موسوعة الفرق

المَطلَبُ السَّادِسُ: التَّشابُهُ بَيْنَ اليهودِ والشِّيعةِ الإماميَّةِ في تَقديسِهم لأنفُسِهم


يدَّعي اليهودُ أنَّ اللهَ تعالى اصطَفاهم وفضَّلهم على باقي شُعوبِ الأرضِ حتَّى مَعَ كُفرِهم بالأنبياءِ عليهم السَّلامُ وتَحريفِهم للتَّوراةِ وتَعَدِّيهم حُدودَ اللهِ التي لعنَهم اللهُ بسَبَبها، وهم يعتَقِدونَ أنَّهم شَعبُ اللهِ المُختارُ، كما جاءَ في التَّوراةِ ما نَصُّه: (لأنَّكم شَعبٌ مُقدَّسٌ للرَّبِّ إلهِكم، فإيَّاكم قد اختارَ الرَّبُّ إلهُكم مِن بَيْنَ جَميعِ شُعوبِ الأرضِ لتكونوا شَعبَه الخاصَّ. ولم يُفضِّلْكم الرَّبُّ ويتَخَيَّرْكم لأنَّكم أكثَرُ عَدَدًا مِن سائِرِ الشُّعوبِ، فأنتُم أقَلُّ الأُمَمِ عَدَدًا. بل مِن مَحَبَّتِه، وحِفاظًا على القَسَمِ الذي أقسَمَ به لآبائِكم، أخرَجَكم بقوَّةٍ فائِقةٍ، وفداكم مِن نِيرِ عُبوديَّةِ فِرعَونَ مَلِكِ مِصرَ) [1983] ((سفر التثنية)) الإصحاح السابع، فقرة 6 – 9. .
وجاءَ في التُّلمودِ: (تَتَمَيَّزُ أرواحُ اليهودِ عن باقي الأرواحِ بأنَّها جُزءٌ مِنَ اللهِ كما أنَّ الابنَ جُزءٌ مِن والدِه) [1984] يُنظر: ((الكنز المرصود في قواعد التلمود)) ليوسف نصر الله (ص: 42). .
وكذلك يعتَقِدونَ: أنَّ اللهَ تعالى مَيَّزَهم عن غَيرِهم مِنَ النَّاسِ في كافَّةِ الأحكامِ والتَّشريعاتِ الدُّنيويَّةِ والأُخرَويَّةِ، ومِن ذلك اعتِقادُهم أنَّه: لولا اليهودُ لم يخلُقِ اللهُ هذا الكونَ، وأنَّ كُلَّ ما فيه فإنَّه مِلكٌ لليهودِ ومُسَخَّرٌ لخِدمَتِهم، جاءَ في التُّلمودِ: (لو لم يخلُقِ اللهُ اليهودَ لانعَدَمَتِ البَرَكةُ مِنَ الأرضِ، ولَما خُلِقَتِ الأمطارُ والشَّمسُ، ولَما أمكَنَ باقيَ المَخلوقاتِ أن تَعيشَ) [1985] يُنظر: ((الكنز المرصود في قواعد التلمود)) ليوسف نصر الله (ص: 46). .
ويعتَقِدُ اليهودُ أنَّ الجَنَّةَ لن يَدخُلَها إلَّا اليهودُ؛ فجاءَ في التُّلمودِ: (هذه الجَنَّةُ اللَّذيذةُ لا يدخُلُها إلَّا اليهودُ الصَّالحونَ) [1986] يُنظر: ((همجية التعاليم الصهيونية)) لبولس حنا مسعد (ص: 55). .
وفي نَصٍّ آخَرَ: (النَّعيمُ مَأوى أرواحِ اليهودِ، ولا يدخُلُ الجَنَّةَ إلَّا اليهودُ) [1987] يُنظر: ((التلمود تاريخه وتعاليمه)) لظفر الإسلام خان (ص: 43).  .
وشابَهَ الإماميَّةُ اليهودَ في تَقديسِهم لأنفُسِهم، وزَعمِهم أنَّ اللهَ تعالى اختارَهم مِن بَيْنَ كُلِّ النَّاسِ، ومَيَّزَهم عن غَيرِهم بكثيرٍ مِنَ المَزايا، وأنَّهم أهلُ الجَنَّةِ دونَ غَيرِهم.
رَوَوا عن عَليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه قال: (يُنادي مُنادٍ مِنَ السَّماءِ عِندَ رَبِّ العِزَّةِ: يا عَليُّ، ادخُلِ الجَنَّةَ أنت وشيعَتُك، لا حِسابَ عليك ولا عليهم، فيدخُلونَ الجَنَّةَ، فيتَنَعَّمونَ فيها) [1988] يُنظر: ((تفسير فرات الكوفي)) (ص: 349). .
ورَوى العَيَّاشيُّ في تَفسيرِه عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ كثيرٍ أنَّ أبا عَبدِ اللهِ قال له: (يا عبدَ الرَّحمنِ، شيعَتُنا واللهِ لا تختمُ الذُّنوبَ والخَطايا، هم صَفوةُ اللهِ الذينَ اختارَهم لدينِه) [1989] يُنظر: ((تفسير العياشي)) (2/ 105).    .
ورَوى بَعضُهم عن عَمَّارِ بنِ ياسِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رجُلًا مِن شيعةِ عَليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه أتى إليه وقال: (أنا رَجُلٌ من شيعتِك، وعَليَّ ذُنوبٌ، وأُريدُ أن تُطَهِّرَني منها في الدُّنيا لأرتَحِلَ إلى الآخِرةِ وما عَليَّ ذَنبٌ، فقال عليه السَّلامُ: قُل لي بأعظَمِ ذُنوبِك، فقال: أنا ألوطُ بالصِّبيانِ، فقال: أيُّما أحَبُّ إليك ضَربةٌ بذي الفقارِ أو أقلِبُ عليك جدارًا أو أُضرِمُ لك نارًا؟ فإنَّ ذلك جَزاءُ مَن ارتَكبَ ما ارتَكبتَه، فقال الرَّجُلُ: يا مَولاي، أحرِقْني بالنَّارِ، فقال عَليٌّ رَضِيَ اللهُ عنه: يا عَمَّارُ، اجمَعْ له ألفَ حُزمةٍ مِن قَصَبٍ، فأنا أُضرِمُه غَدًا بالنَّارِ، وقال للرَّجُلِ: امضِ وأوصِ. قال: فمَضى الرَّجُلُ وأوصى بما له وعليه، وقَسَّمَ أموالَه بَيْنَ أولادِه، وأعطى كُلَّ ذي حَقٍّ حَقَّه، ثُمَّ أتى بابَ حُجرةِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السَّلامُ في بَيتِ نوحٍ عليه السَّلامُ شَرقيَّ جامِعِ الكوفةِ، فلمَّا صَلَّى أميرُ المُؤمِنينَ عليه السَّلامُ وأنجانا به اللهُ مِنَ الهَلكةِ. قال: يا عَمَّارُ، نادِ في الكوفةِ: اخرُجوا وانظُروا كيف يُحرِقُ عَليٌّ رَجُلًا مَن شِيعتِه بالنَّارِ. فقال أهلُ الكوفةِ: أليسَ قالوا: إنَّ شيعةَ عَليٍّ ومُحِبِّيه لا تَأكُلُهم النَّارُ؟! وهذا رَجُلٌ من شيعتِه يُحرِقُه بالنَّارِ! بَطَلت إمامَتُه، فسَمِعَ ذلك أميرُ المُؤمِنينَ عليه السَّلامُ.
قال عَمَّارٌ: فأخرَجَ الإمامُ الرَّجُلَ وبَنى عليه ألفَ حُزمةٍ مِنَ القَصَبِ، وأعطاه مِقدَحةً مِنَ الكِبريتِ، وقال له: اقدَحْ وأحرِقْ نَفسَك، فإن كُنتَ مِن شيعةِ عَليٍّ وعارِفيه ما تَمسَّك النَّارُ، وإن كُنتَ مِنَ المُخالفينَ المُكذِّبينَ فالنَّارُ تَأكُلُ لحمَك، وتَكسِرُ عَظمَك. قال: فقدَحَ النَّارَ على نَفسِه واحتَرَقَ القَصَبُ، وكان على الرَّجُلِ ثيابُ كتَّانٍ أبيضَ لم تَعلَقْها النَّارُ ولم يَقرَبْها الدُّخَانُ! فاستَفتَحَ الإمامُ وقال: كذَبَ العادِلونَ باللهِ وضَلُّوا ضَلالًا بَعيدًا، وخَسِروا خُسرانًا مُبينًا. ثُمَّ قال: أنا قَسيمُ الجَنَّةِ والنَّارِ، شَهدَ لي بذلك رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآلِه في مَواطِنَ كثيرةٍ) [1990] يُنظر: ((مدينة المعاجز)) لهاشم البحراني (1/258). .
ومِن تلك الدَّعاوى التي سَطَّرَها الشِّيعةُ الإماميَّةُ في كُتُبِهم، وتَناقَلها عُلماؤُهم: اعتِقادُ أنَّ اللهَ تعالى خَلقهم مِن طينةٍ غَيرِ الطِّينةِ التي خَلقَ منها باقيَ البَشَرِ. وقد تقدَّم الحَديثُ عن هذا الاعتِقادِ [1991] يُنظر: المبحث الخامس: اعتقادُ الشِّيعةِ الإماميَّةِ أنَّهم خُلِقوا من طينةٍ خاصَّةٍ. .

انظر أيضا: