موسوعة الفرق

المَطلَبُ التَّاسِعُ: الأعيادُ اليَزيديَّةُ


تُعتَبَرُ الطَّائِفةُ اليَزيديَّةُ من أكثَرِ المِلَلِ والنِّحَلِ مَيلًا إلى الابتِهاجِ والاحتِفالِ؛ فأعيادُهم كَثيرةٌ جِدًّا، كما أنَّهم يُشارِكونَ بَعضَ الأمَمِ الأخرى وأصحابَ الأديانِ المُجاوِرةِ أعيادَهم واحتِفالاتِهم. وهذه الأعيادُ هي:
1- عِيدُ سِرْسال:
(مَعناه: عيدُ رَأسِ السَّنةِ) ويَبدَأُ في أوَّلِ أربعاءَ من نيسانَ شَرقي (ويُعادِلُ 14 نيسان غَربي). فإنْ حَلَّ رَأسُ السَّنةِ مَثَلًا يَومَ الخَميسِ أرجؤوا الاحتِفالَ به إلى الأربعاءِ التَّالي في يَومِ 8 نيسانَ (أي 20 نيسان غَربي).
وفي ليلةِ رَأسِ السَّنةِ تَرتَدي النِّساءُ والصَّبايا ألبسةً فاخِرةً وجَديدةً مُذَهَّبةً ومُزَيَّنةً، ويَتَّجِهنَ نَحوَ السُّهولِ والرَّوابي الخُضرِ المُزدانةِ بالأزاهيرِ، فيَجمَعنَ الشَّقائِقَ النُّعمانيَّةَ، ويُعَلِّقْنَها على الأبوابِ أوِ الجُدرانِ وبَينَ الغُرَفِ، ويَصفُفنَ الأزهارَ في النَّوافِذِ، ومنهنَّ مَن يَضَعنَ الأزهارَ على قُشورِ البَيضِ المُلوَّنِ.
2- عيدُ الجَماعيَّةِ:
وهو العيدُ الرَّئيسيُّ العامُّ، ويَدومُ سَبعةَ أيَّامٍ يَعقِدونَه في ليش احتِفالًا بأوَّلِ وَعظٍ للشَّيخِ عَديٍّ، ويَستَمِرُّ هذا العيدُ من 6 - 13 تِشرينَ الأوَّلِ. وتَجري فيه احتِفالاتٌ وأعمالٌ أهَمُّها:
الوُقوفُ عِندَ سَريرِ الشَّيخِ عَديٍّ: والسَّريرُ عِبارةٌ عن حَلَقاتٍ قديمةٍ مَصنوعةٍ منَ البُرونزِ والنُّحاسِ، وعلى طَرَفيه لوحانِ خَشَبيَّانِ، وهما بنَظَرِهم مُقدَّسانِ. يَعتَقِدونَ أنَّ هذه الحَلَقاتِ واللَّوحَينِ كان الشَّيخُ عَديٌّ يَجلِسُ عليها، بالإضافةِ إلى سَجَّادةٍ قديمةٍ كان كَذلك يَجلسُ عليها ويَدعونَها (برشباكي). والسَّريرُ والسَّجَّادةُ مَحفوظانِ لدى رَجُلٍ في قَريةِ بحزاني.
3- عيدُ الأربعينَ يومًا صَيفًا:
ولهذا العيدِ عِندَهم أسماءٌ عَديدةٌ؛ فبَعضُهم يُسَمِّيه عيدَ الشَّيخِ عَديٍّ، وبَعضُهم يُسَمِّيه العيدَ الكَبيرَ، ومُدَّتُه خَمسةُ أيَّامٍ تَبدَأُ من 8 تَمُّوز شَرقي، وتَنتَهي بالواحِدِ والعِشرينَ منه (من 31 تَمُّوزَ إلى 3 آب)؛ حَيثُ تَتَّجِهُ فِئةٌ الكواجِكِ وبَعضُ رِجالِ الدِّينِ إلى مَقبَرةِ الشَّيخِ عَديٍّ، فيَصومونَ هناكَ ثَلاثةَ أيَّامٍ ثمَّ يَعودونَ إلى مَنازِلِهم، ويُتابِعونَ صَومَهم أربَعينَ يَومًا؛ لأنَّهم يَعتَقِدونَ أنَّ الشَّيخَ عَديًّا كان يَصومُ أربَعينَ يَومًا في الصَّيفِ وأربَعينَ يَومًا في الشِّتاءِ [1807] للعَدَدِ (40) تَقديسٌ خاصٌّ لدَيهم، ففيه جَرَت أحداثٌ جَليلةٌ؛ من ذلك: طوفانُ نوحٍ الذي دامَ أربَعينَ يَومًا، وتاهَ بَنو إسرائيلَ، وصامَ موسى وإيليا النَّبيُّ أربَعينَ يَومًا، وحَسبَ شَريعةِ موسى عِقابُ المُجرِمِ أربَعونَ يَومًا، إلى غَيرِ ذلك. يُنظر: ((اليزيديون واقعهم تاريخهم معتقداتهم)) للتوبخي (ص: 131). ويَحتَفِلونَ به في لاليش فقَط. وقَبل نِهايةِ الأربَعينَ بيَومَينِ أو ثَلاثةٍ يَزورونَ الشَّيخَ عَديًّا ثانيةً وهناكَ يَعبُدونَ ويَذبَحونَ الذَّبائِحَ.
4- عيدُ الأربعينَ يومًا شِتاءً:
وهذا العيدُ يَجري في 20 كانون الثَّاني الشَّرقيِّ (2 شُباط غَربي). ومراسِمُه تُشبِهُ مَراسِمَ العيدِ السَّابِقِ بزياراتِه وصَومِه.
5- عيدُ يزيدَ:
يَصومُ فيه اليزيديُّونَ ثَلاثةَ أيَّامٍ هي الثُّلاثاءُ والأربِعاءُ والخَميسُ، قَبلَ يَومِ الجُمعةِ الأوَّلِ من شَهرِ كانونَ الأوَّلِ شَرقي، والتي هي أقصَرُ أيَّامِ السَّنةِ وأبرَدُها. وهم يَعتَقِدونَ أنَّ المَلِكَ يَزيدَ وُلِدَ فيه.
أمَّا يَومُ الجُمعةِ فإنَّهم يَحتَفِلونَ فيه ويوزِّعونَ الأطعِمةَ ويَرقُصونَ ويَطرَبونَ ويُبارِكُ بَعضُهم بَعضًا، ويَصنَعونَ خُبزًا يُسَمُّونَه (صاووك) أو كليجَه، ويَتَكَرَّمونَ به على النَّاسِ بسَخاءٍ، وذلك على أرواحِ مَوتاهم.
6- عيدُ بلنده:
مُدَّتُه أحَدَ عَشَرَ يَومًا تَبدَأ بـ 25 كانونَ الأوَّلِ، ويَدعونَه كَذلك عيدَ الميلادِ، وأصلُه أنَّ الشَّيخَ عَديًّا وُلدَ في هذا اليَومِ. ويوقِدونَ فيه نارًا في مَنازِلهم يَقفِزونَ من فوقها [1808] وهذا شَبيهٌ بعيدٍ إيرانيٍّ قديمٍ يُدعى (جهار شنبه سوري). ثمَّ يَشوونَ بها تَمرًا وكشمشًا ويَأكُلونَهما.
7- عيدُ العَجوةِ:
ويَدعونَه كذلك عيدَ الأمواتِ، ويَبدَأُ في اليَومِ السَّابعِ من كانونَ الثَّاني الشَّرقيِّ (20 كانونَ الثَّاني الغَربيِّ). وفي هذا العيدِ يَعجِنونَ عَجينةً كَبيرةَ الحَجمِ، ويَضَعونَ فيها بَعضَ القَلويَّاتِ أوِ الكشمشِ ثمَّ يَخبِزونَها، ويُعَلِّقونَها على ظَهرِ أحَدِ أولادِهم. وبَعدَ بضعةِ أيَّامٍ يُكَلِّفونَ أحَدَ أفرادِ الأسرةِ بأن يُقَسِّمَها على أهلِ المَنزِلِ. وصاحِبُ السَّعدِ منهم مَن وجَدَ في حِصَّتِه شَيئًا منَ القَلويَّاتِ أوِ الكشمش، ويَبقى سَعيدًا هو وأهلُه طيلةَ السَّنةِ بزَعمِهم. كما أنَّهم يَصنَعونَ كليجةً أخرى مُكَوَّرةً باسمِ مَريَمَ العَذراءِ، ويَضَعونَها داخِلَ المؤونةِ وداخِلَ الطَّحينِ من أجلِ البَرَكةِ.
ولليَزيديَّةِ أعيادٌ أُخرى ليست من صُلبِ عَقيدَتِهمُ اليَومَ؛ فهم يَحتَفِلونَ مَعَ المَسيحيِّينَ في بَعضِ أعيادِهم بحُكمِ الجِوارِ، ويَحتَفِلونَ مَعَ المُسلِمينَ بحُكمِ جُذورِهمُ الإسلاميَّةِ التي ارتَبَطوا بها.
8- عيد الأضحى:
ويُسَمُّونَه عيدَ قُربانٍ، ويَتِمُّ تِذكارًا لأبينا إبراهيمَ الخَليلِ عليه السَّلامُ حينَ قدَّمَ ابنَه إسماعيلَ عليه السَّلامُ قُربانًا إلى اللهِ تعالى، وفداه اللهُ عَزَّ وجَلَّ بكَبشٍ عَظيمٍ. كَما أنَّهم يُعَيِّدونَ فيه قَبلَ المُسلِمينَ بيَومَينِ، ويَقولُ شَيخُ طائِفتِهم إسماعيل بيك: (وإلى الآنَ صورةُ ذلك الكَبشِ مَوجودةٌ في خِزانةِ الرَّحمَنِ في مَحَلِّ الشَّيخِ عادي).
وعلى كُلِّ يَزيديٍّ أن يُقدِّمَ أضحيَّةً في هذا اليَومِ، وفي هذا العيدِ يَصعَدُ الجاويشُ إلى جَبَلِ الشَّيخِ عَديٍّ، وعلى رَأسِه طَبَقٌ منَ الخُبزِ الرَّقيقِ، ومَعَه جَماعةٌ منَ اليَزيديَّةِ، فيَقِفُ على صَخرةٍ عاليةٍ ويَرمي طَبَقَ الخُبزِ في الهَواءِ، فمن تَناوَل قِطعةَ خُبزٍ قَبلَ غَيرِه ورَكَضَ عاجِلًا إلى ماءِ الشَّيخِ عَديٍّ الذي يَبعُدُ عن ذلك المَكانِ مَسيرةَ نِصفِ ساعةٍ، وغَطَّسَ الخُبزَ في الماءِ أوَّلًا نال مَرامَه، وحَظِي بجائِزةٍ. وهذا العَمَلُ يَجِبُ أن يَتِمَّ قَبلَ إنجازِ مَراسِمِ الحَجِّ. ثمَّ يَعكُفونَ على المَسَرَّاتِ، حتَّى إذا حَلَّ الصَّباحُ خُتِمَ العيدُ بالتَّهاني والمُصافَحةِ.
9- عيدُ رمَضانَ:
ويُعَيِّدونَ فيه قَبلَ المُسلمينَ بيَومَينِ، وسَبَبُ هذا العيدِ أنَّ أحَدَ تَلاميذَ الشَّيخِ عَديٍّ -واسمُه الشَّيخُ خال شَمسان- كان سَجينًا، ثمَّ أُطلِقَ سَراحُه قَبلَ العيدِ بيَومَينِ، ففرِحَ به الشَّيخُ عَديٌّ، ولمَّا كان مُقَرَّبًا لدَيه فقد أمَرَ مُريديه بالاحتِفالِ به.
10- عيدُ المَحْيا:
أو عيدُ ليلةِ القدرِ، وهو منَ اللَّيالي المُبارَكةِ؛ حَيثُ يَسهَرونَ ليلتَها إلى الصَّباحِ، ويَدعونَها ليلةَ المَحيا. واليزَّيديُّونَ المُجاوِرونَ للمُسلمينَ يُحيونَ هذه اللَّيلةَ، ويَذهَبُ رِجالُ الدِّينِ ورُؤَساؤُهم إلى مَرقدِ الشَّيخِ عَديٍّ، فيُصَلُّونَ ويَتَعَبَّدونَ ويقرؤون القُرآنَ [1809] وذلك من الآياتِ التي لم تذكُرِ اسمَ الشَّيطانِ. ، ووُجوهُهم مُتَّجِهةٌ نَحوَ قِبلةِ المُسلمينَ، وهم يَستَمِرُّونَ على هذه الحالِ منَ العَصرِ حتَّى طُلوعِ الشَّمسِ.
أمَّا عامَّةُ النَّاسِ عِندَهم فإنَّهم يَسهَرونَ ليلةَ القدرِ في مَعابدِهم، ويُؤَدُّونَ الصَّلاةَ، ويَعتَقِدونَ أنَّ المَلائِكةَ تَنزِلُ في هذه اللَّيلةِ إلى الأرضِ، وتَكشِفُ أرواحَ مَن يَموتُ هذا العامَ، ومَن يولَدُ منهم، ويَستَمِرُّ العيدُ في النَّهارِ الثَّاني، ولا يَنامونَ فيه كذلك؛ فاللَّيلُ إكرامٌ لمَلَكِ المَوتِ، والنَّهارُ إكرامٌ لمَلَكِ الشَّمسِ، وهم يَصنَعونَ الأطعِمةَ في هذا العيدِ ويتهادَونَها.
11- يومُ الجُمُعةِ:
عُطلةُ اليزيديِّينَ الأسبوعيَّةُ يَومَ الجُمعةِ، والعَمَلُ في هذا اليَومِ حَرامٌ. ويَقولونَ: إنَّهم كانوا يُعَطِّلونَ يَومَ الأربعاءَ، ولا يَعلَمونَ سَبَبَ تَحَوُّلِهم إلى يَومِ الجُمعةِ، وفي ليلةِ كُلِّ جُمعةٍ يَصعَدُ أحَدُ رِجالِ الدِّينِ سَطحَ مَنزِلِه ويَدعو النَّاسَ لزيارةِ مَقامٍ مُعَيَّنٍ، فيَزورونَه في اليَومِ التَّالي (يَومِ الجُمعةِ) ويَحتَفِلونَ به.
12- عيدُ الخَضِرِ إلياسَ:
ويَتِمُّ في الخَميسِ الأوَّلِ مِن شَهرِ شُباطَ الشَّرقيِّ. ويَصومُ فيه بَعضُهم يَومًا واحِدًا وآخَرونَ يَصومونَ ثَلاثةَ أيَّامٍ قَبلَ العيدِ. وهذا العيدُ مُقتَبَسٌ عن عيدِ الخَضِر (إلياس) المَسيحيِّ، الذي يُسَمُّونَه (مار بيهنام)، وأيَّامُ صَومِهم يَدعونَها (باعوتة).
13- عيدُ القِدِّيس سيرجيوس الأرمَنيِّ في ما وراءَ القُوقازِ [1810] يُنظر لهذه الأعياد: ((اليزيديون واقعهم تاريخهم معتقداتهم)) للتوبخي (ص: 126-134). .

انظر أيضا: