موسوعة الفرق

الفرْعُ الثَّالثُ: مِن فِرَقِ الزَّيديَّةِ: البَتريَّةُ أو الصَّالحيَّةُ


أصحابُ كَثيرٍ النَّوَّاءِ الأبتَرِ الكوفيِّ، وقد اختُلِفَ في اسمِ أبيه، فقيل في نسَبِه: ابنُ نافعٍ، وقيل: ابنُ إسماعيلَ، وقيل: ابنُ قاروندَ، وهو من موالي بني تيمِ اللَّهِ، وروى عن الأخوَينِ مُحمَّدِ بنِ عليٍّ الباقرِ وزَيدِ بنِ عَليٍّ، وكان شيعيًّا غاليًا مُفرِطًا في التَّشيُّعِ، وهو ضعيفُ الحديثِ، والأحاديثُ التي رواها قليلةٌ جِدًّا، منها حديثانِ في سُنَنِ التِّرمذيِّ، في فضائِلِ أبي بَكرٍ وعُمَرَ رضي اللَّهُ عنهما [298] يُنظر: ((سنن الترمذي)) (3658) و (3785). ، ويقال: إنَّه لم يمُتْ حتى رجَع عن التَّشيُّعِ، واللَّهُ أعلَمُ، وتُوُفِّيَ بعد سنةِ 130هـ [299] يُنظر: ((مروج الذهب)) للمسعودي (3/ 208)، ((الكامل في ضعفاء الرجال)) لابن عدي (7/ 204)، ((تاريخ الإسلام)) للذهبي (3/ 723)، ((تهذيب التهذيب)) لابن حجر (8/411، 425). .
وتُدعى هذه الفِرْقةُ أيضًا بالصَّالحيَّةِ؛ نسبةً إلى الحَسَنِ بنِ صالحِ بنِ حَيٍّ الهَمدانيِّ الكوفيِّ، وهو أشهَرُ من كَثيرٍ النَّوَّاءِ؛ ولهذا نُسِبَت الفِرْقةُ البَتريَّةُ إليه؛ فقد كان محَدِّثًا ثِقةً حافِظًا مُتقِنًا لحديثِه، فقيهًا مجتَهِدًا، زاهِدًا وَرِعًا، وكان شِيعيًّا، يُفَضِّلُ عَليَّ بنَ أبي طالِبٍ على جميعِ الصَّحابةِ، ويتولى أبا بكرٍ وعُمَرَ، ويروي الحديثَ عن معاويةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، وكان يرى الخروجَ على أئمَّةِ الجَورِ، ولا يرى صلاةَ الجُمُعةِ معهم، تُوُفِّيَ سنةَ 167 أو سنةَ 169هـ [300] يُنظر: ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) لابن حزم (2/ 89) و (4/ 77)، ((تاريخ الإسلام)) للذهبي (4/ 334 - 336)، ((الأعلام)) للزركلي (2/193). .
وهذه الفِرْقةُ أقرَبُ فِرَقِ الشِّيعةِ الزَّيديَّةِ إلى أهلِ السُّنَّةِ، فهم وإن كانوا يرونَ أنَّ عَليًّا رضي اللَّهُ عنه أفضَلُ النَّاسِ بَعدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأولاهم بالإمامةِ، لكِنَّهم يرونَ أنَّ بيعةَ أبي بَكرٍ وعُمَرَ رضي اللَّهُ عنهما ليست بخطَأٍ؛ لأنَّ عَليًّا ترك ذلك لهما، وسَلَّم لهما الأمرَ راضيًا، وفوَّض الأمرَ طائعًا، وتَرَك حَقَّه راغِبًا، ولا يَرَونَ لعَليٍّ إمامةً إلَّا حينَ بويعَ، ويتوَقَّفون في أمرِ عُثمانَ بنِ عفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عنه وحالِه وفي قتَلَتِه، ولا يُكَفِّرونَه، وإن كان قد حُكِيَ عن الحَسَنِ بن صالحٍ تبَرُّؤُه من عثمانَ رضي اللَّهُ عنه بعد الأحداثِ التي نُقِمَت عليه [301] يُنظر: ((مسائل الإمامة)) للناشئ الأكبر (ص: 44)، ((مقالات الإسلاميين)) للأشعري (ص68)، ((الفرق بين الفرق)) للبغدادي (ص: 16)، ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) لابن حزم (2/ 89) و (4/ 77)، ((الملل والنحل)) للشهرستاني (1/161)، ((الأنساب)) للسمعاني (2/ 78)، ((المنية والأمل)) لابن المرتضى (ص: 23، 24، 97، 98)، ((المواعظ والاعتبار)) للمقريزي (2/532). .

انظر أيضا: