موسوعة الفرق

المَبحَثُ الثَّالثُ: موقِفُ المُعتَزِلةِ مِن الإسرائيليَّاتِ


موقِفُهم مِن الإسرائيليَّاتِ غَيرُ مُنضبِطٍ؛ فمَثلًا: كان النَّظَّامُ وهو أحدُ زُعَماءِ المُعتَزِلةِ يقولُ: (لا تسترسِلوا إلى كثيرٍ مِن المُفسِّرينَ وإن نصَّبوا أنفُسَهم للعامَّةِ، وأجابوا في كُلِّ مسألةٍ؛ فإنَّ كثيرًا منهم يقولُ بغَيرِ روايةٍ على غَيرِ أساسٍ، وكلَّما كان المُفسِّرُ أغرَبَ عندَهم كان أحَبَّ إليهم) [1240] ((الحيوان)) للجاحظ (1/343). ، في حينِ أنَّ الزَّمَخشَريَّ لا يرى بأسًا بإيرادِ أسطورةٍ أو خُرافةٍ إسرائيليَّةٍ أو قصَّةٍ غَيرِ مُستيقَنةٍ ما دامت لا تطعَنُ نبيًّا، ولا تُخالِفُ رأيًا اعتِزاليًّا، وبذلك خالَف منهَجَه العقليَّ [1241] يُنظر: ((الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير)) لنعناعة (ص: 288). .
بل روى مِن القِصَصِ ما يَظهَرُ بُطلانُه؛ فروى مَثلًا قصَّةَ أحدِ الأسباطِ الذين سألوا اللهَ أن يُفرِّقَ بَينَهم وبَينَ إخوانِهم؛ ففتَح اللهُ لهم نَفقًا في الأرضِ، فساروا فيه سنةً ونِصفًا حتَّى خرَجوا مِن وراءِ الصِّينِ، وهُم هنالك حُنَفاءُ مُسلِمونَ يستقبِلونَ قِبلتَنا، وأنَّ نبيَّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد زارهم ليلةَ أُسرِي به، وعرَّفهم جِبريلُ به، فآمَنوا، وعلَّمهم بعضَ آياتِ القرآنِ وبعضَ أمورِ الإسلامِ الأخرى [1242] يُنظر: ((الكشاف)) (2/123-124). ، ولا يُعقِّبُ على هذه القصَّةِ بما يُضعِّفُها معَ وُضوحِ بُطلانِها حتَّى قال الألوسيُّ: (ولا أظُنُّك تجِدُ لها سندًا يُعوَّلُ عليه، ولو ابتغَيتَ نَفقًا في الأرضِ أو سُلَّمًا في السَّماءِ) [1243] ((روح المعاني)) (9/85). .

انظر أيضا: