موسوعة الفرق

المطلَبُ الخامِسُ: إهانتُهم عَليَّ بنَ أبي طالبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه


إنَّ الغُلُوَّ في أحدٍ ورفعَه فوقَ منزلتِه التي أنزله اللَّهُ تعالى إيَّاها لا ريبَ أنَّه في حقيقةِ الأمرِ نوعٌ من الإساءةِ له.
والشِّيعةُ يتداولون في كتُبِهم تعظيمَ عَليٍّ رَضي اللَّهُ عنه بأكثَرَ من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويجعلون منزلتَه أعلى من منزلتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومِن ذلك ما روَوه عن عَليٍّ رَضي اللَّهُ عنه أنَّه قال: (أنا قسيمُ اللَّهِ بَيْنَ الجنَّةِ والنَّارِ، وأنا الفاروقُ الأكبرُ، وأنا صاحِبُ العصا والميسَمِ، ولقد أقرَّت لي جميعُ الملائكةِ والرُّسُلِ بمِثلِ ما أقرُّوا به لمحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولقد حُمِلتُ على مِثلِ حَمولةِ الرَّبِّ، وإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُدعى فيُكسى، وأُدعى فأُكسى، ويُستنطَقُ وأُستنطَقُ، ولقد أوتيتُ خِصالًا ما سبقني إليها أحدٌ قبلي، عَلِمْتُ المنايا والبلايا، والأنسابَ، وفَصْلَ الخطابِ، فلم يَفُتْني ما سبَقَني، ولم يَعزُبْ عني ما غاب عني) [721] يُنظر: ((أصول الكافي)) للكليني (ص: 196، 197). !
وأعظَمُ من هذا أنَّهم افتَرَوا على عَليٍّ رَضي اللَّهُ عنه أنَّه قال: (أنا وجهُ اللَّهِ، وأنا جَنبُ اللَّهِ، وأنا الأوَّلُ وأنا الآخِرُ، وأنا الظَّاهِرُ وأنا الباطِنُ، وأنا وارِثُ الأرضِ، وأنا سبيلُ اللَّهِ، وبه عزَمْتُ عليه) [722] يُنظر: ((رجال الكشي)) (ص: 184). !
وفي كُتُبِهم روايةٌ مُنكَرةٌ في تفسيرِ قولِ اللَّهِ عزَّ وجَلَّ: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة: 238] : بأنَّ المرادَ من الصَّلواتِ: (رسولُ اللَّهِ، وأميرُ المُؤمِنين، وفاطمةُ، والحَسَن، والحُسَينُ، والوُسطى أميرُ المُؤمِنين) [723] يُنظر: ((تفسير العياشي)) (1/128)، ((نور الثقلين)) للحويزي (1/238). .
بل جعلوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وكأنَّه لم يُرسَلْ إلَّا لتبليغِ ولايةِ عليٍّ إلى النَّاسِ؛ فقد روى الصَّدوقُ في الأماليِّ أنَّ رسولَ اللَّهِ قال لعليٍّ: (لو لم أُبَلِّغْ ما أُمِرتُ به من ولايتِك لحَبِطَ عَمَلي) [724] يُنظر: ((نور الثقلين)) للحويزي (1/654). .
وعن البرسيِّ في تفسيرِ قولِه تعالى: وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ [الشرح: 4] قال: (بعَليٍّ صِهْرِك، قرأها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأثبتها ابنُ مسعودٍ، وانتَقَصها عُثمانُ) [725] يُنظر: ((البرهان في تفسير القرآن)) للبحراني (4/475).
ورَوَوا عن عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ رضي اللَّهُ عنه أنَّه قال: (خرجتُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فوجَدتُه راكعًا وساجدًا وهو يقولُ: اللَّهم بحُرمةِ عَبدِك عليٍّ، اغفِرْ للعاصين من أمَّتي) [726] يُنظر: ((البرهان في تفسير القرآن)) للبحراني (4/226). .
وقالوا: إنَّ النَّبيَّ خُلِق من نورِه السَّماواتُ والأرضُ، وهو أفضَلُ من السَّماواتِ والأرضِ، وعليٌّ خُلِقَ من نورِه العرشُ والكُرسيُّ، وعليٌّ أجَلُّ من العَرشِ والكُرسيِّ [727] يُنظر: ((البرهان في تفسير القرآن)) للبحراني (4/226). !
حتَّى المعراجُ الذي اختَصَّ به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالوا فيه: (لمَّا عُرج بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى السَّماءِ رأى عليًّا وأولادَه قد وصَلوا إليها مِن قَبلُ، فسَلَّم عليهم وقد فارقهم في الأرضِ) [728] يُنظر: ((البرهان في تفسير القرآن)) للبحراني (2/404). .
وروى الصَّدوقُ في أماليه أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لمَّا عُرِج بي إلى السَّماءِ دنَوتُ من ربِّي، حتَّى كان بيني وبينه قابُ قوسين أو أدنى، قال: يا محمَّدُ، من تحِبُّه من الخَلقِ؟ قُلتُ: يا رَبِّ، عَلِيًّا، قال: التَفِتْ يا محمَّدُ، فالتَفتُّ عن يساري، فإذا عَليُّ بنُ أبي طالبٍ عليه السَّلامُ) [729] يُنظر: ((البرهان في تفسير القرآن)) للبحراني (2/404). .
ومِن أكاذيبِهم قولُهم: لمَّا سُئِل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (بأيِّ لغةٍ خاطَبَك ربُّك ليلةَ المعراجِ؟ قال: خاطبني بلغةِ عَليِّ بنِ أبي طالبٍ، حتَّى قُلتُ: أنت خاطَبْتَني أم عليٌّ؟!) [730] يُنظر: ((كشف الغمة)) للأربلي (1/106). .
وعن جَعفَرٍ الصَّادِقِ أنَّه قال: (عُرِج بالنَّبيِّ عليه السَّلامُ إلى السَّماءِ مائةً وعِشرين مرَّةً، ما من مَرَّةٍ إلَّا وقد أوحى اللَّهُ فيها إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالولايةِ لعَليٍّ أكثَرَ ما أوصاه في سائِرِ الفُروضِ) [731] يُنظر: ((البرهان في تفسير القرآن)) للبحراني (1/22). .
ورَوَوا أنَّ جبرائيلَ عليه السَّلامُ أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقال: (يا مُحمَّدُ، ربُّك يُقرِئُك السَّلامَ ويقولُ: فرَضْتُ الصَّلاةَ ووضَعْتُها عن المريضِ، وفرَضْتُ الصَّومَ ووضَعْتُه عن المريضِ والمسافِرِ، وفرَضْتُ الحَجَّ ووضَعْتُه عن المُقِلِّ المُدقِعِ، وفرَضتُ الزَّكاةَ ووضَعْتُها عمَّن لا يملِكُ النِّصابَ، وجعَلْتُ حُبَّ عَليِّ بنِ أبي طالبٍ عليه السَّلامُ ليس فيه رُخصةٌ) [732] يُنظر: ((البرهان في تفسير القرآن)) للبحراني (1/22). .
وكَذَبوا على اللَّهِ عزَّ وجَلَّ أنَّه قال: (عَليُّ بنُ أبي طالبٍ حُجَّتي على خلقي، ونوري في بلادي، وأميني على عِلمي، لا أُدخِلُ النَّارَ مَن عَرَفه وإن عصاني، ولا أُدخِلُ الجنَّةَ من أنكَرَه ولو أطاعَني) [733] يُنظر: ((البرهان في تفسير القرآن)) للبحراني (1/23). .
واختَلَقوا قِصَّةً غريبةً، فقالوا: (إنَّ عليًّا لمَّا وُلِد ذهب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إليه، ولكِنَّه رآه ماثلًا بَيْنَ يديه، واضعًا يدَه اليمنى في أذنِه اليمنى وهو يؤذِّنُ ويقيمُ بالحنَفيَّةِ، ويشهَدُ بوحدانيَّةِ اللَّهِ وبرسالتِه، وهو مولودٌ ذلك اليومَ! ثمَّ قال لرسولِ اللَّهِ: أقرأُ؟ فقال له: اقرَأْ، قال رسولُ اللَّهِ: لقد ابتدَأَ عليٌّ بالصُّحُفِ التي أنزلها اللَّهُ عزَّ وجَلَّ على آدَمَ، فقام بها شيثُ، فتلاها من أوَّلِ حرفٍ فيها إلى آخِرِ حرفٍ فيها، حتَّى لو حَضَر بها شيثُ لأقَرَّ له أنَّه أحفَظُ له منه، ثمَّ قرأ توراةَ موسى، حتَّى لو حضره موسى لأقَرَّ بأنَّه أحفَظُ لها منه، ثمَّ قرأَ زَبورَ دوادَ، حتَّى لو حضره دوادُ لأقَرَّ بأنَّه أحفَظُ لها منه، ثمَّ قرأ إنجيلَ عيسى، حتَّى لو حضره عيسى لأقَرَّ بأنَّه أحفَظُ لها منه، ثمَّ قرأ القرآنَ، فوجَدْتُه يحفَظُ كحِفظي له السَّاعةَ من غيرِ أن أسمعَ منه آيةً) [734] يُنظر: ((روضة الواعظين)) للنيسابوري (ص: 84). .
وقالوا: إنَّه ينادي منادٍ يومَ القيامةِ: (أين خليفةُ اللَّهِ في أرضِه؟ فيقومُ دوادُ عليه الصَّلاةُ السَّلامُ، فيأتي النِّداءُ من عِندِ اللَّهِ عزَّ وجَلَّ: لسْنا إياك أرَدْنا، وإن كنتَ للهِ خليفةً، ثمَّ ينادي منادٍ: أين خليفةُ اللَّهِ في أرضِه؟ فيقومُ أميرُ المُؤمِنين عَليُّ بنُ أبي طالبٍ عليه الصَّلاةُ السَّلامُ، فيأتي النِّداءُ مِن قِبَلِ اللَّهِ عزَّ وجَلَّ: يا مَعشَرَ الخلائقِ، هذا عَليُّ بنُ أبي طالبٍ خليفةُ اللَّهِ في أرضِه، وحُجَّتُه على عبادِه) [735] يُنظر: ((كشف الغمة)) للأربلي (1/141). .
وقالوا: إنَّ أيُّوبَ عليه السَّلامُ لم تتغَيَّرْ نعمةُ اللَّهِ عليه إلَّا لإنكارِه ولايةَ عليٍّ، وكذلك يونُسُ عليه السَّلامُ لم يُحبَسْ في بطنِ الحوتِ إلَّا لإنكارِه ولايةَ عليٍّ، وكذلك يوسُفُ وآدمُ عليهما السَّلامُ!
فقد أورد الحُويزيُّ روايةً في تفسيرِه أنَّه دخل عبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ على زينِ العابدين، فقال: يا ابنَ الحُسَينِ، أنت الذي تقولُ: إنَّ يونُسَ بنَ مَتَّى إنما لقي من الحوتِ ما لقِيَ؛ لأنَّه عُرِضَت عليه ولايةُ جَدِّي، فتوقَّف عِندَها؟ قال: بلى! ثكِلَتْك أمُّك، قال: فأرني آيةَ ذلك إن كنتَ من الصَّادقين؟ فأمَر بشَدِّ عينيه بعصابةٍ، وعيني بعصابةٍ، ثمَّ أمرَ بعدَ ساعةٍ بفتحِ أعيُنِنا، فإذا نحن على شاطئِ البحرِ تَضرِبُ أمواجُه، فقال ابنُ عُمَرَ: يا سيِّدي! دمي في رقبتِك، اللَّهَ اللَّهَ في نفسي، فقال: هيه، وأريه إن كنتَ من الصَّادقين. ثم قال: يا أيُّها الحوتُ، قال: فأطلعَ الحوتُ رأسَه من البحرِ مِثلَ الجَبَلِ العظيمِ، وهو يقولُ: لبَّيك لبَّيك يا وليَّ اللَّهِ! فقال: من أنت؟ قال: حوتُ يونُسَ يا سيِّدي! قال: ايتِنا بالخبَرِ، قال: يا سيدي، إنَّ اللَّهَ تعالى لم يبعَثْ نبيًّا من آدمَ إلى أن صار جَدُّك مُحمَّدٌ إلَّا وقد عَرَض عليه ولايتَكم أهلَ البيتِ، فمَن قَبِلَها من الأنبياء سَلِم وتخَلَّص، ومن توقَّف عنها وتتعتَعَ في حملِها لقيَ ما لقيَ آدمُ من المصيبةِ، وما لقِيَ نوحٌ من الغَرَقِ، وما لقِيَ إبراهيمُ من النَّارِ، وما لقِيَ يوسُفُ من الجبِّ، وما لقِيَ أيُّوبُ من البلاءِ، وما لقِيَ داودُ من الخطيئةِ، إلى أن بعث اللَّهُ يونُسَ فأوحى اللَّهُ إليه أنْ يا يونُسُ، توَلَّ أميرَ المُؤمِنين [736] يُنظر: ((نور الثقلين)) (3/435). .
وأورد البحرانيُّ عن سلمانَ أنَّه قال لعَليٍّ رَضيَ اللَّهُ عنه: (بأبي أنت وأمي يا قتيلَ كوفانَ! أنت حُجَّةُ اللَّهِ الذي به تاب على آدمَ، وبك أنجى يوسُفَ من الجُبِّ، وأنت قِصَّةُ أيُّوبَ، وسَبَبُ تغييرِ نِعمةِ اللَّهِ عليه) [737] يُنظر: ((البرهان في تفسير القرآن)) (1/27). .
وكذبوا وقالوا: إنَّ الكلماتِ التي تلقَّاها آدمُ من رَبِّه، فتاب عليه، هي سؤالُه بحَقِّ مُحمَّدٍ وعليٍّ وفاطمةَ والحَسَنِ والحُسَينِ [738] يُنظر: ((الخصال)) لابن بابويه القمي (1/270). .
ومن العجيبِ أنَّ غُلاةَ الشِّيعةِ الذين يَغلون في عَليٍّ رَضيَ اللَّهُ عنه قد أهانوه، وصغَّروه، واحتَقَروه، فنسبوه إلى الجُبنِ والضَّعفِ، واتَّهَموه بالذُّلِّ والمسكنةِ، وقد رَوَوا أنَّه استسلم لتهديدِ أبي بَكرٍ وعُمَرَ إن لم يبايِعْ أبا بكرٍ، فنادى عَليٌّ رَضيَ اللَّهُ عنه قبل أن يبايِعَ والحَبلُ في عنُقِه: يا ابنَ أمَّ، إنَّ القومَ استضعفوني وكادوا يقتُلونني [739] يُنظر: ((كتاب سليم بن قيس)) (ص: 84، 89). .
وقالوا: إنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ غَصَب عليًّا على تزويجِه ابنَتَه أمَّ كلثومٍ، ولم يستطِعْ أن يمنَعَه من ذلك؛ فقد روى الكُلينيُّ عن أبي عبدِ اللَّهِ أنَّه قال في تزوُّجِ عُمَرَ بأمِّ كلثومٍ بنتِ عليٍّ: (إنَّ ذلك فرْجٌ غُصِبْناه) [740] يُنظر: ((الفروع من الكافي)) (2/141). .
وفي روايةٍ أنَّ عليًّا لم يكُنْ يريدُ أن يزوِّجَ ابنتَه أمَّ كلثومٍ من عُمَرَ، ولكِنَّه خاف منه، فوكَّل عمَّه العبَّاسَ ليُزَوِّجَها منه [741] يُنظر: ((حديقة الشيعة)) للأردبيلي (ص: 277). .
نفيُ عَليٍّ رَضيَ اللَّهُ عنه وأهلِ بيته ما يدَّعيه الشِّيعةُ فيهم:
قال ابنُ تَيميَّةَ: (لا نُسلِّمُ أنَّ الإماميَّةَ أخذوا مَذهَبَهم عن أهلِ البيتِ: لا الاثنا عَشْريَّةُ ولا غيرُهم، بل هم مخالِفون لعَليٍّ رَضيَ اللَّهُ عنه وأئِمَّةِ أهلِ البيتِ في جميعِ أصولِهم التي فارقوا فيها أهلَ السُّنَّةِ والجماعةِ: توحيدِهم، وعدلِهم، وإمامتِهم؛ فإنَّ الثَّابتَ عن عَليٍّ رَضيَ اللَّهُ عنه وأئِمَّةِ أهلِ البيتِ من إثباتِ الصِّفاتِ للهِ، وإثباتِ القَدَرِ، وإثباتِ خِلافةِ الخُلَفاءِ الثَّلاثةِ، وإثباتِ فضيلةِ أبي بَكرٍ وعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، وغيرِ ذلك من المسائلِ؛ كُلُّه يناقِضُ مَذهَبَ الرَّافِضةِ، والنَّقلُ بذلك ثابتٌ مستفيضٌ في كُتُبِ أهلِ العلمِ، بحيث إنَّ معرفةَ المنقولِ في هذا البابِ عن أئِمَّةِ أهلِ البيتِ يوجِبُ عِلمًا ضروريًّا بأنَّ الرَّافِضةَ مخالِفون لهم، لا موافِقون لهم) [742] ((منهاج السنة النبوية)) (4/16). .
ولمَّا بدأت السَّبَئيَّةُ تروِّجُ شائعةَ أنَّ عِندَ عَليٍّ رَضيَ اللَّهُ عنه عِلمًا خاصًّا ليس عِندَ غيرِه سأله أبو جُحيفةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، فقال له: هل عِندَكم شيءٌ من الوحيِ إلَّا ما في كتابِ اللَّهِ؟ قال: (لا والذي فَلَق الحبَّةَ، وبَرَأ النَّسمةَ، ما أعلَمُه إلَّا فَهمًا يُعطيه اللَّهُ رجُلًا في القرآنِ، وما في هذه الصَّحيفةِ، قُلتُ: وما في الصَّحيفةِ؟ قال: العَقلُ [743] أي: مقاديرُ الدِّياتِ، وأرشُ الجراحاتِ، وأسنانُ الإبِلِ التي تؤدَّى في الدِّيةِ، وعدَدُها وأحكامُها. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (3/278)، ((الميسر)) للتوربشتي (3/813)، ((فتح الباري)) لابن حجر (1/205). ، وفَكاكُ الأسيرِ، وألَّا يُقتَلَ مُسلِمٌ بكافِرٍ) [744] أخرجه البخاري (3047). .
وقد كان ابنُ سَبَأٍ يرَوِّجُ بأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أوصى لعَليٍّ رَضيَ اللَّهُ عنه بالخلافةِ بعدَه، وانتشرت هذه الكَذبةُ في عهدِ عَليٍّ رَضيَ اللَّهُ عنه وبعد استشهادِه، وذَكَروا عِندَ عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها أنَّ عليًّا رَضِيَ اللَّهُ عنه كان وَصيًّا، فقالت: (متى أوصى إليه وقد كنتُ مُسنِدَتَه إلى صدري -أو قالت: حِجري- فدعا بالطَّستِ، فلقد انخَنَث في حجري فما شعَرْتُ أنَّه قد مات، فمتى أوصى إليه؟!) [745] أخرجه البخاري (2741)، ومسلم (1636). .
(... وقالوا: فاستخلِفْ علينا قال: لا، ولكِنْ أتركُكم إلى ما تركَكم إليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قالوا: فما تقولُ لرَبِّك إذا أتيتَه؟ - وقال وكيعٌ مرَّةً: إذا لقيتَه؟- قال: أقولُ: اللَّهُمَّ تركْتَني فيهم ما بدا لك، ثمَّ قبَضْتَني إليك وأنت فيهم، فإن شِئتَ أصلَحْتَهم وإن شِئتَ أفسَدْتَهم) [746] أخرجه أحمد (1078) واللفظ له، وابن أبي شيبة (38253)، وأبو يعلى (590) عن عبد اللهِ بنِ سبعٍ. حسَّنه لغيرِه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (1078)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (2/340)، وحسَّنه البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (5/17). .
قال الهيتمي: (فهذه الطُّرُقُ كُلُّها عن عليٍّ مُتَّفِقةٌ على نفيِ النَّصِّ بإمامتِه، ووافقه على ذلك عُلَماءُ أهلِ بيتِه) [747] ((الصواعق المحرقة)) (1/118). ويُنظر: ((السنة)) للخلال (ص: 350). .
وقيل للحُسَينِ بنِ عَليٍّ رَضيَ اللَّهُ عنهما: (إنَّ ناسًا من شيعةِ عليٍّ عليه السَّلامُ يزعمون أنَّه دابَّةُ الأرضِ، وأنَّه سيُبعَثُ قبلَ يومِ القيامةِ، فقال: كذبوا، ليس أولئك شيعتَه، أولئك أعداؤه، لو عَلِمْنا ذلك ما قسَمْنا ميراثَه، ولا أنكَحْنا نساءَه) [748] يُنظر: ((الطبقات الكبرى)) لابن سعد (3/39). .
وقال الحَسَنُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَليٍّ: (مرَقَت علينا الرَّافِضةُ كما مرَقَتِ الحَروريَّةُ على عَليٍّ رَضيَ اللَّهُ عنه) [749] يُنظر: كتاب ((السنة)) لعبد الله بن أحمد بن حنبل (2/557). .
وقال الحَسَنُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَليٍّ أيضًا لرجُلٍ من الرَّافِضةِ: (واللَّهِ لئن أمكَنَ اللَّهُ منكم لنُقَطِّعَنَّ أيديَكم وأرجُلَكم، ولا نَقبَلُ منك توبةً) [750] يُنظر: ((الشريعة)) للآجري (5/2382). .
وقال زينُ العابدين عَليُّ بنُ الحُسَين: (يا أهلَ العِراقِ، حبُّونا حُبَّ الإسلامِ، فواللَّهِ إن زال بنا حبُّكم حتى صار شَينًا) [751] يُنظر: ((السنة)) للخلال (ص: 500)، ((السنة)) لابن أبي عاصم (ص: 468)، ((منهاج السنة النبوية)) لابن تيمية (4/49). .
وقال أيضًا مُشيرًا بيَدِه نحوَ الكوفةِ: (إنَّ هؤلاء يشيرون إلينا بما ليس عِندَنا) [752] يُنظر: ((السنة)) لابن أبي عاصم (ص: 468). .
وقال جَعفَرٌ الصَّادِقُ: (لقد أمسَينا وما أحدٌ أعدى لنا ممَّن ينتَحِلُ موَدَّتَنا) [753] يُنظر: ((الشيعة والتشيع)) لإحسان إلهي ظهير (ص: 216). .

انظر أيضا: