موسوعة الفرق

المَطلبُ الأوَّلُ: تَأليهُ عَليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه وغَيرِه مِن زُعَمائِهم


بحَسبِ اعتِقادِهم فإنَّ اللهَ تَجَلَّى في عَليٍّ، وبالغوا في كُفرِهم فقالوا: إنَّ عليًّا خَلق محمَّدًا، ومُحَمَّدٌ خَلق سَلمانَ الفارِسيَّ، وسَلمانُ خَلق الأيتامَ الخَمسةَ الذين بيدِهم مَقاليدُ السَّمَواتِ والأرضِ! وهم:
المِقدادُ: رَبُّ النَّاسِ وخالِقُهمُ الموكَّلُ بالرُّعودِ والصَّواعِقِ والزَّلازِلِ.
أبو الدَّرِّ: (أبو ذَرٍّ الغِفاريُّ) الموكَّلُ بدَورانِ الكواكِبِ، والنُّجومِ.
عَبدُ اللهِ بنُ رَواحةَ الأنصاريُّ: الموكَّلُ بالرِّياحِ وقَبضِ أرواحِ البَشَرِ.
عُثمانُ بنُ مَظعونٍ: الموكَّلُ بالمَعِدةِ وحَرارةِ الجَسَدِ وأمراضِ الإنسانِ.
قَنْبَرُ بنُ كادانَ: الموكَّلُ بنَفخِ الأرواحِ في الأجسامِ [3597] يُنظر: ((طائفة النصيرية)) للحلبي (ص: 47)، ((الجيل التالي)) لمحمد حسين (ص: 113). .
والمَجوسيَّةُ ظاهرةٌ في هذه الأفكارِ لم يتَغَيَّرْ فيها إلَّا الأسماءُ فقَط. وهذه الأقوالُ يكفي واحِدٌ منها لدَحضِ ما يزعُمونَه مِن إسلامٍ، فهي نِهايةُ الكُفرِ والخُروجِ عن مَنهَجِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ.
ويحتَجُّ النُّصَيريُّونَ لهذه العَقيدةِ بقَولِهم: إنَّ اللهَ مَعبودٌ مُقدَّسٌ يحِلُّ في الأجسامِ مَتى يشاءُ، وله التَّصَرُّفُ، وإليه تُرجَعُ الأُمورُ.
وعَليٌّ رَضِيَ اللهُ عنه حينَ زَعَموا أنَّه إمامٌ في الظَّاهرِ وإلهٌ في الباطِنِ، قَسَّموا طَبيعَتَه إلى قِسمَينِ: الظَّاهرُ، وهو القِسمُ البَشَريُّ منه قِسمُ النَّاسوتِ الذي يأكُلُ ويشرَبُ ويَلِدُ ويولَدُ ويتَقَرَّبُ إلى عِبادِه ليعرِفوه عن كَثبٍ.
وأمَّا الباطِنُ منه فهو قِسمُ اللَّاهوتِ: الذي لا يأكُلُ ولا يَشرَبُ.
ومِن حَماقَتِهم أنَّهم يستَدِلُّونَ على أُلوهيَّةِ عَليٍّ بما حَصَل له مِن كراماتٍ كقَلعِ بابِ خَيبَرَ، وشَجاعَتِه الحَربيَّةِ، وزَعَموا أنَّه كان يُكلِّمُ الجِنَّ، وأنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُسنِدَ إليه قِتالُ الكُفَّارِ الظَّاهرينَ، وعَليٌّ أُسنِدَ إليه قِتالُ المُنافِقينَ؛ لأنَّه يعرِفُ البَواطِنَ!
وقدِ اختَلفوا في مَكانِ حُلولِه بَعدَ أن تَرَك ثَوبَه الآدَميَّ، أي: صورَتَه البَشَريَّةَ.
فمنهم مَن يتَّجِهُ إلى القَمَرِ في عِبادَتِه لاعتِقادِ أنَّه حَلَّ فيه، بَل القَمَرُ نَفسُه هو عَليٌّ، وهؤلاء يُسَمَّونَ الشَّماليَّةَ.
ومنهم مَن يتَّجِهُ إلى الشَّمسِ في عِبادَتِه لاعتِقادِهم أنَّه حَلَّ فيها، بَل الشَّمسُ نَفسُها هي عَليٌّ، وهؤلاء يُسَمَّونَ الكلازيَّةَ [3598]يُنظر: ((العلويون أو النصيرية)) للعسكري (ص: 57). .
وفي كِتابِ الهَفت أنَّه (ما مِن مُؤمِنٍ يموتُ إلَّا وتُحمَلُ روحُه إلى الإمامِ عَليٍّ فينظُرُ فيها، فإذا كان مؤمِنًا ممتحَنًا صافيًا صَعِدَتِ المَلائِكةُ برُوحِه إلى السَّماءِ فتَغمِسُها في عَينٍ على بابِ الجَنَّةِ اسمُها عَينُ الحَياةِ...) [3599] ((الهفت)) (ص: 82). .
ويُروى فيه عنِ الأئِمَّةِ: (نَحنُ الأئِمَّةُ أولياءُ اللهِ، لا يفتُرُ عَلينا مِن عِلمِه شَيءٌ لا في الأرضِ ولا في السَّماءِ، نَحنُ يدُ اللهُ وجَنبُه، ونَحنُ وَجهُ اللهِ وعَينُه، وأينَما نَظَرَ المُؤمِنُ يرانا. إن شِئْنا شاءَ اللهُ -ولا تُلقِه إلَّا إلى أهلِه- والحَمدُ للهِ الذي اصطَفانا مِن طينةِ نورِ قُدرَتِه، ووهَبَنا سِرَّ عِلمِ مَشيئَتِه...إلخ) [3600] ((الهفت)) (ص: 197). .
ويتَجَلَّى تَأليهُهم لعَليٍّ رَضِيَ الله عنه في تلك الأدعيةِ التي تُسَمَّى سُوَرًا عِندَهم؛ فجاءَ في السُّورةِ الثَّالثةِ: (اللهمَّ إنِّي أسألُك يا مَولاي يا أميرَ النَّحلِ، يا عليًّا يا عَظيمُ يا أزَلُ يا فَردُ يا قديمُ، يا عَليُّ يا كبيرُ يا أكبَرُ مِن كُلِّ كبيرٍ، يا خالِقَ الشَّمسِ والقَمَرِ المُنيرِ، يا عَليُّ يا قُدوةَ الدِّينِ يا عالمُ يا خَبيرُ، يا راحِمَ الشَّيخِ الكبيرِ، يا مُنشِئَ الطِّفلِ الصَّغيرِ، يا جابِرَ العَظمِ الكسيرِ، يا مَحَلَّ كُلِّ يسيرٍ مِن غَيرِ عَسيرٍ، الذي يعرِفُ المَعرِفةَ ويُنكِرُهاعليه وعلى أبو دَهيةَ [3601] هو أبو دهيةَ إسماعيلُ بنُ خَلَّادٍ، كانت له آراءٌ خالف فيها النُّصَيريَّةَ. يُنظر: ((الإسلام في مواجهة الباطنية)) لأبي الهيثم (ص: 250). ،ما يستَحِقُّ مِنَ اللهِ، وعلى أبو سَعيدٍ السَّلامُ ورَحمةُ اللهِ) [3602] ((الجيل التالي)) لمحمد حسين (ص: 79). .
وفي سورةِ السُّجودِ: (يا عَليُّ، سَجَدَ لك وجهي الفاني البالي إلى نورِ وجهِك العَزيزِ الحَيِّ الدَّائِمِ... يا عَليُّ لك الإلهيَّةُ يا عَليُّ لك الملكوتيَّةُ... إيَّاك مَولاي عَليّ نَعبُدُ) [3603] ((الجيل التالي)) لمحمد حسين (ص: 87-88). .
وفي سورةِ الإشارةِ: (يا مُحيي العِظامِ الدَّوارِسِ وهي رَميمٌ، اللهمَّ إنِّي أسألُك يا مَولاي يا أميرَ المُؤمِنينَ أن تَجعَلَنا في عِبادَتِك كاسِبينَ غانمينَ مُؤَيَّدينَ مَنصورينَ) [3604] ((الجيل التالي)) لمحمد حسين (ص: 93). .
وجاءَ في السُّورِ الكبيرةِ: (أوَّلُ مَعرِفتي باللهِ أشهَدُ شَهادةً تَقيَّةً نَقيَّةً مُشَعشَعةً نورانيَّةً بَيضيَّةً عَلويَّة حجابيَّةً مُحَمَّديَّةً، أشهَدُ شَهادةَ الحَقِّ في مَنهَجِ الصِّدقِ، أشهَدُ شَهادةً بأن لا إلهَ إلَّا مَولاي ومَولاك أميرُ النَّحلِ عَليٌّ، ولا حِجابَ إلَّا السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ، ولا بابَ إلَّا السَّيِّدُ سَلمانُ...وأشهَدُ أنَّ اللهَ عَليٌّ رَبِّي يُحييني ويُميتُني، وهو الحَيُّ الذي لا يموتُ [3605]لأنَّهم لا يقولونَ بمَوتِه، ويُفسِّرونَ مَوتَه بخَلعِه للتَّقَمُّصِ البَشَريِّ الذي خَلَّصَه منه عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ مُلجِمٍ، وهذا هو السِّرُّ في تَقديسِهم له وتَرَضِّيهم عنه. ،بيدِه الخَيرُ وهو على كُلِّ شَيءٍ قديرٌ وإليه المَصيرُ) [3606] ((الجيل التالي)) لمحمد حسين (ص: 99). .
ويَظهَرُ الأثَرُ اليهوديُّ واضحًا في السُّورةِ السَّادِسةَ عَشرةَ المُسَمَّاةِ سورةَ النُّقَباءِ، وفيها: (سِرُّ اثنَي عَشَرَ نقيبًا، سِرُّ ثَمانيةٍ وعِشرينَ نجيبًا، سِرُّ أربَعينَ قطبًا، أوَّلُهم عَبدُ اللهِ بنُ سَبَأٍ، وآخِرُهم مُحَمَّدُ بنُ سِنانَ الزَّاهريُّ... سِرُّ عَبدِ اللهِ بنِ سَبَأٍ نَقيبِ النُّقَباءِ، سِرُّ مُحَمَّدِ بنِ سِنانٍ الزَّاهريِّ نُجيبِ النُّجَباءِ، سِرُّهم أسعَدَهمُ اللهُ أجمَعينَ في أربَعِ أقاليمَ الدُّنيا والدِّينِ بحَقِّ الحَمدُ للهِ رَبِّ العالمينَ) [3607] ((الجيل التالي)) لمحمد حسين (ص: 109). .
وقد أضافوا إلى أُلوهيَّةِ عَليٍّ وحُلولِ الإلهِ فيه أنَّ الإلهَ حَلَّ أيضًا في سائِرِ الأئِمَّةِ مِن بَعدِ عَليٍّ، ومِن ذلك ما قالوه في مَقتَلِ الحُسَينِ، فزَعَموا أنَّ الحُسَينَ هو اللهُ رَبُّ العالمينَ، بَل إنَّهم يعتَقِدونَ جازِمينَ أنَّ الأئِمَّةَ أفضَلُ مِن كُلِّ الأنبياءِ؛ لأنَّ الأئِمَّةَ بزَعمِهم يُكلِّمونَ اللهَ بدونِ واسِطةٍ، والأنبياءُ يُكلِّمونَه بواسِطةٍ.
وقدِ اقتَبَسوا أصلَ هذه الأفكارِ عنِ الشِّيعةِ الاثنَي عَشريَّةِ، وهؤلاء أخَذوها عنِ ابنِ سَبَأٍ اليهوديِّ، ومِنَ العَجَبِ أنَّهم مَرَّةً يجعَلونَ الإمامَ عليًّا إلهًا، ومَرَّةً أُخرى يجعَلونَه نبيًّا، ومَرَّةً أُخرى يستَدِلُّونَ على فضائِلِه بكلامِ اللهِ في القُرآنِ فيُحَرِّفونَه بأقوالٍ مَكذوبةٍ عنِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ ولهذا خَرَجَ الكثيرُ مِن شَبابِهم بسَبَبِ هذا الخَلطِ والاضطِرابِ الفِكريِّ إلى الإلحادِ الماركِسيِّ!
وبَعدَ أنِ استَوثَقَ بَعضُهم مِن قَبولِ أتباعِهم لِما جاؤوهم به مِنَ الكُفرِ والإلحادِ دونَ اعتِراضٍ، طَمِع هؤلاء في دَعوى الأُلوهيَّةِ، بحُجَّةِ أنَّ اللهَ -تعالى عن جَهلِهم- يحِلُّ فيمَن يشاءُ مِن عِبادِه!
وقدِ ادَّعى رَجُلٌ منهمُ الأُلوهيَّةَ حينَ كانت فرَنسا مُستَعمِرةً للشَّامِ وتُخَطِّطُ لإحياءِ الجَهلِ وطَمسِ الدِّينِ بأيِّ وسيلةٍ كانت؛ لتبقى أطولَ مُدَّةٍ تَحكمُ فيها بلادَ المُسلمينَ، فوقَعَ اختيارُهم على دُميةٍ نُصَيريٍّ مِن سوريا يُسَمَّى سَلمانَ المُرشِدَ، فأوصَل نَفسَه إلى رُتبةِ الأُلوهيَّةِ -لأنَّ اللهَ تَقَمَّص به- وآمَنَ به واتَّبَعَه كثيرٌ مِنَ النُّصَيريِّينَ. وقد مَثَّل المَهزَلةَ تمثيلًا جيِّدًا، فكان -كما يُذكَرُ في تاريخِه- يلبَسُ ثيابًا فيها أزرارٌ كهرَبائيَّةٌ، ويحمِلُ في جَيبِه بَطَّاريَّةً صَغيرةً مُتَّصِلةً بالأزرارِ، فإذا أوصَل التَّيَّارَ شَعَّتِ الأنوارُ مِنَ الأزرارِ فيخِرُّ له أنصارُه ساجِدينَ حينَ يرَونَ طَلعَتَه!
ومِنَ الطَّريفِ أنَّ المُستَشارَ الفرَنسيَّ الذي كان وراءَ هذه الأُلوهيَّةِ المُزَيَّفةِ كان يسجُدُ مَعَ السَّاجِدينَ ويُخاطِبُ سَلمانَ المُرشِدَ بقَولِه: يا إلهي، وبَعدَ أنِ ادَّعى الأُلوهيَّةَ كان عليه أن يُرسِلَ الرُّسُلَ، وهذا ما حَصَل بالفِعلِ فقدِ اتَّخَذَ سَلمانُ المُرشِدُ رسولًا اسمُه سَلمانُ الميده [3608] يُنظر: ((طائفة النصيرية)) للحلبي (ص: 317، 318). .
قال أبو الهَيثَمِ: (لقد جاءَ يومٌ على المرشِديَّةِ كانت فيه سَيفَ الفرَنسيِّينَ المُصلَتَ على رَقَبةِ كُلِّ وطَنيٍّ في هذه المُحافظةِ -يقصِدُ اللَّاذِقيَّةِ-، وكان ذلك عامَ 1938م؛ إذ أقامَ رَبُّها سَلمانُ نَفسَه دَولةً ضِمنَ دَولةٍ يفرِضُ الإتاواتِ، ويجبي الضَّرائِبَ، وينصِبُ المَحاكِمَ، ويُنَفِّذُ أحكامَ الإعدامِ، ويقطَعُ طُرُقُ المواصَلاتِ) [3609] ((الإسلام في مواجهة الباطنية)) (ص: 103). .
وحينَ رَحَل الفرَنسيُّونَ عن سوريا في سَنةِ 1938م تَرَك له هؤلاء مِن أسلحَتِهم ما أغراه بالعِصيانِ، فجَرَّدَتِ الحُكومةُ السُّوريَّةُ آنَذاك قوَّةً بقيادةِ مُحَمَّد عَلي عَزمة فتَكت ببَعضِ أتباعِه واعتَقَلتْه مَعَ آخَرينَ، ثُمَّ أُعدِمَ شنقًا في دِمَشقَ عامَ 1946م.
وقد سُئِل مَرَّةً قَبلَ هَلاكِه، فقيل له: أنتَ إلهٌ، وأغاخانُ إلهٌ، فكيف تَتَّسِعُ الأرضُ لإلهَينِ؟ فأجابَ بقَوله: (إنَّ الخالقَ يبُثُّ روحَه فيمَن يشاءُ، وقد يبُثُّها في مِائةٍ مِن مَخلوقاتِه، فيُصيبونَ أربابًا مِثلي) [3610] ((الأعلام)) للزركلي (3/170). .
وقال عنه أبو الهَيثَمِ: (العَجيبُ في أمرِ سَلمانَ أنَّه لم يكُنْ ليُصَرِّحَ بمَزاعِمِه الإلهيَّةِ خارِجَ حُدودِ نُفوذِه قَطُّ... فلم يُسمَعْ منه أيُّ تَصريحٍ أو تَلميحٍ لِما يقولُ فيه أتباعُه، وأذكُرُ أنَّني اجتَمَعتُ به وسَألتُه عن هذه الدَّعوى التي تَشيعُ عنه، فأنكرَها أشَدَّ الإنكارِ، وشَهدَ على نَفسِه بالإسلامِ. وقد قال لي يومَئِذٍ: إنَّ كُل مُهمَّتِه في جَماعَتِه هي أن يُحاوِلَ تَنظيمَ أُمورِهم على أساسِ الإسلامِ، وعَدَّدَ بَعضَ أعمالِه الإصلاحيَّةِ هناك مِمَّا لا غُبارَ عليه.. غَيرَ أنَّ الواقِعَ أنَّ الرَّجُلَ كان أذكى مِن أن يُصَرِّحَ بغَيرِ هذا أمامَ أيِّ عاقِلٍ خارِجَ جَماعَتِه) [3611] ((الإسلام في مواجهة الباطنية)) (ص: 103، 104). .
وبَعدَ هَلاكِ هذا المُتَألِّهِ ألَّهَ أتباعُه ابنَه مُجيب الأكبَر، وقد قُتِل أيضًا، ثُمَّ استَمَرَّ أتباعُه على تَأليهِه، وهم يقولونَ عِندَ ذَبحِ أحَدِهم ذَبيحَتَه: باسمِ مُجيب الأكبَرِ مِن يدي لرَقَبةِ أبي بَكرٍ وعُمَرَ [3612] يُنظر: ((طائفة النصيرية)) للحلبي (ص: 54). .
ومِنَ العُلماءِ مَن يذكُرُ أنَّهم يُريدونَ تَأليهَ أحَدِ إخوةِ مُجيب الذين لا يزالُ لهم نُفوذٌ عِندَ جُهَلاءِ النُّصَيريَّةِ [3613]يُنظر: ((إسلام بلا مذاهب)) للشكعة (ص: 309، 310). ! بَل ويُصَرِّحونَ بتَمَسُّكِهم بالمرشِديَّةِ، يقولُ أبو الهَيثَمِ: (فالمُرشِديُّ لا يكتُمُ عَقيدَتَه في تَأليهِ سَلمانَ وأبنائِه الذين أعَدَّهم ذلك الأبُ «البارُّ» لمنصِبِ الأُلوهيَّةِ مُنذُ أنِ اختارَ لهم بَعضَ أسماءِ اللهِ الحُسنى: فاتِح، سَميع، مُجيب) [3614] ((الإسلام في مواجهة الباطنية)) (ص: 102). .
وقد أصبَحَ مِنَ المَألوفِ أن تَسمعَ هذا المُرشِديَّ يُدافِعُ عن عَقيدَتِه باسمِ حُرِّيَّةِ الفِكرِ، ولهم صَلاةٌ يُسَمُّونَها الصَّلاةَ المُرشِديَّةَ وينسُبونَها إلى مُجيب الأكبَرِ، يقولونَ فيها: (تَسبيحٌ إلى مَولانا مُجيبِ بنِ سَلمانَ المُرشِدِ الرَّبِّ العَظيمِ. مَولانا لك العِزَّةُ والمَجدُ والتَّهليلُ والتَّكبيرُ، سُبحانَك رَبَّنا إنَّك كريمٌ رَحيمٌ، يا مَولانا يا مُجيب المُرشِد، سُبحانَك أنتَ الرَّبُّ العَظيمُ)، إلى آخِرِ الدُّعاءِ الذي اشتَمَل على صِدقِ اللُّجوءِ إلى هذا الرَّبِّ المُختَرَعِ، تعالى اللهُ عَمَّا يقولُ الظَّالِمونَ عُلُوًّا كبيرًا.
 وينُصُّ النُّصَيريُّونَ في دُعائِهم ويُلحُّونَ على أنَّ اللهَ تعالى يرزُقُهم بجُنودٍ غُرَباءَ عنهم وعن وطَنِهم، يأتونَ إليهم مِن جِهةِ الغَربِ ليُنقِذوهم مِن حُكَّامِهمُ المُسلمينَ. وقد وصَف الأُستاذُ الشَّكعة هذه الإشاراتِ في دُعائِهم إلى أنَّها دَعوةٌ لفرَنسا المُستَعمِرةِ لتُثِبِّتَ أقدامَهم في بلادِهم [3615]يُنظر: ((إسلام بلا مذاهب)) (ص: 348). .
قال أبو الهَيثَم: (ثَبَتَ بصورةٍ قاطِعةٍ أنَّ المُرشِديَّةَ على صِلةٍ وثيقةٍ بالإرساليَّةِ البُروتستانيَّةِ الأمريكيَّةِ في اللاذِقيَّةِ، وهي صِلةٌ مُريبةٌ لا شَكَّ أنَّ وراءَها أصابعَ السِّياسةِ الأمريكيَّةِ، وبكلمةٍ أوضَحَ أصابعُ الصِّهيَونيَّةِ العالميَّةِ) [3616] ((الإسلام في مواجهة الباطنية)) (ص: 103). .

انظر أيضا: