موسوعة الفرق

الفصلُ الأوَّلُ: القُرآنُ الصَّامِتُ والقُرآنُ النَّاطِقُ


تَقدَّم أنَّ الشِّيعةَ الإماميَّةَ يقولونَ: الإمامُ كالنَّبيِّ في عِصمَتِه ووِراثةِ عِلمِه؛ ولذلك فهم يُشيرونَ إلى القُرآنِ الكريمِ والإمامِ بقَولِهم: ذلك القُرآنُ الصَّامِتُ، وهذا القُرآنُ النَّاطِقُ؛ فالإمامُ في رَأيِهم هو القُرآنُ النَّاطِقُ [2151] رَوَوا عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه قال: (ذلك القرآنُ فاستَنْطِقوه؛ فلن يَنطِقَ لكم، أخبِرُكم عنه، إنَّ فيه عِلمَ ما مضى، وعِلمَ ما يأتي إلى يومِ القيامةِ، وحُكمَ ما بينكم، وبيانَ ما أصبَحتُم فيه مختَلِفين، فلو سألتُموني عنه لأخبرتُكم عنه؛ لأنِّي أعلَمُكم). ((تفسير القمي)) (ص: 3). ويُنظر: ((الكافي)) للكليني (1/ 61) و (8/ 50). .
وما دامَ القُرآنُ الكريمُ صامتًا فلا بُدَّ عِندَ الشِّيعةِ الإماميَّةِ مِنَ الرُّجوعِ إلى القُرآنِ النَّاطِقِ حتَّى يتَبَيَّنَ مُرادُ اللهِ تعالى، وهو أحَدُ الأئِمَّةِ الاثني عَشَرَ.
ومِمَّا رَوَوه عن مُحَمَّدٍ الباقِرِ قَولُه: (القُرآنُ ضُرِبَ فيه الأمثالُ للنَّاسِ، وخاطَبَ اللهُ نَبيَّه به ونحن، فليس يعلَمُه غَيرُنا) [2152] يُنظر: ((تفسير القمي)) (2/ 425). .
وما ذَكرَه الإماميَّةُ بالنِّسبةِ للقُرآنِ النَّاطِقِ -أي الإمامِ المَعصومِ عِندَهم- هو أثَرٌ مِن آثارِ عَقيدَتِهم في الإمامةِ. وما ذَكروه ليس مَسألةً نَظَريَّةً، وإنَّما يُطَبِّقونَه عَمَليًّا في التَّفسيرِ وأُصولِ التَّفسيرِ، والتَّشريعِ كذلك.

انظر أيضا: