موسوعة الفرق

المَطلَبُ الرَّابعُ: التَّشابُهُ بَيْنَ اليهودِ والشِّيعةِ الإماميَّةِ في الغُلوِّ في الأئِمَّةِ والحاخاماتِ


اليهودُ يَغلُونَ في عُلمائِهم الذينَ يُسَمُّونَهم الحاخاماتِ، ويعتَقِدونَ أنَّ كِتابَ (التُّلمودِ) الذي وضَعوه لهم أفضَلُ مِنَ التَّوراةِ التي أنزَلها اللهُ على موسى عليه السَّلامُ.
جاءَ في التُّلمودِ ما نَصُّه: (التَفِتْ يا بُنَيَّ إلى أقوالِ الحاخاماتِ أكثَرَ مِنِ التِفاتِك إلى شَريعةِ موسى)  [1957] يُنظر: ((فضح التلمود)) للقسيس برانايتس، ترجمة زهدي الفاتح (ص: 45). .
وقد جاءَ في التُّلمودِ أيضًا: (مَن احتَقَرَ أقوالَ الحاخاماتِ استَحَقَّ المَوتَ أكثَرَ مِمَّن احتَقَرَ أقوالَ التَّوراةِ) [1958] يُنظر: ((الكنز المرصود في قواعد التلمود)) (ص: 50). .
وجاءَ في التُّلمودِ كذلك: (إنَّ تَعاليمَ الحاخاماتِ لا يُمكِنُ نَقضُها ولا تَغييرُها ولو بأمرِ اللهِ! وقد وقَعَ يومًا الاختِلافُ بَيْنَ البارِي تعالى وبَينَ عُلماءِ اليهودِ في مَسألةٍ، فبَعدَ أن طال الجِدالُ تَقَرَّرَ إحالةُ فصِل الخِلافِ إلى أحَدِ الحاخاماتِ الرَّابيِّينَ، واضطُرَّ اللهُ أن يعتَرِفَ بغَلطِه بَعدَ حُكمِ الحاخامِ المَذكورِ) [1959] يُنظر: ((الكنز المرصود في قواعد التلمود)) (ص: 53). .
وهذه العِصمةُ لا تَختَصُّ فقَط بالحاخاماتِ بل بكُلِّ ما يتَعَلَّقُ بهم حتَّى قيل: (إنَّ حِمارَ الحاخامِ لا يُمكِنُ أن يأكُلَ شيئًا محرَّمًا) [1960] يُنظر: ((الكنز المرصود في قواعد التلمود)) (ص: 53). .
وأمَّا الشِّيعةُ الإماميَّةُ فقد غَلَوا في أئِمَّتِهم فأطلقوا عليهم بَعضَ الصِّفاتِ الإلهيَّةِ، كعِلمِ الغَيبِ، وأنَّهم لا يخفى عليهم شَيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ، وأنَّهم يَعلَمونَ ما كان وما سَيكونُ إلى قيامِ السَّاعةِ!
رَوى الشِّيعةُ عن جَعفرٍ الصَّادِقِ أنَّه قال: (واللهِ لقد أُعطينا عِلمَ الأوَّلينَ والآخِرينَ، فقال له رَجُلٌ مِن أصحابِه: جُعِلتُ فِداك! أعندَكم عِلمُ الغَيبِ؟! فقال له: ويحَك! إنِّي لأعلمُ ما في أصلابِ الرِّجالِ وأرحامِ النِّساءِ، ويحَكم! وسِّعوا صُدورَكم، ولتُبصِرْ أعيُنَكم، ولتَعِ قُلوبُكم، فنحن حُجَّةُ اللهِ تعالى في خَلقِه) [1961] يُنظر: ((الكافي)) للكليني (26/ 27).  .       
ومِن مَظاهرِ غُلوِّ الشِّيعةِ في أئِمَّتِهمُ اعتِقادُهم أنَّهم مَعصومونَ، وقد نَقَل إجماعَهم على عِصمةِ الأئِمَّةِ شَيخُهم المُفيدُ؛ حَيثُ قال: (إنَّ الأئِمَّةَ القائِمينَ مَقامَ الأنبياءِ في تَنفيذِ الأحكامِ وإقامةِ الحُدودِ وحِفظِ الشَّرائِعِ وتَأديبِ الأنامِ مَعصومونَ كعِصمةِ الأنبياءِ) [1962] ((أوائل المقالات)) (ص: 71). .
وقال الخُمينيُّ: (إنَّ للإمامِ مقامًا محمودًا ودَرَجةً ساميةً وخِلافةً تَكوينيَّةً تَخضَعُ لوِلايتِها وسَيطَرَتِها جَميعُ ذَرَّاتِ هذا الكونِ... وإنَّ مِن ضَروريَّاتِ مَذهَبِنا أنَّ لأئِمَّتِنا مقامًا لا يبلُغُه مَلَكٌ مُقَرَّبٌ، ولا نَبيٌّ مُرسَلٌ) [1963] ((الحكومة الإسلامية)) (ص: 52). .
وقال الخُمينيُّ أيضًا: (إنَّ تَعاليمَ الأئِمَّةِ كتَعاليمِ القُرآنِ لا تَخُصُّ جيلًا خاصًّا، وإنَّما هي تَعاليمُ للجَميعِ في كُلِّ عَصرٍ ومِصرٍ وإلى يومِ القيامةِ، يجِبُ تَنفيذُها واتِّباعُها) [1964] ((الحكومة الإسلامية)) (ص: 113). .

انظر أيضا: