موسوعة الفرق

الفَرعُ الثَّاني: حُكمُ إتيانِ النِّساءِ مِنَ الدُّبُرِ في القُرآنِ والسُّنَّةِ


قد دَلَّتِ الأدِلَّةُ مِنَ القُرآنِ الكريمِ والسُّنَّةِ النَّبَويَّةِ على تَحريمِ إتيانِ الزَّوجةِ في الدُّبُرِ.
قال اللهُ تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة: 222] .
فقول اللهِ سُبحانَه: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ يدُلُّ على تَحريمِ إتيانِ الزَّوجةِ في دُبُرِها مِن بابِ أَولى؛ لأنَّه إذا كان مَكانُ الحَيضِ لا يجوزُ إتيانُه حالَ الحَيضِ لكونِه أذًى، فمِن بابِ أَولى لا يجوزُ إتيانُ دُبُرِ المَرأةِ؛ لكونِه أشَدَّ أذًى ونَجاسةً مِن مَكانِ الحَيضِ.
ونَقل القُرطُبيُّ في تَفسيرِ هذه الآيةِ عن بَعضِ العُلماءِ أنَّه قال: (حَرَّمَ اللهُ تعالى الفرجَ حالَ الحَيضِ لأجلِ النَّجاسةِ العارِضةِ، فأَولى أن يُحَرِّمَ الدُّبُرَ لأجلِ النَّجاسةِ اللَّازِمةِ) [2124] ((تفسير القرطبي)) (3/ 94). .
وقولُ اللهِ عزَّ وجَلَّ: وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ [البقرة: 222] يدُلُّ أيضًا على تَحريمِ إتيانِ دُبُرِ الزَّوجةِ؛ إذ لو كان مُباحًا لكان للزَّوجِ أن يَنكِحَ زَوجَتَه في دُبُرِها حالَ حَيضِها، ولكِنَّ اللهَ مَنَعَ الزَّوجَ أن يَقرَبَ زَوجَتَه بالنِّكاحِ حتَّى تَطهُرَ مِنَ الحَيضِ وتَغتَسِلَ.
ويدُلُّ على هذا أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحَلَّ للرِّجالِ مِن زَوجاتِهم حالَ الحَيضِ كُلَّ شَيءٍ مِنَ الاستِمتاعِ كالقُبلةِ والضَّمَّةِ إلَّا النِّكاحَ؛ فعن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((اصنَعوا كُلَّ شَيءٍ إلَّا النِّكاحَ)) [2125] رواه مسلم (302). .
وقَولُه: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ أي: مِنَ القُبُلِ لا مِنَ الدُّبُرِ، وقد رَوى ابنُ جَريرٍ في تَفسيرِ هذه الآيةِ عن ابنِ عَبَّاسٍ ومُجاهدٍ وقتادةَ والرَّبيعِ وإبراهيمَ النَّخعيِّ أنَّهم قالوا: (أي: في الفَرْجِ) [2126] رواه ابنُ جرير في تفسيره (3/ 736 - 738). .
ففي هذه الآيةِ الكريمةِ دَلالةٌ واضِحةٌ على تَحريمِ إتيانِ دُبُرِ الزَّوجةِ، قال ابنُ كثيرٍ: (فيه دَلالةٌ على تَحريمِ الوَطءِ في الدُّبُرِ) [2127] ((تفسير ابن كثير)) (1/ 588). .
وقال الشِّنقيطيُّ: (وقَولُه: مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ هو القُبُلُ؛ لأنَّ اللهَ قال: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ، والمَأمورُ بإتيانِه: محَلُّ الحَرثِ، ومَعلومٌ أنَّ مَحَلَّ حَرثِ الأولادِ ليس الدُّبُرَ، وتَدُلُّ عليه آيةٌ أُخرى، وهي قَولُه تعالى: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ؛ لأنَّ معنى: مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ أي: مِنَ الأولادِ على أصَحِّ التَّفسيرَينِ، وعليه جُمهورُ العُلماءِ، يعني: باشِروهنَّ، ولتَكُنْ تلك المُباشَرةُ في مَحَلِّ ابتِغاءِ الأولادِ، ومَعلومٌ أنَّ الدُّبُرَ ليس مَحَلَّ ابتِغاءِ الأولادِ) [2128] ((العذب النمير)) (3/ 557). .
وقولُ اللهِ تعالى: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ قد يكونُ فيه إشارةٌ إلى أنَّ مَن أتى زَوجَتَه في دُبُرِها فقد عَصى اللهَ سُبحانَه، وتَلطَّخَ بالنَّجاسةِ.
قال ابنُ عطيَّةَ: (وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ قال مُجاهدٌ: مِن إتيانِ النِّساءِ في أدبارِهنَّ، كأنَّه نَظَرَ إلى قَولِه تعالى حِكايةً عن قَومِ لوطٍ: أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ [الأعراف: 82] ) [2129] ((تفسير ابن عطية)) (1/ 299). .
وقال ابنُ كثيرٍ: (أي: المُتَنَزِّهينَ عن الأقذارِ والأذى، وهو ما نُهُوا عنه مِن إتيانِ الحائِضِ أو في غَيرِ المَأتيِّ) [2130] ((تفسير ابن كثير)) (1/ 588). .
وقد رَوى ابنُ جَريرٍ في تَفسيرِه عن ابنِ عَبَّاسٍ ومُجاهدٍ في تَفسيرِ قَولِه تعالى حِكايةً عن قَومِ لوطٍ عليه السَّلامُ: إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ قالا: (مِن أدبارِ الرِّجالِ ومِن أدبارِ النِّساءِ) [2131] رواه ابنُ جرير في تفسيره (10/ 307). .
ومِن أدِلَّةِ تَحريمِ إتيانِ دُبُرِ الزَّوجةِ قَولُه تعالى: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة: 223] .
وسَبَبُ نُزولِ هذه الآيةِ ما ثَبَتَ عن جابرِ بنِ عَبدِ اللهِ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: كانت اليهودُ تَقولُ: إذا أتى الرَّجُلُ امرَأتَه مِن دُبُرِها في قُبُلِها كان الولدُ أحولَ، فنَزَلت: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة: 223] [2132] رواه البخاري (4528) ومسلم (1435). .
قال البَغويُّ: (وأنَّى: حَرفُ استِفهامٍ يكونُ سُؤالًا عن الحالِ والمَحَلِّ، مَعناه: كيف شِئتُم وحَيثُ شِئتُم بَعدَ أن يكونَ في صِمامٍ واحِدٍ، وقال عِكرِمةُ: أَنَّى شِئْتُمْ إنَّما هو الفَرجُ، ومِثلُه عن الحَسَنِ، وقيل: حَرْثٌ لَكُمْ أي: مُزدَرَعٌ لكم ومَنبَتٌ للوَلَدِ بمَنزِلةِ الأرضِ التي تُزرَعُ، وفيه دَليلٌ على تَحريمِ الأدبارِ؛ لأنَّ مَحَلَّ الحَرثِ والزَّرعِ هو القُبُلُ لا الدُّبُرُ) [2133] ((تفسير البغوي)) (1/ 291). .
قال القُرطُبيُّ: (أي: كيف شِئتُم مِن خَلفٍ ومِن قُدَّامٍ، وبارِكةً ومُستَلقيةً ومُضطَجِعةً، فأمَّا الإتيانُ في غَيرِ المَأتيِّ فما كان مُباحًا ولا يُباحُ، وذِكرُ الحَرثِ يدُلُّ على أنَّ الإتيانَ في غَيرِ المَأتى مُحَرَّمٌ، وحَرْثٌ تَشبيهٌ؛ لأنَّهنَّ مُزدَرَعُ الذَّرِّيَّةِ، فلفظُ الحَرثِ يُعطي أنَّ الإباحةَ لم تَقَعْ إلَّا في الفَرجِ خاصَّةً؛ إذ هو المُزدَرَعُ... ففَرجُ المَرأةِ كالأرضِ، والنُّطفةُ كالبَذرِ، والولدُ كالنَّباتِ، فالحَرثُ بمَعنى المُحتَرَثِ... أنَّى شِئتُم معناه عِندَ الجُمهورِ مِنَ الصَّحابةِ والتَّابعينَ وأئِمَّةِ الفتوى: مِن أيِّ وجهٍ شِئتُم مُقبِلةً ومُدبِرةً) [2134] ((تفسير القرطبي)) (3/ 93). .
وقال ابنُ القَيِّمِ: (قد دَلَّتِ الآيةُ على تَحريمِ الوطءِ في دُبُرِها مِن وجهَينِ: أحَدُهما: أنَّه أباحَ إتيانَها في الحَرثِ، وهو مَوضِعُ الولَدِ، لا في الحُشِّ الذي هو مَوضِعُ الأذى، ومَوضِعُ الحَرثِ هو المُرادُ مِن قَولِه: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ [البقرة: 222] الآية، قال: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ، وإتيانُها في قُبُلِها مِن دُبُرِها مُستفادٌ من الآيةِ أيضًا؛ لأنَّه قال: أَنَّى شِئْتُمْ أي: مِن أينَ شِئتُم مِن أمامٍ أو مِن خَلفٍ؛ قال ابنُ عَبَّاسٍ: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ يعني: الفَرجَ. وإذا كان اللهُ حَرَّم الوطءَ في الفَرجِ لأجلِ الأذى العارِضِ، فما الظَّنُّ بالحُشِّ الذي هو مَحَلُّ الأذى اللَّازِم مَعَ زيادةِ المَفسَدةِ بالتَّعَرُّضِ لانقِطاعِ النَّسلِ، والذَّريعةِ القَريبةِ جِدًّا مِن أدبارِ النِّساءِ إلى أدبارِ الصِّبيانِ) [2135] ((زاد المعاد)) (4/ 240). .
وقال ابنُ كثيرٍ: (أي: كيف شِئتُم مُقبِلةً ومُدبِرةً في صِمامٍ واحِدٍ، كما ثَبَتت بذلك الأحاديثُ) [2136] ((تفسير ابن كثير)) (1/ 588). .
وقد ثَبَتَ تَحريمُ إتيانِ دُبُرِ الزَّوجةِ في السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ.
قال الطَّحاويُّ: (جاءَتِ الآثارُ مُتَواتِرةً بذلك) [2137] ((شرح معاني الآثار)) (3/43). .
وقال القُرطُبيُّ: (أحاديثُ صَحيحةٌ حِسانٌ وشَهيرةٌ رَواها عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اثنا عَشَرَ صَحابيًّا بمُتونٍ مُختَلفةٍ، كُلُّها مُتَوارِدةٌ على تَحريمِ إتيانِ النِّساءِ في الأدبارِ، ذَكرَها أحمَدُ بنُ حَنبَلٍ في مُسنَدِه، وأبو داوُدَ، والنَّسائيُّ، والتِّرمِذيُّ، وغَيرُهم، وقد جَمَعَها أبو الفرَجِ بنُ الجَوزيِّ بطُرُقِها في جُزءٍ سَمَّاه «تَحريم المَحَلِّ المَكروه»، وهذا هو الحَقُّ المُتَّبَعُ والصَّحيحُ في المَسألةِ، ولا ينبَغي لمُؤمِنٍ باللهِ واليومِ الآخِرِ أن يُعَرِّجَ في هذه النَّازِلةِ على زَلَّةِ عالمٍ بَعدَ أن تَصِحَّ عنه، وقد حَذَّرْنا مِن زَلَّةِ العالمِ) [2138] ((تفسير القرطبي)) (3/ 95). .
وقال الذَّهَبيُّ: (قد تَيقَّنَّا بطُرُقٍ لا مَحيدَ عنها نَهيَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أدبارِ النِّساءِ، وجَزَمْنا بتَحريمِه، ولي في ذلك مُصَنَّفٌ كبيرٌ) [2139] ((سير أعلام النبلاء)) (14/ 128). .
وقال الألبانيُّ: (جاءت أحاديثُ كثيرةٌ في تَحريمِ الدُّبُرِ، فيها الصَّحيحُ والحَسَنُ وما يُعتَضَدُ به) [2140] ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (7/ 1130). .
ولو لم يَرِدْ حَديثٌ بحُرمَتِها فيكفي للقَولِ بذلك ما تَقدَّمَ ذِكرُه مِن أدِلَّةِ القُرآنِ الكريمِ، وهي أدِلَّةٌ كافيةٌ شافيةٌ، وقد قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ، وإنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ، وبَينَهما أُمورٌ مُشتَبِهاتٌ لا يَعلَمُهنَّ كثيرٌ مِنَ النَّاسِ، فمَن اتَّقى الشُّبُهاتِ فقد استَبرَأ لدينِه وعِرضِه، ومَن وقَعَ في الشُّبُهاتِ وقعَ في الحَرامِ، كالرَّاعي يرعى حَولَ الحِمى يوشِكُ أن يرتَعَ فيه)) [2141] رواه البخاري (52) ومسلم (1599). .
وقد أثبَتَ الطِّبُّ الحَديثُ انتِقالَ عَدَدٍ كبيرٍ مِنَ الأمراضِ الجِنسيَّةِ الخَطيرةِ، ومنها مَرَضُ (الإيدزِ عن طَريقِ الوَطءِ في الدُّبُرِ [2142] يُنظر: ((الموسوعة الطبية الفقهية)) (ص: 456). .
وقد تَواتَرَ عن عُلماءِ الإسلامِ ومَشاهيرِ فُقَهاءِ الأمصارِ القَولُ بتَحريمِ إتيانِ المَرأةِ في دُبُرِها:
قال الشَّافِعيُّ: (قال اللهُ عزَّ وجَلَّ: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة: 223] ، وبَيَّنَ أنَّ مَوضِعَ الحَرثِ مَوضِعُ الوَلَدِ، وأنَّ اللهَ تعالى أباحَ الإتيانَ فيه إلَّا في وقتِ الحَيضِ، و أَنَّى شِئْتُمْ مِن أينَ شِئتُم. وإباحةُ الإتيانِ في مَوضِعِ الحَرثِ يُشبِهُ أن يكونَ تَحريمَ إتيانٍ في غَيرِه، فالإتيانُ في الدُّبُرِ حتَّى يبلُغَ منه مَبلَغَ الإتيانِ في القُبُلِ مُحَرَّمٌ بدَلالةِ الكِتابِ ثُمَّ السُّنَّةِ) [2143] ((الأم)) (5/ 101). .
وقال ابنُ حَزمٍ: (لا يحِلُّ الوطءُ في الدُّبُرِ أصلًا، لا في امرَأةٍ ولا في غَيرِها) [2144] ((المحلى)) (9/ 220). .
وقال الكاسانيُّ: (لا يحِلُّ إتيانُ الزَّوجةِ في دُبُرِها؛ لأنَّ اللهَ تعالى عَزَّ شَأنُه نهى عن قِربانِ الحائِضِ، ونَبَّهَ على المَعنى، وهو كونُ المَحيضِ أذًى، والأذى في ذلك المَحَلِّ أفحَشُ وأذَمُّ، فكان أَولى بالتَّحريمِ) [2145] ((بدائع الصنائع)) (5/ 119). .
وقال ابنُ قُدامةَ المَقدِسيُّ: (لا يجوزُ وطؤُها في الحَيضِ ولا في الدُّبُرِ... ويجوزُ الاستِمتاعُ بها فيما بَيْنَ الأليتَينِ، ووطؤُها في الفرَجِ مُقبِلةً ومُدبِرةً، وكيف شاءَ؛ لقَولِه تعالى: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة: 223] ) [2146] ((الكافي)) (3/83). .
وقال القَرافيُّ المالِكيُّ: (عَقدُ النِّكاحِ يُبيحُ كُلَّ استِمتاعٍ إلَّا الوطءَ في الدُّبُرِ، وقاله الأئِمَّةُ، ونِسبتُه إلى مالِكٍ كَذِبٌ، قال ابنُ وهبٍ: قُلتُ لمالكٍ: إنَّهم حَكوا عنك حِلَّه! فقال: مَعاذَ اللهِ! أليس أنتم قَومًا عَرَبًا؟! قُلتُ: بَلى. قال: قال اللهُ تعالى: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة: 223] ، وهَل يكونُ الحَرثُ إلَّا في مَوضِعِ الزَّرعِ أو مَوضِعِ النَّبتِ؟!) [2147] ((الذخيرة)) (4/416). .
وقال ابنُ تَيميَّةَ: (وَطءُ المَرأةِ في دُبُرِها حَرامٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ، وقَولُ جَماهيرِ السَّلَفِ والخَلَفِ، بل هو اللُّوطيَّةُ الصُّغرى،... قال تعالى: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة: 223] ، والحَرثُ هو مَوضِعُ الوَلَدِ؛ فإنَّ الحَرثَ هو مَحَلُّ الغَرسِ والزَّرعِ، وكانت اليهودُ تَقولُ: إذا أتى الرَّجُلُ امرَأتَه في قُبُلِها مِن دُبُرِها جاءَ الوَلَدُ أحوَلَ؛ فأنزَل اللهُ هذه الآيةَ، وأباحَ للرَّجُلِ أن يأتيَ امرَأتَه مِن جَميعِ جِهاتِها لكِنْ في الفَرجِ خاصَّةً، ومتى وطِئَها في الدُّبُرِ وطاوعَته عُزِّرا جَميعًا، فإنْ لم ينتَهِيا فُرِّقَ بَينَهما كما يُفرَّقُ بَيْنَ الفاجِرِ ومَن يَفجُرُ به) [2148] ((الفتاوى الكبرى)) (3/174). ويُنظر: ((فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى)) (19/282). .
وقد عَدَّ العُلماءُ إتيانَ المَرأةِ في دُبُرِها مِن كبائِرِ الذُّنوبِ [2149] يُنظر: ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) للهيتمي (2/46)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (21/186). .



انظر أيضا: