موسوعة الفرق

المَطلبُ السَّادِسُ: النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الحاضِرُ النَّاظِرُ


من أخَصِّ المُعتَقَداتِ البَريلَويَّةِ المُخالِفةِ للنَّقلِ والعَقلِ ادِّعاؤُهم أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حاضِرٌ في كُلِّ مَكانٍ وناظِرٌ لكُلِّ شَيءٍ، كما قال البَريلَويُّون: (لا يَخلو مَكانٌ ولا زَمانٌ إلَّا والرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَوجودٌ فيه) [1580] يُنظر: ((تسكين الخواطر في مسألة الحاضر والناظر)) للكاظمي (ص: 85). .
وأنَّه (لا يُستَبعَدُ من رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَكونَ حاضِرًا مَوجودًا في الأمكِنةِ المُتَعَدِّدةِ التي لا تُعَدُّ ولا تُحصى، بوُجودِه المُقدَّسِ بعَينِه) [1581] يُنظر: ((تسكين الخواطر في مسألة الحاضر والناظر)) للكاظمي (ص: 18). .
و(ما دامَ الوليُّ حاضِرًا وناظِرًا في كُلِّ مَكانٍ وزَمانٍ، فلمَ لا يَكونُ النَّبيُّ كذلك؟) [1582] يُنظر: ((جاء الحق)) لأحمد يار (ص: 150). .
و(الرَّسولُ عليه السَّلامُ له الخيارُ في طَوافِ العالمِ مَعَ أرواحِ الصَّحابةِ، ولقد رَآه كَثيرٌ منَ الأولياءِ) [1583] يُنظر: ((جاء الحق)) لأحمد يار (ص: 154). .
و(إنَّ الأولياءَ يَستَطيعونَ الحُضورَ في عَشَرةِ آلافِ مَدينةٍ في آنٍ واحِدٍ وثانيةٍ واحِدةٍ إن شاؤوا وأرادوا) [1584] يُنظر: ((ملفوظات)) (ص: 113). .
و(إنَّ رُوحَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ تعالى عليه وسَلَّمَ حاضِرٌ في بُيوتِ أهلِ الإسلامِ) [1585] يُنظر: ((خالص الاعتقاد)) (ص: 40). .
و(إنَّ كَرِشْنا [1586] كرشنا: أحد الآلهة المزعومة بالهند. يُنظر: ((موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام)) لأيوب وباحثين (2/ 346). الكافِرَ كان يَحضُرُ في مِئاتِ الأمكِنةِ في آنٍ واحِدٍ وهذا مَعَ كُفرِه، فلمَ لا يَستَطيعُ الأولياءُ حُضورَهم في أمكِنةٍ مُتَعَدِّدةٍ؟!) [1587] يُنظر: ((فتاوى رضوية)) (6/142). .
و(إنَّ نَظرةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على كُلِّ ذَرَّةٍ من ذَرَّاتِ العالمِ في كُلِّ حينٍ، وإنَّه يَحضُرُ تِلاوةَ القُرآنِ وقِراءةَ المَولِدِ وقِراءةَ القَصائِدِ، كما أنَّه يَحضُرُ جِنازةَ الصَّالحينَ بجِسمِه الأطهَرِ) [1588] يُنظر: ((جاء الحق)) لأحمد يار (ص: 155). .
و(إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شاهَدَ خَلقَ آدَمَ وما جَرى عليه منَ الإكرامِ، ثمَّ إخراجَه منَ الجَنَّةِ بسَبَبِ مُخالفتِه أمرَ اللهِ وما تابَ اللهُ عليه إلى آخِرِ ما جَرى عليه منَ الأمورِ، وإنَّه شاهَد خَلقَ إبليسَ وما جَرى عليه...) [1589] يُنظر: ((جاء الحق)) لأحمد يار (ص: 156). .
و(إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَرى جَميعَ الدُّنيا بعَينِه المُبارَكةِ) [1590] يُنظر: ((تسكين الخواطر)) للكاظمي (ص: 900). .
والبَريلَويُّ قال: (لا فرقَ بَينَ مَوتِه وحَياتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مُشاهَدَتِه لأمَّتِه ومَعرِفتِه بأحوالِهم ونيَّاتِهم وعَزائِمِهم، وذلك عِندَه جَليٌّ لا خَفاءَ فيه) [1591] ((خالص الاعتقاد)) (ص: 46). .
وقال أيضًا: (ابكوا أيُّها الوهَّابيُّونَ؛ لأنَّ نَبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حاضِرٌ وناظِرٌ ولم يحدُثْ في العالمِ شَيءٌ ولا يَحدُثُ إلَّا ويَراه ويُشاهِدُه، فهو حاضِرٌ في كُلِّ مَكانٍ وناظِرٌ كُلَّ شَيءٍ) [1592] ((خالص الاعتقاد)) (ص: 46). .
وما دامَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حاضِرًا وناظِرًا فللبَريلَويِّ حَقٌّ أن يَكونَ كَذلك، وهذا ما قاله البَريلَويَّةُ: (إنَّ أحمَد رِضا البَريلَويَّ حَيٌّ مَوجودٌ اليَومَ بَينَنا ويُعينُنا ويُغيثُنا) [1593] يُنظر: ((أنوار رضا)) لكشينز (ص: 246). .
وهذا لا شَكَّ مُخالِفٌ لقَولِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ لنَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعدَ ما حَكى وقائِعَ موسى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، فقال: وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ [القصص: 44] ، وأيضًا: وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ [القصص: 45] . وكما قال اللهُ تعالى: وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُمْ مِنْ نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [القصص: 46] .
وقال اللهُ عَزَّ وجَلَّ لنَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعدَ حِكايةِ قِصَّةِ مَريَمَ عليها السَّلامُ: وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ [آل عمران: 44] .
وقال له: تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَـذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [هود: 49] ، وقال له بعدَ قِصَّةِ يوسُفَ عليه السَّلامُ: ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ [يوسف: 102] .
وحَكى اللهُ عَزَّ وجَلَّ في كِتابِه ذَهابَ نَبيِّه مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم منَ المَسجِدِ الحَرامِ إلى المَسجِدِ الأقصى بقولِه: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الإسراء: 1] ، أي: أنَّه ذَهَبَ به إلى المَسجِدِ الأقصى حَيثُ لم يَكُنْ هناكَ من قَبلُ، وإلَّا لم يُخبِرْ بذَهابِه إلى هناكَ.
وقال اللهُ تعالى: إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة: 40] ، أي: أخرَجوه من مَكَّةَ وذَهَبَ بأبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه إلى الغارِ وبَعدَ خُروجِه لم يَكُنْ في مَكَّةَ وقَبلَ خُروجِه لم يَكُنْ في الغارِ.
وقال اللهُ سُبحانَه: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [الفتح: 18] ، فكان هذا في الحُدَيبيَةِ في العامِ السَّادِسِ بَعدَ الهجرةِ؛ حَيثُ لم يَكُنْ في المَدينةِ كما لم يَكُنْ في مَكَّةَ، ولم يَكُنْ في الحُدَيبيَةِ مَوجودًا قَبلَه، ولم يَبقَ فيها بَعدَ رُجوعِه إلى المَدينةِ.
وقال اللهُ عزَّ وجَلَّ: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ [الفتح: 27] ، أي: لتَدخُلُنَّ فيه حَيثُ لم تَكُنْ مَوجودًا فيه من قَبلُ، وغَيرِ ذلك منَ الآياتِ الكَثيرةِ والوقائِعِ اليَوميَّةِ التي كانت تحدُثُ في حَياتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من وُجودِه في الحُجرةِ الشَّريفةِ وانتِظارِ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم إيَّاه في المَسجِدِ، وخُروجِه منَ البَيتِ ووُجودِه في المَسجِدِ، وعَدَمِ وُجودِه في المَسجِدِ عِندَ وُجودِه في السُّوقِ، وعَدَمِ وُجودِه في المَدينةِ عِندَ وُجودِه في حُنَينٍ، ووُجودِه في تَبوكَ وعَدَمِ وُجودِه في المَدينةِ، ووُجودِه في عَرَفاتٍ وعَدَمِ وُجودِه في مَكَّةَ والمَدينةِ في حَجَّةِ الوداعِ، وغَيرِ ذلك منَ الحَوادِثِ الظَّاهرةِ والأمورِ الجَليَّةِ التي لا خَفاءَ فيها.

انظر أيضا: