موسوعة الأخلاق والسلوك

 أ- مِن القُرآنِ الكريمِ


1- قال تعالى: فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا [النساء: 135] .
قال ابنُ كثيرٍ: (أي: فلا يحمِلَنَّكم الهوى والعَصَبيَّةُ وبِغضةُ النَّاسِ إليكم على تَرْكِ العَدْلِ في أمورِكم وشُؤونِكم، بل الزَموا العَدلَ على أيِّ حالٍ كان) [1777] ((تفسير ابن كثير)) (2/433). .
2- وقال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ [لقمان: 20-21] .
قال الطَّبَريُّ: (يقولُ تعالى ذِكْرُه: وإذا قيل لهؤلاء الذين يجادِلون في توحيدِ اللِه جَهلًا منهم بعَظَمةِ اللهِ: اتَّبِعوا -أيُّها القومُ- ما أنزَلَ اللهُ على رسولِه، وصَدِّقوا به؛ فإنَّه يَفْرُقُ بَينَ المحِقِّ مِنَّا والمُبطِلِ، ويَفصِلُ بَينَ الضَّالِّ والمُهتدي، فقالوا: بل نتَّبِعُ ما وجَدْنا عليه آباءَنا من الأديانِ؛ فإنَّهم كانوا أهلَ حَقٍّ. قال اللهُ تعالى ذِكْرُه: أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ بتزيينِه لهم سوءَ أعمالِهم، واتِّباعِهم إيَّاه على ضَلالتِهم، وكُفرِهم باللهِ، وتَركِهم اتِّباعَ ما أنزَلَ اللهُ من كتابِه على نَبيِّه إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ يعني: عذابَ النَّارِ التي تتَسَعَّرُ وتلتَهِبُ) [1778] ((تفسير الطبري)) (18/568، 569). .
3- وقال تعالى، يذُمُّ هذا المنطِقَ البَليدَ: بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ [الزخرف: 22] . (إنَّه لا مَنطِقَ ولا عَقَلَ، ولا دليلَ ولا بُرهانَ، وإنَّما هي عَصَبيَّةٌ عَمياءُ) [1779] ((التفسير القرآني للقرآن)) لعبد الكريم يونس (11/577). .
4- وقال تعالى في ذَمِّ مُعتَقَدِ مُشرِكي قُرَيشٍ وما حملهم عليه من العَصَبيَّةِ الباطِلةِ: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ [الفتح: 26] .
قيل: (حميَّةُ الجاهليَّةِ: العَصَبيَّةُ لآلهتِهم التي كانوا يَعبُدونَها من دونِ اللهِ، والأَنَفةُ من أن يَعبُدوا غَيرَها) [1780] ((تفسير الماوردي)) (5/ 320). .
وقيل: (إنَّهم قالوا: قَتَلوا آباءَنا وإخوانَنا ثمَّ يَدخُلون علينا في منازِلِنا، واللَّاتِ والعُزَّى لا يَدخُلُنَّها أبدًا. وكانت حَمِيَّةَ جاهليَّةٍ؛ لأنَّها بغيرِ حُجَّةٍ وفي غيرِ مَوضِعِها، وإنَّما ذلك محْضُ تعَصُّبٍ؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّما جاء مُعَظِّمًا للبَيتِ لا يريدُ حَربًا) [1781] يُنظر: ((البحر المحيط في التفسير)) لأبي حيان (9/ 497) .
5- وقال تعالى مُبَيِّنًا ميزانَ التَّفاضُلِ الحَقِّ وداعيًا لنبذِ ما سِواه من أسبابِ التَّعَصُّبِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات: 13] .
فالحِكمةُ في جَعلِ بني آدَمَ شُعوبًا وقبائِلَ هي التَّعارُفُ فيما بَينَهم، وليست هي أن يتعَصَّبَ كُلُّ شَعبٍ على غَيرهِ، وكُلُّ قبيلةٍ على غيرِها؛ فالأصلُ مَنعُ النِّداءِ بالرَّوابِطِ العَصَبيَّةِ والأواصِرِ النَّسَبيَّةِ [1782] يُنظر ((أضواء البيان)) للشنقيطي (3/45). .
6- قال تعالى: مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [الروم: 31-32] .
 قال السَّعْديُّ: (في هذا تحذيرٌ للمُسلِمين من تشَتُّتِهم وتفَرُّقِهم فِرَقًا، كُلُّ فريقٍ يتعَصَّبُ لِما معه من حَقٍّ وباطِلٍ، فيكونون مشابِهين بذلك للمُشرِكين في التَّفَرُّقِ، بل الدِّينُ واحِدٌ، والرَّسولُ واحِدٌ، والإلهُ واحِدٌ.
وأكثَرُ الأمورِ الدِّينيَّةِ وَقَع فيها الإجماعُ بَينَ العُلَماءِ والأئمَّةِ، والأُخُوَّةُ الإيمانيَّةُ قد عقَدَها اللهُ ورَبَطها أتمَّ ربطٍ، فما بالُ ذلك كُلِّه يُلغَى ويُبنى التَّفَرُّقُ والشِّقاقُ بَينَ المُسلِمين على مسائِلَ خَفيَّةٍ أو فروعٍ خِلافيَّةٍ يُضَلِّلُ بها بعضُهم بعضًا، ويتمَيَّزُ بها بعضُهم عن بعضٍ؟! فهل هذا إلَّا من أكبَرِ نَزَغاتِ الشَّيطانِ وأعظَمِ مقاصِدِه التي كاد بها للمُسلِمين؟ وهل السَّعيُ في جَمعِ كَلِمتِهم وإزالةِ ما بَينَهم من الشِّقاقِ المَبنيِّ على ذلك الأصلِ الباطِلِ إلَّا من أفضَلِ الجهادِ في سبيلِ اللهِ، وأفضَلِ الأعمالِ المُقَرِّبةِ إلى اللهِ؟!) [1783] ((تفسير السعدي)) (ص: 641). .
7- قال تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [الأعراف: 11-12] .
وقد قيل: إنَّ إبليسَ (اعتَرَضَتْه الحَمِيَّةُ، فافتَخَر على آدمَ بخَلْقِه، وتعصَّبَ عليه لأصلِه؛ فعَدُوُّ اللهِ إمامُ المتَعَصِّبين، وسَلَفُ المُتكَبِّرين، الذي وَضَع أساسَ العَصَبيَّةِ) [1784] يُنظر: ((ربيع الأبرار)) للزمخشري (1/ 332). .        

انظر أيضا: