موسوعة الأخلاق والسلوك

تاسعًا: أخطاءٌ شائعةٌ حَولَ الفِطنةِ والذَّكاءِ


1- من الخَطَأِ اعتقادُ أنَّ صاحِبَ الفِطنةِ والذَّكاءِ لا يخطِئُ أو أنَّه لا يخفى عليه شيءٌ؛ لقُوَّةِ فَهمِه وحِدَّةِ ذكائِه، أو أنَّه قد يستَقِلُّ بالهدايةِ دونَ توفيقِ اللهِ ومعونتِه؛ قال ابنُ تَيميَّةَ: (وقد يكونُ الرَّجلُ من أذكياءِ النَّاسِ وأحَدِّهم نظَرًا ويُعميه عن أظهَرِ الأشياءِ، وقد يكونُ من أبلَدِ النَّاسِ وأضعَفِهم نظَرًا ويهديه لِما اختُلِف فيه من الحَقِّ بإذنِه؛ فلا حولَ ولا قُوَّةَ إلَّا به، فمن اتَّكَل على نظَرِه واستدلالِه أو عَقلِه ومعرفتِه، خُذِل) [7576] ((درء تعارض العقل والنقل)) (9/34). .
2- من الخطَأِ اعتقادُ أنَّ الحِكمةَ وحُسنَ التَّصرُّفِ تلزَمُ صاحِبَ الذَّكاءِ والفِطنةِ ولا تنفَكُّ عنه، يقولُ ابنُ عُثَيمين: (ربَّ ذَكيٍّ نابغٍ في ذكائِه لكِنَّه مجنونٌ في تصرُّفاتِه، فالعَقلُ في الحقيقةِ هو ما يَعقِلُ صاحبَه عن سوءِ التَّصرُّفِ) [7577] ((شرح رياض الصالحين)) (1/581). .
3- للبيئةِ تأثيرُها على عقيدةِ الإنسانِ وإن كان فَطِنًا، فلا يُظَنُّ أنَّ فِطنةَ الإنسانِ وذكاءَه مستلزِمان لهدايتِه إلى الحَقِّ، فهذا خطَأٌ؛ قال تعالى في شأنِ مَلِكةِ سَبَأٍ: وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ [النمل: 43] .
قال السَّعديُّ: (وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي: عن الإسلامِ، وإلَّا فلها من الذَّكاءِ والفِطنةِ ما به تَعرِفُ الحَقَّ من الباطِلِ، ولكِنَّ العقائِدَ الباطلةَ تُذهِبُ بصيرةَ القلبِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ، فاستمَرَّت على دينِهم، وانفرادُ الواحدِ عن أهلِ الدِّينِ والعادةِ المستَمِرَّةِ بأمرٍ يراه بعَقلِه من ضلالِهم وخَطَئِهم، من أندَرِ ما يكونُ؛ فلهذا لا يُستغرَبُ بقاؤها على الكُفرِ) [7578] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 605). .

انظر أيضا: