودِه العَظيمِ، فقال: (لم يزَلْ سُلطانُ الوُجودِ بظُهورِ مَظاهرِ نَفسِه ومَطالعِ قُدرتِه مُحيطًا بجَميعِ المُمتَلَكاتِ قاطِبةً، وليس هناك أوانٌ ينقَطِعُ فيه فيضُه ومَدَدُه، أو تُقلِعُ سَماءُ عِنايتِه عن إرسالِ أمطارِ رَحمتِه) [3868] ((الإيقان)) (ص: 12). .
ويرى البَهاءُ أيضًا أنَّ القَولَ بخَتمِ النُّبوَّةِ (هو عَينُ الكُفرِ الجَليِّ والضَّلالِ الصُّراحِ، وبَعيدٌ كُلَّ البُعدِ عن صاحِبِ الفيضِ المِدرارِ، والرَّحمةِ المُنبَسِطةِ على كُلِّ التِّلالِ والدِّيارِ) [3869] ((الإيقان)) (ص: 81). !
وشَبَّهَ البَهاءُ مَوقِفَ المُسلمينَ مِنه وقَولَهم بخَتمِ النُّبوَّةِ بمُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمَوقِفِ اليهودِ مِن عيسى عليه السَّلامُ، فقال: (إنَّهمُ اعتَقَدوا مِثلَ اعتِقادِ اليهودِ في عيسى وعَدَمِ إيمانِهم به، وقالوا شِبهَ قَولِهم وذَهَبوا إلى ما ذَهَبوا إليه، بل عَوَّلوا على ما عَوَّلوا عليه، أمَا سَمِعتَهم يقولونَ: طُويَ بساطُ الرَّحمةِ والظُّهورِ والتَّنَبُّؤِ، وأُوصِدَ بابُ الرَّحمةِ والبَعثةِ، فلن تَطلُعَ اليومَ شَمسٌ مِن مَشرِقِ القُدسِ المَعنَويِّ، ولن يتَمَخَّضَ فيضُ القِدَمِ الصَّمَدانيِّ بظُهورٍ؟) [3870] ((الإيقان)) (ص: 210). .
وبَعدَ أن شَبَّهَ مَوقِفَ المُسلمينَ مِنه بمَوقِفِ اليهودِ مِن عيسى عليه السَّلامُ، شَبَّه البَهاءُ مَوقِفَ المُسلمينَ مِنه بمَوقِفِ النَّصارى مِن مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم! فقال: إنَّ عُلَماءَ النَّصارى يرَونَ (أنَّه لن يأتيَ بَعدَ عيسى إلَّا مُجَرَّدُ شُرَّاحٍ ومُفسِّرونَ، فها همُ النَّصارى أيضًا يُنكِرونَ مُحَمَّد صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كنَبيٍّ مُرسَلٍ ومَبعوثٍ جَديدٍ) [3871] يُنظر: ((الإيقان)) (ص: 73). .
وهَكذا يُحاوِلُ البَهائيُّونَ هَدمَ عَقيدةِ خَتمِ النُّبوَّةِ مِن عُقولِ المُؤمِنينَ، ويُحاوِلُ البَهاءُ أن يجعَلَ مَرتَبتَه وقَدْرَه أسمى وأرقى مِن جَميعِ الأنبياءِ! فيقولُ: (إنَّ العِلمَ مُقَسَّمٌ على سَبعةٍ وعِشرينَ حَرفًا، وأنَّ ما جاءَ به الأنبياءُ مِن آدَمَ إلى الخاتَمِ حَرفينِ فقَط، وأُوكِلَ بَيانُ الباقي وهو خَمسةٌ وعِشرونَ إلى القائِمِ، وجُعِلَ ذلك مِن شئونِ وظيفتِه، فالحَظْ مِن هذا التَّبايُنِ والتَّقريرِ جَلالةَ قَدرِ تلك الحَضرةِ؛ حَيثُ يتَبَيَّنُ مِنه رِفعةُ قَدرِه وسُمُوُّه على جَميعِ الأنبياءِ، وأنَّ أمرَه أرفَعُ وأجَلُّ مِن مُستَوى إدراكِ وعِرفانِ جَميعِ الأولياءِ) [3872] ((الإيقان)) (ص: 224). .
لقد ورَدَ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ أنَّه قال: ((كانت بَنو إسرائيلَ تَسوسُهمُ الأنبياءُ، وكُلَّما هَلَك نَبيٌّ خَلفَه نَبيٌّ، وإنَّه لا نَبيَّ بَعدي)) [3873] أخرجه البخاري (3455)، ومسلم (1842) باختلافٍ يسيرٍ من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. .
وقال صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ: ((إنَّ مَثَلي ومَثَلَ الأنبياءِ مِن قَبلي كمَثَلِ رَجُلٍ بَنى بَيتًا فأحسَنَه وجَمَّله إلَّا مَوضِعَ لَبنةٍ مِن زاويةٍ، فجَعلَ النَّاسُ يطوفونَ بها ويعجَبونَ له، ويقولونَ: هَلَّا وُضِعَت هذه اللَّبِنةُ؟! فأنا اللَّبِنةُ، وأنا خاتَمُ النَّبيِّينَ)) [3874] أخرجه البخاري (3535)، ومسلم (2286) باختلافٍ يسيرٍ من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. .
وقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لعليٍّ رَضي اللَّه عنه: ((ألَا تَرضى أن تَكونَ منِّي بمَنزِلةِ هارونَ مِن موسى؟ إلَّا أنَّه ليس نَبيٌّ بَعدي)) [3875] أخرجه البخاري (4416) واللفظ له، ومسلم (2404) من حديثِ سَعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عنه. .
بَينَما البَهاءُ يكذِبُ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ، فيَنسُبُ إليه الأحاديثَ المَوضوعةَ فيقولُ: (روى عنِ الحَضرةِ قَولَه: "أمَّا النَّبيُّونَ فأنا"، وقَولُه: "أنا آدَمُ ونوحٌ وموسى وعيسى". فإذا جازَ له نِسبةُ مَبدَأِ الأنبياءِ الذي هو آدَمُ إلى نَفسِه، فلم يبعُدْ إضافةُ الخاتميَّةِ إليه بعِلَّةِ تلك النِّسبةِ عَينِها، وما أوضَحَ صِدقَ الخاتميَّةِ على مَن صَدَقَت عليه البَدئيَّةُ!) [3876] ((الإيقان)) (ص: 148). . ويَستَشهِدُ في ذلك بأقوالٍ لا أساسَ لها مِنَ الصِّحَّةِ، كقَولِه: (أئِمَّةُ الدِّينِ يقولونَ: أوَّلُنا مُحَمَّدٌ، وآخِرُنا مُحَمَّدٌ، وأوسَطُنا مُحَمَّدٌ) [3877] ((الإيقان)) (ص: 139). .
إنَّ البَهائيِّينَ بَذَلوا أقصى ما عِندَهم في سَبيلِ هَدمِ عَقيدةِ خَتمِ النُّبوَّةِ برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. ومِن أبرَزِ هذه المُحاولاتِ مُحاولةُ أبي الفضائِلِ الجرفادقانيِّ تحريفَ مَعنى ما ورَدَ في بَعضِ أسفارِ التَّوراةِ عنِ التَّجَلِّي في سَيناءَ والتَّلَألُؤِ في سَعيرٍ (أي بلادِ الشَّامِ) والإشراقِ من فارانَ (أي جِبالِ مَكَّةَ)، وهو نَصٌّ يرمُزُ إلى ظُهورِ موسى عليه السَّلامُ بأرضِ سَيناءَ، وعيسى عليه السَّلامُ بفِلَسطينَ، وإشراقِ نورِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مَكَّةَ، فقال الجرفادقانيُّ: (وإذا أشرَقَت مِن فارانَ فهي هذه النَّجمةُ الرَّبَّانيَّةُ، وإذا هبَّت مِن فارِسَ فهي هذه النَّفحةُ الرُّوحانيَّةُ، وإذا بَزَغَت ولَمَعَت وأضاءَت وألاحَت مِن طِهرانَ فهي هذه الشَّمسُ الحَقيقةُ الواحِدةُ التي لم تَزَلْ كانت مُشرِقةً في أزَلِ الآزالِ، ولا تَزالُ تَكونُ ساطِعةَ الأنوارِ فيما يأتي مِنَ القُرونِ والأجيالِ) [3878] ((الدرر البهية)) (ص: 227). . فالتَّبشيرُ بظُهورِ مَظهَرٍ جَديدٍ عِندَهم جاءَ في تَعاليمِ سائِرِ الرُّسُلِ السَّابقينَ!
ويرى البَهائيُّونَ أنَّ المُعجِزاتِ الحِسِّيَّةَ ليست قَرينةً قَويَّةً على صِدقِ الأنبياءِ عليهمُ السَّلامُ، فالمُعجِزةُ عِندَهم ليست شَرطًا في النُّبوَّةِ أو في الدَّلالةِ على صِدقِ النَّبيِّ.
قال البَهائيُّ الجرفادقانيُّ: (إنَّ العَجائِبَ والمُعجِزاتِ مِنَ الأدِلَّةِ التَّأييديَّةِ لا مِنَ البَراهينِ الذَّاتيَّةِ الأصليَّةِ، وإنَّ دَلالَتَها ثانَويَّةٌ على أحَقِّيَّةِ مَظاهرِ أمرِ اللَّهِ لا دَلالةٌ أوَّليَّةٌ) [3879] ((الحجج البهية)) (ص: 75، 76). .
وذَكرَ الجرفادقانيُّ أنَّه على فرضِ صِحَّةِ هذه المُعجِزاتِ فإنَّه لم يرَها غَيرُ أعدادٍ قَليلةٍ مِن أقوامِ هؤلاء الأنبياءِ، فقال: (هَبْ أنَّ موسى كما تَزعُمُ اليهودُ فلَق البَحرَ، وجَفَّف النَّهرَ، وبَدَّلَ العَصا بحَيَّةٍ تَسعى، وأخرَجَ اليدَ البَيضاءَ، وغَيرَهما مِنَ الآياتِ الكُبرى، وأنَّ المَسيحَ له المَجدُ أحيا مَيِّتًا، وأبرَأَ أكمهًا، وشَفى أبرَصًا؛ فإنَّ تلك الآياتِ لو صَحَّت على الظَّاهرِ لم يرَها غَيرُ نُفوسٍ مَعدودةٍ مِنَ الجُمهورِ) [3880] ((الدرر البهية)) (ص: 70). .
3- عَقيدَتُهم في اليومِ الآخِرِ
إنَّ ما جاءَ مِن ذِكرِ القيامةِ في القُرآنِ قالوا: إنَّ المَقصودَ به قيامةُ البَهاءِ بدَعوتِه، وانتِهاءُ دَورِ الرِّسالةِ المُحَمَّديَّةِ.
والنَّفخُ في الصُّورِ دَعوةُ النَّاسِ إلى اتِّباعِ البَهاءِ.
والبَرزَخُ هو المُدَّةُ بَينَ الرَّسولَينِ، أي: مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والبابِ الشِّيرازيِّ.
وتَفسيرُ قَولِ اللَّهِ تعالى: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [التكوير:1] ، يعني: انتَهَتِ الشَّريعةُ المُحَمَّديَّةُ وجاءَتِ الشَّريعةُ البَهائيَّةُ.
وفي قَولِه تعالى: وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ [التكوير: 4] ، قالوا: تُرِكتِ الإبلُ واستُبدِلَ عنها بالقاطِراتِ والسَّيَّاراتِ والطَّائِراتِ.
وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ [التكوير: 5] ، أي: جُمِعَت في حَدائِقِ الحَيواناتِ في المُدُنِ الكبيرةِ.
وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ [التكوير: 6] ، أيِ: اشتَعَلَت فيها نيرانُ البَواخِرِ التِّجاريَّةِ.
وقَولُه تعالى: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ [التكوير: 7] ، أيِ: اجتَمَعَتِ اليهودُ والنَّصارى والمَجوسُ على دينٍ واحِدٍ، فامتَزَجوا في دينِ الميرزا بَهاءِ اللَّهِ المازَنْدرانيِّ.
وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ [التكوير: 8] ، أي: أُسقِطَتِ الأجِنَّةُ مِن بُطونِ الأُمَّهاتِ، فيُسأَلُ عن ذاك مِن قِبَلِ القَوانينِ؛ لأنَّها تَمنَعُ الإجهاضَ.
وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ [التكوير: 10] ، أيِ: انتَشَرَتِ الجَرائِدُ والمَجَلَّاتُ وكثُرَت.
وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ [التكوير: 11] ، أيِ: انقَشَعَت، أي: أنَّ الشَّريعةَ الإسلاميَّةَ لم يعُدْ يَستَظِلُّ بها أحَدٌ.
وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ [الانفطار: 3] أي: وُصِلَ بَعضُها ببَعضٍ عن طَريقِ القَنَواتِ.
وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ [التكوير: 12-13] ، قالوا: الجَحيمُ لمَن عارَضَ الميرزا حُسَينًا، والجَنَّةُ لأتباعِه المُؤمِنينَ به.
وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ [الانفطار: 4]، أيِ: استُخرِجَتِ الأشياءُ والتُّحَفُ ذاتُ القيمةِ.
وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ [التكوير: 3] ، الجِبالُ هنا: همُ المُلوكُ والوُزَراءُ، أي: دَوَّنوا لهم دَساتيرَ يسيرونَ بموجِبِها، وهي الدَّساتيرُ الحَديثةُ.
وقَولُه تعالى: هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ [الأعراف: 53] إلى آخِرِ الآيةِ الكريمةِ، أي: مَجيءُ البَهاءِ المازَنْدرانيِّ.
وقَولُه تعالى: يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ [إبراهيم: 27] ، قالوا: الحَياةُ الدُّنيا هي الإيمانُ بمُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والآخِرةُ هي الإيمانُ بالبَهاءِ.
وقَولُه تعالى: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ [الأعراف: 29-30] ، قالوا: الفريقُ المُهتَدي همُ الذين آمَنوا بالبَهاءِ، والآخَرونَ همُ الذين أبَوا الإيمانَ به.
وقَولُه تعالى: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [الروم: 55-56] ، أي: عِلمَ دينِ بَهاءِ اللَّهِ والإيمانَ به، لقد لَبثتُم في كِتابِ اللَّهِ، الخِطابُ لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أي: لَبثتُم في إقامةِ كِتابِ اللَّهِ، وهو القُرآنُ الكريمُ، والعَمَلُ بشَريعَتِه المُطَهَّرةِ إلى يومِ البَعثِ، أي: إلى قيامِ بَهاءِ اللَّهِ وظُهورِه، فهو المُرادُ بالبَعثِ، أي خُروجُ النَّاسِ مِن دينِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى دينِ البَهاءِ.
وقَولُه تعالى: إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ [الانفطار: 1]، أي: سَماءُ الأديانِ انشَقَّت.
وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ [الانفِطار: 2]، هم رِجالُ الدِّينِ لم يَبقَ لهم أثَرٌ على النَّاسِ.
وقَولُه تعالى: وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ [الانفطار: 4]، أي: فُتِحت قُبورُ الآشوريِّينَ والفراعِنةِ والكَلدانيِّينَ لأجلِ الدِّراسةِ.
وقَولُه تعالى: وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزَّمر: 76]، قالوا: القَصدُ مِنها: الأديانُ السَّبعةُ: البرهميَّةُ، والبوذيَّةُ، والكونفوشستيَّةُ، والزَّرادُشتيَّةُ، واليهوديَّةُ، والنَّصرانيَّةُ، والإسلامُ، أنَّها مَطويَّاتٌ جميعًا بيَمينِ البَهاءِ.
إلى غَيرِ ذلك مِنَ التَّأويلاتِ الباطِنيَّةِ الشَّنيعةِ لآياتِ القُرآنِ الكريمِ، والكذِبِ على اللَّهِ تعالى دونَ مُبالاةٍ أو خَوفٍ لا مِنَ اللَّهِ، ولا مِنِ انتِقادِ عُقَلاءِ بَني آدَمَ على هذا الصَّنيعِ الفاحِشِ [3881] يُنظر: لهذه التحريفات وغيرها: ((التبيان والبرهان)) لأحمد حمدي آل محمد (2/ 120) وما بعدها، ((حقيقة البابية والبهائية)) لعبد الحميد (ص: 126-128)، ((قراءة في وثائق البهائية)) لعائشة عبد الرحمن (ص: 277 و302 و303 -322). .
قال البَهائيُّ جون أسلمنت: (إنَّ بَهاءَ اللَّهِ وعَبدَ البَهاءِ (عَبَّاس) يَعتَبرانِ الأخبارَ الوارِدةَ عنِ الجَنَّةِ والنَّارِ في الكُتُبِ المُقدَّسةِ حَقائِقَ مرموزةً، كحِكايةِ آدَمَ والخَليقةِ المَعلومةِ، والتي لم تَقَعْ حَرفيًّا، فعِندَهما الجَنَّةُ هي حالةُ الكَمالِ، والنَّارُ حالةُ النَّقصِ... فالجَنَّةُ هي الحَياةُ الرُّوحانيَّةُ، والنَّارُ هي المَوتُ الرُّوحانيُّ. والإنسانُ إمَّا أن يكونَ في الجَنَّة أوِ النَّارِ قَبل مُفارَقةِ البَدَنِ) [3882] ((بهاء الله والعصر الجديد)) (ص: 185، 186). .
وقال البَهائيُّ أبو الفَضلِ الكلبايكانيُّ: (والقيامةُ بالمَعنى الذي تَعتَقِدُه وتَنتَظِرُه الأُمَمُ غَيرُ مَعقولٍ) [3883] ((الحجح البهية)) (ص: 168). .
وهذا شَأنُ الباطِنيَّة قديمًا -كما قال أبو حامِدٍ الغَزاليُّ- أنَّهم يقولونَ: (كُلُّ ما ورَدَ مِنَ الظَّواهرِ في التَّكاليفِ والحَشرِ والأُمورِ الإلهيَّةِ فكُلُّها أمثِلةٌ ورُموزٌ إلى بَواطِنَ). ثُمَّ ساقَ أمثِلةً مِن تَأويلهمُ البَعيدِ عنِ اللُّغةِ والعَقلِ، وقال: (هذا مِن هَذَيانِهم في التَّأويلاتِ حَكيناها ليُضحَكَ منها، ونعوذُ باللَّهِ مِن صَرعةِ الغافِلِ، وكَبوةِ الجاهِلِ) [3884] ((فضائح الباطنية)) (ص: 55، 58). .
4- مَوقِفُهم مِنَ المُسلمينَ وغَيرِهم
أوَّلًا: مَوقِفُهم مِنَ المُسلمينَ
يدَّعي البَهائيُّونَ دَومًا أنَّهم دُعاةُ مَحَبَّةٍ وسَلامٍ، وأنَّ البَهائيَّةَ دينٌ لتَوحيدِ الأديــانِ واحتِضانِ مُختَلِفِ العِرقيَّاتِ، وهذا هو الظَّاهرُ، أمَّا الباطِنُ فيشتَمِلُ على كُرهٍ وبُغضٍ واحتِقارٍ لأمَّةِ الإسلامِ؛ فالبَهاءُ يصِفُ المُسلمينَ بالهَمَجِ الرَّعاعِ في مَواضِعَ كثيرةٍ، مِثلُ قَولِه: (وجَميعُ هؤلاء الهَمَجِ الرَّعاعِ يتلونَ الفُرقانَ في كُلِّ صَباحٍ، وما فازوا للآنِ مِنَ المَقصودِ مِنه) [3885] ((الإيقان)) (ص: 145). ، وقَولُه: (وحَيثُ إنَّ هؤلاء الهَمَجَ الرَّعاعَ ما أدرَكوا وما عَرَفوا مَعنى القيامةِ ولا لقاءِ اللَّهِ؛ لهذا غَدَوا مَحجوبينَ) [3886] ((الإيقان)) (ص: 121). ، وقد كرَّرَ وَصفَ المُسلمينَ بهذا [3887] يُنظر: ((الإيقان)) (ص: 74، 105، 110، 114، 115، 121، 206). .
وحتَّى المُعاصِرونَ مِنهم يحمِلونَ نَفسَ الحِقدِ، وقد ذَكرَ عَبدُ الحَميدِ كِشْك مَوقِفًا حَدَث بَينَه وبَين بَهائيٍّ، فقال: استَيقَظتُ ذاتَ صَباحٍ في السِّجنِ، فسَمِعتُ مَن يطرُقُ بابَ الزِّنزانةِ، فإذا هو رَئيسُ البَهائيِّينَ، ونادى عليَّ في شَماتةٍ ظاهرةٍ وحِقدٍ دَفينٍ، وقال: يا شَيخُ كِشْك، لقد أُفرِجَ عنَّا اليومَ، ثُمَّ قال بلهجَتِه العامِّيَّةِ: "وخَلِّي القُرآن ينفعُكم". وصَدَقَ اللَّهُ إذ يقولُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ [آل عمران: 118] [3888] يُنظر: ((قصة أيامي: مذكرات الشيخ كشك)) (ص: 205). .
ثانيًا: مَوقِفُهم مِن أتباعِ الدِّياناتِ الأُخرى:
ليس هذا البُغضُ والحِقدُ مِنَ البَهائيِّينَ على أهلِ الإسلامِ فقَط، وإن كانوا في الأصلِ مُوَجَّهين إلى أُمَّةِ الإسلامِ خاصَّةً، بل لأتباعِ بَقيَّةِ المِلَلِ والأديانِ عامَّةً نَصيبٌ مِن ذلك.
فالبَهاءُ وَصَف كُلَّ من رَفضَ خُرافةَ البَهائيَّةِ، وتَمَسَّك بدينِه مُعتَقِدًا أنَّه الحَقُّ، بأنَّه كذَّابٌ، وأنَّ دينَه ليس إلَّا مُجَرَّدَ ظُنونٍ وأوهامٍ وقُشورٍ لا فائِدةَ لها، فقال: (لمَّا جاءَ الُوعد وظَهَرَ المَوعودُ اختَلَف النَّاسُ وتَمَسَّك كُلُّ حِزبٍ بما عِندَه مِنَ الظُّنونِ والأوهامِ)، ثُمَّ قال: (ومنهم مَن يدَّعي الباطِنَ وباطِنَ الباطِنِ، قُلْ يا أيُّها الكذَّابُ تاللَّهِ ما عِندَك إنَّه مِنَ القُشورِ تَرَكناها لكم كما تُترَكُ العِظامُ للكِلابِ) [3889] ((الأقدس)) (ص: 21). .
وقد قال عبدُ البَهاءِ عَبَّاس أفندي: (كان في يومِ ظُهورِ حَضرةِ الأعلى حُسَين عَلي المُلَقَّبِ بالبهاءِ أن يضرِبَ الأعناقَ، ويحرِقَ الكُتُبَ، ويهدِمَ البِقاعَ، ويقتُلَ كُلَّ مَن لا يُؤمِنُ بالبابِ ويُصَدِّقُه) [3890] ((مكاتيب عبد البهاء)) (2/ 266). .

انظر أيضا: