موسوعة الفرق

المطلَبُ الحادِيَ عَشَرَ: خياناتُ الشِّيعةِ في إيرانَ ومَناطِقَ مِنَ الجَزيرةِ العَرَبيَّةِ وما جاورَها


لقد بلغَتِ الخيانةُ الشِّيعيَّةُ ذِروتَها في العُصورِ المُتَأخِّرةِ، وحينَ قامَتِ الدَّولةُ الصَّفويَّةُ في إيرانَ حَوَّلت بَعضًا من أهلِ السُّنَّةِ إلى التَّشَيُّعِ بالإكراهِ، وقَتَلَت كثيرًا من عُلماءِ السُّنَّةِ وعَوامِّهم [2461] يُنظر: ((الدولة الصفوية وأثرها على العالم الإسلامي)) لهيثم الكسواني ((إيران من الصفوية إلى الخمينية)) للصلاحي. .
وفي القَرنِ الماضي سَعى بَعضُ الحُكَّامِ الإيرانيِّينَ لاستِدعاءِ حَمَلاتٍ تَنصيريَّةٍ في بلادِه، وعَقْدِ اتِّفاقٍ مَعَها لتَنصيرِ المُسلمينَ السُّنِّيِّينَ مِنَ الأكرادِ!
قالت أمال السُّبكيُّ: (مِنَ الأشياءِ المُريبةِ حَقًّا في السِّياسةِ التَّبشيريَّةِ الأمريكيَّةِ أن يتِمَّ عَقدُ اتِّفاقٍ مَعَ حُكوماتِ كُلٍّ من إيرانَ والعِراقِ وتُركيا في أَدْنبرةَ 1910م ينُصُّ صَراحةً على حَقِّ الكنيسةِ الإنجيليَّةِ اللُّوثريَّةِ في القيامِ بالتَّبشيرِ للدِّيانةِ المَسيحيَّةِ بَينَ شَعبِ الأكرادِ المُسلمينَ في الأقطارِ الإسلاميَّةِ الثَّلاثِ، وقد جَدَّدَتِ الحُكومةُ الإيرانيَّةُ في عَهدِ الشَّاه رِضا بَهلوي الاتِّفاقَ سَنةَ 1928م، وكان قَصدُ الشَّاهِ الإيرانيِّ تَحقيقَ أهدافٍ عِدَّةٍ، منها:
أوَّلًا: التَّخَلُّصُ مِنَ الكثافةِ السُّكَّانيَّةِ الكُرديَّةِ التي تَقطُنُ أذرَبيجانَ بإيرانَ مُنذُ مِئاتِ السِّنينَ، والتي كثيرًا ما عاونَت تُركيا السُّنِّيَّةَ ضِدَّ إيرانَ للتَّخَلُّصِ مِنَ الظُّلمِ الواقِعِ عليهم.
ثانيًا: كَسرُ شَوكتِهم بتَحويلِ الكثيرِ منهم إلى المَسيحيَّةِ بَعدَ أن تغَيَّرَ مَوقِفُ الحُكومةِ التُّركيَّةِ عن تَأييدِهم بَعدَ ثَورةِ كمال أتاتورك في الرُّبعِ الأوَّلِ مِنَ القَرنِ العِشرينَ.
ثالثًا: تَذويبُ الهُويَّةِ الكُرديَّةِ (السُّنِّيَّةِ) في القَوميَّةِ الإيرانيَّةِ لإحكامِ السَّيطَرةِ عليهم، والحَيلولةِ دونَ التِئامِ شَملِ القَوميَّةِ الكُرديَّةِ مَعَ نَظائِرِها في العِراقِ وتُركيا وسوريا) [2462] ((تاريخ إيران السياسي)) (ص: 115). .
وهذه ليست مُجَرَّدَ سياسةٍ، بل عَقيدةٌ عِندَ غُلاةِ الشِّيعةِ؛ فالسُّنِّيُّ عِندَهم أشَدُّ كُفرًا مِنَ النَّصرانيِّ واليهوديِّ؛ ولذلك يرى الغُلاةُ من أئِمَّتِهم جَوازَ الصَّدَقةِ على الذِّمِّيِّ وعَدَمِ جَوازِها على السُّنِّيِّ! قال الخُمينيُّ: (ويُعتَبَرُ في المُتَصَدَّقِ عليه في الصَّدَقةِ المَندوبةِ الفَقرُ لا الإيمانُ والإسلامُ، فتَجوزُ على الغَنيِّ الذِّمِّيِّ والمُخالفِ إن كانا أجنَبيَّينِ، نَعَمْ، ولا تَجوزُ على النَّاصِبيِّ ولا على الحَربيِّ وإن كانا قَريبينِ) [2463] ((تحرير الوسيلة)) (1/91). .
ودَولةُ إيرانَ بَعدَ قيامِ الثَّورةِ الخُمينيَّةِ هي الأُمُّ الرَّاعيةُ لكُلِّ الشِّيعةِ في كُلِّ مَكانٍ خُصوصًا الاثنَي عَشريَّةِ، والشِّيعةُ أينَما كانوا يدينونَ بالولاءِ لإيرانَ أكثَرَ من ولائِهم للأرضِ التي يعيشونَ فيها. وعلى سَبيلِ المِثالِ: جَزيرةُ البَحرينِ فيها شيعةٌ كثيرونَ، ولهم عَلاقاتٌ وتَواصُلٌ بإيرانَ، وقد صَرَّحَ مَسؤولٌ إيرانيٌّ بالمُطالبةِ بضَمِّ البَحرينِ وبَعضِ جُزُرٍ في الكويتِ إلى إيرانَ، وادَّعى أنَّ نَحوَ 85 % من سُكَّانِ البَحرينِ مِنَ الشِّيعةِ، وأنَّهم مُضطَهَدونَ، وعلى رَأسِهم رِجالُ الدِّينِ الشِّيعةُ، لا سيَّما سَيِّد هادي المَدرسيِّ المُمَثِّلِ الخاصِّ في البَحرينِ لآيةِ اللهِ الخُمينيِّ، وأذاعَ راديو طِهرانَ في 30/8/1979م نِداءً للسُّلطةِ في البَحرينِ بالإفراجِ عن سَيِّد هادي المَدرَسيِّ [2464] يُنظر: ((انهيار جدار عرب المشرق)) لإبراهيم عبد الطالب (ص: 546). . وعلى إثرِ هذا قامَ نَحوُ اثنَي عَشَر زَعيمًا شيعيًّا في البَحرينِ بتَفجيرِ ثَورةٍ في أنحاءِ البلادِ، وقاموا بإحداثِ شَغبٍ واسِعِ النِّطاقِ.
وهادي المدرَسيُّ رَجُلٌ إيرانيٌّ توطَّنُ البَحرينِ لتَنفيذِ الأغراضِ الشِّيعيَّةِ الرَّافضيَّةِ، وقد ساعَدَ على تَعميقِ الفجوةِ بَينَ السُّنَّةِ والشِّيعةِ من جَرَّاءَ خُطَبِه وتَصريحاتِه المُتَطَرِّفةِ التي فيها دائِمًا نَزعةُ التَّحَيُّزِ والولاءِ لإيرانَ، والنِّقمةِ على أهلِ السُّنَّةِ وحُكَّامِ البَحرينِ [2465] يُنظر: ((الأصولية في العالم العربي)) لدكمجيان (ص: 213). .
وفي الكويتِ حَدَثَت أعمالُ شَغبٍ قامَ بها الشِّيعيُّ أحمَد عَبَّاس المهريُّ صِهرُ الخُمينيِّ، فعَقدَ نَدَواتٍ في مَساجِدِ الشِّيعةِ، وأخذ يُثيرُ قَضايا سياسيَّةً مِثلُ قَضايا الإسكانِ وإنصافِ الشِّيعةِ، وتَجاوبَ مَعَه الشِّيعةُ في الكويتِ، وصَدَرَتِ الأوامِرُ مِنَ الخُمينيِّ بتَسميةِ المهريِّ المُمَثِّلَ الخاصَّ للخُمينيِّ في الكويتِ، والمَسؤولَ عن صَلاةِ الجُمعةِ فيها، وتَوالتِ التَّصريحاتُ الإيرانيَّةُ ضِدَّ المُضايقاتِ التي تَعَرَّض لها مُمَثِّلُ الخُمينيِّ وشيعتُه، وتارةً تُهَدِّدُ بالتَّدَخُّلِ العَسكريِّ [2466] يُنظر: ((أمن الخليج.. من غزو الكويت إلى غزو العراق)) لنصرة البستكي (ص: 66- 67). .
وفي اليمَنِ استَقطَبَ شيعةُ إيرانَ بَعضَ الشِّيعةِ الزَّيديَّةِ، وشَجَّعوهم على القيامِ بمُؤامَراتٍ كثيرةٍ، وكان من نَتائِجِ تلك المُؤامَراتِ ظُهورُ الحَرَكةِ الحُوثيَّةِ واستيلاؤِها على السُّلطةِ في اليمَنِ، وسَيأتي الحَديثُ عن ذلك.
وبَعضُ أئِمَّةِ الشِّيعةِ الزَّيديَّةِ في اليمَنِ كانوا يضطَهدونَ أهلَ السُّنَّةِ في اليمَنِ الأسفَلِ والسَّاحِلِ الغَربيِّ [2467] تِهامةُ غربُ اليَمَنِ شافعيَّةُ المذهَبِ، وكذلك وَسَطُ اليمَنِ كإبَّ وتَعْزٍ، وقد سيطر عليها أئمَّةُ الزَّيديَّةِ، وكان منهم المتسامِحُ، وكان منهم المتشَدِّدُ، وقد حصلت حروبٌ كثيرةٌ بَيْنَ أئمَّةِ اليَمَنِ وتلك المناطِقِ الشَّافعيَّةِ. يُنظر: ((تاريخ اليمن)) للحكمي (ص: 186)، ((تاريخ اليمن خلال القرن الحادي عشر)) لابن الوزير (ص: 50، 80)، ((تاريخ اليمن الإسلامي)) للمطاع (ص: 339)، ((القبورية في اليمن)) لأحمد المعلم (ص: 520)، ((رافضة اليمن على مر الزمن)) لمحمد الإمام (1/ 267، 447). ، وحينَ دَخَل العُثمانيُّونَ اليمَنَ حارَبوهم، واستَحَلُّوا قِتالَهم، إلى أن خَرَجَ الأتراكُ من بلادِ اليمَنِ عامَ 1337هـ.
وفي العِراقِ يَعيثُ الشِّيعةُ فسادًا، لا سيَّما في النَّجَفِ وكَربَلاءَ والكاظِميَّةِ وبَغدادَ، وولاؤُهم لا يخفى نَحوَ شيعةِ إيرانَ، وكان الخُمينيُّ يستَخدِمُهم كأداةٍ تَخريبيَّةٍ في العِراقِ.
وكان شيعةُ العِراقِ يعتَقِدونَ أنَّ نِسبَتَهم أكثَرُ من 70% وأنَّهم مَحرومونَ مُضطَهَدونَ، ويحرِصونَ على التَّحَرُّرِ من حُكمِ القيادةِ السُّنِّيَّةِ، ويتَطَلَّعونَ إلى التَّأييدِ العامِّ من شيعةِ العالمِ [2468] يُنظر: ((الأصولية في العالم العربي)) لدكمجيان (ص183). .
وقد اعتَبَرَت حُكومةُ العِراقِ هذا الحِزبَ في ضَوءِ التَّشجيعِ الواضِحِ مِنَ الخُمينيِّ طابورًا خامِسًا يهدُفُ إلى تَوحيدِ العِراقِ وإيرانَ، فقامَتِ الحُكومةُ العِراقيَّةُ بعَمَليَّاتِ قَمعٍ واسِعةِ النِّطاقِ، ووجَّهَت تُهمةَ الخيانةِ بالتَّخطيطِ لإقامةِ دَولةٍ شيعيَّةٍ في العِراقِ إلى بَعضِ زُعَماءِ الشِّيعةِ، وقامَت بإعدامِهم، وكان على رَأسِهم باقِرُ الصَّدرِ وأُختُه بنتُ الهدى، وتَمَّ إعدامُهم في أبريل 1980م [2469] يُنظر: ((الأصولية في العالم العربي)) لدكمجيان (ص: 185). .
ثُمَّ حاول النِّظامُ العِراقيُّ فيما بَعدُ اتِّباعَ سياسةِ الاستِرضاءِ، وبرَغمِ ذلك فإنَّ كِبارَ أئِمَّةِ الشِّيعةِ رَفضوا التَّعاوُنَ مَعَ الحُكومةِ العِراقيَّةِ [2470] يُنظر: ((الأصولية في العالم العربي)) لدكمجيان (ص: 189). .
وعِندَما أعلنَت أمريكا وبريطانيا الحَربَ على العِراقِ بحُجَّةِ مُحارَبةِ الإرهابِ، وإحلالِ الدِّيمُقراطيَّةِ، وجدَ الشِّيعةُ لهم مُتَنَفَّسًا للتَّخَلُّصِ من نِظامِ صَدَّام حُسَين، وظَهَرَت خيانَتُهم في عَدَمِ المُشارَكةِ في المُقاوماتِ التي قامَ بها الجَيشُ والشَّعبُ العِراقيُّ ضِدَّ العَدوِّ الغازيِّ، ووقَفوا مَوقِفَ المُتَفرِّجِ، وعِندَما سَقَطَت بَغدادُ خَرَجَ الشِّيعةُ في الشَّوارِعِ يخطَفونَ وينهَبونَ ويُخَرِّبونَ، ولم تَسلَمْ منهم حتَّى المُستَشفياتُ، وكُلُّ هذا في ظِلِّ حِمايةِ الأمريكيِّينَ، وقد كان شيعةُ العِراقِ مُتَطَلِّعينَ إلى زَوالِ النِّظامِ العِراقيِّ وإحلالِ نِظامٍ شيعيٍّ مَحَلَّه أو نِظامٍ تَكونُ فيه أغلبيَّةٌ شيعيَّةٌ.

انظر أيضا: