موسوعة الفرق

الفرْعُ الثَّاني: المجاميعُ الأربعةُ المتأخِّرةُ


ألَّف شُيوخُ الشِّيعةِ الاثْنَي عَشْريَّةِ في القرنِ الحادِيَ عَشَرَ وما بعده مجموعةً من المدوَّناتِ ارتضى المعاصِرون منها أربعةً سَمَّوها بالمجاميعِ الأربعةِ المتأخِّرةِ، وهي:
الكتابُ الأوَّلُ: الوافي
لمُحمَّدِ بنِ مرتضى، المعروفِ بمُلَّا محسِن الفيض الكاشانيِّ، المتوفَّى سنةَ 1091ه‍.
وهو مطبوعٌ. وقد بلغت أبوابُه (273) بابًا، وذَكَر مُحمَّد بحر العُلومِ بأنَّه يحتوي على نحوِ خمسين ألفَ حديثًا، بينما يذكُرُ محسِن الأمينُ العامليُّ أنَّ مجموعَ ما في الكتابِ (44244) حديثًا [455] يُنظر: هامش ((لؤلؤة البحرين)) للبحراني (ص: 122)، ((أعيان الشيعة)) للعاملي (1/280). .
الكتابُ الثَّاني: بحارُ الأنوارِ الجامعة لدُرَرِ أخبارِ الأئِمَّةِ الأطهار
لمُحمَّد باقِر المجلِسيِّ، المتوفَّى سنةَ 1110ه‍ أو 1111هـ.
وقد وضَعه مؤلِّفُه في 26 مجلَّدًا، وتمَّت طباعتُه مع زياداتٍ في آخرِه من كُتُبٍ أخرى فصار مطبوعًا في 110 مجلَّداتٍ.
وهو أجمعُ كتابٍ في الحديثِ عِندَ الشِّيعةِ الاثنَي عَشْريَّةِ [456] يُنظر: ((أعيان الشيعة)) للعاملي (1/293)، ((الذريعة إلى تصانيف الشيعة)) للطهراني (3/27). .
قال المجلِسيُّ: (اجتمَع عِندَنا بحمدِ اللَّهِ سوى الكتُبِ الأربعةِ نحوُ مائتي كتابٍ، ولقد جمعْتُها في بحار الأنوارِ) [457] يُنظر: ((اعتقادات المجلسي)) (ص: 24)، ((الفكر الشيعي)) لمصطفى الشيبي (ص: 61). .
الكتابُ الثَّالثُ: وسائِلُ الشِّيعةِ
لمُحمَّدِ بنِ الحَسَنِ الحُرِّ العامليِّ، المتوفَّى سنةَ 1104ه‍.
وهو أجمعُ كتابٍ لأحاديثِ الأحكامِ عِندَهم، وهو مطبوعٌ، جمع فيه مؤلِّفُه رواياتِهم عن الأئِمَّةِ من كُتُبِهم الأربعةِ التي عليها المدارُ في جميعِ الأعصارِ كما يقولون، وزاد عليها رواياتٍ أُخرى أخذها من كتُبِ الأصحابِ المعتبرةِ تزيدُ على 70 كتابًا كما ذَكَر صاحِبُ الذَّريعةِ، وذَكَر الشِّيرازيُّ في مُقَدِّمةِ الوسائِلِ أنَّها تزيدُ على180 كتابًا، وهذا اختلافٌ كبيرٌ بَيْنَ القولينِ، وقد ذَكَر الحُرُّ العامليُّ أسماءَ الكُتُبِ التي نقل عنها فبلغت أكثَرَ من ثمانين كتابًا، وأشار إلى أنَّه رجَع إلى كتُبٍ غيرِها كثيرةٍ، إلَّا أنَّه أخذ منها بواسطةِ مَن نَقَل عنها [458] يُنظر: ((وسائل الشيعة)) للعاملي (1/4-8) و (20/36-49)، ((أعيان الشيعة)) للعاملي (1/292-293)، ((الذريعة إلى تصانيف الشيعة)) للطهراني (4/352-353). .
الكتابُ الرَّابعُ: مُستَدرَكُ الوسائِلِ
لحُسَين النُّوريِّ الطَّبرسيِّ، المتوفَّى سنةَ 1320ه.
وهو من الكُتُبِ التي أُلِّفَت في القرنِ الماضي، وقد اختَلَف الشِّيعةُ الاثنا عَشْريَّةُ المعاصرون في اعتبارِه من الأصولِ المعتَمَدةِ.
قال أغا بزرك الطِّهرانيُّ: (أصبح كتابُ المُستَدرَكِ كسائِرِ المجاميعِ الحديثيَّةِ المتأخِّرةِ في أنَّه يجِبُ على المجتَهِدين الفُحولِ أن يطَّلِعوا عليها، ويرجِعوا إليها في استنباطِ الأحكامِ، وقد أذعَن بذلك جُلُّ عُلَمائِنا المعاصِرين) [459] ((الذريعة إلى تصانيف الشيعة)) (2/110-111). .
بينما انتقد مُحمَّد مَهْدي الكاظِميُّ هذا الكتابَ بشِدَّةٍ، وقال عن مؤلِّفِه: إنَّه نقله من: (الكُتُبِ الضَّعيفةِ الغير معتَبَرة... والأصولِ الغيرِ ثابتة صِحَّةُ نُسَخِها؛ حيث إنَّها وُجِدت مختَلِفةَ النُّسَخِ أشَدَّ الاختلافِ،... وأخبارُه مقصورةٌ على ما في البحارِ، وزَّعها على الأبوابِ المناسِبةِ للوسائِلِ، كما قابَلْتُه حرفًا بحرفٍ) [460] ((أحسن الوديعة)) (ص: 74). .
ملحوظاتٌ على الكُتُبِ الثَّمانيةِ
1- عِندَ الشِّيعةِ الاثْنَي عَشْريَّةِ كُتُبٌ أخرى كثيرةٌ غيرُ تلك الكتُبِ الثَّمانيةِ [461] يُنظر: ((بحار الأنوار)) للمجلسي (‍1/26، 27). .
ويبدو أنَّ تخصيصَهم للكتُبِ السَّابقةِ إمَّا لأنَّها مجاميعُ كبيرةٌ أو لمحاكاةِ أهلِ السُّنَّةِ في اعتبارِهم الكُتُبَ التِّسعةَ هي أصولَ كُتُبِ الحديثِ، ولا يكادُ يخرجُ حديثٌ صحيحٌ عنها غالبًا، وهي صحيحُ البخاريِّ، وصحيحُ مُسلِمٍ، وسُنَنُ أبي داودَ، والتِّرمذيِّ، والنَّسائيِّ، وابنِ ماجهْ، وموطَّأُ مالِكٍ، ومُسنَدُ أحمدَ، وسُنَنُ الدَّارِميِّ، فجعل الشِّيعةُ أيضًا لهم ثمانيةَ كُتُبٍ، ومما يوضِّحُ ذلك أنَّهم اعتبروا من المجاميعِ الثَّمانيةِ كتابَ (الوافي)، وعدُّوه أصلًا مستقِلًّا، مع أنَّه عبارةٌ عن جمعٍ لأحاديثِ الكُتُبِ الأربعةِ المتقَدِّمةِ: (الكافي، والتَّهذيبُ، والاستبصارُ، ومَن لا يحضُرُه الفقيهُ)، وليس فيه روايةٌ زائدةٌ عليها، فكيف يُعَدُّ أصلًا خامسًا مستقلًّا، وهو تَكرارٌ لأحاديثِ الكُتُبِ الأربعةِ؟!
وكذلك اعتَبَروا كتابَ (الاستبصار) للطُّوسيِّ مصدرًا مستقِلًّا من المصادِرِ الأربعةِ المتقَدِّمةِ، وهو مجرَّدُ اختصارٍ لكتابِ (تهذيب الأحكامِ) كما صرَّح بذلك الطُّوسيُّ نفسُه في مقدِّمةِ كتابِه (الاستبصار) [462] يُنظر: ((الاستبصار)) (1/2-3). ، وكما يبدو واضحًا لمن قارن بَيْنَ الكتابينِ،
و(بحار الأنوار) وضعَه مؤلِّفُه في 26 مجلدًا [463] يُنظر: ((الذريعة إلى تصانيف الشيعة)) للطهراني (3/27). ، فقام المعاصِرون وزادوا فيه كتبًا أخرى ليست من وَضعِ المؤلِّفِ، كـكتابِ (جَنَّة المأوى) للنُّوريِّ الطَّبرسيِّ، و(هداية الأخبارِ) للمُسترحميِّ، ومجلَّداتٍ كثيرةً في الإجازاتِ حتَّى بلغ مائةً وعشرةَ مجلداتٍ!
2- غالبُ موضوعاتِ تلك المدَوَّناتِ في أحكامِ الفِقهِ؛ فإنَّ (التهذيب) و (الاستبصار) و (من لا يحضُرُه الفقيهُ) و (وسائِلُ الشِّيعةِ) و (مُستدرَكُ الوسائِلِ) كلُّها في الفِقهِ، وكذلك (الكافي)، فإنَّ المجلَّدين الأوَّلَ والثَّانيَ في الأصولِ، وسائِرُ المجلَّداتِ الباقيةِ في الفقهِ، وهو ما يُسمَّى (فروعَ الكافي)، ويلاحَظُ التَّشابهُ في كثيرٍ من مسائِلِهم الفقهيَّةِ مع فِقهِ أهلِ السُّنَّةِ؛ مما يؤكِّدُ ما يقولُه بعضُ أهلِ العلمِ من أخْذِهم ذلك من أهلِ السُّنَّةِ [464] يُنظر: ((منهاج السنة النبوية)) لابن تيمية (3/246). . أمَّا بالنِّسبةِ للقِسمِ الباقي من هذه المدَوَّناتِ وهي (أصول الكافي) و (بحار الأنوار) فهي تتعلَّقُ بمسائِلِ: التَّوحيدِ، والعَدلِ، والإمامةِ، وأكثَرُ ما فيها يدورُ حولَ عقائِدِهم وآرائِهم في الإمامةِ وعِصمةِ الأئِمَّةِ الاثنَي عشَرَ، والنَّصِّ عليهم، وصفاتِهم، وأحوالِهم، وفَضلِ زيارةِ قُبورِهم، والحديثِ عن أعدائِهم، والطَّعنِ في صَحابةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويلاحَظُ أنَّ غالِبَ ما يكتبون يدورُ في فَلَكِ الإمامةِ والأئِمَّةِ حتَّى في تفسيرِ القرآنِ العظيمِ.
3- في تلك الكُتُبِ مفرداتٌ غريبةٌ، ومسائِلُ مُنكَرةٌ لا تخطُرُ على البالِ، وقد جمع جزءًا منها شيخُهم المرتضى في كتابٍ سمَّاه (الانتصار)، ويُسمَّى: (مسائل الانفراداتِ في الفِقهِ) [465] يُنظر: ((لؤلؤة البحرين)) للبحراني (ص: 320). .
قال ابنُ الجوزيِّ: (اعلَمْ أنَّ الرَّافِضةَ ثلاثةُ أصنافٍ: صِنفٌ سَمِعوا شيئًا من الحديثِ فوضعوا أحاديثَ وزادوا ونقَصوا. وصِنفٌ لم يسمعوا فتراهم يَكذِبون على جَعفَرٍ الصَّادِقِ، ويقولون: قال جَعفَرٌ، وقال فلانٌ. والصِّنفُ الثَّالثُ: عوامُّ جَهَلةٌ يقولون ما يريدون ممَّا يسوغُ في العَقلِ وممَّا لا يسوغُ. ولقد وضَعَت الرَّافِضةُ كتابًا في الفقهِ وسَمَّوه مَذهَبَ الإماميَّةِ، وذَكَروا فيه ما يَخرُقُ إجماعَ المُسلِمين بلا دليلٍ أصلًا) [466] ((الموضوعات)) (1/338). ويُنظر: ((المنتظم)) لابن الجوزي (8/120). .
4- النَّاظِرُ في تلك المدوَّناتِ الشِّيعيَّةِ وغيرِها من كتبِ الرِّوايةِ عِندَهم إذا قارن بينها وبين كتُبِ الحديثِ عِندَ أهلِ السُّنَّةِ يجِدُ فرقًا واضحًا وكبيرًا جِدًّا بَيْنَ الرِّواياتِ التي تَرِدُ من طريقِ أهلِ السُّنَّةِ، وبين الرِّواياتِ التي تَرِدُ من طريقِ الشِّيعةِ؛ فكتُبُ الحديثِ عِندَ أهلِ السُّنَّةِ كُلُّها مُسندةٌ كما أنَّهم يعتنون أوَّلًا بذِكرِ الأحاديثِ المنسوبةِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، مع ذِكْرِهم أقوالَ الصَّحابةِ والتَّابعين وأتباعِهم، ويُفَرِّقون بَيْنَ أقوالِ النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وأقوالِ غيرِه، فما رويَ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُسَمُّونها أحاديثَ مرفوعةً ومُسندةً، والرِّواياتُ التي عن غيرِه يُسَمُّونها موقوفةً إن كانت عن الصَّحابةِ، أو مقطوعةً إن كانت عن التَّابعين وأتباعِهم، ويسمُّونها الآثارَ، ويستفيدون منها لكِنْ لا يجعلونها في منزلةِ ما رُوِيَ من أقوالِ وأفعالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أمَّا كتبُ الحديثِ عِندَ الشِّيعةِ فهي تذكُرُ غالبًا الرِّوايةَ عن أحَدِ أئِمَّتِهم الاثنَي عَشَرَ، لا سِيَّما أبو جَعفَرٍ الباقِرُ وأبو عبدِ اللَّهِ جَعفَرٌ الصَّادِقُ، ويسمُّون كُلَّ ذلك أحاديثَ، ويعتَقِدون أنَّه لا فَرْقَ بَيْنَ ما يروونه عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أو عن أحَدِ أئِمَّتِهم المعصومين.
ويَعجَبُ القارئُ لكُتُبِ الحديثِ عِندَ الشِّيعةِ الاثْنَي عَشْريَّةِ حينَ لا يجدُ من الأحاديثِ النَّبويَّةِ إلَّا القليلَ النَّادِرَ، فمثلًا كتابُ (الكافي) للكُلينيِّ الذي يجعَلونه كصحيحِ البُخاريِّ عِندَ أهلِ السُّنَّةِ أكثَرُ الرِّواياتِ فيه عن أبي عبدِ اللَّهِ جَعفَرٍ الصَّادِقِ، وقليلٌ منها عن أبيه مُحمَّدٍ الباقِرِ، وأقَلُّ من ذلك عن عَليٍّ رَضيَ اللَّهُ عنه، ونادرًا ما يذكُرُون فيها حديثًا عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم!
5- يُلاحَظُ أنَّ كُتُبَ الشِّيعةِ الأربعةَ المتأخِّرةَ التي أُلِّفت في القرنِ الحادِيَ عَشَرَ وما بعده، فيها أحاديثُ غيرُ موجودةٍ في كُتُبِهم القديمةِ المعتَمَدةِ عِندَهم، فمثلًا كتابُ (مستدرك الوسائِل) للنُّوريِّ الطَّبرسيِّ جمع فيه ثلاثةً وعشرين ألفَ حديثٍ عن الأئِمَّةِ [467] يُنظر: ((الذريعة إلى تصانيف الشيعة)) للطهراني (21/7). ، وهي أحاديثُ غيرُ معروفةٍ حتى في كُتُبِ الشِّيعةِ القديمةِ المعتَمَدةِ عِندَهم، فكيف يَثِقُ عاقِلٌ بروايةٍ لم تُسَجَّلْ طيلةَ أحَدَ عَشَرَ قرنًا أو ثلاثةَ عَشَرَ قرنًا؟! وإذا كانت مدوَّنةً في الكُتُبِ، فكيف لم يَعثُرْ عليها إلَّا أصحابُ هذه الكُتُبِ الأربعةِ الذين ألَّفوها في القُرونِ المتأخِّرةِ؟!
وكيف تكونُ هذه الرِّواياتُ التي يعتَمِدون عليها في دينِهم مخفيَّةً طيلةَ قُرونٍ حتى يعثُرَ عليها بعضُ مُؤَلِّفيهم، فيعتَمِدونها، مع أنَّ قُدماءَهم لا يعرِفونها؟!
وشيخُهم النُّوريُّ الطَّبرسيُّ المتوفَّى في القرنِ الماضي زعَم أنَّه عثَر على كُتُبٍ لم تُدَوَّنْ من قَبلُ! قال عنه أغا بزرك الطِّهرانُّي: (الدَّافِعُ لتأليفِه عثورُ المؤلِّفِ على بعضِ الكتُبِ المهِمَّةِ التي لم تُسجَّلْ في جوامعِ الشِّيعةِ مِن قَبلُ) [468] ((الذريعة إلى تصانيف الشيعة)) (21/7). .
وجعلوا هذه الأحاديثَ المكتَشفةَ أخيرًا، والتي جمعها النُّوريُّ الطَّبرسيُّ في كتابِه مُستدرَك الوسائِلِ، ممَّا لا يُستغنى عنه؛ فقال الخراسانيُّ: (الحُجَّةُ للمجتَهِدِ في عصرِنا هذا لا تَتِمُّ قبل الرُّجوعِ إلى المستدرَكِ، والاطِّلاعِ على ما فيه من الأحاديثِ) [469] يُنظر: ((الذريعة إلى تصانيف الشيعة)) للطهراني (2/111). .
وكيف لم يُسَجِّلْها الكُلينيُّ وهو بحضرةِ سُفراءِ المَهديِّ الأربعةِ، كما يزعُمون أنَّه عرَضَه على المَهديِّ بواسطةِ السُّفَراءِ، فقال عنه: كافٍ لشيعتِنا، وسمَّاه مؤلِّفُه الكافيَ؟ فكيف تظهَرُ رواياتٌ بعدَه لا بُدَّ عِندَهم من الاعتمادِ عليها؟!
وقد ذَكَر الطُّوسيُّ، وهو من أعظَمِ أئِمَّتِهم في الرِّوايةِ، أنَّه جمع في كتابِه (تهذيب الأحكام) جميعَ ما يتعَلَّقُ بالفقهِ من أحاديثِ أصحابِهم وكتِبهم وأصولِهم، ولم يتَخَلَّفْ عن ذلك إلَّا نادِرٌ قليلٌ، وشاذٌّ يسيرٌ [470] ((الاستبصار)) (1/2). ، فكيف فاتته تلك الأحاديثُ الكثيرةُ التي زُعِم اكتشافُها من بَعدِه بقُرونٍ؟
فلعلَّ هذه الرِّواياتِ الجديدةَ في كُتُبِهم المتأخِّرةِ قد وُضِعَت -واللَّهُ تعالى أعلمُ- في عَهدِ الدَّولةِ الصَّفَويَّةِ، ونُسِبَت كَذِبًا لشيوخِهم الأوائِلِ، وأئِمَّةِ أهلِ البيتِ الأفاضِلِ.
بل إنَّ كُتُبَهم الأربعةَ الأولى مع قِدَمِها لم تخْلُ مِن دَسٍّ وزيادةٍ بعد مؤلِّفيها، وآيةُ ذلك أنَّ كتابَ (تهذيب الأحكام) للطُّوسيِّ بلغت أحاديثُه (13950) حديثًا كما ذَكَر ذلك محسِن العامِليُّ [471] يُنظر: ((أعيان الشيعة)) (1/288). وأغا بزرك الطِّهرانيُّ [472] يُنظر: ((الذريعة إلى تصانيف الشيعة)) (4/504). ، في حينِ أنَّ مؤلِّفَ الكتابِ الشَّيخَ الطُّوسيَّ نفسَه صرَّح في كتابِه (عِدَّة الأصولِ) بأنَّ أحاديثَ (التهذيب) وأخبارَه تزيدُ على (5000) روايةٍ فقط، فكيف تكونُ الرِّواياتُ بعدَه قُرابةَ (14000) روايةً [473] يُنظر: ((الإمام الصادق)) لأبي زهرة (ص: 485). ؟!

انظر أيضا: