موسوعة الفرق

المَطلبُ الأوَّلُ: سيرةُ البَريلَويِّ


وُلِدَ مُؤَسِّسُ هذه الطَّائِفةِ وزَعيمُها في بَيتٍ عِلميٍّ حَنَفيٍّ؛ حَيثُ كان أبوه: نَقي عَلي، وجَدُّه: رِضا عَلي يُعَدَّانِ من مشايخِ الأحنافِ [1368] يُنظر: ((تذكرة علماء هند)) لريواني (ص: 64). ، وكانت ولادتُه في سنةِ 1272هـ [1369] يُنظر: ((حياة أعلى حضرة)) للبهاري (1/1). فسَمَّته أمُّه أمن ميان، وسَمَّاه والدُه أحمَد ميان، وسَمَّاه جَدُّه أحمَد رِضا [1370] يُنظر: ((البريلوي)) للبستوي (ص: 25). ، ولكِنَّه لم يَرضَ بهذه الأسماءِ كُلِّها فسَمَّى نَفسَه عَبدَ المُصطَفى [1371] يُنظر: ((من هو أحمد رضا)) للقادري (ص: 15). ، وكان يَلتَزِمُ باستِعمالِه في المُكاتَباتِ والرَّسائِلِ والكُتُبِ.
وأمَّا البَريلَويُّون فيَحكونَ القِصَصَ ويَنسُجونَ الأساطيرَ في إمامِهم كَغَيرِهم منَ الطَّوائِفِ التي تَفتَري الحِكاياتِ لرَفعِ قيمَتِهم، وإعلاءِ شَأنِهم، فيَقولونَ: إنَّه في الرَّابعةِ من عُمرِه قَرَأ القُرآنَ كُلَّه. وقَبلَ الرَّابعةِ بكَثيرٍ جَلسَ أوَّلَ مَرَّةٍ لدى أستاذِه ليَبدَأَ بالألِفِ والباءِ، فبَدَأ أستاذهُ ببسمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحيمِ، ثمَّ عَلَّمَه أ، ب، ت إلى أن لقَّنَه بقَولِه: لامَ ألف: لا، فسَكَتَ البَريلَويُّ، فلقَّنَه أستاذُه مَرَّةً أُخرى قُل: لام ألِف لا، فقال البَريلَويُّ الطِّفلُ: قَرَأتُ الألفَ وقَرَأتُ اللَّامَ، فلمَ مَرَّةً ثانيةً؟ فقال له جَدُّه رِضا عَلي: يا بُنَيَّ، اقرَأْ كما يُعلِّمُك مُعلِّمُك، فنَظَر الطِّفلُ إلى جَدِّه نَظرةً عَرَف جَدُّه بنورِ إيمانِه من نَظرَتِه تلك أنَّ هذا الطِّفلَ سيَكونُ شَمسًا للعِلمِ والحِكمةِ ويُجلِّي العالمَ بنورِه، ويُريدُ أن يَكشِفَ الأسرارَ من قَلبِه وبَصَرِه منَ الآنَ، فقال: صَدَقتَ، أنتَ قَرَأتَ الألِفَ واللَّامَ مُقدَّمًا، ولكِنَّ الألِفَ الذي قَرَأتَه سابقًا لم يَكُنْ ألفًا حَقيقيَّةً بل كانت هَمزةً؛ لأنَّ الألِفَ يَكونُ ساكِنًا دائِمًا ولا يُمكِنُ الابتِداءُ بالسَّاكِنِ؛ لأجلِ ذلك يُؤتى بلامٍ قَبلَه حتَّى يُعرَفَ الألِفُ ويُعلَمَ.
فالبَريلَويُّ الطِّفلُ لم يَقتَنِعْ مَرَّةً ثانيةً وقال: فلمَ خَصَّصَ اللَّامَ بالابتِداءِ وكان منَ المُمكِنِ أن يَبدَأَ بالباءِ والتَّاءِ والدَّالِ والسِّينِ؟ فتَحَيَّرَ الجَدُّ وقال: بُدِئَ باللَّامِ؛ لأنَّه يَتَّفِقُ بالألفِ صورةً وسِيرةً||hamish||1372||/hamish||.
وأورَدوا قِصَّةً مُفادها أنَّ شَخصًا لقيَ البَريلَويَّ وهو لم يَتَجاوَزْ وقتَها ثَلاثَ سَنَواتٍ وسِتَّةَ أشهرٍ منَ العُمُرِ، فكَلَّمَه بالعَرَبيَّةِ الفُصحى، فرَدَّ عَليه البَريلَويُّ بالعَرَبيَّةِ مِثلَه [1373] يُنظر: ((حياة أعلى حضرة)) للبهاري (ص: 22). .
وممَّا قالوا: إنَّ والدَه الذي كان يُدَرِّسُه ويُعَلِّمُه قال له مَرَّةً: لا أدري أعلِّمُك أم تُعَلِّمُني؟ ويَومَ ذلك لم يَتَجاوَزِ العاشِرةَ من عُمُرِه [1374] يُنظر: مقدمة ((فتاوى رضوية)) للبريلوي (2/6). .
والجَديرُ بالذِّكرِ أنَّ المُدَرِّسَ الذي كان يُدرِّسُه وهو مِرزا غُلام قادِر بيك [1375] يُنظر: ((البريلوي)) للبستوي (ص: 32)، ((حياة أعلى حضرة)) للبهاري (ص: 32). كان أخًا للمِرزا غُلام أحمَد المُتَنَبي القاديانيِّ.
ويَقولونَ: إنَّ البَريلَويَّ فرَغَ منَ التَّعليمِ والدِّراسةِ وجَلسَ للإفتاءِ وعَمُرُه لم يَتَجاوَزْ أربَعَ عَشرةَ سَنةً [1376] يُنظر: ((البريلوي)) للبستوي (ص: 32). .
وهو نَفسُه قال: (الحَمدُ للَّهِ، أفتَيتُ أوَّلَ فُتيا حينَما كُنتُ في الثَّالثةَ عَشَرَ من عُمري للرَّابعَ عَشَرَ من شَعبانَ سَنةَ 1286هـ، وفي هذا التَّاريخِ فُرِضَت عَليَّ الصَّلاةُ وتَوجَّهَت إليَّ الأحكامُ) [1377] يُنظر: ((من هو أحمد رضا)) للقادري (ص: 17). .
وكأنَّ القَومَ يُريدونَ تَشبيهَ زَعيمِهم بالأنبياءِ عَليهمُ السَّلامُ؛ حَيثُ إنَّهم يُعَلَّمونَ بدونِ تَعليمِ الخَلقِ إيَّاهم، فهم يَزعُمونَ أنَّ أحمَد رِضا لم يَكُنْ يَحتاجُ إلى تَعليمِ المُعَلِّمينَ وتَدريسِ المُدَرِّسينَ؛ لأنَّ اللهَ نَفسَه عَلمَه مُنذُ صِغَرِه.
وقد صَرَّحَ بذلك أحَدُهم فقال قَبلَ ذِكرِ هذه القِصَّةِ: (إنَّ عالمَ الغَيبِ مَلأ قَلبَه وروحَه، ذِهنَه وفِكرَه منَ الإيمانِ واليَقينِ، ومَلأ صَدرَه المُبارَكَ منَ العُلومِ والمَعارِف وجَعَله خَزينةً لها، ولأجلِ ذلك مَشى الحَضرةُ الأعلى رَضيَ اللهُ تعالى عنه ظاهرًا في طُرُقِ عالمِ الأسبابِ) [1378] يُنظر: ((البريلوي)) للبستوي (26). .
والبَريلَويُّ نَفسُه قال: إنَّ تاريخَ وِلادَتِه يُستَخرَجُ من قَولِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ: أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِنْهُ [المجادلة: 22] [1379] يُنظر: ((حياة أعلى حضرة)) للبهاري (ص: 1). .
ومن ضِمنِ القِصَصِ التي حَكَوها عنه أنَّ البَريلَويَّ رَأى في طُفولتِه مُومِساتٍ في الطَّريقِ، فرَفعَ قَميصَه ووضعَه على العُيونِ حِجابًا منهم، ولمَّا رَفعَ القَميصَ تَعَرَّى فضَحِكَت عَليه المومِساتُ وقُلنَ له: غَطَّيتَ وَجْهَك وكَشَفتَ سِترَك! فأجابَ: إذا زَلَّ البَصَرُ ضَلَّ القَلبُ، وإذا ضَلَّ القَلبُ هُتِك السِّترُ، وكان عُمرُه آنَذاكَ ثَلاثَ سَنَواتٍ وسِتَّةَ أشهُرٍ [1380] ((سوانح أعلى حضرة)) لبدر الدين (ص: 110). .
وممَّا رويَ كَذلك عن طُفولتِه أنَّه عِندَما كان يَقرَأُ القُرآنَ وهو دونُ الرَّابعةِ منَ العُمرِ لقَّنَه أستاذُه آيةً منَ القُرآنِ، ولكِنَّ البَريلَويَّ كُلَّما حاول أن يقرَأَ لم يَكُن يَستَطيعُ، فلاحَظَ هذا جَدُّه فاستَغرَبَ، وبَعدَما نَظَرَ في المُصحَفِ رَأى أنَّه كان في قِراءةِ المُعَلِّمِ خَطَأٌ، ولسانُ البَريلَويِّ كان يَأبى قِراءةَ تلك الآيةِ بصورةٍ خاطِئةٍ [1381] يُنظر: ((حياة أعلى حضرة)) للبهاري (ص: 22). . يَعني أنَّ العِصمةَ كانت حاصِلةً له حتَّى في صِغَرِه فلم يَنطِقْ بخَطَأٍ، وقد نَصَّ القَومُ على ذلك، فكتب غَيرُ واحِدٍ منهم أنَّ قَلم أحمَد رِضا ولسانَه حُفِظَ منَ الزَّلَّةِ وحتَّى قدْرِ النُّقطةِ [1382] يُنظر: ((ياد أعلى حضرة)) لشرف (ص: 32). .
وقال آخَرُ: (إنَّ البَريلَويَّ لم يَنطِقْ بلسانِه المُبارَكِ بلفظةٍ غَيرِ شَرعيَّةٍ، واللهُ عَصَمَه من كُلِّ زَلَّةٍ) [1383] يُنظر: مقدمة ((الفتاوى الرضوية)) لمحمد أصغر (2/5). .
وأيضًا: (إنَّ أحمَد رِضا عُصِمَ في طُفولتِه منَ الانحِرافِ والغَلطةِ، وأُودِعَ فيه اتِّباعُ الصِّراطِ المُستَقيمِ)||hamish||1384||/hamish||. و(إنَّ اللهَ صانَ قَلمَه ولسانَه منَ الخَطَأِ)||hamish||1385||/hamish||.
وأكثَرُ منه صَراحةً أنَّ البَريلَويَّ كان في يَدِ الغَوثِ الأعظَمِ (يَعني عَبدَ القادِرِ الجيلانيَّ) كالقَلمِ في يَدِ الكاتِبِ، والغَوثُ الأعظَمُ في يَدِ رَسولِ اللهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ تعالى عَليه وسَلَّمَ كالقَلَمِ في يَدِ الكاتِبِ، والرَّسولُ في الحَضرةِ الإلهيَّةِ ما يَنطِقُ عنِ الهَوى||hamish||1386||/hamish||. وعلى ذلك قال بَريلَويٌّ في حَقِّه: (إنَّ رِضا اللهِ في رِضا الرَّسولِ، ورِضا رَسولِ اللهِ في رِضا البَريلَويِّ) [1387] يُنظر: ((باغ فردوس)) لرضوي (ص: 7). و(إنَّ وُجودَ البَريلَويِّ كان آيةً من آياتِ اللهِ المُحكَماتِ)||hamish||1388||/hamish||.
وعلى ذلك قال أحَدُهم: (إنَّ زيارةَ البَريلَويِّ قَلَّلتِ اشتياقَنا إلى زيارةِ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) [1389] يُنظر: ((وصايا البريلوي)) لحسنين رضا (ص: 24). !
أُسرتُه:
إنَّ أسرةَ البَريلَويِّ التي وُلدَ فيها لم يُعرَفْ عنها الكَثيرُ، غَيرَ أنَّ والدَه وجَدَّه كانا منَ الذينَ يَنتَسِبونَ إلى العِلمِ.
والمُخالِفونَ له يَقولونَ: إنَّه من أُسرةٍ شيعيَّةٍ أظهَرَت تَسَنُّنَها تَقيَّةً للإضرارِ بالسُّنَّةِ وأهلِها، ويَستَدِلُّونَ على ذلك بأمورٍ:
1- أنَّ أسماءَ آبائِه وأجدادِه أسماءٌ شيعيَّةٌ لم يكُنْ رائِجًا في أهلِ السُّنَّةِ مِثلُها، مثل: أحمَد رِضا بن نقي، عَليُّ بن رِضا، عَليُّ بن كاظِم عَلي [1390] يُنظر: ((حياة أعلى حضرة)) للبهاري (ص: 2). .
2- أنَّ البَريلَويَّ تَكَلَّمَ بكَلماتٍ حَولَ عائِشة رَضيَ اللهُ تعالى عنها لا يُتَصَوَّرُ التَّفوُّه بها من سُنِّيٍّ أبَدًا.
3- أنَّه رَوَّجَ في السُّنَّةِ عَقائِدَ وأفكارًا لم تَكُنْ رائِجةً بَينَ السُّنَّةِ في شِبهِ القارَّةِ الهنديَّةِ الباكِستانيَّةِ قَبلَه، وكُلُّها كانت مَأخوذةً منَ الشِّيعةِ، مِثلُ مَعرِفةِ عِلمِ الغَيبِ للأنبياءِ والصُّلحاءِ، وعِلمِ ما كان وما يَكونُ، وغَيرِها منَ الأمورِ [1391] يُنظر: ((فتاوى بريلوية)) (ص: 14). .
4- أنَّه كان يَروي رِواياتٍ وأحاديثَ شيعيَّةً ويُرَوِّجُها بَينَ السُّنَّةِ ويَستَدِلُّ بها، مِثلُ (إنَّ عَليًّا قَسيمُ النَّارِ) [1392] يُنظر: ((الأمن والعلى)) للبريلوي (ص: 58). . وأيضًا: (إنَّ فاطِمةَ سُمِّيَت بفاطِمةَ؛ لأنَّ اللهَ فطَمَها وذُرِّيَّتَها منَ النَّارِ) [1393] يُنظر: ((ختم نبوت)) للبريلوي (ص: 98). .
وقال: إنَّ عَليًّا يَدفعُ البلاءَ ويَكشِفُ الكُروبَ لمَن يَقرَأُ الدُّعاءَ السَّيفيَّ المَشهورَ سَبعَ مَرَّاتٍ أو ثَلاثَ مَرَّاتٍ أو مَرَّةً واحِدةً [1394] يُنظر: ((الأمن والعلى)) (ص: 12- 13). .
وقال أيضًا: (إنَّ هذا الشِّعرَ نافِعٌ لدَفعِ الأمراضِ، وسَبَبٌ لحُصولِ الوسيلةِ والثَّوابِ، وهو هذا:
لي خَمسةٌ أطفي بها حَرَّ الوباءِ الحاطِمة
المُصطَفى والمُرتَضى وابناهما والفاطِمة) [1395] ((الفتاوى الرضوية)) (6/ 187). .
ثمَّ تَحَدَّثَ عنِ الجَفرِ الشِّيعيِّ وأقَرَّه؛ حَيثُ قال: (الجَفرُ جِلدٌ كَتَبَه جَعفرٌ الصَّادِقُ، كَتَبَ فيه لآلِ البَيتِ كُلَّ ما يَحتاجونَ إليه وإلى مَعرِفتِه، وكُلَّ ما يَكونُ إلى يَومِ القيامةِ) [1396] ((خالص الاعتقاد)) (ص: 48). .
كما ذَكَر الجامِعةَ الشِّيعيَّةَ أيضًا بقَولِه: («الجَفرُ» و«الجامِعةُ» كِتابانِ لعَليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه ذَكَرَ فيهما الحَوادِثَ التي تَحدُثُ إلى انقِراضِ العالمِ على طَريقةِ عِلمِ الحُروفِ، وكان الأئِمَّةُ المَعروفونَ من أولادِه يَعرِفونَها ويَعلَمونَ بها) [1397] ((خالص الاعتقاد)) (ص: 48). .
ورَوى هذه الرِّوايةَ المَكذوبةَ وأقَرَّها: (قيل للرِّضا -الإمامِ الثَّامِنِ المَعصومِ لدى الشِّيعةِ الإماميَّةِ- رَضيَ اللهُ تعالى عنه: عَلِّمْني كلامًا أتَكَلَّمُ به إذا زُرتُ واحِدًا منكُم أهلَ البَيتِ. فقال: ادنُ منَ القَبرِ وكَبِّرِ اللَّهَ أربَعينَ مَرَّةً، ثمَّ قُل: السَّلامُ عَليكُم يا أهلَ البَيتِ، إنِّي مُستَشفِعٌ بكُم ومُقدِّمكُم أمامَ طَلبي وإرادَتي ومَسألتي وحاجَتي، وأُشهِدُ اللهَ أنِّي مُؤمنٌ بسِرِّكُم وعَلانيَتِكُم، وأنِّي أبرَأُ إلى اللهِ تعالى من عَدوِّ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ منَ الجِنِّ والإنسِ) [1398] ((حياة الموات)) المندرج في ((الفتاوى الرضوية)) (4/ 299). .
وقد كَتَبَ في أحَدِ مُؤَلَّفاتِه: (لا بَأسَ بوَضعِ تِمثالِ مَقبَرةِ الحُسَينِ في البَيتِ للتَّبَرُّكِ) [1399] ((بدر الأنوار)) (ص: 57). .
5- أنَّ سِلسِلةَ بيعَتِه تَصِلُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بواسِطةِ أئِمَّةِ الشِّيعةِ الإماميَّةِ.
ومن عِباراتِه قَولُه: (اللَّهمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وبارِكْ على سَيِّدِنا ومَولانا مُحَمَّدٍ المُصطَفى، رَفيعِ المَكانِ، المُرتَضى عليِّ الشَّانِ، الذي رُجَيلٌ من أمَّتِه خَيرٌ منَ الرِّجالِ السَّالفينِ، وحُسَينٍ مَن زُمرَتُه أحسَنُ من كَذا وكَذا حسنًا منَ السَّابقينَ، السَّيِّدِ السَّجَّادِ زَينِ العابدينَ، باقِرِ عُلومِ الأنبياءِ والمُرسَلينَ، ساقَيِ الكَوثَرِ، ومالِكِ تَسنيمٍ، وجَعفَرٍ الذي يَطلُبُ موسى الكَليمُ رِضا رَبِّه بالصَّلاةِ عليه) [1400] يُنظر: ((أنوار الرضا)) لكيشنز (ص: 27). .
6- أنَّه كَفَّرَ أهلَ السُّنَّةِ وأساطينَها من شِبهِ القارَّةِ وخارِجِها، وصَرَّح بأنَّ مَساجِدَهم لا يُحكَمُ عليها بأنَّها مَساجِدُ، ولا يَجوزُ مُجالسَتُهم ومناكحتُهم غَيرَ أنَّه لم يَجعَلِ الشِّيعةَ هَدَفَ فتاويه ولم يَتَكَلَّمْ على مَراكِزِهم ومَعابدِهم وحُسَينيَّاتِهم، بل يَروونَ عنه عَكسَ ذلك، فقالوا: (إنَّ شيعةً بَنَوا حُسَينيَّةً ثمَّ ذَهَبوا إلى البَريلَويِّ ليَختارَ لها اسمًا، فاستَخرَجَ اسمَها منَ التَّاريخِ) [1401] يُنظر: ((ياد أعلى حضرة)) لشرف البريلوي (ص: 29). .
7- أنَّه نَظَمَ بَعضَ القَصائِدِ التي بالغَ فيها في مَدحِ أئِمَّةِ الشِّيعةِ وَمَنقَبتِهم.
ولأجلِ هذه الأشياءِ يَتَّهمُه المُخالِفونَ بالتَّشَيُّعِ هو وأسرَتَه، وأنَّه كان يَعمَلُ لحِسابِهم، ويُرَوِّجُ دَعوتَهم مُتَقَنِّعًا بنِقابِ السُّنَّةِ.
وفاتُه:
يُقالُ: إنَّه لمَّا حَضَرَته الوفاةُ أوصى بوصايا عَديدةٍ، ثمَّ طُبعَت في رِسالةٍ مُستَقِلَّةٍ باسمِ (وصايا شَريف)، ومنها قَولُه: (تَمَسَّكوا بديني ومَذهَبي الذي هو ظاهرٌ من كُتُبي، تَمسَّكوا به واستَقيموا عليه؛ لأنَّه فرضٌ أهَمُّ من جَميعِ الفُروضِ) [1402] يُنظر: ((وصايا شريف)) ترتيب حسنين رضا (ص: 10). .
وقَولُه: (لا أدري ما بَقائي فيكُم... أنتُم ضئانُ المُصطَفى السَّاذَجةُ، صَلَّى اللهُ تعالى عليه وسَلَّمَ، وإنَّ الذِّئابَ مُحيطونَ بكُم من كُلِّ الجَوانِبِ ويُريدونَ أن يُغووكُم ويوقِعوكُم في الفِتنةِ ويَذهَبوا بكُم إلى الجَحيمِ؛ فاجتَنِبوهم وخاصَّةً الدِّيوبِنْديِّينَ) [1403] يُنظر: ((أعلى حضرت بريلوي)) للبستوي (ص: 105). .
وقد مات في سَنةِ 1340هـ عن 68 سنةً [1404] يُنظر: ((أعلى حضرت بريلوي)) للبستوي (ص: 11). .
ويَظهَرُ من مُطالعةِ كُتُبِ القَومِ أنَّ يَومَ جِنازَتِه لم يَكُنْ يومًا مشهودًا ولم يَحضُرْ في جِنازَتِه خَلقٌ كَثيرٌ، ولو كانت جِنازَتُه كجَنائِزِ العُلماءِ والمشايخِ في ذلك العَصرِ جِنازةً مَشهودةً مُزدَحِمةً لتَكَلَّم عنها البَريلَويَّةُ كثيرًا؛ لأنَّ من دَأبِ القَومِ أنَّهم يُكَبِّرونَ الصَّغائِرَ ويُعَظِّمونَ الحقائِرَ، ويُبالغونَ في الكَلامِ، ومن ناحيةٍ أخرى توجَدُ قَرائِنُ على أنَّ النَّاسَ لم يُبالوا بمَوتِه ولم يَنفعِلوا ويَتَأثَّروا بوفاتِه؛ حَيثُ إنَّ قَسوتَه وغِلظَتَه وشِدَّتَه وتَكفيرَه للمُخالفينَ نَفَّرَتهم وأبعَدَتهم عنه.
وممَّا يَدُلُّ على ذلك ما كَتَبَه أحَدُ أتباعِه: (إنَّ مُخالفةَ البَريلَويِّ حَرَكةَ الخِلافةِ وحَرَكةَ تَركِ الموالاةِ أغضَب النَّاسَ عليه) [1405] مقدمة ((دوام العيش)) (ص: 18). ، وأيضًا: (تَنفر عنه المُسلمونَ وانحَرَفوا عنه قُربَ وفاتِه لمُخالفتِه حَرَكةَ الخِلافةِ) [1406] مقدمة ((دوام العيش)) (ص: 18). .
ومَعَ ذلك فإنَّ شَأنَ وفاتِه لم يَخلُ من نَسجِ الأساطيرِ حَولَها، ومن ذلك أنَّ جِنازَتَه لمَّا حُمِلَت رَأى بَعضُ النَّاسِ أنَّ مَلائِكةَ الرَّحمَنِ حَمَلوها على أكتافِهم [1407] يُنظر: ((أنوار رضا)) لكيشنز (ص: 272)، ((رسالة روحون كي دنيا)) مقدمة (ص: 22). !
وقالوا: (إنَّ رَسولَ اللهِ كان جالسًا في جَمعٍ من أصحابِه مُنتَظِرًا مَجيءَ البَريلَويِّ؛ لأنَّه لمَّا سُئِل عن سُكوتِه وسُكوتِ أصحابِه، فقال: نَحنُ نَنتَظِرُ البَريلَويِّ حتَّى يَأتيَ) [1408] يُنظر: ((أعلى حضرت بريلوي)) للبستوي (ص: 121)، ((الفتاوى الرضوية)) (2/13). !
بل قالوا: (إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ تعالى عليه وسَلَّمَ أرسَل هَديَّةَ الطِّيبِ لغُسلِ البَريلَويِّ) [1409] يُنظر: ((وصايا البريلوي)) لحسنين رضا (ص: 19). !

انظر أيضا: