موسوعة الفرق

المبحَثُ الأوَّلُ: إساءاتُ الشِّيعةِ الإماميَّةِ للصَّحابةِ من الخُلَفاءِ الرَّاشدين الثَّلاثةِ وغيرِهم رَضِيَ اللَّهُ عنهم


إنَّ الشِّيعةَ الذين يزعُمون أنَّهم أتباعُ أهلِ البيتِ والموالون لهم، هم في الحقيقةِ مخالِفون لهم؛ فهم مُبغِضون للصَّحابةِ الذين أثنى عليهم اللَّهُ في كتابِه، وأثنى عليهم رسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأثنى عليهم أهلُ البيتِ، وعَرَفوا قَدْرَهم وفَضْلَهم [654] يُنظر لهذا الباب: ((الشيعة وأهل البيت)) لإحسان إلهي ظهير (ص: 44-47، 156-213، 257-306). .
روى الشِّيعةُ في كُتُبِهم أنَّ جَعفَرًا الصَّادِقَ قال: (كان أصحابُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اثنَي عَشَرَ ألفًا، ثمانيةُ آلافٍ من المدينةِ، وألفانِ من مكَّةَ، وألفانِ من الطُّلَقاءِ، ولم يُرَ فيهم قَدَريٌّ ولا مُرجِئٌ ولا حَروريٌّ ولا مُعتَزِليٌّ، ولا صاحِبُ رأيٍ، كانوا يبكُون اللَّيلَ والنَّهارَ، ويقولون: اقبِضْ أرواحَنا من قبلِ أن نأكُلَ خُبزَ الخميرِ) [655] يُنظر: ((كتاب الخصال)) للقمي (ص: 640). .
لكِنَّ غُلاةَ الرَّافِضةِ كفَّروا أكثَرَ الصَّحابةِ، ورمَوهم بالنِّفاقِ، وأنكَروا فَضْلَهم وجهادَهم!
قال الكُلينيُّ: (كان النَّاسُ أهلَ رِدَّةٍ بعدَ النَّبيِّ إلَّا ثلاثةً: المقدادُ بنُ الأسوَدِ، وأبو ذَرٍّ الغفاريُّ، وسَلمانُ الفارسيُّ) [656] ((الروضة من الكافي)) (8/245). !
وقال أيضًا: (إنَّ النَّاس يَفزَعون إذا قُلْنا: إنَّ النَّاسَ ارتدُّوا،... إنَّ النَّاسَ عادوا بعد ما قُبِض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أهلَ جاهليَّةٍ) [657] ((الروضة من الكافي)) (2/296). !
وقال المجلسيُّ: (هَلَك النَّاسُ كُلُّهم بعدَ وفاةِ الرَّسولِ إلَّا ثلاثةً: أبو ذَرٍّ، والمِقدادُ، وسَلْمانُ) [658] ((حياة القلوب)) (2/640).
وقد كَذَبوا على أئِمَّتِهم أنَّهم قالوا: (نحن -معاشِرَ بني هاشمٍ- نأمُرُ كبارَنا وصغارَنا بسَبِّهما والبراءةِ منهما!) [659] يُنظر: ((رجال الكشي)) (ص: 180). .
ومن ذلك ما روَوه عن أبي حمزةَ الثُّماليِّ عن عَليِّ بنِ الحُسَين زينِ العابِدين أنَّه قال: (مَن لَعَن الجِبتَ (أي الصِّدِّيقَ) والطَّاغوتَ (أي الفاروقَ) لعنةً واحدةً، كَتَب اللَّهُ له سبعينَ ألفَ ألفِ حَسَنةٍ، ومحى عنه ألفَ ألفِ سَيِّئةٍ، ورفع له سبعينَ ألفَ ألفِ درجةٍ، ومن أمسى يلعنُهما لعنةً واحدةً كُتِب له مِثلُ ذلك! فدخلتُ على مولانا أبي جَعفَرٍ محمَّدٍ الباقِرِ، فقُلتُ: يا مولاي، حديثٌ سِمعْته من أبيك؟ قال: هاتِ يا ثُمالُّي، فأعدتُ عليه الحديثَ، قال: نعم، يا ثُماليُّ! أتحِبُّ أن أزيدَك؟ فقُلتُ: بلى، يا مولاي، فقال: مَن لعَنَهما لعنةً واحدةً في كُلِّ غداةٍ لم يكتَبْ عليه ذنبٌ في ذلك اليومِ حتَّى يمسيَ، ومن أمسى لعنَهما لعنةً واحدةً لم يكتَبْ عليه ذنبٌ في ليلةٍ حتى يصبِحَ! قال: فمضى أبو جَعفَرٍ، فدخلتُ على مولانا الصَّادِقِ، فقلتُ: حديثٌ سمعتُه من أبيك وجَدِّك؟ فقال: هاتِ يا أبا حمزةَ! فأعدتُ عليه الحديثَ، فقال: حقًّا يا أبا حمزةَ، ثمَّ قال عليه السَّلامُ: ويُرفَعُ ألفَ ألفِ دَرَجةٍ، ثمَّ قال: إنَّ اللَّهَ واسِعٌ كريمٌ!) [660] يُنظر: ((ضياء الصالحين)) للجوهري (ص: 513). .
وفي كتابِ سليمِ بنِ قَيسٍ العامِريِّ أنَّ عَليًّا شتم عُمَرَ وهدَّده بقولِه: (واللَّهِ لو رُمتَ ذلك يا ابنَ صهاك لأرجَعْتُ إليك يمينَك، لئن سلَلْتُ سيفي لأغمَدْتُه دونَ إزهاقِ نفسِك، فرُمْ ذلك [661] أي: اطلُبْ فِعلَ ذلك إن كنتَ تَقدِرُ عليه. !)، فانكَسَر عُمَرُ وسكَتَ وعَلِمَ أنَّ عليًّا إذا حَلَف صَدَق، ثمَّ قال عليٌّ: يا عُمَرُ! ألستَ الذي همَّ بك رسولُ اللَّهِ وأرسل إليَّ فجِئتُ متقَلِّدًا بسيفي، ثم أقبَلتُ نحوك لأقتُلَك، فأنزل اللَّهُ عزَّ وجَلَّ: فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا [مريم: 84] ؟! قال ابنُ عبَّاسٍ: ثمَّ إنَّهم تآمروا وتذاكَروا، فقالوا: لا يستقيمُ لنا أمرٌ ما دام هذا الرَّجُلُ حَيًّا، فقال أبو بكرٍ: مَن لنا بقَتلِه؟ فقال عُمَرُ: خالِدُ بنُ الوليدِ، فأرسلا إليه، فقالا: يا خالِدُ، ما رأيُك في أمرٍ نحمِلُك عليه؟ قال: احمِلاني على ما شِئْتما، فواللَّهِ إنْ حمَلْتُماني على قَتلِ ابنِ أبي طالبٍ لفعَلْتُ، فقالا: واللَّهِ ما نريدُ غيرَه! قال: فإني لها، فقال أبو بكرٍ: إذا قُمْنا في الصَّلاةِ صلاةِ الفَجرِ، فقُمْ إلى جانبِه ومعك السَّيفُ، فإذا سلَّمْتَ فاضرِبْ عُنُقَه، قال: نعم! فافترقوا على ذلك، ثمَّ إنَّ أبا بكرٍ تفَكَّرَ فيما أمَرَ به من قتلِ عَليٍّ، وعَرَف إن فعل ذلك وقعَت حربٌ شديدةٌ وبلاءٌ طويلٌ، فنَدِم على أمرِه، فلم ينَمْ ليلتَه تلك حتى أتى المسجِدَ وقد أقيمت الصَّلاةُ، فتقَدَّمَ فصلَّى بالنَّاسِ مُفَكِّرًا لا يدري ما يقولُ، وأقبل خالدُ بنُ الوليدِ متقَلِّدًا بالسَّيفِ حتى قام إلى جانبِ عليٍّ، وقد فَطِن عليٌّ ببعضِ ذلك، فلمَّا فرغ أبو بكرٍ مِن تشَهُّدِه صاح قبلَ أن يُسَلِّمَ: يا خالِدُ! لا تفعَلْ ما أمرتُك، فإنْ فعَلْتَ قتَلْتُك، ثمَّ سَلَّم عن يمينِه وشمالِه، فوثب عليٌّ عليه السَّلامُ فأخذ بتلابيبِ خالِدٍ، وانتزع السَّيفَ مِن يَدِه، ثمَّ صَرَعه وجَلَس على صدرِه، وأخذ سيفَه ليَقتُلَه، واجتَمَع عليه أهلُ المسجِدِ ليُخَلِّصوا خالدًا فما قدروا عليه، فقال العبَّاسُ: حَلِّفوه بحَقِّ القبرِ لَمَا كَفَفْتَ، فحَلَّفوه بالقبرِ فتَرَكه، وقام فانطَلَق إلى منزلِه) [662] يُنظر: ((كتاب سليم بن قيس)) (ص: 256، 257). !
وما أكثَرَ الكَذِبَ والباطِلَ في كُتُبِ الشِّيعةِ حتَّى في كتُبِ التَّفسيرِ!
قال القُمِّيُّ في تفسيرِ قولِ اللَّه تعالى: وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ [المائدة: 71] : (نزل كتابُ اللَّهِ يخبِرُ أصحابَ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ أي: لا يكونَ اختبارٌ، ولا يمتَحِنَهم اللَّهُ بأميرِ المُؤمِنين عليه السَّلامُ فَعَمُوا وَصَمُّوا حيث كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَيْنَ أظهُرِهم ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا حينَ قُبِض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأقام أميرَ المُؤمِنين عليه السَّلامُ عليهم، فعَمُوا وصَمُّوا فيه حتى السَّاعةِ!) [663] ((تفسير القمي)) (1/175، 176). .
ورَوَوا عن فاطمةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها أنَّها قالت: (أصاب النَّاسَ زلزلةٌ على عهدِ أبي بَكرٍ وفَزِع النَّاسُ إلى أبي بَكرٍ وعُمَرَ فوجَدوهما قد خرجا فَزِعَينِ إلى عليٍّ عليه السَّلامُ، فتَبِعَهما النَّاسُ إلى أن انتَهَوا إلى بابِ عَليٍّ عليه السَّلامُ، فخرج عليهم غيرَ مكتَرِثٍ لِما هم فيه، فمضى واتَّبَعه النَّاسُ حتى انتَهَوا إلى تلعةٍ، فقعد عليها وقعدوا حولَه وهم ينظُرون إلى حيطانِ المدينةِ ترتَجُّ جائيةً وذاهبةً، فقال لهم عليٌّ: كأنَّكم قد هالَكم ما تَرَونَ؟ قالوا: وكيف لا يهولُنا ولم نَرَ مِثْلَها قطُّ؟ فحرَّك شفَتَيه وضَرَب بيَدِه الشَّريفةِ، ثمَّ قال: ما لَكِ اسكُني! فسكَنَت بإذنِ اللَّهِ، فتعَجَّبوا من ذلك أكثَرَ من تعجُّبِهم الأوَّلِ حيث خرج إليهم! قال لهم: فإنَّكم تعجَّبْتُم من صُنعي؟ قالوا: نعم! قال أنا الرَّجُلُ الذي قال اللَّهُ: إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا [الزَّلزلة: 1-3] ، فأنا الإنسانُ الذي يقولُ لها: ما لَكِ؟ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا [الزلزلة: 4] إيَّاي تُحَدِّثُ!) [664] يُنظر: ((الصافي)) (ص: 571). .
وفي تفسيرِ العياشيِّ: (لمَّا قُبِض نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان الذي كان لِما قد قُضيَ من الاختلافِ، وعَمَد عُمَرُ فبايع أبا بكرٍ، ولم يُدفَنْ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعدُ، فلمَّا رأى ذلك عليٌّ عليه السَّلامُ، ورأى النَّاسَ قد بايعوا أبا بكرٍ، خَشِيَ أن يفتَتِنَ النَّاسُ، ففرغ إلى كتابِ اللَّهِ، وأخذ يجمَعُه في مُصحَفٍ، فأرسل أبو بكرٍ إليه أن تعالَ فبايِعْ، فقال عليٌّ: لا أخرُجُ حتى أجمعَ القرآنَ، فأرسل إليه مرَّةً أخرى فقال: لا أخرُجُ حتَّى أفرُغَ، فأرسَل إليه الثَّالثةَ ابنَ عَمٍّ له يُقالُ: قُنفُذٌ، فقامت فاطمةُ بنتُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تحولُ بينَه وبينَ عليٍّ عليه السَّلامُ، فضربها فانطَلَق قُنفُذٌ، وليس معه عليٌّ، فخَشِيَ أن يجمَعَ عليٌّ النَّاسَ، فأمَر بحَطَبٍ فجَعَل حوالَي بيتِه، ثمَّ انطلق عُمَرُ بنارٍ فأراد أن يحرِقَ على عليٍّ بيتَه وفاطمةَ والحَسَنِ والحُسَينِ صلواتُ اللَّهِ عليهم، فلمَّا رأى عليٌّ ذلك خرَج فبايَع كارهًا غيرَ طائعٍ!) [665] يُنظر: ((تفسير العياشي)) (2/307، 308). ويُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (8/47).
وفي تفسيرِ العياشيِّ أيضًا في تفسيرِ سورةِ البراءةِ، عن أبي حمزةَ الثُّماليِّ أنَّه قال: (قلتُ للإمامِ: ومَن أعداءُ اللَّهِ؟ قال: الأوثانُ الأربعةُ. قلتُ: من هم؟ قال: أبو الفصيلِ، ورُمَعُ، ونَعثَلٌ، ومعاويةُ، ومن دان بدينِهم، فمَن عادى هؤلاء فقد عادى أعداءَ اللَّهِ) [666] يُنظر: ((تفسير العياشي)) (2/116). ويُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (7/37).
وذَكَر المعَلِّقُ على الكتابِ معنى هذه الأسماءِ بقَولِه: (كانوا يُكَنُّون بأبي الفصيلِ عن أبي بَكرٍ؛ لقُربِ البَكرِ بالفَصيلِ، والبَكرُ: الفَتيُّ من الإبِلِ، والفصيلُ: وَلَدُ النَّاقةِ إذا فُصِل عن أمِّه، وفي كلامِ بعضِهم أنَّه كان يرعى الفصيلَ في بعضِ الأزمنةِ، فكُنِّيَ بأبي الفَصيلِ، وأمَّا كَلِمةُ رُمَعَ فهي مقلوبةٌ من عُمَرَ، وفي الحديثِ: أوَّلُ مَن رَدَّ شهادةَ المملوكِ رُمَعُ، وأوَّلُ من أعالَ الفرائِضَ رُمَعُ. وأمَّا نَعثَلٌ فهو اسمُ رجلٍ كان طويلَ اللِّحيةِ، وكان عُثمانُ إذا نيلَ منه وعِيبَ شُبِّه بذلك!) [667] يُنظر: ((تفسير العياشي)) (2/116). .
وقال العياشيُّ في تفسيرِ قَولِ اللَّهِ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى [البقرة: 264] : (نزَلَت في عُثمانَ) [668] ((تفسير العياشي)) (1/147). ويُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (8/217). .
وقال البحرانيُّ في تفسيرِ قولِ اللَّهِ عزَّ وجَلَّ: ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ [التوبة: 40] : (أمَر رسولُ اللَّهِ عَليًّا فنام على فراشِه، وخَشِيَ من أبي بَكرٍ أن يَدُلَّهم عليه فأخَذَه معه إلى الغارِ!) [669] ((البرهان)) (2/127). .
وافترى الشِّيعةُ على أبي جَعفَرٍ الباقِرِ أنَّه قال: (إنَّ رسولَ اللَّهِ أقبَلَ يقولُ لأبي بَكرٍ في الغارِ: اسكُنْ؛ فإنَّ اللَّهَ معنا -إلى أن قال:- تريدُ أن أريَك أصحابي من الأنصارِ في مجالِسِهم يتحَدَّثون، وأريك جَعفَرًا وأصحابَه في البحرِ يعومون؟ فقال: نعم، فمَسَح رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيَدِه على وَجهِه، فنَظَر الأنصارَ جالسين في مجالِسِهم، ونَظَر إلى جَعفَرٍ وأصحابِه في البَحرِ يَغوصون، فأضمَرَ تلك السَّاعةَ أنَّه ساحِرٌ!) [670] يُنظر: ((الروضة من الكافي)) للكليني (8/262)، ((البرهان)) للبحراني (1/125). .
وقالوا عن عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه: إنَّه إبليسُ الأبالسةِ، وفِرعونُ هذه الأمَّةِ، وإنَّه من أهلِ النَّارِ!
فعن الأصبَغِ بنِ نباتةَ أنَّ عليًّا رضي اللَّهُ عنه أخرجه مع جمعٍ فيهم حُذَيفةُ بنُ اليمانِ إلى الجبَّانةِ، فقال عليٌّ عليه السَّلامُ: يا ملائكةَ رَبِّي، ايتوني السَّاعةَ بإبليسِ الأبالسةِ، وفرعونِ الفراعنةِ، فواللَّهِ، ما كان بأسرَعَ من طَرفةِ عَينٍ حتى أحضَروه عِندَه، فلمَّا جرُّوه بَيْنَ يدَيه قام وقال: وا وَيْلاه مِن ظُلمِ آلِ محمَّدٍ! وا وَيْلاه مِن اجترائي عليهم! ثمَّ قال: يا سيِّدي ارحمني؛ فإنِّي لا أحتمِلُ هذا العذابَ، فقال عليه السَّلامُ: لا رَحِمَك اللَّهُ ولا غَفَر لك أيُّها الرِّجسُ النَّجسُ الخبيثُ المُخبِثُ الشَّيطانُ! ثمَّ التَفَت إلينا، فقال: سلوه حتى يخبِرَكم من هو؟ فقلنا له: من أنت؟ فقال: أنا إبليسُ الأبالسةِ، وفرعونُ هذه الأمَّةِ، أنا الذي جحَدتُ سَيِّدي ومولاي أميرَ المُؤمِنين، وخليفةَ رَبِّ العالمينَ، وأنكَرتُ آياتِه ومُعجزاتِه [671] يُنظر: ((البرهان)) للبحراني (1/98). !
وتفاسيرُ الشِّيعةِ مليئةٌ بتحريفِ معاني القرآنِ؛ غُلُوًّا في عَليٍّ رَضي اللَّهُ عنه وأتباعِه، وطعنًا في الخُلَفاءِ الثَّلاثةِ الرَّاشدين رَضِي اللَّهُ عنهم، حتى إنَّهم قالوا: المرادُ بقولِه تعالى: مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ [القارعة: 6] عليٌّ وشيعتُه، والمرادُ بـقولِه تعالى: مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ [القارعة: 8] الثَّلاثةُ وأتباعُهم [672] يُنظر: ((البرهان)) للبحراني (1/333). .
وقالوا في تفسيرِ قولِ اللَّهِ عزَّ وجَلَّ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا [النساء: 137] : نزلت في الأوَّلِ والثَّاني والثَّالِثِ والرَّابعِ وعبدِ الرَّحمنِ وطلحةَ [673] يُنظر: ((تفسير الصافي)) للكاشاني (ص: 136). . يعنون بالأوَّلِ أبا بكرٍ، والثَّاني عُمَرَ، والثَّالِثِ عُثمانَ، والرَّابعِ مُعاويةَ، وعبدُ الرَّحمنِ هو ابنُ عوفٍ، وطلحةُ هو ابنُ عُبَيدِ اللَّهِ، رَضِيَ اللَّهُ عنهم أجمعينَ.
وقالوا في تفسيرِ قولِه تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ [النــور: 11]: (نزلت في عائشةَ وحَفصةَ وأبي بَكرٍ وعُمَرَ، لَمَّا قذفوا ماريةَ القِبطيَّةَ وجُرَيجًا!) [674] يُنظر: ((البرهان)) للبحراني (3/127).
وقالوا في تفسيرِ قولِه تعالى: إِنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات: 6] : (نزلت في عائشةَ!) [675] يُنظر: ((تفسير القمي)) (2/319). .
وقالوا في تفسيرِ قولِ اللَّهِ عزَّ وجَلَّ: وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ [التوبة: 74] : (لمَّا أقام الرَّسولُ عَليًّا يومَ غديرِ خُمٍّ كان بحذائِه سبعةُ نَفَرٍ من المُنافِقين، وهم: أبو بَكرٍ، وعُمَرُ، وعبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ، وسَعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ، وأبو عُبَيدةَ، وسالمُ مولى أبي حُذَيفةَ، والمغيرةُ بنُ شُعبةَ، قال عُمَرُ: ألا ترون عينَيه كأنَّهما عينا مجنونٍ؟!) [676] يُنظر: ((تفسير الصافي)) للكاشاني (ص: 236). .
وقالوا في تفسيرِ قولِ اللَّهِ عزَّ وجَلَّ: الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النحل: 20 - 21] : (الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ: الأوَّلُ والثَّاني والثَّالثُ، كذَّبوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في قولِه: "والُوا عَليًّا واتَّبِعوه"، فعادَوا عليًّا ولم يوالوه، ودعَوا النَّاسَ إلى ولايةِ أنفُسِهم، فذلك قولُ اللَّهِ: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ * أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ [النحل: 20 - 21] كُفَّارٌ غيرُ مُؤمِنين وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ * إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ [النحل: 21 - 22] يعني عن ولايةِ عَليٍّ) [677] يُنظر: ((نور الثقلين)) للحويزي (3/47).
ولم يَسلَمْ من الكَذِبِ حتى من يزعُمون أنَّهم محدِّثو الشِّيعةِ وفُقَهاؤُهم؛ فالكُلينيُّ يذكُرُ تحتَ قولِ اللَّهِ عزَّ وجَلَّ: حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات: 7] : (يعني أميرَ المُؤمِنينَ عليًّا، ووَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ [الحجرات: 7] يعني: الأوَّلَ والثَّانيَ والثَّالثَ) [678] ((الأصول من الكافي)) (1/426). . يقصِدُ أبا بَكرٍ وعُمَرَ وعُثمانَ رَضِيَ اللَّهُ عنهم!
وقال الكُلينيُّ: (لمَّا رأى رسولُ اللَّهِ تَيمًا وعَدِيًّا وبني أميَّةَ يقصِدُ به أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ الذي كان من تيمٍ، والفاروقَ الذي كان من عَديٍّ، وذا النُّورَينِ الذي كان من بني أميَّةَ يركَبون مِنبَرَه أفزعه، فأنزل اللَّهُ تبارك وتعالى قرآنًا يتأسَّى به وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى [البقرة: 34] ثمَّ أوحى إليه: "يا محمَّدُ، إنِّي أَمَرْتُ فلم أُطَعْ، فلا تجزَعْ أنت إذا أَمَرْتَ فلم تُطَعْ في وصيِّك أيضًا") [679] ((الأصول من الكافي)) (1/426). .
وذَكَر الكُلينيُّ أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصبح يومًا كئيبًا حزينًا، فقال له عليٌّ عليه السَّلامُ: (ما لي أراك يا رسولَ اللَّهِ كئيبًا حزينًا؟! قال: وكيف لا أكونُ كذلك وقد رأيتُ في ليلتي هذه أنَّ بني تيمٍ وبني عَديٍّ وبني أميَّةَ يَصعَدون مِنبَري هذا، يردُّون النَّاسَ عن الإسلامِ قَهْقَرى؟) [680] يُنظر: ((الروضة من الكافي)) (8/345). !
وروى الكُلينيُّ أيضًا عن عبدِ المَلِكِ بنِ أعيَنَ أنَّه قال: قلتُ لأبي عبدِ اللَّهِ: خَبِّرني عن الرَّجُلين؟ قال: (ظَلَمانا حقَّنا في كتابِ اللَّهِ عزَّ وجَلَّ، ومنَعَا فاطمةَ صَلَواتُ اللَّهِ عليها ميراثَها من أبيها، وجرى ظلمُهما إلى اليومِ، ونبذا كتابَ اللَّهِ وراءَ ظُهورِهما) [681] يُنظر: ((الروضة من الكافي)) (8/102). !
وروى بإسنادٍ له عن حنانِ بنِ سُديرٍ عن أبيه أنَّه قال: سألتُ أبا جَعفَرٍ عن أبي بَكرٍ وعُمَرَ فقال: (يا أبا الفَضلِ، ما تسألُني عنهما؟! فواللَّهِ ما مات منَّا مَيِّتٌ قطُّ إلَّا ساخِطًا عليهما، يوصي بذلك الكبيرُ منَّا الصَّغيرَ؛ إنَّهما ظلمانا حَقَّنا، ومنعانا فَيْئَنا، وكانا أوَّلَ مَن ركِبَ أعناقَنا، وبَثَقا علينا بثقًا في الإسلامِ لا يُسكَرُ أبدًا حتى يقومَ قائمُنا أو يتكَلَّمَ مُتكَلِّمُنا) [682] يُنظر: ((الروضة من الكافي)) (8/102). .
وروى أيضًا عن الكُمَيتِ الأسديِّ أنَّه قال: قلتُ: خَبِّرني عن الرَّجُلينِ؟ قال: (واللَّهِ يا كُمَيتُ، ما أهريقَ مِحجَمةٌ من دَمٍ، ولا أُخِذَ مالٌ من غيرِ حِلِّه، ولا قُلبَ حَجَرٌ عن حَجَرٍ إلَّا ذاك في أعناقِهما) [683] يُنظر: ((الروضة من الكافي)) (8/103). !
ونَقَل ابنُ بابَوَيهِ القُمِّيُّ الملقَّبُ بالصَّدوقِ روايةً كاذبةً، فيها: (إنَّ أبا بكرٍ لمَّا بُويع ذهب أنصارُ عليٍّ إليه، فتكلَّموا في الأمرِ، فقال لهم عَليٌّ رَضيَ اللَّهُ عنه: وقد اتَّفَقت عليه الأمَّةُ التَّاركةُ لقولِ نبيِّها والكاذبةُ على رَبِّها، ولقد شاورْتُ في ذلك أهلَ بيتي، فأبَوا إلَّا السُّكوتَ لِما تعلَمون من وَغرِ صُدورِ القومِ، وبُغضِهم للهِ عزَّ وجَلَّ ولأهلِ بيتِ نبيِّه عليه السَّلامُ، وإنَّهم ليُطالِبون بثاراتِ الجاهليَّةِ، واللَّهِ لو فعلْتُم ذلك لشَهَروا سيوفَهم مستعِدِّين للحَربِ والقتالِ كما فعَلوا ذلك حتى قهَروني وغلبوني على نفسي... ولكِنِ ايتوا الرَّجُلَ فأخبِروه بما سمِعتُم من نبيِّكم، ولا تجعَلوه في شُبهةٍ من أمرِه؛ ليكونَ ذلك أعظَمَ للحُجَّةِ عليه وأزيدَ، وأبلَغَ في عقوبتِه إذ عتا رَبَّه، وقد عصا نبيَّه، وخالف أمرَه، قال: فانطَلَقوا حتى حفُّوا بمنبَرِ رسولِ اللَّهِ يومَ جُمُعةٍ، وكان أوَّلُ من بدا وقام خالِدَ بنَ سعيدِ بنِ العاصِ بإدلالِه ببني أميَّةَ... فقال له عُمَرُ بنُ الخطَّابِ: اسكُتْ يا خالِدُ؛ فلستَ من أهلِ المشورةِ، ولا ممَّن يُرضى بقولِه، فقال خالِدٌ: بل اسكُتْ أنت يا ابنَ الخطَّابِ، فواللَّهِ إنَّك لتعلَمُ أنَّك تنطِقُ بغيرِ لِسانِك، وتعتصِمُ بغيرِ أركانِك، واللَّهِ إنَّ قُرَيشًا لتعلَمُ أني أعلاها حسَبًا، وأقواها أدبًا، وأجملُها ذِكْرًا، وأقلُّها غِنًى من اللَّهِ ورسولِه، وإنَّك لجبانٌ عِندَ الحَربِ، بخيلٌ في الجَدبِ، لئيمُ العنصُرِ، ما لك في قُريشٍ مَفخَرٌ) [684] ((الخصال)) (ص: 463). .
ومن الكَذِبِ المرويِّ في كتُبِ الشِّيعةِ أنَّ جَعفَرًا سُئِل: ما بالُ أميرِ المُؤمِنين لم يقاتِلْ فلانًا وفلانًا وفلانًا؟ قال: (لآيةٍ في كتابِ اللَّهِ عزَّ وجَلَّ: لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [الفتح: 25] ، قيل: وما يعني بتزايُلِهم؟ قال: ودائِعُ مُؤمِنين في أصلابِ قومٍ كافِرين) [685] يُنظر: ((علل الشرائع)) للقمي (ص: 147). .
ومن الكَذِبِ المرويِّ عن عليٍّ أنَّه قال لسَلْمانَ رضي اللَّهُ عنهما: (تدري من أوَّلُ مَن بايع أبا بكرٍ حينَ صَعِدَ المنبَرَ؟ قلتُ: لا، ولكِنْ رأيتُ شيخًا كبيرًا يتوكَّأُ على عصاه بَيْنَ عينيه سجَّادةٌ شديدةُ التَّشميرِ، صَعِد المنبرَ أوَّلَ مَن صَعِد وهو يبكي ويقولُ: الحمدُ للهِ الذي لم يُمِتْني حتى رأيتُك في هذا المكانِ، ابسُطْ يَدَك، فبسَط يدَه فبايعَه، ثمَّ قال: يومٌ كيومِ آدَمَ، ثمَّ نزل فخرج من المسجِدِ، فقال عليٌّ عليه السَّلامُ: يا سلمانُ، أتدري مَن؟! قلتُ: لا، ولكن ساءتني مقالتُه كأنَّه شامِتٌ بموتِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم! قال عليٌّ عليه السَّلامُ: فإنَّ ذلك إبليسُ) [686] يُنظر: ((كتاب سليم بن قيس)) (ص: 80، 81). !
وهذا من الكَذِبِ الصَّريحِ في كتابِ سليمِ بنِ قيسٍ الذي يعتقِدُ الشِّيعةُ صِحَّتَه، وينقُلون منه الكَذِبَ العجيبَ الغريبَ، ومن ذلك هذه الرِّوايةُ الطَّويلةُ المفتراةُ التي لا يخفى كَذِبُها على كُلِّ عاقلٍ سليمِ الفِطرةِ: (لَمَّا رأى عليٌّ عليه السَّلامُ خِذلانَ النَّاسِ إيَّاه وتَرْكَهم نصرتَه، واجتماعَ كَلمتِهم مع أبي بَكرٍ وتعظيمَهم إيَّاه، لزم بيتَه، فقال عُمَرُ لأبي بَكرٍ: ما يمنعُك أن تبعَثَ إليه فيبايعَ؛ فإنَّه لم يَبقَ أحدٌ إلَّا قد بايع غيرُه وغيرُ هؤلاء الأربعة؟! وكان أبو بكرٍ أرَقَّ الرَّجُلين وأرفَقَهما وأدهاهما وأبعَدَهما غَورًا، والآخَرُ أفظَّهما وأغلَظَهما وأجفاهما، فقال له أبو بكرٍ: من نرسِلُ إليه؟ فقال عُمَرُ: نرسِلُ إليه قُنفذًا، وهو رجلٌ فظٌّ غليظٌ جافٍ من الطُّلَقاءِ، أحدُ بني عَديِّ بنِ كعبٍ، فأرسله وأرسَل معه أعوانًا، وانطلق فاستأذن على عليٍّ عليه السَّلامُ، فأبى أن يأذَنَ لهم، فرجع أصحابُ قنفُذٍ إلى أبي بَكرٍ وعُمَرَ وهما جالسان في المسجدِ والنَّاسُ حولهما، فقالوا: لم يؤذَنْ لنا، فقال عُمَرُ: اذهبوا فإن أذِنَ لكم وإلَّا فادخُلوا بغيرِ إذنٍ، فانطلَقوا فاستأذَنوا فقالت فاطمةُ عليها السَّلامُ: أُحَرِّجُ عليكم أن تدخُلوا على بيتي بغيرِ إذنٍ، فرجعوا وثَبَت قُنفُذٌ الملعونُ، فقالوا: إنَّ فاطمةَ قالت كذا وكذا فتحَرَّجْنا أن ندخُلَ بيتَها بغيرِ إذنٍ، فغَضِب عُمَرُ وقال: ما لنا وللنِّساءِ؟ ثمَّ أمر أناسًا حولَه أن يحمِلوا الحَطَبَ، فحملوا الحَطَبَ، وحمل معهم عُمَرُ، فجعلوه حولَ منزلِ عليٍّ وفاطمةَ وابنيها، ثمَّ نادى عُمَرُ حتى أسمع عليًّا عليه السَّلامُ وفاطمةَ: واللَّه لتخرُجَنَّ يا عليُّ، ولتُبايعَنَّ خليفةَ رسولِ اللَّهِ وإلَّا أضرَمْتُ عليك النَّارَ، فقالت فاطمةُ عليها السَّلامُ: يا عُمَرُ، ما لنا ولك؟! فقال: افتحي البابَ وإلَّا أحرَقْنا عليكم بيتَكم، فقالت: يا عُمَرُ، أمَا تتَّقي اللَّهَ، تدخل عليَّ بيتي؟! فأبى أن ينصَرِفَ، ودعا عُمَرُ بالنَّارِ فأضرَمَها في البابِ، ثمَّ دفعه فدخل، واستقبلَتْه فاطمةُ عليها السَّلامُ وصاحت: يا أبتاه، فرَفَع السَّوطَ فضَرَب به ذراعَها، فنادت: يا رسولَ اللَّهِ، لبئس ما خلَفك أبو بَكرٍ وعُمَرُ، فوثب عليٌّ عليه السَّلامُ فأخذ بتلابيبِه ثمَّ نتَرَه فصرعه، ووجَأَ أنفَه ورقبَتَه، وهمَّ بقتلِه، فذَكَر قولَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وما أوصاه به، فقال: والذي كرَّم محمَّدًا بالنُّبوَّةِ يا ابن صهاك، لولا كتابٌ من اللَّهِ سَبَق وعهدٌ عَهِده إليَّ رسولُ اللَّهِ لعَلِمتَ أنَّك لا تدخُلُ بيتي، فأرسل عُمَرُ يستغيثُ، فأقبل النَّاسُ حتى دخلوا الدَّارَ، وثار عليٌّ عليه السَّلامُ إلى سيفِه، فرجَع قنفُذٌ إلى أبي بَكرٍ وهو يتخوَّفُ أن يخرُجَ عليٌّ بسيفِه؛ لِما قد عَرَف من بأسِه وشِدَّتِه، فقال أبو بكرٍ لقُنفُذٍ: ارجِعْ فإن خرج وإلَّا فاقتَحِمْ عليه بيتَه، فإن امتنع فأضرِمْ عليهم بيتَهم بالنَّارِ، فانطَلَق قنفُذٌ الملعونُ فاقتحم هو وأصحابُه بغيرِ إذنٍ، وثار عليٌّ عليه السَّلامُ إلى سيفِه، فسبقوه إليه، وكاثروه وهم كثيرون، فتناول بعضَ سيوفِهم فكاثروه، فألقَوا في عنُقِه حبلًا، وحالت بَيْنَهم وبينه فاطمةُ عليها السَّلامُ عِندَ بابِ البيتِ، فضربها قنفُذٌ الملعونُ بالسَّوطِ، فماتت حين ماتت وإنَّ في عَضُدِها كمِثلِ الدُّملُجِ من ضربتِه لعنه اللَّهُ، ثمَّ انطلق بعليٍّ عليه السَّلامُ يُعتَلُ عَتْلًا حتى انتهى به إلى أبي بَكرٍ، وعُمَرُ قائمٌ بالسَّيفِ على رأسِه، وخالِدُ بنُ الوليدِ وأبو عبيدةَ بنُ الجَرَّاحِ وسالمٌ مولى أبي حذيفةَ ومعاذُ بنُ جبلٍ والمغيرةُ بنُ شُعبةَ وأُسَيدُ بنُ حُضيرٍ وبشيرُ بنُ سعدٍ وسائرُ النَّاسِ حولَ أبي بَكرٍ عليهم السِّلاحُ، قال: قلتُ لسَلمانَ: أدَخَلوا على فاطمةَ بغيرِ إذنٍ؟ قال: إي واللَّهِ وما عليها خمارٌ! فنادت: يا أبتاه يا رسولَ اللَّهِ، فلبِئْسَ ما خلَفَك أبو بَكرٍ وعُمَرُ، وعيناك لم تتفتَّأْ في قبرِك، تنادي بأعلى صوتِها، فلقد رأيتُ أبا بكرٍ ومَن حوله يبكون ما فيهم إلَّا باكٍ غيرُ عُمَرَ وخالدٌ والمغيرةُ بنُ شُعبةَ، وعُمَرُ يقولُ: إنَّا لسنا من النِّساءِ ورأيِهنَّ في شيءٍ، قال: فانتَهوا بعليٍّ عليه السَّلامُ إلى أبي بَكرٍ وهو يقولُ: أمَا واللَّهِ لو وقع سيفي في يدي لعَلِمتُم أنَّكم لم تَصِلوا إلى هذا أبدًا، أمَا واللَّهِ ما ألومُ نفسي في جهادِكم، ولو كنتُ استمكَنتُ من الأربعين رجُلًا لفرَّقتُ جماعتَكم، ولكِنْ لعن اللَّهُ أقوامًا بايعوني ثمَّ خذلوني، ولمَّا أن بَصُرَ به أبو بكرٍ صاح: خلُّوا سبيلَه، فقال عليٌّ عليه السَّلامُ: يا أبا بكرٍ، ما أسرَعَ ما توثَّبتُم على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم! بأيِّ حقٍّ وبأيِّ منزلةٍ دعوتَ النَّاسَ إلى بيعتِك؟! ألم تبايِعْني بالأمسِ بأمرِ اللَّهِ وأمرِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟!
وقد كان قنفُذٌ لعنه اللَّهُ حينَ ضرب فاطمةَ بالسَّوطِ حينَ حالت بينه وبين زوجِها وأرسَل إليه عُمَرُ: إن حالت بينك وبينه فاطمةُ فاضرِبْها، فألجأها قنفُذٌ إلى عضادةٍ لبيتِها، ودفعها فكَسَر ضِلعَها من جنبِها، فألقت جنينًا من بطنِها، فلم تَزَلْ صاحبةَ فراشٍ حتى ماتت صلَّى اللَّه عليها، من ذلك شهيدةً، قال: ولمَّا انتهى بعليٍّ عليه السَّلامُ إلى أبي بَكرٍ انتهره عُمَرُ، وقال له: بايِعْ ودَعْ عنك هذه الأباطيلَ، فقال له عليٌّ: فإن لم أفعَلْ فما أنتم صانعون؟ قالوا: نقتُلُك ذُلًّا وصَغارًا، فقال: إذًا تقتُلون عبدًا للهِ، وأخا رسولِه، قال أبو بكرٍ: أمَّا عبدُ اللَّهِ فنعَمْ، وأمَّا أخا رسولِ اللَّهِ فما نُقِرُّ بهذا، قال: أتجحَدون أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم آخى بيني وبينَه؟ قال: نعم، فأعاد ذلك عليه ثلاثَ مرَّاتٍ، ثمَّ أقبل عليهم عليٌّ عليه السَّلامُ، فقال: يا معشَرَ المُسلِمين والمهاجِرين والأنصارِ، أنشُدُكم اللَّهَ أسمِعتُم رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ يومَ غَديرِ خُمٍّ كذ وكذا؟، فلم يدَّعِ عليه السَّلامُ شيئًا قاله فيه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علانيةً للعامَّةِ إلَّا ذَكَرهم إيَّاه، قالوا: نعم! فلمَّا تخوَّف أبو بكرٍ أن ينصُرَه النَّاسُ وأن يمنعوه، بادرهم فقال: كُلُّ ما قُلتَ حَقٌّ قد سمعناه بآذاننا، ووعَتْه قلوبُنا، ولكِنْ قد سمِعتُ رسولَ اللَّهِ يقولُ بعد هذا: إنَّا أهلَ بيتٍ اصطفانا اللَّهُ وأكرَمَنا، واختار لنا الآخرةَ على الدُّنيا، وإنَّ اللَّهَ لم يكُنْ ليجمَعَ لنا أهلَ البيتِ النُّبوَّةَ والخِلافةَ، فقال عليٌّ: هل أحدٌ من أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شهد هذا معك؟ فقال عُمَرُ: صَدَق خليفةُ رسولِ اللَّهِ، قد سمِعْتُه منه كما قال، وقال أبو عُبَيدةَ وسالمٌ مولى أبي حُذَيفةَ ومعاذُ بنُ جَبَلٍ: قد سمِعْنا ذلك من رسولِ اللَّهِ، فقال عليٌّ عليه السَّلام: لقد وفَيتُم بصحيفتِكم التي تعاقَدتُم عليها في الكعبةِ: إن قَتَل اللَّهُ محمَّدًا أو مات لتَزوُنَّ هذا الأمرَ عنَّا أهلَ البيتِ! فقال أبو بكرٍ: فما عِلمُك بذلك؟ ما أطلَعْناك عليها! فقال عليه السَّلامُ: أنت يا زُبَيرُ وأنت يا سَلمانُ وأنت يا أبا ذَرٍّ وأنت يا مِقدادُ: أسألُكم باللَّهِ وبالإسلامِ، أمَا سمعتُم رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ ذلك وأنتم تسمعَون أنَّ فُلانًا وفُلانًا -حتى عدَّهم هؤلاء الخمسةَ- قد كتبوا بَيْنَهم كتابًا، وتعاهدوا فيه وتعاقَدوا على ما صنَعوا، فقالوا: اللَّهمَّ نعَمْ، قد سمِعْنا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ ذلك لك، إنَّهم قد تعاهدوا وتعاقدوا على ما صنعوا، وكتبوا بَيْنَهم كتابًا إن قُتِلتَ أو مُتَّ أن يزووا عنك هذا يا عليُّ، قلتُ: بأبي أنت وأمِّي يا رسولَ اللَّهِ، فما تأمُرُني إذا كان ذلك أن أفعَلَ؟ فقال: ((لك إن وجَدْتَ عليهم أعوانًا فجاهِدْهم ونابِذْهم، وإن أنت لم تجِدْ أعوانًا فبايِعْ واحقِنْ دَمَك))، فقال عليٌّ عليه السَّلام: أمَا واللَّهِ لو أنَّ أولئك الأربعين رجلًا الذين بايعوني وفَوا لي لجاهَدْتُكم في اللَّهِ، ولكِنْ أمَا واللَّهِ لا ينالُها أحدٌ من عَقِبِكما إلى يومِ القيامةِ، وفيما يُكذِّب قولَكم على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قولُه تعالى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا [النساء: 54] ، فالكِتابُ النُّبوَّةُ، والحِكمةُ السُّنَّةُ، والمُلكُ الخلافةُ، ونحنُ آلُ إبراهيمَ، فقام المِقدادُ فقال: يا عليُّ! بما تأمُرُني؟ واللَّهِ إن أمَرْتَني لأضرِبَنَّ بسيفي، وإن أمَرْتَني كفَفْتُ، فقال عليٌّ: كُفَّ يا مقدادُ، واذْكُرْ عهدَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وما أوصاك به، فقُمتُ وقُلتُ: والذي نفسي بيدِه لو أني أعلَمُ أني أدفَعُ ضيمًا وأعِزُّ للهِ دينًا لوضَعْتُ سيفي على عنُقي ثمَّ ضرَبتُ به قَدَمًا قَدَمًا، أتَثِبُون على أخي رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ووصيِّه وخليفتِه في أمَّتِه وأبي ولَدِه؟ فأبشروا بالبلاءِ، واقنَطوا من الرَّخاءِ، وقام أبو ذرٍّ فقال: أيَّتُها الأمَّةُ المتحَيِّرةُ بعدَ نبيِّها، المخذولةُ بعصيانها، إنَّ اللَّهَ يقولُ: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [آل عمران: 33-34] ، وآلُ محمَّدٍ الأخلافُ من نوحٍ، وآلُ إبراهيمَ من إبراهيمَ، والصَّفوةُ والسُّلالةُ من إسماعيلَ، وعِترةُ النَّبيِّ محمَّدٍ وأهلُ بيتِ النُّبوَّةِ وموضِعُ الرِّسالةِ ومختَلِفُ الملائكةِ، وهم كالسَّماءِ المرفوعةِ، والجبالِ المنصوبةِ، والكعبةِ المستورةِ، والعينِ الصَّافيةِ، والنُّجومِ الهاديةِ، والشَّجَرةِ المباركةِ، أضاء نورُها، وبورِكَ زيتُها، محمَّدٌ خاتَمُ الأنبياءِ، وسَيِّدُ ولَدِ آدمَ، وعليٌّ وَصِيُّ الأوصياءِ، وإمامُ المتَّقين، وقائدُ الغُرِّ المحَجَّلين، وهو الصِّدِّيقُ الأكبَرُ، والفاروقُ الأعظَمُ، ووصيُّ محمدٍ، ووارِثُ عِلمِه، وأَولى النَّاسِ بالمُؤمِنين من أنفُسِهم، كما قال اللَّهُ: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ [الأحزاب: 6] فقدِّموا مَن قدَّم اللَّهُ، وأخِّروا مَن أخَّر اللَّهُ، واجعَلوا الولايةَ والوراثةَ لمن جعل اللَّهُ، فقام عُمَرَ فقال لأبي بَكرٍ وهو جالسٌ فوقَ المنبَرِ: ما يجلِسُك فوقَ المنبَرِ وهذا جالِسٌ محارِبٌ لا يقومُ فيبايعُك، أو تأمُرُ به فتُضرَبُ عُنُقُه؟! والحَسَنُ والحُسَينُ عليهما السَّلامُ قائمان، فلمَّا سمعا مقالةَ عُمَرَ بكيا، فضَمَّهما عليه السَّلامُ إلى صَدرِه، فقال: لا تبكيا، فواللَّهِ ما يقدِران على قَتلِ أبيكما، وأقبَلَت أمُّ أيمنَ حاضنةُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالت: يا أبا بكرٍ ما أسرَعَ ما أبديتُم حَسَدَكم ونفاقَكم؟! فأمَر بها عُمَرُ، فأُخرِجَت من المسجِدِ، وقال: ما لنا وللنساءِ؟ وقام بُريدةُ الأسلميُّ وقال: أتثِبُ يا عُمَرَ على أخي رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأبي ولَدِه، وأنت الذي نعرِفُك في قريشٍ بما نعرِفُك؟! ألستُما اللَّذيْنِ قال لكما رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: انطَلِقا إلى عليٍّ وسَلِّما عليه بإمرةِ المُؤمِنين، فقُلْتُما: أعن أمرِ اللَّهِ وأمرِ رسولِه؟! قال: نعم، فقال أبو بكرٍ: قد كان ذلك، ولكِنَّ رسولَ اللَّهِ قال بعدَ ذلك: ((لا يجتَمِعُ لأهلِ بيتي النُّبوَّةُ والخِلافةُ))، فقال: واللَّهِ ما قال هذا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، واللَّهِ لا سكنتُ في بلدةٍ أنت فيها أميرٌ، فأمر به عُمَرُ فضُرِب وطُرِد، ثمَّ قال: قُمْ يا ابنَ أبي طالبٍ فبايِعْ، فقال: فإن لم أفعَلْ، قال: إذًا واللَّهِ نضرِبُ عُنُقَك، فاحتَجَّ عليهم ثلاثَ مرَّاتٍ، ثمَّ مَدَّ يدَه من غيرِ أن يفتَحَ كَفَّه فضرب عليها أبو بكرٍ، ورَضِيَ بذلك منه، فنادى عليٌّ عليه السَّلامُ قبل أن يبايِعَ والحبلُ في عُنُقِه: يا ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي [الأعراف: 150] ) [687] يُنظر: ((كتاب سليم بن قيس)) (ص: 83 - 89). !
ومن الكَذِبِ الذي يرويه الشِّيعةُ أنَّ عُمَرَ قال: (يا سَلمانُ، أمَا إذ بايع صاحِبُك وبايَعْتَ فقُلْ ما شئتَ، وافعَلْ ما بدا لك، وليقُلْ صاحبُك ما بدا له، قال سَلمانُ: فقلتُ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ((إنَّ عليك وعلى صاحبِك الذي بايعْتَه مِثلَ ذُنوبِ أمَّتِه إلى يومِ القيامةِ ومِثلَ عذابِهم جميعًا))، فقال له: قُلْ ما شِئتَ، أليس قد بايَعْتَ ولم يُقِرَّ اللَّهُ عينيك بأن يليَها صاحبُك؟! فقلتُ: أشهَدُ أني قد قرأتُ في بعضِ كُتُبِ اللَّهِ المنزَّلةِ أنَّك باسمِك ونسَبِك وصفتِك بابٌ من أبوابِ جهنَّمَ، فقال لي: قُلْ ما شِئتَ، أليس قد أزالها اللَّهُ عن أهلِ البيتِ الذين اتخذْتُموهم أربابًا من دونِ اللَّهِ؟! فقلتُ له: أشهَدُ أنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ، وسألتُه عن هذه الآيةِ: فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ [الفجر: 25-26] فأخبرني أنَّك أنت هو، فقال لي عُمَرُ: اسكُتْ أسكتَ اللَّهُ نَأْمَتَك [688] يعني: نَغْمَتَك وصوتَك. يُنظر: ((الصحاح)) للجوهري (5/2038). أيُّها العبدُ ابنَ اللَّخناءِ، فقال لي عليه السَّلامُ: أقسَمْتُ عليك يا سلمانُ لَمَا سكَتَّ، فقال سلمانُ: واللَّهِ لو لم يأمُرْني عليٌّ بالسُّكوتِ لخبَّرْتُه بكُلِّ شيءٍ نزل فيه، وكُلِّ شيءٍ سمِعتُه من رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم فيه وفي صاحِبِه. فلمَّا رآني عُمَرُ قد سكَتُّ، قال: إنَّك له لمطيعٌ مُسلِمٌ، فلمَّا أن بايع أبو ذَرٍّ والمقدادُ ولم يقولا شيئًا قال عُمَرُ: يا سلمانُ، ألا تكُفُّ كما كفَّ صاحباك؟! واللَّهِ ما أنت بأشَدَّ حبًّا لأهلِ هذا البيتِ منهما، ولا أشَدَّ تعظيمًا لحقِّهم منهما، وقد كفَّا كما نرى وبايعا، وقال أبو ذرٍّ: يا عُمَرُ، أفتعَيِّرُنا بحبِّ آلِ محمَّدٍ وتعظيمِهم؟! لعن اللَّهُ -وقد فَعَل- من أبغَضَهم وافترى عليهم وظلَمَهم حقَّهم وحمَل النَّاسَ على رقابِهم، ورَدَّ هذه الأمَّةَ القَهْقَرى على أدبارِها، فقال عُمَرُ: آمين، لعَنَ اللَّهُ مَن ظلَمَهم حَقَّهم! لا واللَّهِ ما لهم فيها حَقٌّ، وما هم فيها وعرضُ النَّاسِ إلَّا سواءٌ، قال أبو ذَرٍّ: فلمَ خاصَمْتُم الأنصارَ بحقِّهم وحُجَّتِهم؟! قال عليٌّ عليه السَّلامُ لعُمَرَ: يا ابنَ صهاك، فليس لنا فيها حقٌّ وهي لك ولابنِ آكلةِ الذُّبابِ؟! قال عُمَرُ: كفَّ الآن يا أبا الحَسَنِ إذ بايَعْتَ؛ فإنَّ العامَّةَ رَضُوا بصاحبي، ولم يَرضَوا بك، فما ذنبي؟ قال عليٌّ عليه السَّلامُ: ولكِنَّ اللَّهَ عزَّ وجَلَّ ورسولَه لم يرضيا إلَّا بي، فأبشِرْ أنت وصاحِبُك ومَن اتَّبَعَكما ووازَرَكما بسَخَطٍ من اللَّهِ وعذابِه وخِزيِه، وَيْلَك يا ابنَ الخطَّابِ! لو تدري ما منه خرَجْتَ، وفيما دخَلْتَ، وماذا جَنَيتَ على نفسِك وعلى صاحِبِك؟) [689] يُنظر: ((كتاب سليم بن قيس)) (ص: 90، 91). .
ومن الكَذِبِ في كتُبِ الشِّيعةِ أنَّ عَليَّ بنَ أبي طالبٍ عليه السَّلامُ قال لعُثمانَ: (سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يلعَنُك ثمَّ لم يستغفِرِ اللَّهُ لك بَعْدَ ما لعنك،... وأنَّه قال: إنَّ النَّاسَ كُلَّهم ارتدُّوا بعدَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غيرَ أربعةٍ، إنَّ النَّاسَ صاروا بعدَ رَسولِ اللَّهِ بمنزلةِ هارونَ ومَن تَبِعَه، ومنزلةِ العِجلِ ومَن تبِعَه، فعليٌّ في شَبَهِ هارونَ، وعتيقٌ في شَبَهِ العِجلِ، وعُمَرُ في شَبَهِ السَّامِريِّ) [690] يُنظر: ((كتاب سليم بن قيس)) (ص: 91، 92). .
ومِن كَذِب الشِّيعةِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: (سَلِّموا على أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمَّتي، ووَليِّ كُلِّ مُؤمِنٍ بعدي بإمرةِ المُؤمِنين؛ فإنَّه زِرُّ الأرضِ الذي تسكُنُ إليه، ولو فقَدْتُموه أنكَرتُم الأرضَ وأهلَها)، فرأيتُ عِجلَ هذه الأمَّةِ وسامِرِيَّها راجَعَا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالا: حقٌّ من اللَّهِ ورسولِه؟! فغَضِبَ رسولُ اللَّهِ، ثمَّ قال: حقٌّ من اللَّهِ ورسولِه، فقالا: ما بالُ هذا الرَّجُلِ ما زال يرفَعُ خصيصةَ ابنِ عَمِّه؟!) [691] يُنظر: ((كتاب سليم بن قيس)) (ص: 167). .
ومن الكَذِبِ أنَّ عَليَّ بنَ أبي طالبٍ رضي اللَّهُ عنه كتب إلى معاويةَ بنِ أبي سفيانَ رضي اللَّهُ عنه: (إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رأى اثنَي عَشَرَ إمامًا من أئِمَّةِ الضَّلالةِ على مِنبَرِه يردُّون النَّاسَ على أدبارِهم القَهْقَهرى؛ رجلانِ من قُرَيشٍ، وعَشرةٌ من بني أميَّةَ، أوَّلَ العَشَرةِ صاحِبُك الذي تطلُبُ بدَمِه. يعني عُثمانَ) [692] يُنظر: ((كتاب سليم بن قيس)) (ص: 196).
وكتابُ سليمِ بنِ قيسٍ يعتَمِدُ عليه الشِّيعةُ على ما فيه من الكَذِبِ [693] سليمُ بنُ قيسٍ الهلاليُّ يُعِدُّه الشيعةُ من أصحابِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ المقرَّبين، وممَّن صحِبَ الحسَنَ والحُسَينَ وعليَّ بنَ الحسينِ ومحمَّدًا الباقرَ، ويعُدُّونه أوَّلَ مدوَّنٍ شيعيٍّ لفضائلِ أهلِ البيتِ والأحداثُ التي وقعت بعد موتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويدَّعون أنَّه وُلِد في الكوفةِ قبلَ الهجرةِ النَّبَويَّةِ بسَنتينِ، مع أنَّ الكوفةَ لم تؤسَّسْ إلَّا في خلافةِ عُمَرَ، ولم تكُنْ معروفةً في حياةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وزعَم الشِّيعةُ أنَّ سليمَ بنَ قيسٍ هاجر إلى المدينةِ في خلافةِ عُمَرَ، وعُمرُه 16 عامًا، وبقيَ فيها إلى سنةِ 34 للهجرةِ، وصَحِب عليُّ بنُ أبي طالبٍ إلى العراقِ، وقاتَل معه في موقعةِ الجَمَلِ وصِفِّين، ولم يعدُّوه ممَّن حضَرَ كَرْبلاءَ مع الحُسينِ، وذكروا أنَّه هرَب من الحَجَّاجِ بنِ يوسُفَ الثَّقَفيِّ إلى إيرانِ، فتوفِّيَ فيها قُربَ شيرازَ سنةَ 76ه وعمُرُه 78 سنةً. يُنظر: ((رجال الطوسي)) (ص: 66، 94، 101، 114)، ((رجال النجاشي)) (ص: 8)، ((تنقيح المقال)) للمامقاني (2/53)، ((روضات الجنات)) للخوانساري (4/66)، ((خلاصة الأقوال)) للحلي (ص: 162). وسليمُ بنُ قيسٍ مجهولٌ، وقد روى عنه أبانُ بنُ أبي عيَّاشٍ، وكذلك جعفَرُ بنُ زيادٍ كما في ((كتاب القندِ في عُلَماءِ سَمَرقندَ)) للنسفي (ص: 233)، وقد تفرَّد بروايةِ كتابِ سليمِ بنِ قيسٍ أبانُ بنُ أبي عيَّاشٍ كما ذكر ذلك النديم في ((الفهرست)) (ص: 271)، وقد ذكَرَ ابنُ أبي حاتمٍ سليمُ بنُ قيسٍ في كتابِه ((الجرح والتعديل)) ولم يذكُرْ فيه جرحًا ولا تعديلًا لكونِه مجهولًا. يُنظر: ((الجرح والتعديل)) لابن أبي حاتم (4/214)، وأبانُ بنُ أبي عيَّاشٍ ضعيفٌ جِدًّا، واتَّهمه بعضُهم بالكَذِبِ؛ قال ابنُ عَديٍّ: (روى عن شعبةَ أنَّه قال: لأن أشرَبَ من بولِ حمارٍ حتَّى أَروى أحبُّ إليَّ من حديثِ أبانَ بنِ أبي عيَّاشٍ. وقال يزيدُ بنُ هارونَ: قال شُعبةُ: لأن أزنيَ سبعينَ مرَّةً أحبُّ إليَّ من أن أحدِّثَ عن أبانَ بنِ أبي عيَّاشٍ، وعن أحمدَ بنِ حَنبلٍ أنَّه قال: لا يُكتَبُ عن أبانَ بنِ أبي عيَّاشٍ، كان مُنكَرَ الحديثِ، وقال يحيى بنُ مَعينٍ: أبانُ متروكُ الحديثِ). ((الكامل في ضعفاء الرجال)) (2/57، 59) باختصار وتصرف. وقال ابنُ عَديٍّ أيضًا عن أبانَ: (عامَّةُ ما يرويه لا يتابَعُ عليه، وهو بَيِّنُ الأمرِ في الضَّعفِ... وأرجو أنَّه ممَّن لا يتعمَّدُ الكَذِبَ إلَّا أن يُشَبَّهَ عليه ويَغلَطَ، وعامَّةُ ما أُتي أبانُ من جهةِ الرُّواةِ لا من جهتِه؛ لأنَّ أبانَ رَوَوا عنه قومٌ مجهولون). ((الكامل في ضعفاء الرجال)) (2/67). وكتابُ سليمِ بنِ قيسٍ الهِلاليِّ مكذوبٌ، والذي وضعَه ونسَبه إلى سليمِ بنِ قيسٍ قد يكونُ أبانَ بنَ أبي عيَّاشٍ أو أحدَ الرُّواةِ المجهولين عن أبانَ، ولا يبعُدُ أنَّ غُلاةَ الشِّيعةِ بعدَ ذلك زادوا على ما فيه من الباطِلِ أباطيلَ أخرى، فهو كتابٌ مليءٌ بالكَذِبِ والحكاياتِ الباطلةِ التي فيها طَعنٌ على الصَّحابةِ، بل فيه كفرٌ صريحٌ، كإثباتِ تحريفِ كتابِ اللهِ سُبحانَه، فويلٌ لمن افترى الكَذِبَ. وقد أحسَنَ ابنُ أبي الحديدِ الشِّيعيُّ وأنصف في بيانِ حالِ سليمِ بنِ قيسٍ وكتابِه، فقال: (روايةُ سليمِ بنِ قيسٍ الهلاليِّ ليست بشيءٍ، وسليمٌ معروفُ المذهَبِ، ويكفي في رَدِّ روايتِه كتابُه المعروفُ بينهم المسمَّى كتابَ سليمٍ، على أنِّي قد سِمعتُ من بعضِهم من يذكُرُ أنَّ هذا الاسمَ على غيرٍ مُسَمًّى، وأنَّه لم يكُنْ في الدُّنيا أحدٌ يُعرَفُ بسليمِ بنِ قيسٍ الهِلاليِّ، وأنَّ الكتابَ المنسوبَ إليه منحولٌ موضوعٌ لا أصلَ له، وإن كان بعضُهم يذكُرُه في أسماءِ الرِّجالِ). ((شرح نهج البلاغة)) (12/216، 217) بتصرف يسير جدًّا. . ففي مُقَدِّمةِ هذا الكتابِ أنَّ محمَّدَ بنَ إبراهيمَ الكاتِبَ النُّعمانيَّ قال في كتابِ الغِيبةِ: (ليس بَيْنَ جميعِ الشِّيعةِ ممَّن حَمَل العِلمَ ورواه عن الأئِمَّةِ عليهم السَّلامُ خلافٌ في أنَّ كتابَ سليمِ بنِ قيسٍ الهِلاليِّ أصلٌ من أكبَرِ كُتُبِ الأصولِ التي رواها أهلُ العلمِ وحَمَلةُ حديثِ أهلِ البيتِ عليهم السَّلامُ، وأقدَمُها؛ لأنَّ جميعَ ما اشتَمَل عليه هذا الأصلُ إنَّما هو عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأميرِ المُؤمِنين، والمقدادِ، وسَلمانَ الفارسيِّ، وأبي ذَرٍّ، ومن جرى مجراهم ممَّن شَهِد رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأميرَ المُؤمِنين وسَمِع منه، وهو من الأصولِ التي ترجِعُ الشِّيعةُ إليها، وتُعَوِّلُ عليها) [694] يُنظر: مقدمة ((كتاب سليم بن قيس)) (ص: 12). .
ومِن كُتُبِ الشِّيعةِ المليئةِ بالكَذِبِ كتاب (معرفة النَّاقِلين عن الأئِمَّةِ الصَّادِقين) لأبي عَمرٍو محمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ الكَشِّيِّ، والذي يُعرَفُ بـ (رجالِ الكَشِّيِّ)، وقد ذَكَروا أنَّ شيخَ الطَّائفةِ أبا جَعفَرٍ الطُّوسيَّ هو الذي لخَّص الكتابَ ورتَّبه، فالكِتابُ لعَلَمينِ مشهورينِ عِندَ الشِّيعةِ؛ لمحَدِّثِهم الكبيرِ الكَشِّيِّ، ولإمامِهم وشيخِهم الطُّوسيِّ. وممَّا في هذا الكتابِ:
(إنَّ محمَّدَ بنَ أبي بَكرٍ بايع عليًّا عليه السَّلامُ من البراءةِ مِن أبيه) [695] يُنظر: ((رجال الكشي)) (ص: 61). .
وأنَّه قال لعَليٍّ رَضي اللَّهُ عنه: (أشهَدُ أنَّك إمامٌ مفترَضٌ طاعتُك، وأنَّ أبي في النَّارِ) [696] يُنظر: ((رجال الكشي)) (ص: 61). .
وفيه ذمٌّ كثيرٌ لأبي بَكرٍ وعُمَرَ رضي اللَّهُ عنهما، وطعنٌ شديدٌ فيهما، ومن ذلك: (ما أهريقَ دَمٌ، ولا حُكِم بحُكمٍ غيرِ موافِقٍ لحُكمِ اللَّهِ وحُكمِ رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وحُكمِ عَليٍّ إلَّا وهو في أعناقِهما) [697] يُنظر: ((رجال الكشي)) (ص: 179، 180). .
ومن ذلك أيضًا: (ما أُهريقَ في الإسلامِ مِحجَمةٌ من دمٍ، ولا اكتُسِبَ مالٌ من غيرِ حِلِّه، ولا نُكِحَ فَرجٌ حرامٌ إلَّا ذلك في أعناقِهما إلى يومِ يقومُ قائِمُنا، ونحن -معاشِرَ بني هاشمٍ- نأمُرُ كِبارَنا وصِغارَنا بسَبِّهما والبراءةِ منهما) [698] يُنظر: ((رجال الكشي)) (ص: 180). .
ومن الكذِبِ على عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه أنَّه قال عِندَ موتِه: (ليتني كنتُ كبشًا لأهلي، فأكلوا لحمي، ومزَّقوا عظمي، ولم أرتكِبْ إثمي) [699] يُنظر: ((الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم)) للعاملي البياضي (3/25). .
وقال الأَرْدَبيليُّ: (إنَّ الخُلَفاءَ الثَّلاثةَ تخَلَّفوا عن جيشِ أُسامةَ، وخالفوا أمرَ النَّبيِّ في متابعتِه، فكَفَروا، واستحقُّوا بكُفرِهم اللَّعنَ) [700] ((حديقة الشيعة)) (ص: 233).
وقال ابنُ الطَّاووسِ في الطَّعنِ على أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عنه، الذي أثنى عليه اللَّهُ سُبحانَه في كتابِه بأنَّه ثاني اثنين وأنَّه صاحِبُ رسولِه في الغارِ: (أمَر رسولُ اللَّهِ عليًّا عليه السَّلامُ فنام على فِراشِه، وخشيَ من ابنِ أبي قُحافةَ أن يَدُلَّ القومَ عليه فأخَذَه معه إلى الغارِ) [701] ((الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف)) (ص: 410). .
وقال ابنُ الطَّاوُوسِ عن عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنه: (كان قبلَ الإسلامِ نخَّاسَ الحميرِ، وجدَّتُه الصَّهاكُ الحبشيَّةُ ولدَتْه مِنْ سِفَاحٍ) [702] ((الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف)) (ص: 468، 469). .
وقال ابنُ الطَّاووسِ أيضًا عن عُثمانَ رَضِيَ اللَّهُ عنه: (قام الثَّالِثُ كالغُرابِ همَّتُه بطنُه، وَيْلَه لو قُصَّ جناحُه وقُطِعَ رأسُه لكان خيرًا له) [703] ((الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف)) (ص: 417). .
والملَّا باقِرٌ المجلسيُّ الذي يسمِّيه الشِّيعةُ خاتمَ المحَدِّثين وإمامَ الأخباريِّين، بوَّب في كتابِه (حَقُّ اليقينِ) بابًا مستقِلًّا بعنوانِ (بيانُ كُفرِ أبي بَكرٍ وعُمَرَ)، وكَتَب ما نصُّه: (من المعلومِ أنَّ حَضرةَ فاطِمةَ وحَضرةَ الأميرِ عليهما السَّلامُ كانا يَعُدَّان أبا بَكرٍ وعُمَر مُنافِقَين، ظالِمَين، غاصِبَين، كما كانا يَعُدَّانهما كاذبَين، ومُدَّعيَينِ خلافَ الحقِّ، وعاقَّينِ للإمامِ... وكلُّ من اعتقد بإمامةِ أبي بَكرٍ وعُمَرَ فإنَّه يموتُ مِيتةً جاهليَّةً وعلى كفرٍ وضلالةٍ) [704] ((حق اليقين)) (ص: 204، 205) باختصار وتصرف. .
وقال المجلِسيُّ أيضًا: (سُئِل أبو بكرٍ فأجاب، ثمَّ قال: "إن كان حقًّا فمن اللَّهِ، وإن كان خطَأً فمني ومن الشَّيطانِ". ولنِعْمَ ما قاله أبو بكرٍ حيث جعل نفسَه قرينًا للشَّيطانِ، وسيكونُ قرينَه في جهنَّمَ أيضًا، ويمكِنُ أن يكونَ مرادُه من الشَّيطانِ عُمَرَ) [705] ((حق اليقين)) (ص: 206) بتصرف. !
وبوَّب المجلسيُّ بابًا مستَقِلًّا بعنوانِ (بيانُ قليلٍ من البِدَعِ والأعمالِ القبيحةِ والأفعالِ الشَّنيعةِ التي ارتكبها عُمَرُ الخليفةُ الثَّاني للسُّنَّةِ)، وممَّا قال في هذا البابِ: (إنَّ المطاعِنَ والمثالِبَ لِمَنبَعِ الفتنِ هذا زائدةٌ وكثيرةٌ لا تسَعُها كتُبٌ مبسوطةٌ ومُفَصَّلةٌ، فكيف يسَعُها هذا الكتابُ؟ فقد كان شريكًا لأبي بَكرٍ في جميعِ مثالِبِه ومعايِبِه، بل كانت خلافتُه من إحدى جرائِمِه) [706] ((حق اليقين)) (ص: 219). .
وقال أيضًا: (عُمَرُ كان يُعرَفُ بأنَّه كافِرٌ ومُنافِقٌ، وعدوٌّ لأهلِ البيتِ، وفي عنُقِه وِزرُ جميعِ الشَّهَداءِ) [707] ((حق اليقين)) (ص: 223). .
وقال عن عُثمانَ رضي اللَّهُ عنه: (إنَّ كبارَ الصَّحابة اتَّفَقوا على تفسيقِه وتكفيرِه، وشَهِدوا عليه بالكُفرِ... وكان حذيفةُ يقولُ: الحمدُ للهِ، لا أشُكُّ في كُفرِ عُثمانَ،... والذي يَعتَقِدُ في عُثمانَ أنَّه قُتِل مظلومًا ذَنْبُه أشَدُّ مِن ذنبِ الذين عبَدوا العِجلَ) [708] ((حق اليقين)) (ص: 270). .
وقال أيضًا: (الدَّليلُ النَّاطِقُ على كُفرِ عُثمانَ أنَّ أميرَ المُؤمِنين عَليٌّ رَضيَ اللَّهُ عنه كان يبيحُ قَتْلَه، ولم يكُنْ يرى فيه بأسًا) [709] ((حق اليقين)) (ص: 271). .
ومن عجائِبِ كَذِبِه قولُه: (إنَّ الدَّليلَ على أنَّ عُثمانَ كان يَعُدُّه أميرُ المُؤمِنين كافرًا أنَّه تركه ونَعْشَه يأكُلُه الكلابُ، وقد ذهبت بإحدى رِجلَيه، وبقيَ جَسَدُه ثلاثةَ أيَّامٍ مرميًّا كالكلابِ في المزبلةِ، تأكلُه الكلابُ، ولم يُصلِّ عليٌّ عليه) [710] ((حق اليقين)) (ص: 273، 274). .
ومن عجائِبِ كَذِبِهم أيضًا ما ذَكَره المجلِسيُّ عن جَعفَرٍ الصَّادِقِ أنَّه قال: (إنَّ عائشةَ وحَفصةَ لعنةُ اللَّهِ عليهما وعلى أبويهما قتَلَتا رسولَ اللَّهِ بالسُّمِّ) [711] ((حياة القلوب)) (2/700). !

انظر أيضا: