موسوعة الفرق

المبحَثُ الأوَّلُ: نهيُ أهلِ البَيتِ عن شَتمِ الصَّحابةِ رَضِيَ اللَّهُ عنهم


نهى عَليٌّ رَضيَ اللَّهُ عنه عن سَبِّ الخُلَفاءِ الرَّاشدين وغيرِهم من صحابةِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورَضِيَ اللَّهُ عنهم؛ فمِمَّا روى الشِّيعةُ في كتُبِهم أنَّ عليًّا رضي اللَّهُ عنه قال في خطبتِه: (خيرُ هذه الأمَّةِ بعدَ نبيِّها أبو بَكرٍ وعُمَرُ). وفي بعضِ الأخبارِ أنَّه عليه السَّلامُ خَطَب بذلك بعدَ ما أُنهيَ إليه أنَّ رجلًا تناول أبا بَكرٍ وعُمَر بالشَّتيمةِ، فدعا به، وعاقبه بعد أن شَهِدوا عليه بذلك [929] ((الشافي)) للمرتضى (ص: 428). .
ومن مرويَّاتِ الشِّيعةِ كذلك أنَّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال عن أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عنه: (غَضَبُ اللَّهِ على مَن يَنقُصُه ويَطعَنُ فيه) [930] يُنظر: ((ناسخ التواريخ)) للمرزا تقي خان (5/143)، ((مروج الذهب)) للمسعودي (3/60). .
وأنَّه قال عن عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنه: (أعقَبَ اللَّهُ من يَنقُصُه اللَّعنةَ إلى يومِ الدِّينِ) [931] يُنظر: ((ناسخ التواريخ)) للمرزا تقي خان (3/60). .
وأنَّه قال عن عُثمانَ رَضِيَ اللَّهُ عنه: (أعقَبَ اللَّهُ من يَلعَنُه لَعنةَ اللَّاعنين) [932] يُنظر: ((ناسخ التواريخ)) للمرزا تقي خان (3/60). .
فالشِّيعةُ مخالِفون لما كان عليه عَليٌّ رَضيَ اللَّهُ عنه من التَّعظيمِ لأبي بَكرٍ وعُمَرَ وعثمانَ رضي اللَّهُ عنهم، ومخالِفون لما روَوا عن عَليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي اللَّهُ عنه من المنعِ من السَّبِّ والشَّتمِ حتى لأهلِ الشَّامِ الذين حارَبوه في صِفِّينَ، ففي نهجِ البلاغةِ ما نصُّه: (ومن كلامٍ له عليه السَّلامُ وقد سمِع قومًا من أصحابِه يسُبُّون أهلَ الشَّامِ أيامَ حَربِهم بصِفِّين: "إنِّي أكرَهُ لكم أن تكونوا سَبَّابينَ، ولكنَّكم لو وصفتُم أعمالَهم، وذَكَرتم حالَهم، كان أصوَبَ في القولِ، وأبلَغَ في العُذرِ، وقُلتُم مكانَ سَبِّكم إيَّاهم: اللَّهمَّ احقِنْ دِماءَنا ودماءَهم، وأصلِحْ ذاتَ بينِنا وبَيْنِهم، واهدهم من ضلالتِهم؛ حتى يَعرِف الحَقَّ مَنْ جَهِلَه، ويَرعوي عن الغَيِّ والعدوانِ مَن لَهِجَ به") [933] يُنظر: ((نهج البلاغة)) (ص: 323). .
وروى أبو حنيفةَ الدِّينَوريُّ هذه القِصَّةَ بشيءٍ من التَّفصيلِ، فقال: (بلَغَ عليًّا أنَّ حُجْرَ بنَ عَديٍّ وعَمرَو بنَ الحَمِقِ يُظهِرانَ شَتْمَ معاويةَ ولَعْنَ أهلِ الشَّامِ، فأرسل إليهما أنْ كُفَّا عمَّا يبلغُني عنكما، فأَتَياه فقالا: يا أميرَ المُؤمِنين! ألَسْنا على الحَقِّ، وهم على الباطِلِ؟ قال: بلى ورَبِّ الكعبةِ المُسدنةِ! قالوا: فلمَ تمنَعُنا من شَتمِهم ولعنِهم؟! قال: كرِهتُ لكم أن تكونوا شتَّامين لعَّانين، ولكن قولوا: اللَّهمَّ احقِنْ دِماءَنا ودماءَهم، وأصلِحْ ذاتَ بينِنا وبَيْنِهم، واهدهم من ضلالتِهم؛ حتى يَعرِف الحَقَّ مَنْ جَهِلَه، ويَرعوي عن الغَيِّ والعدوانِ مَن لجَج به) [934] ((الأخبار الطوال)) (ص: 164). .
وروى جَعفَرٌ الصَّادِقُ عن أبيه محمَّدٍ الباقِرِ أنَّ عَليًّا رضي اللَّهُ عنه كان يقولُ لأهلِ حَربِه: (إنَّا لم نُقاتِلْهم على التَّكفيرِ لهم، ولم نقاتِلْهم على التَّكفيرِ لنا، ولكِنَّا رأينا أنَّا على حَقٍّ، ورأوا أنَّهم على حَقٍّ) [935] يُنظر: ((قرب الإسناد)) للحميري (ص: 45). .

انظر أيضا: