موسوعة الفرق

المَبحَثُ الثَّامِنُ: تَعظيمُ النُّصَيريَّةِ للخَمرِ


الخَمرُ في نَظَرِ النُّصَيريِّينَ مُقدَّسةٌ أيَّما تَقديسٍ؛ لأنَّها تُقدَّمُ بسِرِّ النُّقَباءِ والنُّجَباءِ خِلالَ دُخولِ الجاهِلِ في أسرارِ عَقيدَتِهم؛ لذلك يُطلِقونَ عليها اسمَ (عَبدِ النُّورِ) باعتِبارِ أنَّ الخَمرَ خُلِقَ مِن شَجَرةِ النُّورِ، وهي (العِنَبُ).
والحَقيقةُ أنَّه لا يُمكِنُ للباحِثِ أن يفصِلَ مَوضوعَ الخَمرِ والمَرأةِ عن مَوضوعِ دُخولِ الجاهِلِ في أسرارِ العَقيدةِ النُّصَيريَّةِ؛ لأنَّ الخَمرَ والمَرأةَ أمرانِ مُهمَّانِ ومُتَلازِمانِ يُقدَّمانِ للشَّبابِ الدَّاخِلِ في أسرارِ الدِّينِ باعتِبارِهما جُزءًا مِنَ الضِّيافةِ للدُّخولِ في الفِردَوسِ.
ولعَلَّ تَلقينَ أسرارِالنُّصَيريَّةِ في جَوِّ الخَمرِ والمَرأةِ يوضِّحُ لنا عَمَليَّةَ التَّخديرِ النَّفسيِّ والجَسَديِّ والعَقليِّ التي تَقَعُ على الشَّابِّ وهو يُلقَّنُ أسرارَ دينِه، فكُؤوسُ الخَمرِ تُدارُ بَينَ وقتٍ وآخَرَ، فتَلعَبُ دَورَها في تَخديرِ عَقلِ الشَّبابِ، وتَأتي الأُنثى لتُكمِلَ الدَّورَ الذي بَدَأَته الخَمرةُ، فيكونُ الشَّابُّ حينَذاك في وضعٍ لا يُمكِنُه أن يَرفُضَ أيَّ شَيءٍ مِن أسرارِ الدِّينِ، وخاصَّةً أنَّه أصبَحَ في الفِردَوسِ المَنشودِ (الخَمرِ والمَرأةِ)!
والخَمرُ -كما يزعُمونَ- حَلَّلها اللهُ لهم بصِفتِهم أولياءَ اللهِ الذين آمَنوا به وعَرَفوه بشَخصِ (عَليٍّ)، وحَرَّمه على الجاحِدينَ للهِ المُنكِرينَ له -أي: الذين لم يُؤمِنوا بعَليٍّ- فهي نَوعٌ مِنَ الأغلالِ والآصارِ وُضِعَت عليهم لعَدَمِ إيمانِهم بعَليٍّ.
يُروى عنِ الخصيبيِّ: (أنَّه إذا حَضَرَ بَينَ يدَيه «عَبدُ النُّورِ» - أي: الخَمرُ- يأخُذُ القدحَ في يمينِه وينهَلُ منه ثَلاثَ نَهَلاتٍ ويتَرَنَّمُ عليه في هذا القُدَّاسِ المُبارَكِ، ويقولُ: الحَمدُ للهِ العَليِّ وَحدَه الذي أنجَزَ وعدَه ونَصَرَ عَبيدَه وأعَزَّ جُندَه، وأهلك ضِدَّه، وهَزَمَ الأحزابَ وحدَه، فلا إلهَ مِثلُه، ولا إلهَ بَعدَه، مَفزَعُ الطَّالبينَ، وغايةُ العارِفينَ، إلهُ الأوَّلينَ والآخِرينَ، له الدِّينُ الخالِصُ، وإنَّما تَدعونَ مِن دونِه الباطِلُ، وإنَّ اللهَ هو العَليُّ الكبيرُ، أميرُ المُؤمِنينَ المَلكُ الحَقُّ المُبينُ... اللهمَّ إنَّ هذا عَبدُك عَبدُ النُّورِ شَخصُ النَّارِ [3677]يُعَرِّفونَ شَخصَ النَّارِ بأنَّه عَبدُ النُّورِ (الخَمرِ) الذي جَعَله اللهُ قُربانَه الأعظَمَ وشَخصَه المُكرَّمَ، وحَكَمَ على نَفسِه بالمَغفِرةِ فيه. من تعليق على مخطوطة كتاب ((تعليم الديانة النصيرية))ورقة 18ب. عن ((الحركات الباطنية في العالم الإسلامي)) للخطيب (ص: 369). حَلَّلْتَه وكرَّمتَه وفضَّلتَه لأوليائِك العارِفينَ بك حَلالًا طَلقًا، وحَرَّمتَه على أعدائِك الجاحِدينَ المُنكِرينَ لك حَرامًا نَصًّا، اللَّهمَّ مَولاي كما حَلَّلتَه لنا ارزُقْنا به الأمنَ والأمانَ، والصِّحَّةَ مِنَ الأسقامِ، وانفِ عنَّا به الهَمَّ والأحزانَ... ثُمَّ يقرَأُ عَدَدًا مِنَ الآياتِ ويقولُ أخيرًا: تَذَكَّروا بسِرِّ «العَينِ» اللهُ يرزُقُكم بَرَكتَها ورِضاها) [3678] يُنظر: قسم (التوجيه لتعليم الديانة النصيرية) - القداس الثاني -(مخطوطة ورقة 25أ، ب)، وكذلك مخطوطة ((كتاب تعليم الديانة النصيرية)) (ورقة 18 أ، ب) عن ((الحركات الباطنية في العالم الإسلامي)) للخطيب (ص: 369). .

انظر أيضا: