موسوعة الفرق

المَطلَبُ الثَّالِثُ: مَوقِفُ النُّصَيريَّةِ مِنَ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم


النُّصَيريَّةُ شَأنُهم شَأُن غَيرِهم مِن أعداءِ الإسلامِ في عَدائِهم للإسلامِ ورُموزِه؛ فلقد بالغَ هؤلاء في بُغضِ الصَّحابةِ رِضوانُ اللهِعليهم، بَل واعتَقدوا أنَّ مِنَ الصَّحابةِ مَن لم يكُنْ مؤمنًا حَقيقةً، بَل كان يتَظاهَرُ بالإسلامِ ويُبطِنُ النِّفاقَ خَشيةً مِن سَطوةِ عَليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه، ومِن هؤلاء بافتِرائِهم أبو سُفيانَ وابنُه مُعاويةُ رَضِيَ اللهُ عنهما!
وقد خَصُّوا أبا بَكرٍ وعُمَرَرَضِيَ اللهُ عنهما بالبُغضِ الشَّديدِ، فلم يُجيزوا حتَّى مُجَرَّدَ التَّسميةِ بأبي بَكرٍ وعُمَرَ، بَل بَلغَ بهمُ السَّفهُ والحِقدُعليهما أن عَمَدوا إلى الحَيواناتِ البَريئةِ وتَفنَّنوا في تَعذيبِها؛ لأنَّ روحَ أبي بَكرٍ وعُمَرَ وأُمِّ المُؤمِنينَ عائِشةَ-رَضِيَ اللهُ عنهم- حَلَّت فيهم عن طَريقِ التَّناسُخِ!
ومِن هنا فهم يأخُذونَ بغلًا أو حمارًا ليُذيقوه سوءَ العَذابِ؛ لأنَّه تَقَمَّص روحَ أبي بَكرٍ أو عُمَرَ، كما أنَّهم يأخُذونَ غنمةً ويُعَذِّبونَها كذلك تنكيلًا بأُمِّ المُؤمِنينَ عائِشةَ، وتنفيسًا عن أحقادِهم.
وعِندَما يأتونَ بقِصَّةٍ مِن قِصَصِهمُ المُختَلَقةِ حَولَ هؤلاء الصَّحابةِ، يُسَمُّونَهم بأسماءٍ وألقابٍ بَذيئةٍ، منها: ساكِن لعنَه اللهُ، والشَّيطانُ [3628]يُنظر: ((العلويون بين الأسطورة والحقيقة)) لهاشم عثمان (ص: 77). .
ومِنَ القِصَصِ المُختَلَقةِ والسَّخيفةِ التي يذكُرونَها ويستَدِلُّونَ بها على أُلوهيَّةِ عَليٍّرَضِيَ اللهُ عنه قِصَّةٌ تَقولُ: (إنَّ أحَدَ حُكماءِفارِسَ جاءَ إلى المَدينةِ وسَأل عن أميرِ المُؤمِنينَ، فأتَوا به إلى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِرَضِيَ اللهُ عنه، فلم يُكلِّمْه ذلك الحَكيمُ وخَرَجَ مِن عِندِه، وعِندَما سَألوه لماذا لم يُكلِّمْه قال: هذا ظُلمةٌ بلا نورٍ، هذا أصلُ كُلِّ ظُلمةٍ، ومُضِلُّ كُلِّ أُمَّةٍ، ومُغَيِّرُ كُلِّ مِلَّةٍ فلا تَركَنوا إليه... ثُمَّ سَأل عن أميرِ المُؤمِنينَ عَليٍّ، فلمَّا أتَوا به إلى عَليٍّ، جَعل عَليٌّ يُكلِّمُه بكلامٍ غَيرِ مَعروفٍ، فلمَّا خَرَجَ مِن عِندِه سَألوه عنه فقال: هذا أصلُ كُلِّ نورٍ، ومُدَبِّرُ الأُمورِ، والرَّبُّ الكريمُ والعَليُّ العَظيمُ) [3629] ((مناظرة الشيخ يوسف الحلبي)) (مخطوط - ورقة 74 ب، 75 أ). .
لذلك فهم يصُبُّونَ غَضَبَهم وحِقدَهم على عُمرَرَضِيَ اللهُ عنه، وكُتُبُهم مَليئةٌ بهذه السَّخافاتِ، وعُمرُ في رَأيِهم كان عَدوًّا لعَليٍّ في جَميعِ ظهوراتِه مِن قَبلُ عن طَريقِ التَّناسُخِ، فهو مَثَلًا قابيلُ عِندَما ظَهَرَ عَليٌّ في صورةِ هابيلَ [3630] يُنظر: ((الهفت)) للجعفي (ص: 69). .
ويُبَرِّرونَ زَواجَ عَمَرَ مِن أُمِّ كُلثومٍ بنتِ عَليٍّ، على أنَّ هذا تَوهُّمٌ من عُمَرَ -كما يزعُمونَ- لأنَّه في الحَقيقةِ قد تَزَوَّجَ بابنَتِه جَريرةَ التي أوهمه عَليٌّ أنَّها أُمُّ كُلثومٍ، فلمَّا دَخَل بها عُمَرُ أعلمَه سَلمانُ بذلك، فخاف أن يُفضَحَ أمرُه فلم يُخبِرْ أحدًا [3631] يُنظر: ((الهفت)) للجعفي (ص: 69- 73). .
وبسَبَبِ هذا الحِقدِ ضِدَّ عُمَرَ، فإنَّهم يحتَفِلونَ بَعيدِ مَقتَلِه، ويُسَمُّونَه (يومَ مَقتَلِ دلام لعنَه اللهُ)، وهو اليومُ التَّاسِعُ مِن رَبيعٍ الأوَّلِ مِن كُلِّ سَنةٍ [3632] يُنظر: مخطوطة ((أعيادنا)) ورقة (39أ). .
لذا فالجِهادُ عِندَالنُّصَيريَّةِ هو ذِكرُ الشَّتائِمِ على أبي بَكرٍ وعُمَرَ وعُثمانَ وغَيرِهم مِنَ الصَّحابةِ [3633] يُنظر: ((الجذور التاريخية للنصيرية العلوية)) للحسيني (ص: 164). .وكذلك على الفُقَهاءِ والعُلماءِ أمثالِ أبي حَنيفةَ والشَّافِعيِّ وأحمَدَ ومالِكٍ، فهم أنجاسٌ؛ لأنَّهم نَصَبوا أنفُسَهم لضَلالةِ مَنِ اتَّبَعَهم، فصَدُّوا النَّاسَ عن آلِ البَيتِ [3634] يُنظر: ((الصراط)) للجعفي (ورقة 178 ب). .
هذا هو مَعَ الأسَفِ مَوقِفُهم مِن صَحابةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، مَوقِفُ الحِقدِ والضَّغينةِ الذي يدورُ في صُدورِ أعداءِ الإسلامِ ضِدَّ هؤلاء؛ لأنَّهم رَفعوا رايةَ الإسلامِ خَفَّاقةً في كُلِّ أرجاءِ الأرضِ، وحَطَّموا كُلَّ طَواغيتِ الشِّركِ والوثَنيَّةِ التي تَختَفي النُّصَيريَّةُ وراءَها.
وفي المُقابِلِ فإنَّ النُّصَيريَّةَ تُقدِّرُ وتُحِبُّ عَبدَ الرَّحمَنِ بنَ مُلجِمٍ قاتِلَ عَليٍّرَضِيَ اللهُ عنه، وتَعتَبرُه أفضَلَ النَّاسِ؛ لأنَّه خَلَّصَ اللَّاهوتَ مِنَ النَّاسوتِ بقَتلِه! وبذلك تَخَلَّص اللَّاهوتُ مِن ظُلمةِ الجَسَدِ وكَدَرِه [3635] يُنظر: ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) لابن حزم (4/188). !

انظر أيضا: